إنطلاق الغزو البرّيّ الوحشيّ الإسرائيلي لمدينة غزّة


شادي الشماوي
2025 / 9 / 24 - 20:47     

جريدة " الثورة " عدد 924 ، 22 سبتمبر 2025
www.revcom.us

" في دقائق تحوّل منزلها إلى ركام ... لم تبقى لدينا و لا ذكرى – لم يبقى لدينا لا جدار و لا غرفة . نحن 20 إنسانا في خيمة ممزّقة ، لا يوجد ماء نشربه أو كهرباء للإضاءة ليلا ". – أبو أحمد ، مدينة غزّة .
"بذلت طاقتى للاستعداد لهذه اللحظة ، لكن ما من إنسان يمكن أن يكون مستعدّا لمغادرة منزله بلا عودة ." – سارة عوّاد، كاتبة و مترجمة من مدينة غزّة .
--------------
يفرّ مئات الآلاف من الناس من مدينة غزّة شمال قطاع غزّة – بلا مكان يذهبون إليه . يفرّون بيأس للنجاة بحياتهم ، و يلاقون الموت في سيرهم .
الهجمات ضد الفلسطينيّين الفارّين : إسرائيل تهاجم الفلسطينيّين و الفلسطينيّات الهاربين بحملات قصف بالقنابل
الشاحنات و السيّارات و العربات التي تجرّها الحمير محلّة بأيّ شيء يمكن للناس أخذه و هم يسارعون إلى الفرار من الموت . المفارش و الأثاث و موروثات العائلة ... و خيم إن كانوا محظوظين ... و كان الأطفال و الشيوخ مكدّسون فوق الممتلكات ، أو مجبرين على السير على الأقدام . و الكثير من الناس يغادرون بيد فارغة و الأخرى لا شيء فيها . و طبقا لصحفيّة قناة الجزيرة هند خداري ، " يقول العديد من الناس إنّ القوّات الإسرائيليّة لم تترك لهم أيّ خيار : كان عليهم الفرار تماما من ديارهم و إلاّ فإنّهم سيتعرّضون إلى هجمات لا تنتهى بالمدافع و مسيّرات الكوادكوبتر . "
في الأسبوع الفارط ، شنّت إسرائيل هجوما أرضيّا وحشيّا هدفها منه التطهير العرقي لمدينة غزّة مستخدمة كلّ آلة الموت لتفرض على كلّ فرد من مئات آلاف الفلسطينيّين و الفلسطينيّات الذين ظلّوا لاجئين هناك أن يغادروا المدينة و يذهبوا إلى الجنوب . و تاليا لتترك هذه المدينة القديمة ، التاريخيّة أثرا بعد عين .
لأسابيع ، عبّدت إسرائيل الطريق لغزوها البرّي بغارات جوّية لم تتوقّف . إسرائيل تدمّر مدينة غزّة حيّا حيّا ، " محوّلة السماء إلى غبار و مجبرة عشرات الآلاف على الفرار . "
و استخدمت إسرائيل المدفعيّة و مسيّرات الكواد كوبتر لتنزل المزيد من الدمار بالمدينة . إنّهم يستعملون الروبوتات الحاملة للمتفجّرات و التي يقول عنها الفلسطينيّون إنّ تفجيراتها " شبيهة بالزلازل " . و هم يقصفون الخيم بقنابل ناريّة ، و يقصفون الناس في منازلهم ، و حتّى يطلقون النار على الناس و هم يلوذون بالفرار .
كلّ هذا في غياب الأنترنت و الكهرباء ، و وسط تجويع قسريّ مستمرّ . و عدد القتلى يزداد يوميّا : أكثر من 83 إنسان يوم الخميس ، و أكثر من 44 يوم الجمعة و أكثر من 90 يوم السبت ...مجموع 65.174 إنسان قتلتهم الهجمات الإجراميّة الإسرائيليّة المدعومة من الولايات المتّحدة . 166،071 جريح و جريحة . و العدد الفعلي للقتلى غير معلوم و غير محسوب إلى الآن – فمنهم الواقعين تحت الأنقاض و آثار الدمار .
نظام ترامب الفاشيّ يعطى ضوءا أخضر لنتنياهو ليواصل تحويل غزّة إلى جحيم على الأرض :
و يستمرّ القائد الأعلى الفاشيّ ترامب في تقديم دعمه الكامل و الصريح لبنيامين نتن- النازيّ . وعقب انطلاق الغزو البرّيّ لغزّة ، استدعى ترامب الوزير الأوّل الإسرائيلي نتنياهو ليزور البيت الأبيض في نهاية سبتمبر و طلب من الكونغرس أن يصادق على 6 بليون دولار آخرين لشراء أسلحة لإسرائيل . البليارات لعربات الهجوم بالمدفعيّة و الطائرات المروحيّة ، زيادة على البليارات من الصواريخ و القنابل المصنوعة في الولايات المتّحدة المستخدمة لقطع أطراف الأطفال و لتدمير المستشفيات و الجامعات ، و لقتل الصحفيّين و الأطبّاء . التمويل و الدعم الكاملين من مجنون ابادي جماعي إلى آخر .
