الأمم المتّحدة تصادق بشكل مخزي على - خطّة سلام - ترامب الفاشيّ لغزّة – و إسرائيل تواصل نوبات قتلها للفلسطينيّين


شادي الشماوي
2025 / 11 / 25 - 00:14     

جريدة " الثورة " عدد 933 ، 24 نوفمبر 2025
www.revcom.us

" فاشيّة ترامب نظام يدوس بسفور و عدوانيّة الحقوق الأساسيّة و يصرّح بصراحة و وقاحة أنّه ليس هناك قانون و سيرورة قانونيّة لازمة غير ما يمليه هو ، و أنّ القوّة التدميريّة الخام هي التي يجب أن تُستخدم في المجال العالمي ، دون حتّى زعم الانخراط في القانون الدولي أو الانشغال بسيادة البلدان ، أو حتّى حقّ الوجود لشعوب و بلدان أقلّ قوّة .
إنّه نظام ينحو نحو إطلاق العنان للنهب الرأسمالي بلا قيود و ضوابط... "
( بوب أفاكيان – الثورة عدد 114 )
يوم الإثنين 17 نوفمبر ، صادقت و أمضت الأمم المتّحدة بشكل مخزي على تبنّى القرار الذى تقدّم به ترامب على أنّه " خطّة السلام " لغزّة – خطّة تجسّد فاشيّة ترامب المفترسة و تدوس بسفور القانون الدولي و حقوق الشعب الفلسطيني و تشرّع الإبادة الجماعيّة الإسرائيليّة .
و هذا الإجراء ، قرار مجلس الأمن عدد 2803 ، تمّت المصادقة عليه بأغلبيّة بتبنّيه من طرف 13 من 15 عضوا بمجلس الأمن بمن فيهم فرنسا و المملكة المتّحدة / بريطانيا العظمى ( و إحتفظت بوصتها كلّ من الصين و روسيا ) ، و قطر و مصر و الإمارات العربيّة المتّحدة و العربيّة السعوديّة و اندونيسيا و تركيا و الأردن ، و قد دعّمته أيضا السلطة الفلسطينيّة العميلة .
و قد ندّدت حماس (1) و مروحة واسعة من المنظّمات الفلسطينيّة و منظّمات حقوق الإنسان و الأخصّائيّين في القانون الدولي بخطّة ترامب و تبنّيها من طرف مجلس الأمن .
طوال السنتين الماضيتين ، عانى 2.2 مليون فلسطيني و فلسطينيّة بغزّة من حملة إسرائيليّة مصاّصة دماء لا تتوقّف من القتل الجماعي و التدمير الشامل . و هذه الإبادة الجماعيّة الفظيعة – وهي كذلك – سلّحها و دعّمها و جعلها ممكنة إمبرياليّو الولايات المتّحدة .
أكثر من 69.182 فلسطيني و فلسطينيّة في غزّة جرى قتلهم . و يشمل هذا ما لا يقلّ عن 20 ألف طفل . و ما لا يقلّ عن 170.833 إنسان جُرحوا . و هذه الأرقام لا تتضمّن آلاف القتلى غير المحسوبين و الذين لا زالوا تحت الأنقاض . و لقد شاهد الفلسطينيّون في غزّة مستشفياتهم و منازلهم و مدارسهم و معاهدهم و جامعاتهم و مدنهم تُدمّر . و قد شاهدوا أطفالهم يصبحون من مبتوري الأعضاء أو قتلى أو يتعرّضون للإرهاب و الصمات النفسيّة . و أضحى عديد الأطفال من اليتامى . و غزّة نفسها تحوّلت إلى مشهد من الركام و الدمار لا يمكن العيش فيه . و مرّة أخرى ، عديد الأجهزة العالميّة و منظّمات حقوق الإنسان صرّحت بأنّ هذه الحملة الوحشيّة التي إقترفتها الولايات المتّحدة – إسرائيل إبادة جماعيّة .
مكافأة المجرم و عقاب الضحيّة : نمط العدالة الإمبرياليّة
لذا ، هل أنّ " خطّة سلام " ترامب الآن تحاسب المجرمين و ترسى العدالة و تخفّف عن الضحايا ؟ لا ، إنّها تقوم بالعكس بالضبط !
