مع عقد المجلس العام للأمم المتّحدة لجلسة في نيويورك ، تصعّد الولايات المتحدة – إسرائيل من الإبادة الجماعيّة في غزّة – و نتنياهو يتعهّد ب - إتمام المهمّة - – و ترامب يعطيه الضوء الأخضر


شادي الشماوي
2025 / 9 / 30 - 17:32     

جريدة " الثورة " عدد 925 ، 29 سبتمبر 2025
www.revcom.us

مع عقد المجلس العام للأمم المتّحدة لجلسة في الأسبوع الفارط ، تواصل تصاعد الإبادة الجماعيّة المدعومة من قبل الولايات المتّحدة في غزّة بطرق مريعة و بربريّة حقّا .
و قد ألقى كلّ من الوزير الأوّل الإسرائيلي بنيامين نتنياهو و دونالد ترامب خطابا أمام الحضور .
و قد تعرّضت الفظائع الإسرائيليّة في غزّة و الضفّة الغربيّة إلى التنديد بها بصفة متكرّرة من طرف رؤساء البلدان طوال الأسبوع . و يوم الجمعة ، لمّا صعد نتن – النازيّ إلى المنبر أزيد من ثلثي البعثات وقفت و غادرت القاعة احتجاجا عليه. و البعض ، و منهم رئيس كولمبيا (1)، دعا إلى تشكيل جيش و تدخّل قوّة من الأمم المتّحدة لإيقاف الإبادة في غزّة .و بينما كان نتنياهو يتكلّم ، كان الآلاف يحتجّون خارج مقرّات الأمم المتّحدة على الإبادة الجماعيّة التي تقترفها إسرائيل في غزّة .
و قدّم نتنياهو خطاب مصّاص دماء أمام قاعة تقريبا فارغة ، مكرّرا أكاذيبه و مادحا جرائمه المدوّية . و تفاخر بعدوانيّة ببثّه الإرهاب في المنطقة ، و تباهى بجرائم الحرب الإسرائيليّة ضد سوريا و لبنان و العراق و إيران . و كرّر الكذبة الكبرى بأنّ إسرائيل تخوض " حربا " ضد حماس في غزّة : " سلّموا سلاحكم . أطلقوا سراح كافة الأسرى الآن ... إن فعلتم ذلك ستظلّون على قيد الحياة . و إن لم تفعلوا سنتعقّبكم و نقتلكم ".
لكن ما يجرى ليس " حربا ضد حماس " ، ما يجرى هو إبادة جماعيّة في مرحلة متقدّ/ة للشعب الفلسطينيّ . لقد قتلت إسرائيل ، بدعم كامل من الولايات المتّحدة ، ما لا يقلّ عن 65.549 إنسانا و جرحت 167.518 . و العدد الفعلي للقتلى أكبر و أكبر بكثير – لكن الجثامين تظلّ تحت الأنقاض و لا يمكن عدّها . و فضلا عن ذلك ، تمّ التحطيم المنهجي للبنة التحتيّة بأكملها في غزّة – قُصفت المستشفيات و المدارس و المعاهد و الجامعات ، و جُرّفت المساكن و تمّ تجويع مئات الآلاف و إجبارهم على الإخلاء المرّة تلو الأخرى .
و تدبّر نتنياهو أمر مكبّرات الصوت ليوصل خطابه إلى داخل غزّة . و قد قال حتّى إنّ إسرائيل بعثت برسائل عبر الهواتف الخلويّة التي مارست عليها اللصوصيّة في غزّة لبثّ خطابه بثّا مباشرا ، لكن من غير الواضح إن كان تبجّحه الإرهابي قد سُمع فعلا في غزّة أم لم يُسمع .
و تحدّث ترامب في الأمم المتّحدة قبل أيّام . و وبّخ حماس على المذابح الجارية المقترفة من طرف إسرائيل و زعم أنّ ليده " اقتراح سلام " جديد . لكن القرارات المفاتيح بشأن مستقبل غزّة على الأرجح ستصنع يوم الإثنين 29 سبتمبر في البيت الأبيض ، إلى حيث استدعى ترامب نتنياهو لعقد لقاء .