في 18 سبتمبر ، لمّا صوّت14 بلدا في مجلس أمن الأمم المتّحدة لصالح قرار يدعو لإيقاف إطلاق نار " فوريّ و غير مشروط و دائم " في غزّة ، استخدمت الولايات المتّحدة الفيتو . و هذه هي المرّة السادسة التي تستخدم فيها الولايات المتّحدة الفيتو ضد قرارات تدين الفظائع التي ترتكبها إسرائيل منذ أكتوبر 2023. (1)
و في الأثناء ، سكرتير الدولة ماركو روبيو و نتنياهو عقدا ندوة صحفيّة مشتركة في الأسبوع الماضي في إسرائيل و فيها مدح روبيو " الدعم الثابت " من الولايات المتّحدة لل" حملة ضد حماس " التي تشنّها إسرائيل ، و التي لم تكن أبدا سوى إبادة جماعيّة للشعب الفلسطينيّ . و أبعد من ذلك ، داعما مخطّطات نتنياهو المتعطّشة للدماء ، حذّر روبيو أن " الوقت ينفذ " من أجل إيقاف إطلاق نار ، و أنّ وضع نهاية لل"نزاع " قد يتطلّب " عمليّة عسكريّة للقضاء " على حماس . و لم ينبس بكلمة واحدة عن واقع أنّ قادة حماس عندما اجتمعوا في الأسبوع الفارط في قطر لنقاش الإنذار النهائيّ من ترامب لإيقاف إطلاق النار ، قصفت إسرائيل مقرّ اجتماعهم بصاروخ !
" مهمّة " إسرائيل في غزّة = الإبادة الجماعيّة :
كلّ هذا العدد الكبير من القتلى الفلسطينيّين يقابل بالاحتفالات من طرف الفاشيّين الذين يديرون إسرائيل .كتب وزير الدفاع الإسرائيلي ، كاتز ، على منصّة التلغرام ، " غزّة [ المدينة ] تحترق ... لن نتوقّف و لن نتراجع إلى أن ننهي المهمّة " .
لكن بينما تكذب الولايات المتّحدة و إسرائيل بصفة متكرّرة بقول إنّ " المهمّة " هي " تدمير حماس " ، من الجليّ أنّ المهمّة هي تحطيم الشعب الفلسطيني - التهجير و الإبادة الجماعيّين و المذابح الجماعيّة على نطاق واسع .
خطّة إسرائيل هي دفع الناس إلى محتشدات اعتقال في الجنوب ، قرب حدود غزّة مع مصر ، و التدمير التام لمدينة غزّة كما دمّرت رفح و خان يونس و مراكز مدنيّة أخرى . و هذه كلّها خطوات باتجاه تطهير كامل غزّة من الفلسطينيّين – بما في ذلك بمحاولة إجبارهم على العبور إلى مصر ، أو بلدان مساحاتها شاسعة مثل جنوب السودان .
و في الأسبوع الفارط لوحده ، لجنة تقصّى حقائق تابعة للأمم المتّحدة نشرت تحليلها القانوني لهجوم إسرائيل على غزّة منذ أكتوبر 2023 ، محاججة بأنّ " إسرائيل اقترفت إبادة جماعيّة ضد الفلسطينيّين في غزّة " . و من اكتشافاتها المذهلة و الشديدة الانتقاد هو أنّ " أمل الحياة المتوقّع في غزّة قد انحدر من 75 سنة إلى فقط أكثر من 40 سنة وذلك في سنة واحدة، وهذا واحد من الانهيارات الحادة المسجّلة ". و توصّلت هذه اللجنة إلى استخلاص أنّ هذه و غيرها من الفظائع الإسرائيليّة أخرى " ليسوا حوادث حرب . إنّها أعمال محسوبة تهدف إلى تدمير شعب ." (2) ( التشديد مضاف )
أطفال يطلق عليهم الرصاص في الرأس ...و باحثون عن المساعدات يقتلون عمدا ... لا مكان آمن :
إضافة إلى عشرات آلاف الفلسطينيّين الذين تمّ قتلهم ، التدمير الكبير لمباني غزّة و القضاء على بنيتها التحتيّة ، إليكم عناصر أخرى من الفظائع الإسرائيليّة الشبيهة بفظائع النازيّة – بدعم كامل من الولايات المتّحدة :
- الإستهداف المتعمّد للأطفال : كاثلين غالاغار ، جرّاحة عامة متطوّعة الآن في مستشفى ناصر بخان يونس ، صرّحت للجريدة الألكترونيّة Democracy Now ! بأنّها و الأطبّاء الآخرين يشاهدون نماذج متكرّرة من الأطفال برصاصة واحدة في الرأس ، العنق أو الصدر – و هذه علامة على انّه بالأحرى يقع استهدافهم . و في الأسبوع الفارط ، غالاغار رأت ستّة أطفال قتلى بأثار طلقات ناريّة في الرأس . و 15 طبيبا آخر من العالم كتبوا تقريرا بأنّهم شاهدوا ما لا يقلّ عن 114 طفلا فلسطينيّا بطلقة ناريّة واحدة في الرأس أو الصدر ، ما يوحى إلى الأخصّائيّين العدليّين بأنّها جروح متعمّدة .