معيدة ذكرى الإستعمار السافر ، قرار الأمم المتّحدة هذا يكافؤ أهمّ مسلّح و داعم لجرائم الحرب الإسرائيليّة – الولايات المتّحدة – بينما لا يطالب بأيّة محاسبة لدورها في الجرائم المدوّية المقترفة في غزّة .بدلا من ذلك ، تقدّم سلطة شاملة و غير مدقّق فيها ل " لوحة سلام " يتراّسها ليس أقلّ من دونالد ترامب . و لترلامب و هذه اللوحة سلطة التحكّم في غزّة طوال السنتين القادمتين ( و يرجّح أن يكون لأبعد من ذلك ) ، مع السيطرة على كلّ شيء من المساعدات و إعادة البناء إلى من يمكن أن يدخل غزّة و من يخرج منها ، إلى تشكيل " قوّات إستقرار عالميّة " مسلّحة لتدخل و تنزع السلاح في غزّة و تساعد في حمك غزّة . (2)
و يحمى القرار 2803 كذلك إسرائيل و يكافئها . و لا يشير إلى إبادتها الجماعيّة و لا يطالب بمحاسبتها – أو بتقديمها تعويضات – عن جرائمها الفظيعة التي دمّرت الناس في غزّة ، و هكذا يصبغ الشرعيّة على هذه الجرائم . و بدلا من ذلك ، يسمح بتواصل الحضور الإسرائيلي في غزّة ( أين تسيطر الآن على نصف الأراضي ) ، و الدور القائم في تكريس خطّة ترامب . و يتضمّن هذا ما يتعلّق بتقديم المساعدات و تشكيل قوّات إستقرار عالميّة . (3)
من يعاقبه فعلا قرار الأمم المتّحدة و من يطالب بمحاسبته ؟ الشعب الفلسطيني ! لن يكون للشعب الفلسطيني أيّ دور مطلقا في حكم أراضيه – إلاّ بموافقة الولايات المتّحدة و إسرائيل .
و ماذا عن نزع سلاح مقترفي الإبادة الجماعيّة ؟ الولايات المتّحدة و إسرائيل ، إثنان من أكثر القوى المدجّجة بالسلاح و المجرمة لا تطالبان بنزع السلاح . لا – بدلا من ذلك تتمّ مطالبة الفلسطينيّين الذين بالكاد لديهم سلاح بنزع السلاح . إنّ " خطّة ترامب " تدوس الحقوق الأساسيّة و القانونيّة للشعب الفلسطيني في حقّ تقرير المصير و الدفاع عن النفس . (4)
و هذا ليس كلّ شيء . يوفّر قرار مجلس أمن الأمم المتّحدة أمرا قانونيّا من الأمم المتّحدة لأهداف ترامب و خطّته ، و يحوّله فعليّا " إلى تقييد القانون الدولي " ، هذا ما جاء في تقرير لجريدة " النيويورك تايمز " (5) . بكلمات أخرى ، خطّة ترامب ليست مجرّد هجوم على الشعب الفلسطيني ،و إنّما هي هجوم على القانون الدولي و شعوب العالم . (6)
بإختصار ، إنّها خطوة عملاقة بترسيخ نظام عالمي فيه " القوّة التدميريّة الخام هي التي يجب أن تُستخدم في المجال العالمي، دون حتّى زعم الانخراط في القانون الدولي أو الانشغال بسيادة البلدان ، أو حتّى حقّ الوجود لشعوب و بلدان أقلّ قوّة ."، كما قال بوب أفاكيان في الرسالة التي أوردناها في التصدير .
" خطّة سلام " ترامب الفاشيّ ، الإمبريالي :
على موقع أنترنت revcom.us حلّلنا هنا( revcom.us/en/trumps-gaza-peace-plan-erasing-palestinian-rights-locking-israels-genocide-deepening-us-domination ) و هنا (revcom.us/en/palestinian-people-return-peace-graveyard-amidst-rubble-and-shattered-lives ) ، أنّ " خطّة سلام " ترامب الفاشيّ – التي صادقت عليها الآن الأمم المتّحدة – ليست معنيّة بجلب السلام لغزّة ، أو للشرق الأوسط – إلاّ إذا كان المرء يتحدّث عن " سلام " القبور . و أيضا ليست معنيّة بإنهاء الإضطهاد الوحشيّ الإسرائيلي للشعب الفلسطيني و ضمان حقوقه فما بالك بتحريره .
