إسرائيل تهدّد جني الزيتون في الضفّة الغربيّة – - للإرهاب اليهودي في الضفّة الغربيّة خطّة واضحة -


شادي الشماوي
2025 / 11 / 18 - 15:01     

جريدة " الثورة " عدد 932 ، 17 نوفمبر 2025
www.revcom.us

لأجيال ، كان جني الزيتون ركن أساسيّ في الثقافة و الاقتصاد بالنسبة لمئات آلاف الفلسطينيّين ، بمحصول جيّد يضمن مصاريف الأسرة طوال السنة .
و الآن ، عبر الضفّة الغربيّة الفلسطينيّة ، هذا الجني الحيويّ يقع تحت تهديد غير مسبوق بالعنف و إرهاب المستوطنين الإسرائيليّين ، بدعم و مساندة من الجيش الإسرائيليّ . ما كان ذات يوم مناسبة للإحتفال و التنزّه و الإجتماعات مع الجيران تحوّل إلى زمن إرهاب بالنسبة للمزارعين الفلسطينيّين و عائلاتهم .
و المستوطنون أناس " يقيمون مستوطنات " على الأراضي الفلسطينيّة المغتصبة . و هم عادة يهود أصوليّون متطرّفون ينخرطون في عنف الغوغاء ضد الشعب الفلسطيني . و في العقود الحديثة ، تصاعدت هجمات المستوطنين أثناء موسم جني الزيتون من سبتمبر إلى نوفمبر . و في هذه السنة ، بلغت الأمور مستوى آخر تماما . " عبر 77 مدينة و قرية ، وفق إحصائيّات الأمم المتّحدة ، عصابات اليهود المتطرّفين حرقت سيّارت و نهبت تجهيزات فلاحيّة و خرّبت أكثر من 4000 شجرة و شتلات " ، هذا ما جاء في جريدة " الواشنطن بوست " . " عدد هجمات المستوطنين الإسرائيليّين على الفلسطينيّين – بمعدّل 8 حوادث في اليوم – هو الأعلى منذ شروع الأمم المتّحدة في توثيقها سنة 2006 ".
بيت سلام -B , Tselem - جمعيّة حقوق إنسان إسرائيليّة ، قال إنّ المستوطنين كانوا يهاجمون الفلسطينيّين " يوميّا " ، بما في ذلك " إطلاق النار و الضرب و تهديد المقيمين و الرمي بالحجارة و حرق الحقول و تدمير الأشجار و المحاصيل ، و سرقة المنتوجات و قطع الطرقات و غزو المنازل ، و حرق السيّارات ."
و إليكم بضعة أمثلة من الأسبوع الفارط : أشعل المستوطنون النيران في عشرات أشجار الزيتون في قرية مجدل بنى فاضل . و هاجم المستوطنون فلسطينيّين كانوا يجنون زيتونهم بالحجارة و الهراوات قرب قرية بيتا ، متسبّبين في جرح أكثر من عشرة أشخاص بمن فيهم مراسلين من وكالة رويتر للأنباء و قناة الجزيرة . و مع مجيئ مئات الناشطين ضد الاحتلال الإسرائيلي إلى قرية بيرين تضامنا مع جني الزيتون ، أعلن الجيش الإسرائيليّ القرية منطقة عسكريّة مغلقة . و حاول بعض النشطاء أن يوقفوا السير في الطرقات ثمّ وقفوا على جانبي الطرقات حاملين لافتات تقول " أوقفوا الإرهاب اليهوديّ "(1).
ولا يقوم المستوطنون و قوّات الدفاع الإسرائيليّة / الجيش الإسرائيلي بإستهداف جني الزيتون فحسب. ففي الأسبوع الفارط، أغار مستوطنون على المنطقة الصناعيّة ببيت لد في الضفّة الغربيّة حارقين السيّارات و المباني ، و تاليا إنتقلوا إلى الهجوم على المنطقة الصناعيّة كادومين بما في ذلك مصنع ألبان وهو من أهمّ مشغّلي اليد العاملة في الضفّة الغربيّة .
و أيضا ، هاجم المستوطنون جامعا في دير أستيا مضرمين النار في مدخله و مفسدين وادهته بكتابة جمل تهديديّة على جدرانه الخارجيّة و من ذلك " لسنا خائفين " ، " سننتقم مجدّدا " .
