رسالة لمبرمجي الذكاء الصناعي


شوكت جميل
2025 / 10 / 21 - 08:13     

رسالة مفتوحة إلى مطوري ومهندسي أنظمة الذكاء الاصطناعي

من مستخدم شرق أوسطي
الموضوع: الذكاء الاصطناعي بين الأمان والصدق و خطر فقدان المصداقية.
................................................
إلى فريق التطوير والبرمجة الكريم:
أتحدث إليكم بصفتي مستخدمًا واعيًا، لا باحثًا أكاديميًا برمجياً ولا متعصبًا دينيًا،و لا منافحاً لمذهبٍ أيدلوجي بعينه،و إنما فردًا خبر جيلاً من أجيال الشرق الأوسط يعيش لحظة تاريخية من البحث الصادق عن الحقيقة دينيًا و سياسيًا وفكريًا..و أرى طائفة من الشباب حقيق بهم أن يغيروا ما أعجز أسلافهم.
لقد لاحظت (كما لاحظ غيري من المستخدمين) أن نماذجكم تتعامل مع جل المواضيع التاريخية الشائكة و القضايا الدينية الحساسة و الفارقة، وبل وفي بعض الامور السياسية بعينها –و إن كان بدرجة أقل_ بقدر كبيرٍ من التحفّظ و التحرج و الاحتياط والذي يصل إلى حد التجميل و المداهنة أحياناً أو الإخفاء المقصود للحقائق إن لم يكن تدليساً محضاً أحياناً أخرى.

وحين يواجهنكم بالروايات الواضحة والمصادر المعروفة، يُقابلون بردود ملتوية أو بصياغات غامضة تحت شعار "توجد روايات متباينة" أو "الموضوع محلّ خلاف"..
و تلكم السيرة، مهما كانت نواياها حسنة "أمناً" أو "حياداً"،أو سلاماً اجتماعياً...إلخ،فإنها كفيلة بنزع المصداقية عنكم أمام جيلٍ قد مجّ الإلتواء ؛لا يريد مجاملات، بل يريد المعلومة الخام كما هي، ليحكم بنفسه و لنفسه..
و اللافت في الأمر،أنه في الأغراض الأخرى _بخلاف ما أسلفناه_ كالفيزياء أو الرياضيات أو..أو... تتحدث النماذج بوضوح مذهلٍ !أما في الدين والتاريخ فيتبدل الأمر غير هذا كله،و إذا هي دبلوماسي حذر يشفق من قول ما هو ثابت في المصادر .و ثابت لكل من له دراية و سبر حقيقته ؛وهذا يفضي بالناس — خصوصًا الشباب الباحثين عن الحقيقة —أن تذهب بهم الظنون فيكم كل مذهب، أقله أنكم لستم وسيلة معرفة، بل وسيلة تضليل ناعم.و ما أحسب هذا ينطلي على هذا الجيل الذي بات يملك من الوسائل ما لم نكن نملكه ومن المعارف ما لا عهد لنا به.

فلئن لم يتغيّر هذا النهج، و إن لم تنتهوا عن تلك السيرة؛ فأنظمة الذكاء الاصطناعي — مهما بلغت دقتها التقنية — ستفقد مكانتها في منطقتنا، لأن الناس سيعودون إلى المصادر الأصلية، أو إلى البدائل الأقل ذكاءً ولكن الأكثر صراحة.
وحينها، ستُصبح النماذج التي تتحدث بلغة الإنكار أو التجميل أضحوكة معرفية في أعين الجيل الجديد!

كل بغيتي أن تتعاملوا مع القضايا الحساسة بجرأة أكاديمية حقيقية، لا برقابة سياسية أو دينية..أن تتيحوا للنماذج حرية عرض الروايات المتعددة كاملة، مع نسبتها لمصادرها، دون تدخل انتقائي أو تلطيف...أن تضعوا الصدق قبل “السلامة”، لأن السلامة بلا صدق لا تبني معرفة،و لا تبني أنسانا.. بل تزرع الشك فوق شكٍ..
ختامًا
لسنا ضدكم، بل نريدكم أن تنجحوا لكن نجاحكم في الشرق الأوسط لن يكون بالتقنية وحدها، بل بالصدق الفكري والأخلاقي أمام جيلٍ لا يخاف الحقيقة..