إسرائيل تعتبر وكالة إغاثة تابعة للأمم المتحدة, الاونروا, منظمة إرهابية


جدعون ليفي
2025 / 12 / 14 - 06:31     

حملة التشويه الجنونية التي تشنها إسرائيل ضد وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، والتي بلغت ذروتها الأسبوع الماضي مع الاقتحام المتهور لمقر الوكالة في القدس ورفع العلم الإسرائيلي فوقه، تنبع من سبب عميق لن تعترف به إسرائيل أبداً: الأونروا هي الجهة الرئيسية التي تساعد اللاجئين الفلسطينيين منذ عام 1948. هذه هي خطيئتها الحقيقية؛ أما الباقي فمجرد ذرائع ودعاية. لقد أنقذت الأونروا اللاجئين، ولذلك أصبحت الأونروا هي العدو.
لسنوات طويلة، أدت الأونروا دور «الأحمق النافع» لإسرائيل، إذ موّلت الاحتلال ونفذت المهام التي تقع، وفق القانون الدولي، على عاتق قوة الاحتلال. في السنوات التي كانت فيها إسرائيل لا تزال تبدي قدراً من الاهتمام بالسكان، أساساً لضمان بقائهم هادئين، وحين كانت القرارات تُتخذ على أساس العقل لا الكراهية وحدها، كان للأونروا مكان ودور.
ثم جاء السابع من تشرين الأول/أكتوبر، فعضت إسرائيل أيضاً اليد التي كانت تطعم ضحاياها. فقدت أي اهتمام بوضع الفلسطينيين وتوقفت عن النظر إليهم كبشر. وبالنسبة إلى إسرائيل، تحولت الأونروا إلى منظمة إرهابية، وسارعت إدارة ترامب إلى الموافقة على ذلك.
أول ذريعة أخرجتها آلة الدعاية الإسرائيلية كانت الادعاء بأن موظفين في الأونروا شاركوا في أحداث السابع من تشرين الأول/أكتوبر. لم تكن «حماس» هي من هاجم إسرائيل، بل الأونروا. زعمت إسرائيل أن 12 من موظفي الوكالة شاركوا في المجزرة: 12 من أصل 13 ألف موظف للأونروا في غزة. وسائل الإعلام الإسرائيلية وجوقات الدعاية نشرت السمّ: الأونروا هي «النخبة»، القوة الخاصة لحماس التي قادت المجزرة.
فصلت الوكالة من يُشتبه في تورطهم، لكن ذلك لم يشفع لها. لم يسأل أحد يوماً كم من موظفي بنك «ليئومي» قصفوا أطفالاً في غزة، أو كم من موظفي الجامعة العبرية في القدس قصفوا مستشفيات في القطاع، أو كم من موظفي وزارة التربية أطلقوا النار وقتلوا أشخاصاً كانوا ينتظرون المساعدات. لقد حُسم مصير الأونروا. كما غذت التحريض أيضاً الروايات التي لم تثبت قط، عن «مراكز قيادة» لحماس في ملاجئ الأونروا، وهي الملاذ الوحيد لمئات آلاف الأشخاص.
ثم فُتحت الدفاتر القديمة: الأونروا، بحسب الادعاء، تبقي الفلسطينيين لاجئين. ولولا الأونروا، لما بقي لاجئون فلسطينيون. اللجوء هو الدليل الأخير على النكبة، ولذلك لا تحبه إسرائيل. بعد محو أكثر من 400 قرية، بقيت مخيمات اللاجئين التذكير الدموي الوحيد بعام 1948. هذه هي جريمة الأونروا، بحسب الفيلم الوثائقي لدوكي درور الذي بُث على قناة «كان» الإسرائيلية الرسمية. الأوروبيون سذج، يقول درور، كما يقول الإسرائيليون دائماً عن منظمات الإغاثة. هم سذج، ونحن الإسرائيليين وحدنا أصحاب الرؤية الواضحة.
لم تبقِ الأونروا الفلسطينيين لاجئين؛ الاحتلال هو من فعل ذلك. فلو كان للفلسطينيين دولة، لتولت هي مسؤوليتهم. وبلغ العبث الدعائي ذروته حين قال درور في مقابلة: «في الأمم المتحدة، تُعتبر فلسطين دولة مراقب غير عضو، ولا يمكنك أن تكون لاجئاً إذا كان لديك دولة. قرروا: إما أن تكونوا دولة أو أراضي محتلة».
حقاً، ليس من اللائق أيها اللاجئون الفلسطينيون ألا تكونوا قد حسمتم أمركم بعد. لكن إسرائيل قررت عنكم منذ زمن بعيد. ففي عام 1967 قررت الاحتلال، ومنذ ذلك الحين لم تغير قرارها قيد أنملة. واليوم تقول إنه لن تكون هناك دولة أبداً. ومع ذلك، فالأونروا هي التي أبقتهم لاجئين. وبالطبع هناك مناهج مدارس الأونروا، وكلها «تحريض» ضد إسرائيل. وكأن الفلسطينيين بحاجة إلى الأونروا كي يكرهوا إسرائيل. كل ما عليهم فعله لكي يكرهوا من فعل كل هذا بهم هو أن يفتحوا نافذتهم، إن كانت لا تزال لديهم نافذة. كان يفترض بالأونروا أن تعلّمهم حب إسرائيل.
وُجد بديل للأونروا: «مؤسسة غزة الإنسانية». هذه الوكالة الأميركية أُغلقت، ولحسن الحظ، بعد مقتل نحو ألف شخص. الهجمات على الأونروا مستمرة، ولا يوجد أي بديل حقيقي لها.
يوم الجمعة، أقرّت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بأغلبية ساحقة، قراراً يدعو إسرائيل إلى التعاون مع الأونروا، وذلك بعد أن وجدت محكمة العدل الدولية أيضاً أن الاتهامات الموجهة إلى الوكالة لا أساس لها. وسارع سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، داني دانون، إلى الرد: الأونروا منظمة إرهابية. أخرجوا هؤلاء اللاجئين من أمام أعيننا.