الإنتخابات البرلمانية النرويجية نتائج تقدم اليسار


عصام محمد جميل مروة
2025 / 9 / 11 - 16:06     

ظهرت مؤخراً ردات افعال الشعوب الاوروبية بعد مرور حوالي الثلاثة اعوام على حرب روسيا اوكرانيا التي تركت اثاراً غريبة على طبيعة الناس إبان تحديد مواقفهم من حكوماتهم التي تؤيد او تُعارض او عدم الاكتراث لما يجري خصوصاً على حلبات الحروب البعيدة جداً عن المجتمعات الاوروبية بصورة عامة وما دون التوقع داخل الدول الاسكندنافية الخمسة "" المملكة الدانماركية ، المملكة السويدية ، الملكة النرويجية ، و فنلندا ، وإسلندا "" ، حيثُ وصلت اصداء غزارة تقديم الاموال والمشاركة للجيوش الداعمة لأوكرانيا منعاً لتقدم روسيا على حساب الدول الاوروبية . و لم يغب عن بال الجمهور النرويجي في الانتخابات الاخيرة مجاورة روسيا على حدود طويلة بمسافة 198 كلم كانت مفتوحة منذ زمن الاتحاد السوفياتي السابقة. ومع بداية تدفق اللجوء الى القارة الاوروبية عام 2015 كانت حدود روسيا قد أُخترقت و سببت في دخول افواجاً كبيرة للاجئين الى المملكة النرويجية التي عانت من عدم مقدرتها وتجربتها في التكيف مع وصول اعداداً مؤلفة للمهاجرين . وكانت تلك الفترة قد فتحت ابواب احزاب اليمين واليمين المتطرف في طرد حزب العمال النرويجي من السلطة رغم تعرضه لأكبر نكبة بعد عملية ارهابية نفذها "" اندرية بهرين بريفيك "" ، الذي يحمل افكاراً عنصرية بغيضة حيثُ قال في بداية رسالته بعد مقتل 79 وجرح المئات في تجمع الحكومة داخل مقرات رسمية ، و مخيم الترفيه الصيفي للشباب بعد عملية سُميت بمذبحة غير مسبوقة عاشتها مملكة النرويج التي كانت فاتحة لتغييَّر اصوات شعبها وتبدل الافكار ما بين الامبريالية والطبقة البروليتارية المعتنقة لأفكار اليسار والمؤيدة بصورةٍ علنية تضامنًا مع قضية الشعب الفلسطيني .
اذاً ، اليسار تقدم وتفوق بصورةٍ ضئيلة وبفارق ما بين
89 مقابل 82 - نقطة لصالح حزب العمال النرويجي المتحالف مع اربعة احزاب يسارية رغم اختلاف البرامج حول المشاركة في الحكومة الحالية بحسب احصاءات كبيرة منذ شهر شباط الحالي بعد انسحاب حزب الوسط وكان ممثلاً قوياً . فكان دعم غير مسبوق في احياء احادية حكم حزب العمال غداة نهاية فترة زمن حاكمية حلف شمال الاطلسي الناتو من قِبل الزعيم العمالي النرويجي الذي عايش عملية ارهابية ضده في 22 تموز عام 2011 يوناس ستولتنبرغ الذي كاد ان يكون في استهدافه حينها من تعداد الضحاياً .
مع عودتهِ وتبوءه وزارة المالية مما اثر في ضخ عمليات جديدة لصالح حزب العمال خلال الستة الاشهر الماضية عبر الحملات الانتخابية التي روج لها وكانت نتائجها على الاقل عدم افساح المجال لتدخل الاحزاب اليمينة في تحقيق اهدافها .والنازيين الجدد الذين برزوا مؤخراً بعد السماح لهم في تنظيم مسيرات راجلة داخل وسط العاصمة قرب المقرات الرسمية .
اما تمايز هذه الانتخابات كانت ضرورية بعد حشد الطاقات على مستوى التحريض للمشاركة في تحديد مسارات خطط الاحزاب السياسية المعارضة لحزب العمال والحكومة ، من جانب حزب المحافظين برئاسة "" السيدة آرنا سولبيرغ التي تزعمت الحكومة على فترتين منذ عام 2013 الى اواخر عام 2021 "" ، واجهت صعوبة و مُنيت بخسارة غير معهودة في الانتخابات الحالية رغم اقتراع اكثر من ثلاثة ملايين من الشعب النرويجي وما فوق هذا العدد حسب احصاءات مؤسسات اعلامية رسمية ، وخوض غمار مشروع التبدل للمرحلة التي تمر على اوروبا مع الحرب المكلفة .