- القتل المتعمّد جوعا : لقد جاع حوالي 440 فلسطينيّا و فلسطينيّة بمن فيهم 147 طفلا ، حدّ الموت إلى الآن بسبب المنع الإسرائيلي لدخول المساعدات الغذائيّة إلى قطاع غزّة . و تواصل إسرائيل حصار المساعدات الغذائيّة – تاركة سكّانا بأكملهم يتعرّضون لسوء التغذية ! و قد ورد في تقرير للأمم المتّحدة أنّ ما من مساعدات غذائيّة دخلت شمال غزّة منذ 12 سبتمبر.
- قتل 3000 إنسان كانوا يبحثون عن الحصول على مساعدات :
بمنهجيّة يوثّق تقرير جديد قتل 3000 فلسطيني و فلسطينيّة فيما كانوا يبحثون عن المساعدات الغذائيّة ، و قد جُرح ما يقارب ال20 ألف آخرين – على يد القوّات الإسرائيليّة . و تقريبا جميعهم قُتلوا عند أو قرب مراكز مساعدات أقامتها " المؤسّسة الإنسانيّة لغزّة " التابعة للولايات المتّحدة – إسرائيل " و كُتب في التقرير ل New Humanitarian : " لقد استخدمت إسرائيل الهجمات على الباحثين عن المساعدات كوسيلة لبلوغ عدّة أهداف في لحظات مختلفة من الحرب : التحكّم القاتل في الحشود ، التهجير القسريّ ، و تدمير القدرة الجماعيّة للفلسطينيّين في غزّة على البقاء على قيد الحياة ."
- إستهداف المستشفيات و العمّال في المجال الطبّيّ : في الأسبوع الفارط ، واصلت إسرائيل إطلاق النار على أو قرب مستشفيات غزّة بما في ذلك مستشفى الرنتيسيّ للأطفال و مستشفيات غزّة الصحابة و الشفاء . و قتلت تقريبا 20 إنسانا في الهجوم على الشفاء و لم تكن المباني تملك طاقة و بها القليل من التجهيزات أو هي دون تجهيزات – القليل من الصابون و مقصّات و شاش و لا وجود لمواد تخدير . عقب قتل ممرّضة عملت مع أطبّاء بلا حدود في الأسبوع الماضي ، اتهمت منظّمة أطبّاء بلا حدود إسرائيل ب" قتل الإطار الطبّيّ " – قتل عمّال الصحّة و تدمير المستشفيات للقضاء على الرعاية الصحّية . و يوم السبت ، الدكتور محمّد أبو سلميّة كان يعمل في مستشفى الشفاء حينما جرى قصف منزله . و تلقّى جثامين ستّة من أقربائه وهو يشتغل ، بمن فيهم أخوه و أبناء و بنات الأخت و الأخ . استهداف المستشفيات أو الإطار الطبّي جريمة حرب .
- ما من مكان آمن : في حين تركّز إسرائيل هجومها المسلّح في الشمال ، تواصل عمليّاتها العسكريّة عبر جنوب القطاع . و منطقة من المناطق المسمّاة " مناطق إنسانيّة آمنة " هي منطقة المواصي التي شهدت قصفا متكرّرا بالقنابل و اشتعال الخيم . و فضلا عن ذلك ، لا وجود لمكان تقام فيه خيمة في المواصى ، و لا وجود للماء و الجوع لم ينقطع . قال رجل له أسرة كبيرة : التنقّل من مكان إلى آخر معاناة تشبه معاناة إخراج روح المرء من جسده . لا ندرى إلى أين نلجأ . آخذ أسرتى إلى المجهول ."
يجب إيقاف هذا الكابوس ! لا يجب أن يقف أيّ إنسان موقف المتفرّج !
ارفعوا الحصار عن غزّة الآنّ !
أوقفوا الإبادة الجماعيّة التي تقترفها الولايات المتّحدة – إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني !