لجنة تحقيق في أحداث السابع من أكتوبر هي بقرة مقدسة لن تحقق شيئاً تقريباً


جدعون ليفي
2025 / 11 / 13 - 10:02     

من بين القضايا العديدة التي يجب أن يواصل الحراك الاحتجاجي النضال من أجل تحقيقها، ينبغي أن تكون لجنة التحقيق الرسمية في كارثة السابع من أكتوبر آخرها. بالنسبة لمعسكر "أي أحد إلا بيبي"، فهي مجرد محاولة أخرى للإطاحة برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. ومن المشكوك فيه أن يتحقق ذلك حتى لو تم إنشاء اللجنة.
إن لجنة التحقيق الرسمية هي تضييع مضمون للوقت، وانحراف عن الجوهر، وبقرة مقدسة غبية قد تصب في مصلحة رئيس الوزراء نفسه.
المعارضون للحكومة بدأوا بالفعل في الحلم: ستُبعث لجنة أجرانات، التي فحصت الإخفاقات التي سبقت حرب يوم الغفران عام 1973، من جديد، وسيتنحى نتنياهو كما فعلت غولدا مئير.
لكن هذا لن يحدث.
ستتشكل عصبة من القضاة الكبار والجنرالات المتقاعدين، وسيعقدون جلسات مملة تمتد لعامين أو ثلاثة، وفي نهايتها سيقدم للجمهور تقرير مليء بالاستنتاجات الملتبسة، معظمها تقنية: هل أُرسلت الدبابات أم لا؟ هل فُعّلت شرائح الاتصال في هواتف مقاتلي حماس أم لم تُفعّل؟
لن تجرؤ أي لجنة على الاقتراب من جذر المشكلة، وهو سياسة جميع حكومات إسرائيل — وليس الحكومة الحالية فقط — في تعاملها مع قطاع غزة والشعب الفلسطيني. فالجميع أرادوا إدارة الصراع، ولم يفكر أحد قط في حله. ولن تتطرق اللجنة إلى هذه المسألة.
التركيز على إنشاء لجنة تحقيق أمر عديم الجدوى. حتى الجدل حول نوعها — هل ستكون لجنة دولة، أم لجنة حكومية، أم شاملة للنظام بأسره — ليس سوى تفصيل هامشي. ففي الواقع السياسي الحالي، أي لجنة تحقيق، حتى لو كانت لجنة دولة وهي الأعلى مرتبة، ستخيب آمال أولئك الذين يتوقعون رؤية نتنياهو يُطاح به مذلولاً من جميع مناصبه — وهو الهدف الرئيسي، وربما الوحيد، للمطالبين بتشكيلها.
لا تحتاج لجنة كي تفهم أن ما حدث كان فشلاً ذريعاً. ولا تحتاج إلى سنوات من الجلسات لتقرر أن "جيش الدفاع الإسرائيلي لم يحتفظ بقدرته على مواجهة حرب مفاجئة"، كما خلصت إليه هذا الأسبوع لجنة تورجمان.
لن تساعد أي لجنة في تحقيق الرغبة في تحميل نتنياهو كامل المسؤولية. فقد أعفت لجنة أجرانات القادة السياسيين من أي لوم، بل وأشادت بهم؛ أما لجنة كاهان، التي حققت في مجزرة صبرا وشاتيلا عام 1982، فقد أدت إلى إقالة أريئيل شارون من وزارة الدفاع، لكنه عاد بعد أقل من عقد رئيساً للوزراء.
ولا واحدة من تلك اللجان — وهما الأفضل بين ما عرفناه — أحدثت أي تغيير ضروري. لجنة أجرانات لم تغير إسرائيل؛ من غيرها كان مناحم بيغن، حين وقع بعد سنوات قليلة معاهدة السلام مع مصر. لو كان الأمر بيد لجنة أجرانات، لكان الحل مجرد إعادة تعبئة المخازن الطارئة، وتوسيع الجيش، وإضافة أسراب جوية جديدة.
لن تجرؤ أي لجنة على القول إن أحداث السابع من أكتوبر لها سياق يجب تغييره من جذوره. كان هذا ينبغي أن يكون أهم توصية لأي لجنة، لكن اللجنة التي تجرؤ على تناول هذه "الجمرة" لم تولدبعد — ولن تولد أبداً. انظروا فقط إلى ما حدث للأمين العام للأمم المتحدة حين تجرأ على قول ذلك بعد أيام من الكارثة.
سيقف مئات الشهود أمام اللجنة، وسيتحدثون عن الاستعدادات التي فشلت، والمعلومات الاستخبارية التي ضلت طريقها. كل هذا نعرفه منذ زمن. سيتحدثون عن تحويل الأموال إلى حماس (وهو أمر حدث أيضاً قبل حكومة نتنياهو الحالية) وعن الجيش الذي اختفى بينما كانت البلاد تحترق.
لكن لن تسأل أي لجنة: "ما الذي كنتم تنوون فعله بقطاع غزة بعد 10 أو 20 عاماً؟" وحتى إن سألت، فلن تتلقى جواباً، لأن إسرائيل لا تملك إجابة على هذا السؤال. ولهذا، لا حاجة إلى لجنة تحقيق.
يمكن تفهم مشاعر العائلات الثكلى التي تناضل من أجل تشكيل لجنة. فماذا بقي لها غير الرغبة في معاقبة من تسببوا بمآسيها؟ لكن على الحراك الاحتجاجي أن يخرج من منطقة راحته المتمثلة في المطالبة بعودة الأسرى وتشكيل لجنة دولة.
إن كان يريد حقاً إصلاح الأمور، فعليه أن يطرح رؤية بديلة بجرأة، حتى لو كان الثمن خسارة بعض الدعم الشعبي. لجنة تحقيق رسمية لن تقدم سوى مزيد من الدوران في الحلقة ذاتها. وفي أفضل الأحوال — سيغادر نتنياهو ليحل مكانه نفتالي بينيت.