و في خطابه ، حذّر نتن – النازي من أنّه يجب على إسرائيل " أن تنهي المهمّة في غزّة بأسرع وقت ممكن ". غير أنّ " المهمّة " التي يتحدّث عنها هي مهمّة الإبادة الجماعيّة و تحويل غزّة تماما إلى مكان لا يمكن العيش فيه لأكثر من مليوني فلسطيني و فلسطينيّة . و فيما كان يتحدّث ، نشر الشاعر الفلسطيني المتحصّل على جائزة نوبل الكاتب مصعب أبو ضحى فيديو على منصّة آكس : " حتّى وهو يتكلّم ، يقترف جرائم حرب . وقع هذا قبل دقائق قليلة في مخيّم الشاطئ أين وُلدت و أين قتلت إسرائيل أمس ابن عمّ ثان من أبناء عمّى إلى جانب زوجته و أطفاله الصغار الأربعة ".
و التالية هي أبعاد أخرى من " المهمّة " التي يهدّد نتنياهو بإنهائها في غزّة ، مرّة أخرى ، بدعم كامل مالي و سياسيّ و عسكريّ من ترامب .


مدينة غزّة : بؤرة تركيز التطهير العرقي و الإبادة الجماعيّة :
لقد أُجبر مئات آلاف الفلسطينيّين و الفلسطينيّات على هجرة مدينة غزّة لكن الباقون هناك قد يعدّون 500 ألف إنسان ، يحاولون بيأس الاحتماء و البقاء على قيد الحياة . و هم يواجهون هجمات إسرائيليّة لا تتوقّف بالمدافع و الجنود و الطائرات و المسيّرات و المدافع الروبوتات . و القوّات الإسرائيليّة تتوغّل أعمق فأعمق في المدينة لإجبار مئات الآلاف هؤلاء على التوجّه إلى جنوب القطاع . لكن إسرائيل لا تزال تقصف و تطلق الرصاص على الناس و هم يتوجّهون إلى جنوب القطاع. و إن توصّل الناس إلى البقاء على قيد الحياة ، لا وجود حتّى لأماكن تقام فيها خيام في المناطق المكتظّة التي هي في حدّ ذاتها لا يمكن العيش فيها .
و قد أصابت إسرائيل حوالي 170 هدفا في مدينة غزّة في شهر سبتمبر وحده . و هي تصعّد من هجماتها على مساكن العائلات و المخازن و المباني الأخرى أين يحتمى الناس . و لقد تسبّب هجوم واحد على مسكن عائلي في قتل ما لا يقلّ عن 11 إنسانا . و مع ذلك ، قتل هجوم آخر على مخزن حيث كان يحتمى الناس 22 شخصا ، بمن فيهم تسعة أطفال .
" اجلبوا لي نور " صرخت أمّ عقب دفن ابنتها التي كان عمرها 5 سنوات تحت الأنقاض . " اجلبوا لي نور . في سبع سنوات لم ألد سواها . ليس لديّ أطفال غيرها . نور تحت الأنقاض . أين نور ؟ " ماتت نور في سياّ{ة الإسعاف وهي في طريقها إلى المستشفى .
و يجد الناس أنفسهم مضطرّين إلى وضع مستمرّ من الشكّ و الصدمات و الخوف و الهجرة ، و هم يسعون بيأس إلى العثور على مكان آمن يحتمون به ، لتجنّب الهجمات ، لفهم إلى أين ينبغي عليهم الذهاب تاليا . " بعدُ قد غادرت منزلي في حيّ تلّ الهوا و لم أصطحب معي عدا القليل من ممتلكاتي " قالت امرأة . " لم أستطع حمل المزيد وهذا أصعب وضع يمكن أن يعيشه المرء لأنّه علينا أن نختار بين ما نحتاجه للبقاء على قيد الحياة و نريد أن نبقي معنا ذكرى " .