هدف خطّة ترامب بدلا من ذلك هو توسيع و تعميق قبضة إمبرياليّة الولايات المتّحدة على الشرق الأوسط و إستغلاله إستغلالا إفتراسيّا . فالخطّة توفّر للولايات المتّحدة قاعدة في غزّة و مدخل إلى المنطقة بأسرها . و تعزّز إسرائيل بما في ذلك بمساعدتها في الخروج من مستنقع ما يبدو أنّه إبادة جماعيّ لا نهاية لها التي تقترفها و جعلت معظم العالم يقف ضدّها. و تضمن الخطّة " حقّ " إسرائيل و قدرتها على الهيمنة و الإستمرار في قتل الفلسطينيّين و حتّى العودة إلى الإبادة الجماعيّة الشاملة إن قرّرت الولايات المتّحدة أنّ الوضع يستدعى ذلك .
و عنصر مفتاح في خطّة ترامب هو إقامة صلات أوثق مع بعض أكثر رجعيّي المنطقة إجراما بمن فيهم العربيّة السعوديّة و تركيا و الإمارات العربيّة المتّحدة ، و مصر و غيرهم . و قد إستدعى هذا الأقلّ تقديم خدمة هلاميّة بإيجاد دولة فلسطينيّة في لحظة ما في المستقبل ( البعيد ) ، و إيقاف التهديد الإسرائيلي بإلحاق الضفّة الغربيّة بدولة إسرائيل ، و التخفيف من الإبادة الجماعيّة الإسرائيليّة في غزّة – لأنّ هذا جميعه جعل من العسير على تلك البلدان أن تقترب أكثر من الولايات المتّحدة ناهيك عن الإعتراف بإسرائيل .
" خطّة سلام " ترامب في الممارسة العمليّة : تواصل نوبات القتل الإسرائيليّة :
بعيد حوالي 48 ساعة من موافقة مجلس أمن الأمم المتّحدة على خطّة ترامب ، نفّذت إسرائيل مجزرتها الأكبر فظاعة خلال أسابيع قاتلة ما لا يقلّ عن 33 فلسطيني و فلسطينيّة بمن فيهم أطفال . ثمّ يوم السبت ، 22 نوفمبر 2025 ، نفّذت إسرائيل موجة غارات جوّية أخرى قاتلة ما لا يقلّ عن 20 فلسطينيّا و فلسطينيّة و جارحة آخرين . منذ دخول " إيقاف إطلاق النار" حيّز التنفيذ في 11 أكتوبر ، قتلت إسرائيل أكثر من 312 فلسطيني و فلسطينيّة في غزّة و جرحت أكثر من 700 .
و هذا لا يمثّل مجرّد خرق لإيقاف إطلاق النار . فقد وثّق المسؤولون في غزّة زهاء 400 خرق إسرائيلي لإيقاف إطلاق النار بما فيها 113 حادث إستهداف مدنيّين بالرصاص الحيّ ، و 174 حالة قصف جوّي و بالمدافع و كذلك توغّلات في الأراضي الفلسطينيّة و إيقافات عشوائيّة و تدمير منازل . و الآن ، تخرق أكثر إسرائيل الإتّفاق بدفع تجاوز خطّ إيقاف إطلاق النار المتّفق بشأنه و الإستيلاء على المزيد من الأراضي الفلسطينيّة – مكدّسة مليوني مهجّر فلسطيني في مساحات أضيق فأضيق .
أين هي تنديدات الولايات المتّحدة و الأمم المتّحدة و إداناتهما لهذه الخرقات ؟
لا ل " خطّة ترامب " الإجراميّة و غير الشرعيّة – أوقفوا الإبادة الجماعيّة التي تقترفها الولايات المتّحدة – إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني !
حتّى إثر مصادقة الأمم المتّحدة ، مصير " خطّة ترامب " يظلّ ضبابيّا ، بما فيه ما إذا كان سيعاد بناء غزّة أم سيستمرّ القتل و الاحتلال الإسرائيليّين .
