الإبادة الجماعيّة التي تقترفها إسرائيل في غزّة : حِمَم من الرعب على مدينة غزّة و مليون فلسطيني و فلسطينيّة
شادي الشماوي
2025 / 9 / 15 - 22:13
جريدة " الثورة " عدد 922 ، 15 سبتمبر 2025
www.revcom.us
فيما تواصل إسرائيل قصف و تجويع الشعب الفلسطيني في غزّة ، أصدر الوزير الأوّل الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ( نتن – النازي ) تهديدا مشؤوما لما يقارب مليون فلسطيني و فلسطينيّة في غزّة اللاجئين في مدينة غزّة . و تبجّح بداية بتحطيم 50 عمارة سكنيّة ذات ارتفاع عال . – تاركا أكثر من 50 ألف إنسان بلا مأوى ، و مدمّرا أفق مدينة غزّة . و تاليا ، حذّار نتن – النازي :
" كلّ هذا ليس سوى مقدّمة ، إستهلال لعمل أساسي قويّ ألا وهو عمليّات أرضيّة لقوّاتنا التي تتجمّع الآن و تتنظّم ، لتدخل غزّة . و لها أقول للمقيمين بغزّة ، أستغلّ المناسبة – إستمعوا جيّدا : لقد تمّ تحذيركم . غادروا الآن ." (1)
و في اليوم الموالي ، متحدّثا في سفارة الولايات المتّحدة في القدس ، مدح نتنياهو مرّة أخرى خطّة ترامب للتطهير العرقي للفلسطينيّين و الفلسطينيّات من غزّة ، و إعادة بنائها كمركز تقنية عالية إلإمبرياليّة و وجهة ترفيه مترف ، ما يسمّى ب " ريفيارا الشرق الأوسط " ، كما وضع ذلك ترامب .
هذا بالضبط ما يجرى بسرعة متصاعدة النسق في غزّة الآن بالذات – تطهير عرقيّ إبادي جماعي ، بدعم كامل من الولايات المتّحدة .(2)
و بعض الأبعاد المريعة لهذا الهجوم الإجرامي طوال الأسبوع الفارط تشتمل على :
مطالبة مئات الآلاف بالإخلاء – بلا مكان يقصدونه :
و إليكم ما فعلته إسرائيل لمدينة غزّة في ال24 ساعة الماضية :
بدأ الأسبوع بإصدار إسرائيل أوامرا لكافة المقيمين بمدينة غزّة بأن يغادروا ديارهم ، تحت التهديد بالقتل . و هذا نفسه فظيع و لاشرعيّ – مطالبة الناس بمغادرة ديارهم و أصدقائهم و أحيائهم و ممتلكاتهم وهم يعلمون أنّ إسرائيل على الأرجح ستحطّمها لكي لا يتمكّنوا أبدا من العودة إليها . مئات الآلاف أُجبروا على تجميع أيّ ممتلكات بوسعهم حملها أو يحشونها حشوا في عربة و يقطعون أميالا في حرارة خانقة و مشهد دمار خطير . و طوال الوقت يمكن للفارين أن يستمعوا لصدى الغارات الإسرائيليّة و طلقات نار القنّاصة .
تطلب إسرائيل من المقيمين بمدينة غزّة أن يتوجّهوا إلى المواصى ، سقرة عسيرة على أرض قاحلة على طول الساحل الذى زعمت إسرائيل أنّه " منطقة إنسانيّة " . لكن حوالي 800 ألف فلسطيني و فلسطينيّة بعدُ مزدحمون أشدّ الإزدحام في المواصي . و هذا المكان ليس " مكانا آمنا " ! فإسرائيل قد قصفت المواصي بالقنابل و الصواريخ أكثر من 109 مرّة ، قاتلة أكثر من ألفي إنسان و حارقة الخيم .
لا وجود لمكان آمن أو " منطقة إنسانيّة " في مشهد الجحيم الذى حوّلت الولايات المتّحدة و إسرائيل غزّة إليه .
