صفقة ترامب جريمة حرب


سعيد مضيه
الحوار المتمدن - العدد: 8488 - 2025 / 10 / 7 - 20:55
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية     

تسخر تكتيكات إجرامية لفرضها
جيف كوهن وريتشارد إيسكاو نرجمة سعيد مضيه

الصفقة تضغط بالتجويع وتعطيل المرافق واستمرار الإبادة الجماعية كي تحمل حماس على التوقيع على الصفقة، وهذه جريمة حرب كذلك، يتهم جيف كوهن وريتشارد إيسكاو الرئيس الأمريكي، في مقالة نشراها في 6أكتوبر الجاري.
عمل جيف كوهين مديرًا لمركز بارك للإعلام المستقل بكلية إيثاكا، ومؤسسًا مشاركًا لمجموعة النشاط الإلكتروني RootsAction.org.
ريتشارد (آر جيه) إيسكاو هو مُقدّم برنامج "ساعة الصفر" ومستشار سابق لحملة بيرني ساندرز. تويتر: @rjeskow.
قيل الكثير، كتابة وسجالا منذ أن كشف دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو معًا عن "خطة السلام" المكونة من 20 نقطة في وقت سابق من هذا الأسبوع. وحتى كتابة هذه السطور، لم تقرر حماس بعد ما إذا كانت ستقبلها أم لا. (ولم تقبلها إسرائيل بعد، مع أن متابعة وسائل الإعلام الأمريكية لن تُدرك ذلك).
ومع ذلك، فقد أُُغفِلت نقطة واحدة: شروط الصفقة بحد ذاتها تُعتبر جريمة حرب.

الرهائن المختبئون
أجزاء من الخطة غير مثيرة للجدل. كل عاقل يريد انتهاء الحرب بسرعة. وقليلون هم من يعترضون على النقطة 18، التي تدعو إلى "حوار بين الأديان... قائم على قيم التسامح والتعايش السلمي".
ومع ذلك، أتساءل كم من الأمريكيين لاحظوا أن النقطة رقم 5 تدعو إسرائيل إلى إطلاق سراح 1700 شخص اعتقلتهم من غزة منذ عام 2023، "بما في ذلك جميع النساء والأطفال...".
كم من الأمريكيين كانوا يعلمون أن إسرائيل تسجن الأطفال بشكل روتيني قبل أن يروا هذا الحكم؟ وسائل إعلامنا لا تذكره كثيرًا. وللتوضيح، وجد تقرير صادر عن اليونيسف عام2013 (قبل عشر سنوات من 7أكتوبر) أن:
في كل عام، يُعتقل ما يقارب 700 طفل فلسطيني، غالبيتهم العظمى من الفتيان، تتراوح أعمارهم بين 12 و17 عامًا، يخضعون للتحقيق ويحتجزون، على يد الجيش الإسرائيلي والشرطة وأجهزة الأمن. وقد وجد رجال الاستقصاء أن "إساءة معاملة الأطفال الذين يخضعون لنظام الاحتجاز العسكري تبدو واسعة الانتشار ومنهجية ومؤسسية". وقدّروا أن أكثر من 7000 طفل قد سُجنوا وتعرضوا لمعاملة سيئة خلال العقد الماضي.
خلص الاستقصاء الى أن: "نمط إساءة المعاملة يشمل اعتقال الأطفال من منازلهم بين منتصف الليل والخامسة صباحًا على أيدي جنود مدججين بالسلاح؛ يجري تعصيب أعين الأطفال وربط أيديهم بأربطة بلاستيكية؛ الإيذاء البدني واللفظي أثناء نقلهم إلى مراكز التحقيق، بما في ذلك استخدام القيود المؤلمة؛ شح مياه الشرب والطعام وعدم وجود دورات المياه والرعاية الطبية؛ والاستجواب باستخدام العنف البدني والتهديدات.
يجب ان يؤخذ بالاعتبار ان هذا التقرير كتب قبل عشر سنوات بالتمام من السابع من أكتوبر 2023؛ خلص كتاب التقرير ومحرروه إلى أن معاملة إسرائيل لهؤلاء الأطفال تنتهك بشكل منهجي كلاً من اتفاقية حقوق الطفل واتفاقية مناهضة التعذيب وغيرهما من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
بموجب القانون الدولي، ينبغي على الولايات المتحدة والدول الأخرى إدانة هذا الاعتداء على الأطفال والمطالبة بإطلاق سراحهم. إلا أن خطة ترامب تستخدم هذه الممارسة الإجرامية الراسخة وسيلة ضغط، تشترط لن يتم إطلاق سراح الأطفال إلا عندما توافق حماس على المطالب الواردة في هذا الاقتراح.