الواضح هو أنّ موافقة مجلس أمن الأمم المتّحدة على خطّة ترامب ، بينما لا يفعل شيئا لوضع نهاية للجرائم التي لا تزال ترتكب على يد الولايات المتّحدة و إسرائيل ضد الناس في غزّة ، فضيحة مدوّية و أمر شنيع للغاية . و زيادة على ذلك ، إنّه فضاح يدين إفلاس القوى الكبرى الرأسماليّة – الإمبرياليّة و الرجعيّة في المنطقة المهيمنة على الكوكب .
و هذا يجعل الأمر إستعجاليّا أكثر بالنسبة للملايين حول العالم الذين نهضوا حيث يتعيّن أن يستمرّوا في المطالبة بوضع نهاية للقتل و الإضطهاد و الإبادة الجماعيّة للشعب الفلسطيني في غزّة ، و الضفّة الغربيّة و داخل إسرائيل – و تواطؤ الأمم المتّحدة مع ذلك . و من واجبنا جميعا القيام بذلك كجزء من القتال من أجل عالم مغاير و أفضل بكثير !
أوقفوا الإبادة الجماعيّة التي تقترفها الولايات المتّحدة – إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني !
يجب على ترامب أن يرحل !
هذا النظام برمّته فاسد و غير شرعيّ ! نحتاج و نطالب ب : نمط حياة جديد تماما و نظام مغاير جوهريّا !
هوامش المقال :
1- حماس منظّمة أصوليّة إسلاميّة رجعيّة تمثّل السلطة الحاكمة في غزّة . شنّت هجوما وحشيّا و غير عادل و متعدّد الأوجه على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023 تسبّب في قتل المئات معظمهم إستهدفوا عمدا رغم كونهم ليسوا من المقاتلين ، و أخذت أسرى . و قد إستخدمت إسرائيل ذلك كتعلّة لخوض إبادة جماعيّة على نطاق واسع ضد كافة الشعب الفلسطيني في غزّة .
2- و لا تضمن خطّة ترامب أو تضع من أولويّاتها الدخول دون عراقيل للغذاء و المساعدات الإنسانيّة إلى غزّة فما بالك بإعادة إعمارها . و لا وجود لضمانات ضد التهجير القسريّ . خطّة ترامب ذات العشرين نقطة تشمل هذه العناصر ، لكّنها ملحقة فقط بالقرار و لا يتمّ التنصيص على أنّها جزء من القرار .
3- " نزع سلاح حماس سيكون سيرورة ؛ سيستغرق وقتا " ، هذا ما صرّح به نمرود نوفيك ، مفاوض سلام إسرائيلي من القدماء لجريدة " النيويورك تايمز " . " و إذا لم يوجد المزيد من الانسحاب الإسرائيلي ن و إن كان محدودا ، و لا قوّات إستقرار دوليّة ، و لا بداية إعادة إعمار ، عندئذ يصبح المؤقّت دائما " .
4- مدخل قرار مجلس الأمن لا يشير و لبو إشارة لحقوق و حاجيات الشعب الفلسطيني و الإرهاب المسلّط عليه : " محدّدا أنّ الوضع في قطاع غزّة يهدّد الأمن في المنطقة ، و أمن الدول المجاورة و إستنادا إلى القرارات السابقة المتعلّقة بالوضع في الشرق الأوسط ، بما في ذلك القضيّة الفلسطينيّة ..."
5- " تعدّ قرارات مجلس الأمن قانونيّا غلافا للقانون الدولي و بالرغم من كون مجلس الأمن لا يملك آليّة لفرض مثل هذه القرارات ، يمكن لمثل هذه الإجراءات أن تعاقب متجاوزيها بتسليط عقوبات عليهم " ، وفق جريدة " النيويورك تايمز " .
6- من أجل تحليل مفصّل لكيف أنّ قرار مجلس أمن الأمم المتّحدة يخرق القانون الدولي ، أنظروا :
Craig Mokhiber, “The UN Embraces Colonialism: Unpacking the Security Council’s mandate for the U.S. colonial administration of Gaza,” Mondoweiss, November 19, 2025.