قال أحد الفلسطينيّين الذين فرّوا نحو المواصى مع أسرته ، وهو يخاطر بحياته ، سيعود و أسرته إلى مدينة غزّة ، " ذهبت إلى المواصى لكن الأثمان كانت غالية جدّا ... بقينا يومين . خلال هذين اليومين ، جرى قصف الخيمة الموجودة قربنا بالقنابل ، حتّى في ما يطلقون عليه تسمية منطقة آمنة . لا يوجد أيّ آمان . كلّ هذا أكاذيب . في البداية ، صدّقتهم ، غير أنّى أدركت أنّه من الأفضل العودة إلى مدينة غزّة . إن كانوا ليقتلونى ، فليكن ذلك في مدينة غزّة ، بدلا من المخاطرة بكلّ شيء في المواصى ."
في الأسبوع الفارط فتحت إسرائيل " منطقة آمنة " جديدة مضاعفة مساحتها لربّما 25 بالمائة من أرض غزّة . و هذا ليس عملا إنسانيّا . إنّما غايته دفع الفلسطينيّين و سجنهم في جنوب غزّة كمحطّة لإجبارهم على الرحيل من غزّة بأكملها .
و حتّى في هذه المناطق ، يتواصل التجويع القسريّ للشعب الفلسطيني و قتل الذين يتجمّعون للحصول على النزر القليل من المساعدات التي يقع توزيعها .
الإبادة الجماعيّة بالتحكّم عن بُعد : ربوتات قاتلة و قنابل حارقة :
بشكل متنامي تستخدم إسرائيل مسيّرات الكوادكوبتار و الربوتات المتفجّرة لبثّ ارعب و للتدمير – 24 ساعة في اليوم . " إلى جانب المتفجّرات ، قصفت الكوادكوبتار الإسرائيليّة عشرات القنابل الحارقة في الأسابيع الأخيرة في غزّة ، ما تسبّب في حرائق في الخيم و المنازل و المصحّات و الأسواق و العربات " كما جاء في تقرير ل Middle East Eye ، " و تُنشر الآن المسيّرات لتطلق النار بالذخيرة الحيّة و تُشعل النيران بقنابل حارقة ، و القصف العشوائي بشظايا مليئة بالمتفجّرات لمناطق كثيفة السكّان . و متحكّم فيها عن بُعد ، تسمح هذه المسيّرات للقوّات الإسرائيلية بضرب مستمرّ للأهداف .
فكّروا في هذا : القنابل الحارقة أسلحة مخصّصة لإضرام النار . و إسرائيل تستخدمها عن وعي و بصفة منهجيّة على الخيم و المباني – أماكن حيث تحاو الأسر و يحاول المدنيّون الأبرياء بيأس البقاء على قيد الحياة – و ذلك بهدف حرق الناس و منازلهم المؤقّتة الهشّة بالنار .
200 ألف قتلى أو جرحى – و الجنرال الإسرائيل يعترف بأنّهم تصرّفوا خارج القانون :
عدد القتلى الرسميّ في غزّة منذ 7 أكتوبر 2023 ، هو الآن 64.756 قتلى و 164.059 جرحة . والعمل الفعلي أكبر بكثير وهو يزداد كلّ يوم – بأعداد كبيرة من الذين لم يقع إحصاؤهم من القتلى تحت الأنقاض . ففي الأسبوع الفارط ، قُتل ما لا يقلّ عن 456 و جُرح 2.054 – و هذا يعطينا معدّل 65 من القتلى و 293 جرحى – كلّ يوم لا غير .
و في هذا الأسبوع الماضي ، عبّر جنرال إسرائيلي متقاعد عن أفكار مغايرة لتلك التي تروّجها الدعاية الإسرائيليّة العاديّة التي تقلّص من العدد الجملي للقتلى بغزّة مؤكّدا أنّ " أكثر من 10 بالمائة من سكّان غزّة 2.2 نسمة قد قُتلوا أو جُرحوا – " أكثر من 200 ألف إنسان ".
" لقد نزعنا القفّازات ، قال و " ليس لمرّة واحدة " النصيحة القانونيّة – أي قوانين الحرب – حدّدت أو قيّدت التصرّفات العسكريّة لإسرائيل .
إنّها لجريمة و أمر فظيع أنّ إسرائيل لم توقف فورا هجومها العسكريّ عقب إعلان المجاعة في غزّة في 22 أوت 2025 . بدلا من ذلك ، شدّدت من مذابحها و رفعت من مستوى المجاعة .