كما لاحظنا انتصار حزب التقدم والنهضة العنصري المعادي للأجانب بصورةٍ واضحة فكانت رئيسة الحزب وهي من سليلة عائلة ارستقراطية "" سيلفي ليستهاوغ - 47 عاماً "" ، حيث نالت اصواتاً جديدة من الجيل الصاعد من الاعمار الشابة وحصدت على اثرها منصباً متقدماً لم يمر طيلة حياة بداية نشوء هذا الحزب المشبع بالعنصرية في معاداة الاسلام والاجانب واللجوء انطلاقاً نابعاً متكاملاً مع الكيان الصهيونى اليهودي داخل إسرائيل على ارض فلسطين المحتلة .
وفي ايار الماضي بعدما اعترفت المملكة النرويجية في دولة فلسطين مع اسبانيا وايرلندا . زارت سيلفي ليستهواغ السفارة الصهيونية في اوسلو وكانت تذرف الدموع متهمةً خصومها على وصول سياسات حزب العمال والحكومة في معادات السامية ودعم قضية الإرهاب من قِبل تجمع رعاع يخدمون مصالح معادية للشعب النرويجي حسب تعبيرها .
اربعة اعوام جديدة قد تأخذ الحكومة الحالية في زيادة التعقل بعد الاتهامات للمساهمة ومشاركة البنك السيادي النرويجي في ضخ رؤوس الاموال والمشاركة الى جانب مشاريع بناء المستوطنات داخل فلسطين المحتلة . يمكن اعادة النظر في سحب بعض الشركات العالمية التي تساهم النرويج داخل ارصدة مُربحة في صناعة الاسلحة الصاروخية التي تصل الى قيادة الجيش المرتزقة داخل فلسطين المحتلة الذي سبب بإبادة اكثر من 200000 الف شهيد وجريح منذ مطلع فجر عملية طوفان الاقصى في السابع من شهر اكتوبر عام 2023 . والى كتابة هذه المقالة حول ارجحية تقدم احزاب اليسار في اوسلو قد تصل الى تظافر الجهود في اعادة النظر حول الدعم العام وضخ اموال في خزينة اوكرانيا ، او اعادة قراءة معني القتل والتدمير غير المسبوق الذي تفتعلهُ إسرائيل بدعم غربي واوروبي وحكومات اسكندنافية مرهونة في سياساتها التعامل الكامل مع حلفاء امريكا اينما وجدت المصالح المشتركة.
الإنتخابات النرويجية البرلمانية جعلت اصوات احزاب اليسار على شمال حزب العمال اكثر تقدماً و قيمة في ضخ افكار جديدة بإتجاه الشراكة والنظرة لتحالفات تخضع تحت مراعاة اسوء مراحل تعيشها اوروبا بعد الانفجار الضخم في حرب العصر الحديثة روسيا اوكرانيا التي على ما يبدو ان زمن ايقافها ليس بقريباً
!؟. وينطبق ذلك على حزب غزة التي وصلت اصداءها الى عتبات ابواب الحكومة النرويجية بعد الحِراك الجماهيري المستمر المدعوم من احزاب اليسار "" rødt - Sv - mdg -Sp "" ، الذي حقق انتصارًا تلو الأخر ودخول المعترك البرلماني بصورةٍ شعبوية فاقت التوقعات والحسابات . وكان مُلفتاً تظافر وتعاون الجالية الفلسطينية واللبنانية والعراقية والباكستانية والتركية والعربية في وضع لمسات تقديم لأصواتهم كعربون وفاء للبلد المُضيف والقيام بالواجب والمشاركة خصوصاً بعد انعكاسات الحرب الأليمة التي تدور رحاها في مواقع ملتهبة داخل الشرق الاوسط وعلى ارض فلسطين المحتلة.

عصام محمد جميل مروة..
اوسلو في / 11 ايلول - سبتمبر / 2025 / ..