تبيّن صور الأقمار الصناعيّة أنّ الجيش الإسرائيلي وهي يجرّف المبنى تلو الآخر محطّما كلّ مات هو واقف . و مع نهاي الأسابيع ، قُتل الآلاف و جرح الآلاف الآخرين .
" هذه الروبوتات كابوس هذه الحرب ". لقد جمّعت إسرائيل متفجّرات حوّلتها إلى أسلحة محمولة مضادة للأشخاص و إلى " قنابل كبرى " تغزوا مدينة غزّة . " هذه الروبوتات كابوس هذه الحرب . لديها القدرة على تحطيم مجموعة سكنيّة بأكملها بضربة واحدة و قد بلغتنا الشظايا عديد المرّات ، حتّى و إن كنّا نسبيّا بعيدين عن الانفجارات . هذه سياسة غادروا أو ستقتلون" ، هذا ما صرّح به فلسطيني .
الجروح تشاهد في الغلب الأعمّ في مناطق القتال . كشفت دراسة جديدة أنّ بعض أنواع جراحات الحرب – من مثل الحروق و الجراحات في الرجلين – منتشرة أكثر في صفوف المدنيّين في غزّة منها في صفوف جنود الولايات المتّحدة الذين قاتلوا في العراق و أفغانستان . " إنّ الجرحى المدنيّين في غزّة يعرفون نماذج من الجراحات نتوقّعها في قتال شديد مع عسكريّين محترفين . " ، هذا ما قاله أحد الباحثين . و يعكس مدى هذه الجراحات المؤلمة " تأثير القصف الجوّي و بالقنابل المتفجّرة الثقيلة العشوائي على المناطق المدنيّة " كما ورد في الدراسة . و كشفت دراسة أخرى أنّ عددا يبلغ 15 من كلّ 16 فلسطيني و فلسطينيّة قتلتهم إسرائيل منذ مارس 2025 كانوا من المدنيّين .
مع تصاعد الحاجة إلى الرعاية الطبّية ، منظّمة أطبّاء بلا حدود مضطرّة إلى المغادرة . و الجيش الإسرائيلي يقتل و يجرح بلا هوادة ، يستهدف أيضا الخدمات الصحّية ذاتها اللازمة لعلاج الجرحى . و في هذا الأسبوع ، منظّمة الإغاثة العالميّة ، أطبّاء بلا حدود ، أعلنت : لم يترك لنا خيار عدا إيقاف نشاطاتنا بما أنّ مصحّاتنا حاصرتها القوّات الإسرائيليّة ... هذا آخر ما نرغب فيه ... لقد اضطررنا اضطرارا لتعليق نشاطاتنا و مغادرة مدينة غزّة ".
و المستشفيات الباقية في مدينة غزّة قد تضرّرت كثيرا و عانت من نقص في التزويد بالمستلزمات بحث أنّ الأطبّاء أُجبروا على سؤال طفل جريح " أن يذهب للبحث عن صيدليّة و شراء خيط تخييط الجروح و اليود و الشاش لأنّ المستشفى لا يملك هذه الحاجيات الطبّية الأكثر أساسيّة . "
و في الأثناء ، في وسط قطاع غزّة و جنوبه ، بعض المستشفيات و المصحّات الباقية غمرها " تسونامي " من الجرحى و المرضى الفارين و الهجوم الإسرائيلي على مدينة غزّة .
لا يملك طفل من ثلاثة أطفال شيئا يأكله لمدّة 24 ساعة . جوع و جروح الأطفال يتصاعدان بحدّة في غزّة . و قد كشفت لجنة الإغاثة الدوليّة (IRC )في المدّة الأخيرة أنّ طفلا من ثلاثة أطفال عمره أقلّ من ثلاث سنوات لم يأكل في ال24 ساعة الأخيرة .