منذ 22 أوت 2025 ، " فقط حوالي 12 شاحنة غذاء تمكّنت يوميّا من بلوغ مقصدها . أقلّ من 2 بالمائة من ال600 الضروريّة يوميّا " ، هذا ما جاء في تقرير ل Site News . " إجمالا ، أقلّ من 600 شاحنة بلغت مقصدها في الشهر الفارط بأكمله – و هذا ما تحتاجه غزّة في اليوم الواحد ".
و هذا يعنى تواصل الموت جوعا . و في الأسبوع الماضي إرتفع عدد القتلى منذ 7 أكتوبر 2023 إلى 413 ، بما في ذلك 143 طفلا .
جاعلة الأمور أسوأ ممّا هي عليه ، " مراكز الإغاثة " التابعة للولايات المتّحدة – إسرائيل و التي تسيّرها المؤسّسة الإنسانيّة لغزّة ( GHF) ، تستمرّ في كونها مصائد موت . و قد ورد في تقرير للأمم المتّحدة في غرّة أوت أنّ قرابة 1.400 فلسطيني و فلسطينيّة يبحثون عن الغذاء قُتلوا في أو قرب مواقع هذه المؤسّسة .
و الآن جاء في تقرير ل BBC أنّ عناصرا من الولايات المتّحدة ، من " نادى الكفّار للدرّاجات الناريّة " يقدّمون الحماية في المسلّحة لمواقع المؤسّسة إيّاها . فوفق البى بى سى :
نادى الكفّار للدرّاجات الناريّة أنشأه قدماء من جيش الولايات المتّحدة الذين شاركوا في حرب العراق سنة 2006 و أعضاء النادي يعتبرون أنفسهم كصليبيّين معاصرين ، يستخدمون صليب الصليبيّين كرمز لهم – إحالة على المسيحيّين في القرون الوسطى الذين قاتلوا المسلمين للسيطرة على القدس .
و المجموعة غالبا ما تنشر خطابات كره معادية للإسلام على صفحتها على الفايسبوك و قد نظّمت قبلا حفل شواء كبير " في تحدّي ل " شهر رمضان المقدّس إسلاميّا .
" جعل نادي الطفّار للدرّاجات الناريّة مسؤولا عن تقديم المساعدات الإنسانيّة في غزّة يشبه وضع الكلو كلوكس كلان في موقع المسؤوليّة عن تقديم المساعدات الإنسانيّة في السودان . لا معنى له مهما كان "، هذا ما صرّح به أدوارد أحمد متشال، النائب المدير لمجلس العلاقات الأمريكيّة – الإسلاميّة ( CAIR ) ، منظّمة قياديّة في الحقوق المدنيّة الإسلاميّة في الولايات المتّحدة .
إسرائيل تبحث عن تدمير حياة الفلسطينيّين و الفلسطينيّات في غزّة و ذاكرتهم و تاريخهم و إنسانيّتهم :
" الأثر الباقي الوحيد من أركيولوجيا غزّة " :
هدّد الجيش الإسرائيلي بتدمير مبنى غزّة المتضمّن لآلاف المصنوعات اليدويّة الأركيولوجيّة : " عقب الإتّصال بالحكومة الفرنسيّة لمنع ضربة إسرائيليّة ، شرع علماء آثار غزّة في تحريك المصنوعات لكنّهم عانوا الأمرّين بفعل الأوضاع في غزّة . " لقد أنقذنا قسما كبيرا لكن أثناء عمليّة الإنقاذ عادة ما نخسر أشياء ، و عادة ما نواجه خيارات صعبة و مؤلمة " قال أحدهم ". لقد وُجدت مدينة غزّة قبل حوالي 5 آلاف سنة !
مستقبل الشعب الفلسطيني في الميزان .
كلّ من له قلب يخفق للإنسانيّة يجب أن يتكلّم و يصرخ مطالبا بوضع نهاية لهذه الإبادة الجماعيّة ! لنقاوم حمّام الدم الجاري في مدينة غزّة – و كامل الإبادة الجماعيّة التي تقترفها الولايات المتّحدة – إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني !
إرفعوا الحصار عن غزّة الآن !
أوقفوا الإبادة الجماعيّة التي تقترفها الولايات المتّحدة – إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني !
هوامش المقال :
1. Israeli PM Warns Nearly 1 Million Palestinians in Gaza City to “Leave Now”, Democracy Now!, September 9, 2025.
2. See Israel—With US Backing—Threatens to Open the “Gates of Hell” in Gaza City, revcom.us, September 8, 2025 .