كيف تم التدخل الخارجي لقطع الطريق أمام الثورة؟
تاج السر عثمان
الحوار المتمدن
-
العدد: 8470 - 2025 / 9 / 19 - 09:23
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
1
كما هو معلوم بدأ التدخل الخارجي لقطع الطريق أمام الثورة بسيناريو “الهبوط الناعم” الذي طرحه تقرير المبعوث الأمريكي برينستون ليمان بعنوان ” الطريق الي الحوار الوطني في السودان” بتاريخ 13 أغسطس 2013، الذي أشار فيه الي ضرورة طرح حوار واسع يشارك فيه الإسلامويون بهدف تكوين حكومة ممثلة لقاعدة واسعة، كان ذلك بعد نهوض الحركة الجماهيرية وترنح نظام الانقاذ وخوف أمريكا من قيام ثورة شعبية تؤدي لتغيير جذري في البلاد، وينتج عنها نظام ديمقراطي يهدد مصالحها وحلفاءها الدوليين والاقليميين في المنطقة، وبهدف الاستمرار في نفس سياسة التبعية ونهب ثروات البلاد مع تغييرات شكلية في الحكام.
بعد هبة سبتمبر 2013 التي هزت أركان نظام الانقاذ، طرح البشير حوار “الوثبة” في وجهة “الهبوط الناعم”، بعد ذلك طرحت قوى “الهبوط الناعم” المشاركة في انتخابات 2020 بديلا لاسقاط النظام، لكن ثورة ديسمبر قطعت ذلك.
٢
بعد ثورة ديسمبر 2018 قطع انقلاب اللجنة الأمنية الطريق أمام الثورة ودبرت مجزرة فض الاعتصام
بعد مجزرة فض الاعتصام تم التدخل الخارجي من المحاور الاقليمية والدولية للتوقيع علي “الوثيقة الدستورية: المعيبة التي هيمن فيها العسكر على السلطة، وبعدها انقلب العسكر علي “الوثيقة الدستورية”، واختطفوا ملف السلام من مجلس الوزراء، ووقعوا علي اتفاق جوبا الجزئي القائم علي المحاصصات والمسارات، الذي يهدد وحدة البلاد، وكان انقلابا كاملاً على “الوثيقة الدستورية”، تعلو بنوده عليها.
أي كان من الأخطاء والدروس التوقيع علي الوثيقة الدستورية بذيلا للحكم المدني الديمقراطي، التي كرّست هيمنة العسكر علي السلطة، وقننت الجنجويد دستورياً، مما كان له الأثر الكبير في الانقلاب علي الثورة بمساعدة المحاور الاقليمية والعالمية، كل ذلك بهدف تكرار تجارب الانتقال الفاشلة كما في الديمقراطية الأولي والثانية والثالثة، والحلقة الجهنمية بالانقلابات العسكرية ومصادرة الديمقراطية.
٣
استمر مخطط القوي المضادة للثورة (الفلول) للانقلاب عليها بدءا من انقلاب اللجنة الأمنية الذي قطع الطريق أمام وصول الثورة لأهدافها، ومحاولة الانقلاب الثانية في مجزرة فض الاعتصام التي تم التصدي لها بموكب 30 يونيو 2019، بعدها تم التوقيع علي “الوثيقة الدستورية” التي جري فيها تقاسم السلطة بين اللجنة الأمنية وقوى “الهبوط الناعم” من قوي الحرية والتغييير، والتي كرّست هيمنة المكون العسكري علي السلطة، وحتى “الوثيقة الدستورية” “المعيبة” لم يتم الالتزام بها، بل تم الانقلاب عليها، وجاء اتفاق جوبا ليكرس الانقلاب الكامل عليها، بجعل بنوده تعلو عليها، بهدف اجهاض وتصفية الثورة، لكن استمرار المقاومة الجماهيرية، شكل حائط الصد لتلك المحاولات، فجذوة الثورة مازالت متقدة، وجذورها عميقة.
اضافة للتهاون مع مخطط “الفلول” للانقلاب الكامل على الثورة والردة لعودة النظام البائد الشمولي، كما في تخريب الاقتصاد، وخلق الفتن القبلية في الشرق والغرب وجنوب وغرب كردفان، ونسف الأمن في المدن ، وتحريك مواكب الزحف الأخضر التي تم فيها استخدام العنف وتخريب الممتلكات العامة، وقطع الطرق الرئيسية كما جري في طريق شندي– عطبرة، وطريق بورتسودان. إلخ ، باسم كيانات وتجمعات وإدارات أهلية لا وجود لها وسط الجعليين والبجا، وأهدافها الواضحة في الانقلاب العسكري، كما في دعوة محمد الأمين ترك لتسليم السلطة للمكون العسكري، وحل لجنة التمكين. الخ، وحتى المحاولة الانقلابية والتي رفضتها جماهير الثورة كما في موكب الحكم المدني في 30 سبتمبر2021، ومهزلة الانقلاب المدني في قاعة الصداقة، وأحداث الارهاب في جبرة والشرق، ومواكب الفلول في 16 أكتوبر واعتصام القصر التي الهدف منها نسف الأمن والاتقلاب العسكري وإعلان حالة الطوارئ بتآمر خارجي، حتى وقوع الانقلاب العسكري بقيادة البرهان في 25 أكتوبر بهدف تعطيل الوصول للحكم المدني الديمقراطي.
وجد انقلاب ٢٥ أكتوبر مقاومة كبيرة بحيث فشل في تكوين حكومة رغم أن الانقلاب كان بتدخل خارجي لقطع الطريق أمام الحكم المدني الديمقراطي.
٤
بعدها حدث التدخل الخارجي لفرض الاتفاق الإطاري الذي كرس الشراكة مع العسكر والدعم السريع واتفاق جوبا وحدث الصراع بين الدعم السريع والجيش حول مدة دمج الدعم السريع في الجيش وهو في جوهره صراع على السلطة والثروة مما قاد للحرب الجارية حاليا بهدف تصفية الثورة ونهب ثروات البلاد من المحاور الاقليمية والدولية التي تدخلت لتسليح طرفي الحرب.
لكن الحرب وجدت مقاومة كبيرة من جماهير شعبنا وأحدثت دمارا وخرابا وأصبحت تهدد أمن المنطقة والعالم
ومرة أخرى جاء التدخل الخارجي من الرباعية بطرح الهدنة ووقف الحرب ووصول المساعدات الإنسانية للمتضررين وهي مطالب تجد الترحيب لكن من المهم رفض التسوية والشراكة مع العسكر والدعم السريع والمليشيات التي تعيد إنتاج الأزمة والحرب مرة أخرى. العامل الداخلي هو الحاسم في وقف الحرب واسترداد الثورة وترسيخ الحكم المدني الديمقراطي.