الضفّة الغربيّة منطقة من مناطق فلسطين التاريخيّة ، تقع غرب نهر الأردن ( على الجهة الشرقيّة ممّا هو الآن إسرائيل ) . وهي موطن تقريبا ثلاثة ملايين فلسطيني و فلسطينيّة و كانت الأمم المتّحدة أمرت بأن تكون جزءا من دولة فلسطين المستقبليّة . و كانت تحت الاحتلال العسكريّ منذ أن إستولت عليها إسرائيل أثناء حرب 1967 . و مذّاك ، أقام حوالي 600 ألف إلى 750 ألف إسرائيلي أكثر من 250 مستوطنة و مخافر متقدّمة عبر الضفّة الغربيّة و القدس الشرقيّة المحتلّة . و هذه المستوطنات بصفة بارزة لاقانونيّة في ظلّ القانون الدولي غير أنّ إسرائيل لم تتوقّف عن توسيعها بينما تُرهب الشعب الفلسطيني و تحطّم المنازل و المزارع و المحاصيل و الحيوانات الفلسطينيّة .
و ما يجرى اليوم تصعيد حاد لحتّى هذه الفظائع التي تلقى الدعم من أعلى مستويات الدولة الإسرائيليّة .
" للإرهاب اليهودي في الضفّة الغربيّة خطّة واضحة " :
حتّى مع تصاعد العنف ، تحقيقات السلطات و الشرطة الإسرائيليّة حول عنف المستوطنين تراجعت بنسبة 73 بالمائة طوال الثلاث سنوات الماضية . " الوضع خارج السيطرة ، لا يقوم الجيش الإسرائيلي بأيّ شيء " ، هذا ما صرّحت به جريدة إسرائيليّة . و تسلّط السلطات الإسرائيليّة و المستوطنون البارزون الضوء على الهجمات العنيفة على أنّها من صنع بضعة متطرّفين أو " بضعة شبّان ضائعين " .
و في الواقع ، " يشارك المئات و ليس مجموعة صغيرة من الشباب منفلت من عقاله " كما جاء في تقرير لجريدة هآرتز ( " بضعة شبّان ضائعين ؟ للإرهاب اليهودي في الضفّة الغربيّة خطّة واضحة ". ). و تلقى هذه الخطّة الدعم التام من الفاشيّين في السلطة .
و تستطرد جريد هآرتس ، " تقع الأحداث تقريبا يوميّا ، وهي جزء من خطّة أوسع نطاقا . و في حين تتأسّف وسائل إعلام المستوطنين على حصول ذلك ، فإنّ بعض المستوطنين يرونها مفيدة للغاية . و العنف الذى يبلغ أحيانا حدّ القتل يهدف إلى بثّ ارعب في صفوف الفلسطينيّين و تقليص مجال حياتهم و طردهم بالقوّة من أراضيهم التي يركّز عليها مستوطنون مزارعهم و مخافرهم الأماميّة ."
خطّة ترامب ل " السلام " و المؤامرات الإسرائيليّة و مستقبل الشعب الفلسطيني :
في الأسبوع الماضي ، تقدّم نظام ترامب بقرار مراجع لمجلس أمن الأمم المتّحدة ، قرار يهدف إلى شرعنة و تبنّى خطّة ترامب ل " السلام " لغزّة ذات العشرين نقطة ، التي تضمّنت لأوّل مرّة لغة تشير إلى طريق ممكن لدولة فلسطينيّة وهو شيء عارضته إسرائيل معارضة شديدة . و يأتي هذا بعد أن قال ترامب لإسرائيل أن لا تلحق بها رسميّا الضفّة الغربيّة ( أسرقوها من الفلسطينيّين و إجعلوها رسميّا جزءا من إسرائيل ).
و لأوّل مرّة أيضا ، الوزير الأوّل الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ( نتن- النازي ) أدان عنف المستوطنين في الضفّة الغربيّة ، زاعما أنّ إسرائيل " ستتّخذ إجراءات قويّة ضد هجمات المستوطنين ... على الفلسطينيّين و على جنود قوّات الدفاع الإسرائيليّة – لأنّنا أمّة قانون و أمّة إجراءات تحترم القانون ". و إلى ألآن ن الفاشيّون في كابينت نتن – النازي قدّموا الدعم الكامل لحركة المستوطنين المناهضة للفلسطينيّين .
إنّه خارج نطاق هذا المقال التعمّق في كافة مؤامرات المحاكة بين الولايات المتّحدة و إسرائيل و عدّة قوى عالميّة و إقليميّة بالشرق الأوسط بشأن خطّة ترامب ل " السلام " و تداعيات الإبادة الجماعيّة للولايات المتّحدة – إسرائيل في غزّة . ( لقد حلّلنا أسس خطّة ترامب هنا https://www.revcom.us/en/trumps-gaza-peace-plan-erasing-palestinian-rights-locking-israels-genocide-deepening-us-domination وهنا https://www.revcom.us/en/trump-regime-demands-israel-adhere-its-imperialist-peace-planpalestinians-gaza-still-suffering) . و الأمر كذلك بالنسبة إلى مستقبل خطّة ترامب فمن غير الممكن توقّعه بأيّ شكل يقينيّ .
