المجموعة الشيوعيّة الثوريّة ، كولمبيا : لا لحرب إمبرياليّة الولايات المتّحدة ضد فنزويلا ! لا للهيمنة الإمبرياليّة على أمريكا اللاتينيّة و على العالم !
شادي الشماوي
2025 / 12 / 24 - 00:04
جريدة " الثورة " عدد 936 ، 15 ديسمبر 2025
www.revcom.us
ملاحظة موقع أنترنت revcom.us : نُشر هذا المقال باللغة الإسبانيّة على موقع الراية الشيوعيّةAlborada Comunista، موقع أنترنت المجموعة الشيوعيّة الثوريّة ،كولمبيا ، و ترجمه متطوّعون إلى اللغة الأنجليزيّة .
----------------------------
عبّأت الولايات المتّحدة قوّة عسكريّة غير مسبوقة في منطقة الكراييب بتعلّة " محاربة تجارة المخدّرات " لكن هدفها الحقيقي هو الضمان بقوّة أنتُصبح أمريكا اللاتينيّة كتلة فاشيّة تقودها الولايات المتّحدة ، و شرعت في تصويب بنادقها بإتّجاه فنزويلا. منذ سبتمبر 2025 ، قصف نظام ترامب الفاشيّ بالقنابل 22 قاربا في المحيط الهادي مخلّفة ما لا يقلّ عن 87 قتيلا قدمّتهم على أنّهم " إرهابيّو مخدّرات " ليس فقط بلا أدلّة لكن حتّى ضد أدلّة على الأقلّ أنّ بعضهم صيّادون ، على غرار الكولمبي ألخندرو كارنزا . و تراجع الصيد قرب السواحل أجبر الصيّادين بالكراييب و منهم من سان أندراس و بروفنسيا ، إلى الصيد في المياه الأعمق و الحاجة إلى قوارب أقوى ، لكن الآن ، إضافة إلى عدم التأكّد الاقتصادي من تصاعد النشاط العسير ، كان عليهم أن يُواجهوا خوف التعرّض إلى القصف معتبرينهم عن خطأ قوارب تجاّر المخدّرات . (1)
و قد حوّلت الولايات المتّحدة الكراييب إلى أحد مسارح عمليّاتها في عالم اليوم ، ناشرة 20 بالمائة من مجمل قوّتها البحريّة في مياه الكراييب ، بما فيها حاملة الطائرات الأقوى و الأكثر قتلا ، USS Gerald Ford ، و غوّاصة نوويّة ، و عديد الطائرات الحربيّة و الحاملة للقنابل ، و أكثر من 15.500 جنديّ . و قد أعطى ترامب نفسه حقّ " الأمر " بإغلاق المجال الجوّي الفنزويلي و التهديد بالهجمات ضد أهداف أرضيّة في فنزويلا ، و حتّى في كولمبيا و المكسيك .
و ينسجم هذا الهجوم الجديد الذى يزعمون فيه " قتال تجارة المخدّرات " ، إلى درجة كبيرة مع " الحرب على المخدّرات " التي إستخدمت لعقود من قبل الولايات المتّحدة كتعلّة لهجمات عسكريّة و نشر قوّات عسكريّة عبر المنطقة ، لكنّها ليست مجرّد مواصلة ل " المزيد من الشيء عينه " لأنّ نظاما فاشيّا قيد التعزيز في الولايات المتّحدة ، و لهذا إنعكاسات جدّية ليس فقط على الناس في الولايات المتّحدة و إنّما كذلك في العالم بأسره . و مثلما أشار بوب أفاكيان على نحو صحيح : " الفاشيّة طريقة مختلفة نوعيّا يفرض بها هذا النظام حكمه على الشعب .
فاشيّة ترامب نظام يدوس بسفور و عدوانيّة الحقوق الأساسيّة و يصرّح بصراحة و وقاحة أنّه ليس هناك قانون و سيرورة قانونيّة لازمة غير ما يمليه هو ، و أنّ القوّة التدميريّة الخام هي التي يجب أن تُستخدم في المجال العالمي ، دون حتّى زعم الانخراط في القانون الدولي أو الانشغال بسيادة البلدان ، أو حتّى حقّ الوجود لشعوب و بلدان أقلّ قوّة ."
