مؤتمر كوب 30 (COP30) في بليم: اختراق نقابي تاريخي نحو الانتقال العادل رغم الإخفاقات الكبرى
جهاد عقل
2025 / 11 / 29 - 14:06
شهدت مدينة بليم البرازيلية اختتام أعمال مؤتمر المناخ كوب 30 (COP30) في أجواء أكثر انفتاحًا وشفافية مقارنة بالقمم السابقة. فقد أتاحت الرئاسة البرازيلية وصولًا أسهل للوفود، ومساحات أوسع للمجتمع المدني، وتظاهرات سلمية داخل مقر المؤتمر نفسه. هذا الانفتاح شكّل تحولاً مهمًا أعاد الحيوية للصوت النقابي والاجتماعي بعد سنوات من القيود الصارمة على المشاركة.وفي بيان الأمم المتحدة يوم 22 تشرين ثاني الجاري جاء:”هذا هو أول مؤتمر للمناخ يعقد في منطقة الأمازون والأول منذ حذرت الأمم المتحدة من أن الزيادة القياسية في مستويات الغازات المسببة للاحتباس الحراري تعني أنه سيكون "من المستحيل تقريبا" الحد من الانحباس الحراري العالمي إلى 1.5 درجة مئوية في السنوات القليلة المقبلة”.وأضاف البيان :”اتفقت البلدان المشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ على حزمة شاملة لزيادة تمويل العمل المناخي وتسريع تنفيذ اتفاق باريس - ولكن دون التزام واضح بالابتعاد عن الوقود الأحفوري (مثل الغاز والنفط)."الاقتصاد الجديد آخذ في الصعود، والموارد تنفد من الاقتصاد القديم المُلوّث" هذه رسالة سيمون ستيل الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية للمناخ في ختام المؤتمر الثلاثين لأطراف الاتفاقية. جاء ذلك بعد مفاوضات ماراثونية في المؤتمر".
ورغم ذلك أكدت النقابات العمالية أنه حدث تطور إيجابي في الأجواء والحوكمة، فإن نتائج القمة ظلت أقل بكثير من مستوى الطموح المطلوب علميًا ومجتمعيًا. غير أن ما تحقق على مستوى سياسات الانتقال العادل يمثّل اختراقًا تاريخيًا للعمال ونقاباتهم.
* آلية عمل بليم – انتصار تاريخي للنقابات والعمال
أبرز إنجازات COP30 كان اعتماد آلية عمل بليم للانتقال العادل (BAM)، وهو قرار وصفه الاتحاد الدولي للنقابات بأنه:
"انتصار حاسم للحركة النقابية والعمال في جميع أنحاء العالم".كما قال الأمين العا لاتحاد النقابات العالمي النقابي لوك تراينجل
لماذا هذا القرار تاريخي؟
للمرة الأولى، يعترف نص رسمي في إطار اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغيّر المناخ بدور العمال ونقاباتهم في صياغة سياسات الانتقال العادل، وحماية حقوقهم، وضمان الحماية الاجتماعية والعمل اللائق، والمشاركة في الحوكمة التنفيذية للمناخ.
خطوة نحو التنفيذ:
ستُعرض المسودة الأولى لتفعيل الآلية في بون منتصف 2026، على أن تُبنى على مبادئ منظمة العمل الدولية ولضمان مشاركة الشركاء الاجتماعيين.
*الإخفاقات الكبرى لـ COP30 – فجوة بين العلم والسياسة
- غياب خريطة طريق للتخلص من الوقود الأحفوري.
- غياب حزمة دعم للعمال المتأثرين بالتحولات.
- فجوة ضخمة بين التعهدات وأهداف اتفاق باريس.
- ضعف كبير في تمويل التكيف وتأجيل الأهداف إلى 2035.
- استمرار قواعد التوافق الصارمة وضعف الشفافية.
* إنجازات اجتماعية أخرى
- إدراج حقوق العمال والحماية الاجتماعية في آليات المناخ.
- الاعتراف بمبادئ منظمة العمل الدولية كمرجعية تنفيذية.
- تجديد خطة النوع الاجتماعي مع دمج منظور الانتقال العادل
دور الاتحاد الدولي لنقابات عمال الصناعة وغيره من الإتحادات النقابية
أكد الاتحاد أن COP30 رغم محدوديتها عززت الاعتراف بمركزية العمل اللائق والحوار الاجتماعي ودعم العمال في التحول، مع ضرورة الحفاظ على دور منظمة العمل الدولية كمرجعية رئيسية.
* خامسًا: الطريق إلى بون 2026 ثم COP31
ستكون اجتماعات بون محطة محورية لإعداد المسودة التشغيلية لآلية الانتقال العادل، بينما ستحدد الظروف السياسية في COP31 قوة إدماج حقوق العمال في السياسات المناخية المستقبلية.
ووفق ما جاء في ملخص الأمم المتحدة حول القرارات التي أتخذها المؤتمر جاء ما يلي :”
- التمويل على نطاق واسع: تعبئة 1.3 تريليون دولار سنويا بحلول عام 2035 للعمل المناخي.
- دعم التكيف مع تغير المناخ: مضاعفة تمويل التكيف بحلول عام 2025، ومضاعفته ثلاث مرات بحلول عام 2035.
- صندوق الخسائر والأضرار: التأكيد على الجانب التشغيلي ودورات تجديد موارده.
- مبادرات جديدة: إطلاق "مُسرّع التنفيذ العالمي" و"مهمة بيليم" للحد من ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية لدفع عجلة الطموح والتنفيذ.
- مكافحة التضليل المناخي: الالتزام بتعزيز سلامة المعلومات ومحاربة الروايات الكاذبة.
يؤكد القرار النهائي على التضامن والاستثمار، ووضع أهداف مالية طموحة، لكنه لم يشمل التخلص من الوقود الأحفوري. يُصدر حرق الوقود الأحفوري غازات دفيئة تُعد، بلا شك، أكبر مساهم في الاحتباس الحراري، مما يجعل هذا الإغفال مصدر قلق للعديد من الدول، بما في ذلك المفاوضون من أمريكا الجنوبية والاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى منظمات المجتمع المدني”.
* الخلاصة
رغم الإخفاقات الكبرى، تمثل آلية عمل بيليم خطوة تاريخية لأنها للمرة الأولى تمنح العمال موقعًا رسميًا في إدارة التحول، وتحوّل الانتقال العادل من شعار إلى مسار مؤسسي، وتفتح أمام الحركة النقابية فضاءً جديدًا للدفاع عن الحقوق والعدالة الاجتماعية.