النساء – مجبرات على الولادة في الشوارع . و قد جاء في تقرير للأمم المتّحدة أنّ " الهجوم الإسرائيلي على غزّة يُجبر النساء على الولادة في الشوارع ، دون مستشفيات و أطبّاء أو ماء نظيف ." لهذا السبب و لانهيار الرعاية الصحّية ، " 23 ألف امرأة تعيش دون رعاية صحّية ، و حوالي 15 رضيعا يولدون كلّ أسبوع دون مساعدة طبّية ". كما لو أنّ هذا ليس مريعا في حدّ ذاته ، الوضع على الأرض " يسوء أكثر فأكير كلّ ساعة " ، وفق الأمم المتّحدة .
سلوا أنفسكم : ما هو الدافع الآخر لإسرائيل عدا التطهير العرقي و الإبادة الجماعيّة لتجريف غزّة و ترك الناس بلا مساكن للعودة إليها و بلا مكان يعيشون فيه ، و لا شيء يأكلونه مع الموت و العذابات العنيدة تحاصرهم في كلّ زاوية ؟!
و هذا نتاج احتجاجات و صرخات عالميّة ما أفضى إلى أن خرج العديد من قادة العالم من الحكومات الرأسماليّة و إمبرياليّة ليقفوا ضد جرائم الحرب الإبادّية الجماعيّة الإسرائيليّة . لكنّ الإبادة الجماعيّة التي تقترفها الولايات المتّحدة – إسرائيل متواصلة ، و تلك الإدانات غير كافية .
الآن وقت المزيد حتّى من الشجاعة و التحدّي...
على ضوء الفظائع الجارية في غزّة و الهيجان الفاشيّ في الولايات المتّحدة ، نحثّ القرّاء على دراسة و تشارك ما نشرناه في الأسبوع الفارط : " دعوة و تحدّى للذين يستشيطون غضبا من الإبادة الجماعيّة التي تقترفها إسرائيل بدعم من الولايات المتّحدة ضد غزّة ."
و مثلما كتبنا هناك :
" آن الأوان لمزيد حتّى من الشجاعة و التحدّي ، لمزيد من التصميم للمطالبة بوضع نهاية لحصار غزّة و نهاية للإبادة الجماعيّة التي ترتكبها الولايات المتّحدة / إسرائيل . و حان وقت ربط هذا النضال بالنضال من أجل ترحيل نظام ترامب الفاشيّ من السلطة .
أوقفوا حصار غزّة الآن !
أوقفوا الإبادة الجماعيّة التي تقترفها الولايات المتّحدة – إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني !
باسم الإنسانيّة ، نرفض القبول بأمريكا فاشيّة !
يجب الإطاحة بترامب – الآن !
هوامش المقال :
1 – في خطابه أمام الأمم المتّحدة ، أدان أيضا الرئيس الكولمبيّ ، غوستافو بيترو، ترامب الذى ، حسب قوله ، " لا يترك الصواريخ تنزل على رؤوس الأطفال في الكراييب فحسب ، و لا يسجن و يقيّد المهاجرين فحسب ، و إنّما يسمح كذلك بأن تُطلق الصواريخ ضد الرضّع و الأطفال و النساء و الشيوخ في غزّة " و أضاف ، " إنّه متواطؤ في الإبادة الجماعيّة – لأنّه إبادة جماعيّة ، و علينا أن نصرخ بذلك المرّة تلو المرّة . هذا المجلس شاهد عيان صامت و متواطؤ في الإبادة الجماعيّة في عالم اليوم . "
و يوم الجمعة ، قسم دولة ترامب سحب بصفة غير قانونيّة تأشيرة الرئيس بيترو لأخذه الكلمة في المظاهرة المعادية للإبادة الجماعيّة خارج مقرّات الأمم المتحدة يومها . و دعا بيترو إلى تشكيل قوّة قتاليّة دوليّة تذهب لمساعدة غزّة .