[ بوب أفاكيان ، الثورة عدد 114 : " إلحاق الهزيمة بفاشيّة ترامب / الماغا : إنتظار انتخابات ما مستقبليّة ...أم العمل الآن على تعبأة الملايين حول المطلب الموحِّد التالي : يجب على نظام ترامب الفاشيّ أن يرحل ! " ]
و أن يُسامح ترامب حليفه اليمني ، الرئيس الأسبق للهندوراس ، خوان أورلندو هرننداس ، المحكوم عليه بالسجن ل 45 سنة لروابطه المدلّل عليها بتجارة المخدّرات ، قائلا إنّه " تعرّض للظلم " و من أجل الوقوف إلى جانب نصرى عصفورة، مرشّح للرئاسة في الهندوراس يعد بالولاء له ، بينما يشير في الوقت نفسه بلا أدبّة إلى [ رئيس فنزويلا نيكولاس ] مادورو على أنّه قائد " كارتال السولس " ، كلّ هذا ينبغي أن يوضّح لنا أنّ هدف ترامب الحقيقي ليس " قتال تجارة المخدّرات " و إنّما إستخدام هذه التهمة المشينة لمهاجمة الذين يعتبرهم أعداء أو الذين ليسوا موالين له ، لفرض التقدّم بإستراتيجيّته الفاشيّة لتعزيز كتلة سياسيّة و إقتصاديّة و عسكريّة في هذه القارة [ جنوب أمريكا ] تقودها الولايات المتّحدة .
يوم الجمعة ، 5 ديسمبر 2025 ، نشر نظام ترامب للعموم " إستراتيجيّته للأمن القومي " الجديدة التي تضع التركيز الجغرافي السياسي الأساسي على نصف الكرة الأرضيّة الغربي و التي تعرض خططه الرامية إلى إيجاد نظام عالمي في ظلّ شعار " أمريكا أوّلا " . و يدافع بصراحة عن إعادة تركيز العقيدة العسكريّة للولايات المتّحدة التي صاغها الرئيس جامس مونرو في بدايات القرن التاسع عشر : أمريكا اللاتينيّة جزء مفتاح من " مجال تأثير " الولايات المتّحدة ، و بالتالي سيكون من المبرّ{ للولايات المتّحدة أن تفرض بالقوّة سيطرتها عليه . توسّع إمبرياليّة الولايات المتّحدة بهذا التبرير أدّى إلى قرنين من الغزوات و الإنقلابات و تمويل فيالق الموت و مدّ أصابعها الطفيليّة للعبث بإقتصاديّات كلّ بلدان أمريكا اللاتينيّة. و اليوم ، الحملة العسكريّة ضد فنزويلا و التهديدات ضد كولمبيا و المكسيك ، و الضغوط المفتوحة على الأرجنتين و الشيلي و الهندوراس و بلدان أخرى ، تعبيرات راهنة عن هذه الإستراتيجيا الإمبرياليّة .
إنّ إدارة ترامب و كامل الفئة الفاشيّة من الطبقات الحاكمة للولايات المتّحدة تعتبر هذه الإستراتيجيّا كأفضل طريقة لقتال هذا الإنهيار للولايات المتّحدة بإعتبارها أقوى أمّة في العالم و هذا الموقع يتعرّض الآن للتحدّى بصعود الصين التي ، على عكس ما يعتقده عديد الإصلاحيّون و يروّجون له ، ليست بلدا إشتراكيّا و إنّما قوّة رأسماليّة إمبرياليّة . و الصين راهنا الشريك التجاري الأساسيّ لأمريكا الجنوبيّة و مصدر له دلالته لكلّ من الإستثمار والقروض الأجنبيّة من أجل الطاقة والبنية التحتيّة. و إزاء عقوبات الولايات المتّحدة القاسية ضد فنزويلا ، تقريبا نصف كلّ القروض الصينيّة لأمريكا اللاتينيّة و الكراييب وُجهت إلى فنزويلا . و أكثر من ذلك ، تقتنى الصين 90 بالمائة من إنتاج النفط الفنزويلي( و قد تراجع الآن بصفة كبيرة ). و رغم خطاب النظام الفنزويلي " المعادي للإمبرياليّة " ، فنزويلا مندمجة بصفة كبيرة في النظام الإمبريالي العالمي ، على أنّها في العقود الأخيرة تحوّلت من الإرتهان إلى الولايات المتّحدة إلى الإرتهان المتزايد إلى الصين .