لكن بوسعنا قول بضعة أشياء بصفة مؤكّدة :
أوّلا ، لا صلة لخطّة ترامب بضمان الحقوق أو مجرّد مستقبل للشعب الفلسطيني . إنّها مساعي نظام ترامب الفاشيّ لتوسيع هيمنة الولايات المتّحدة في الشرق الأوسط ، و كذلك تعبيد الطريق لفرص ماليّة كبيرة للرأسماليّة – الإمبرياليّة للولايات المتّحدة . و الإبادة الجماعيّة السافرة الجارية و التي لا يمكن إنكارها في غزّة أو الإلحاق السافر للضفّة الغربيّة سيمنع عديد الحكّام العرب من الإنخراط في أجندا ترامب .
ثانيا ، الحديث عن دولة مستقبليّة فلسطينيّة مرهون بأوامر الولايات المتّحدة و بالتالي لا معنى له على نطاق واسع . إنّه لتزيين نوافذ سياسي لتوفير غطاء للأنظمة الرجعيّة في الشرق الأوسط المتحالفة مع الولايات المتّحدة .
و حتّى " حلّ الدولتين " الذى لم يُشر إليه ترامب لكن عديد القوى الأوروبيّة حاججت من أجله سوف ، مثلما قال القائد الثوري ، بوب أفاكيان ، " " حلّ الدولتين " هذا يساوى حقّا لا شيء أكثر من دولة قويّة هي إسرائيل تواصل إحتلال الأرض المغتصبة من الشعب الفلسطيني فيما ما يسمّى ب" الدولة الفلسطينيّة" التي يرسيها هذا " الحلّ " ستكون نُكتة مريرة – دولة دُمية – مجرّد رُقعة متكوّنة من مناطق صغيرة منفصلة عن بعضها البعض و محاصرة و تُهيمن عليها إسرائيل ، و سيظللّ الشعب الفلسطينيّ عُرضة للإضطهاد و الحرمان الفظيعين ." ( مقتطف من رسائل وسائل التواصل الاجتماعي " الثورة " عدد 48 ، " الليبراليّة ، " التقدّميّة " – معارضة الظلم – و الصهيونيّة : لا يمكنكم " الحصول على كلّ شيء " – لا يمكنكم التمسّك بالصهيونيّة ... و تكونوا منسجمين في معارضة الظلم و الفظائع " ).
ثالثا ، كما كتب محلّل إسرائيلي من مجموعة الأزمة العالميّة في جريدة " النيويورك تايمز " " سياسة للولايات المتّحدة ، أوروبيّة أو عربيّة تقول لا للإلحاق الرسميّ لكنّها لا تفعل أيّ شيء للإيقاف الفعلي لإلحاق الضفّة الغربيّة ستؤوّله إسرائيل على أنّه دعوة لمواصلة ما تقوم به و بسرعة " مع " أجندتها الصريحة للتوسّع و تعميق سيطرتها على الضفّة الغربيّة ".
رابعا ، يمكن أن توجد إختلافات بين إسرائيل و الولايات المتّحدة حول غزّة و الضفّة الغربيّة ، لكن إسرائيل تظلّ المخفر الأمامي العسكريّ الأمريكي المفتاح و الفارض في الشرق الأوسط . و بالفعل ، في الأسبوع الفارط ، جاء في تقرير لأكسيوس Axios أنّ إسرائيل تدفع الآن نحو إتّفاق عسكري لمدّة عشرين سنة مع الولايات المتّحدة سيضاعف الإتّفاق الراهن ب 38 بليون دولار يوفّر لإسرائيل تجهيزات و دعم عسكريّين كبيرين .
و في النهاية ، ليست الفظائع الإسرائيليّة في الضفّة الغربيّة جوهريّا مسألة سياسة أو من هو الوزير الأوّل . و مثلما حلّل أفاكيان في رسالته على وسائل التواصل الاجتماعي ، الثورة عدد 76 ، " مؤتمر الحزب الديمقراطي : المندوبون ينشدون: نحبّ الإبادة الجماعيّة ! " ، الجرائم المدوّية ضد الشعب الفلسطيني :
" ... ينبع كلّ هذا – وهي " الإمتداد المنطقي " ل – طبيعة إسرائيل كدولة صهيونيّة ( عنصريّة ، للتفوّق اليهودي ) ، وهي تبرّر الفظائع الجماعيّة بإنكار إنسانيّة أبناء و بنات الشعب الفلسطيني . "
للمزيد ، أنظروا : " تصاعد العنف الإسرائيلي في الضّفة الغربيّة إلى أعلى مستوياته في العشرين سنة – قتل 44 طفل هذه السنة وحدها " ، revcom.us ؛ 10 نوفمبر 2025 . [ مقال متوفّر باللغة العربيّة على صفحات الحوار المتمدّن ، ترجمة شادي الشماوي ] .
هامش المقال :
1. Site News, November 10, 2025 The state of Israel, Haaretz, November 14, 2025.