الإبادة الجماعية كوسيلة ضغط

الفقرة رقم 7 من اقتراح ترامب أسوأ من ذلك. إذ تنص على:
لدى قبول هذه الاتفاقية، سيتم على الفور إرسال المساعدات كاملةً إلى قطاع غزة. وكحد أدنى، سوف تتسق كميات المساعدات مع ما ورد في اتفاقية 19 يناير/كانون الثاني 2025 بشأن المساعدات الإنسانية، بما في ذلك إعادة تأهيل البنية التحتية (المياه والكهرباء والصرف الصحي)، وإعادة تأهيل المستشفيات والمخابز، وإدخال المعدات اللازمة لإزالة الأنقاض وفتح الطرق.
حجب المساعدات الإنسانية تحت أي ظرف من الظروف جريمة حرب، سواءً تم ذلك في حالة الحرب أو احتلال أراضي الغير. مرة أخرى نقول ان خطة ترامب تكافئ جريمة الحرب. والأسوأ من ذلك، أنها تستغل هذه الجريمة، مرفقة بإساءة معاملة الأطفال لتحقيق أهدافها الخاصة.
عمل مناف للأخلاق، وخاطئ. إنه يحيل الأطفال وجميع سكان غزة رهائن. والتهديد بمنع المساعدات بهذه الطريقة يُحتمل أن يكون جريمة حرب إضافية؛ فاتفاقيات جنيف (البروتوكول الإضافي الأول، المادة 54، الفقرة 1) تفيد بما لا جدال فيه على ما يلي: يُحظر تجويع المدنيين كأحد أساليب الحرب.
وتنص المادة 54، الفقرة 2 على ما يلي:
يُحظر مهاجمة أو تدمير أو نقل أو تعطيل الأشياء التي لا يستغني عنها لاستمرار حياة جمهور المدنيين، مثل المواد الغذائية والمناطق الزراعية المعدة لإنتاج المحاصيل وأغذية الماشية ومرافق وشبكات مياه الشرب ومشاريع الري، لتحقيق هدف محدد هو حرمان السكان المدنيين، أو الطرف الخصم، من قيمتها في استمرار حياة المجتمع، أيا كان الدافع، سواء كان ذلك بقصد تجويع المدنيين أو إجبارهم على النزوح أو لأي دافع آخر.
" أيا كان الدافع" في الفقرة أعلاه، يفترض أن يتضمن "بغرض حملهم على توقيع الاتفاقية التي أريدهم أن يوقعوا عليها".
الولايات المتحدة دولة موقعة على هذه الاتفاقيات، وقد أُعيد تأكيد هذه المبادئ عام 2018 بتمرير مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القرار رقم 2417. (كما أنها تلقى الدعم بنظام روما الأساسي الذي انشئت بموجبه المحكمة الجنائية الدولية، والذي لم توقع عليه الولايات المتحدة).

ملخص
لسنا بصدد مزايا صفقة ترامب (التي هي ليست كثيرة في نظري، نظرا لكونها منحازة الى حد كبير). إنما نتحدث عن التكتيكات الإجرامية المستخدمة لفرضها. هناك مجموعة واسعة من القوانين والأبحاث التي توثق المبادئ التي تنتهكها صفقة ترامب.
القانون ليس غامضا؛ قد يشكك المحامون في النقاط الأجمل، غير ان المبدأ بسيط: حيوات المدنيين ليست رهائن، سواءً لأغراض عسكرية أو دبلوماسية. يجافي الشرعية ان يكون بقاؤهم وسيلة ضغط؛ فهذا ليس مُستنكَر ًأ أخلاقيًا فحسب؛ إنما هو بكل الاحتمالات، جريمة حرب أخرى تستوجب الملاحقة القضائية.