و لا يمثّل نظام مادورو أيّ شيء تحريري أو إيجابي بالنسبة إلى الشعب الفنزويلي ، لكن هذا لا يشرّع بأيّ طريقة هجوما إمبرياليّا من قبل الولايات المتّحدة ، و موقف عديد اليمينيّين الذين يمكن تشبيههم بتيّار " الخضوع القومي " الذى نقده ماو تسى تونغ قبل أكثر نصف قرن ، موقف إجراميّ ؛ فهم يتوسّلون من الولايات المتّحدة أن تغزو و " تنقذ فنزويلا و بالمرّة تنقذ كولمبيا " . و من الممكن تفهّم غضب شريحة عريضة من المواطنين الفنزويليّين بمن فيهم عديد الذين أُجبروا على الهجرة ، على نظام مادورو ، لكن رغبتهم في التغيير يتمّ التلاعب بها و إستخدامها لتبرير تغيير النظام بواسطة إستعمال القوّة و إرساء نظام موالي للولايات المتّحدة و ترامب ، مع كلّ الفظائع التي يجلبها كذلك بالنسبة إلى الغالبيّة الغالبة من الناس هناك .
و في الوقت الحالي ، فنزويلا هي الهدف الأساسيّ في نظر نظام ترامب ، لكن أهدافها تمضى إلى أبعد من ذلك . نواة نظام ترامب تعتقد أنّ إجبار الرئيس الفنزويلي على الرحيل من السلطة هو الخطوة الأولى للإطاحة بكوبا و نكراغوا ، النظامين الآخرين الذين يعتبرونهما عراقيلا أمام إستراتيجيّتهم في المنطقة . و قد هدّد ترامب أيضا ب " ربّما " تقع مهاجمة أهداف في كولمبيا و المكسيك ، و سيكون من الخطإ الإستخفاف بإمكانيّة أن تصبح مثل هذه التهديدات واقعا و الإستخفاف بالطرق المتنوّعة للضغط التي سيستخدمها نظام ترامب الفاشيّ بحثا عن تحقيق هدفه في نصف الكرة الأرضيّة موالي ل " الماغا " [ MAGA= جعل أمريكا عظيمة من جديد ] . و كلمات سكرتير الولايات المتّحدة " للحرب " ، نيتي هغساث (2) يجب أن نأخذخ على محمل الجدّ : " يمكن للرئيس ترامب و سيتّخذ قرار تحرّكات عسكريّة حاسمة لمّا يراها مناسبة للدفاع عن مصالح أمّتنا . فلا يشكّن أي بلد على الأرض في ذلك و لو للحظة واحدة ."
و مع ذلك مهما كرّر البعض بأنّ " معاداة الإمبرياليّة " شيء " فات أوانه و صار متقادما " ، مثلما فعل نائب وزير الدولة بشأن الإحتجاجات المناصرة لفلسطين في بوغوتا في 7 أكتوبر ، فإنّ الواقع أنّ التحليل العلمي للإمبرياليّة لا يزال يشرح كيف يسير النظام الاجتماعي الذى نعيش في ظلّه ، و الخطر الذى يمثّله بالنسبة إلى الإنسانيّة و الكوكب و كذلك إستعجاليّة و مناسبة مناهضة الإمبرياليّة ، لنقاتل بشكل حيويّ برؤية بناء عالم خال من الإمبرياليّة (... و دون رأسماليّة من أيّ نوع كانت ، و كذلك النوع اللاإنساني – العادي – و لا النوع " الإنسانيّ " ).
ما من آليّة سحريّة تسمح لنا ب " توقّع " كيف أنّ كلّ هذا سيتطوّر ؛ فهناك عديد العوامل المتداخلة و المخرجات الممكنة متنوّعة ، لكن بوسعنا أن نستخدم مقاربة علميّة لفهم الديناميكيّة المتناقضة للواقع و التيّارات و الأساس القائم للإنقلاب عليها. و بهذا المعنى ، بوسعنا أن نفهم أنّ عدم تحرّك الناس و سلبيّتهم إزاء هذا التصعيد ستتسبّب في ضرر هائل .
لا بدّ من تنظيم النضال المعادي للإمبرياليّة الأوسع صفوفا و الأعمق و الأكثر تصميما ؛ من الملحّ أن نغيّر الناس و الوضع الحالي للناس ، لأنّه ليست للواقع صلة بالرواية المثاليّة للذين يردّدون عن عمى ، ربّما لتعزية النفس لكن تعزية خاطئة ، بأنّ " اليوم ، هناك تدفّق في الحركات الثوريّة و حركات المقاومة " هذا ليس واقع الوضع الحالي للشعوب ، غير أنّ هذا لا يعنى أنّ حركة حقيقيّة من أجل الثورة لا يمكن أن تتشكّل و ( بهذه المقاربة ) مقاومة النظام الإمبريالي لا يمكن بناؤها و تطويرها. و بهذا الإتّجاه نحتاج إلى العمل بنشاط .
و كجزء من هذا ، نحن في حاجة إلى تطوير حركة تعارض أيّ إعتداء من الولايات المتّحدة على فنزويلا و كولمبيا أو أي بلد آخر ، و للقيام بهذا دون الإصطفاف إلى جانب مصالح الإمبرياليّة من أيّ من القوى الإمبرياليّة المتنازعة و إنّما بالأحرى، بمعارضة النظام الإمبريالي ككلّ . و لتشكيل مثل هذه الحركة ، علينا أن لا " نتجاهل ما يقسّم صفوفنا " ، يجب أن نخوض، مستخدمين المنهج و الروح الحقيقيّين ، في وجهات النظر و البرامج المختلفة ، كي يكون بوسع المزيد و المزيد من الناس أن يصبحوا أكثر وعيا و يتعرّفوا و يشخّصوا البرامج التي لا يمكن إلاّ أن تقود إلى الكارثة تلو الكارثة ، و بدلا من ذلك تبنّى البرامج التي تهدف إلى إنشاء مستقبل مغاير جوهريّا . حان الوقت لرفع هذا التحدّي الذى يخوّل لنا أن نتوحّد في قتال الجرائم القائمة ، و ضد النظام الذى يتسبّب فيها ، النظام الرأسمالي – الإمبريالي .
لا لحرب إمبرياليّة الولايات المتّحدة ضد فنزويلا !
لننظّم النضال المعادي للإمبرياليّة الأوسع صفوفا و الأعمق و الأكثر تصميما !
هوامش المقال :
1- في بعض وسائل الإعلام الكولمبيّة ، جرت حوارات صحفيّة مع مسؤولين في البحريّة يدافعون عن الهجمات على القوارب في الكراييب و المحيط الهادي بأمريكا اللاتينيّة ، محاججين بأنّ الصيّادين التقليديّين لا يحتاجون مثل هذه القوارب " الكبيرة " ( يصل طولها إلى 27 قدما ، أكثر بقليل من 8 أمتار ) أو لأكثر من قارب واحد . و هذا يجعل عمليّا كلّ الصيّادين مشتبه فيهم على أنّهم تجّار مخدّرات و يضعهم في مرمى الغزاة اليانكيّين / الأمريكان . لكن ، مثلما أشار أحد الصيّادين من جمعيّات الصيّادين بأرخبيل سان أندراس في حوار صحفي حديث مع قارئ لموقع comrev.co [ موقع أنترنت المجموعة الشيوعيّة الثوريّة ، كولمبيا ] : نشرع بالخوف من الخروج لكسب قوتنا ... و عملنا يصبح أكثر فأكثر خطرا ، و تعرّض حياتنا بإستمرار إلى الخطر للبقاء على قيد الحياة ، و الآن بات هذا الأمر أشدّ مع القصف بما أنّهم يمكن أن يخطئوا و يعتبروا قواربنا قوارب تجّار مخدّرات ... و الذين يقولون أنّ الصياّدين التقليديّين لا يحتاجون إلى قوارب ذات محرّكات قويّة غير واعين بواقع عمل الصيّادين : الصيد يتمّ بشكل متصاعد في المياه العميقة نظرا لتراجع وجود السمك على السواحل القريبة ، و كذلك نظرا لكون الأسماك الأعلى قيمة موجودة في المياه العميقة . و يتطلّب الذهاب إلى هناك محرّكات قويّة ، و الأمواج و الرياح و الأمطار هي الأخرى تجعل ذلك أمرا ضروريّا ... في كلّ رحلة صيد ، نخرج مع 4 أو 5 صيّادين لمدّة 24 ساعة أو أكثر ؛ و علينا أن نحمل معنا الطاقم و شبكات الصيد و الغذاء و الثلج و الوقود. و هذا يستدعى ليس محرّكات قويّة فحسب و إنّما حتّى حمل ثلاثة محرّكات لأنّه إن تعطّل واحد ، ليس علينا أن نرمي في البحر نتيجة عمل اليوم [ بمحرّك واحد لا يمكن العودة إلى الميناء مع كلّ شيء ] ..."
2- إعادة تسمية وزارة دفاع الولايات المتّحدة ب " وزارة الحرب " لا يتعيّن إستبعاده على أنّه مجرّد شيء شكلي أو إجراء بسيط . إنّه إعلان صريح للإستراتيجيا العسكريّة لنظام ترامب الفاشيّ : لمحو أيّ زعم ب ( بكلمات هغساث ) " شرعيّة رخوة " و إطلاق العنان ل " الخطر الأقصى ".