ترامب يرفع منسوب الحرب التجاريّة العالميّة بتعريفات جمركيّة مفرطة جديدة – بعض النقاط الأساسيّة


شادي الشماوي
2025 / 8 / 14 - 23:21     

جريدة " الثورة " عدد 918 ، 11 أوت 2025
www.revcom.us

في الأسبوع الفارط ، صعّد دونالد ترامب الحرب التجاريّة العالميّة للنظام الفاشيّ بشكل كبير بإقرار تعريفات جمركيّة عقابيّة ضد أكثر من تسعين بلدا . و التعريفات الجمركيّة مثل الأداءات التي توضع على البضائع المستوردة من بلدان أخرى إلى الولايات المتّحدة . و هي أداة للمنافسة الرأسماليّة سيكون لها الأثر على الإرتفاع العام لأسعار السلع .
و ضمن التعريفات الجمركيّة الجديدة ثمّة التعريفة المرفّعة بصفة صادمة ب 50 بالمائة التي فرضها ترامب على البرازيل. هذا ليست له علاقة بالتجارة – و قد قال ترامب صراحة إنّ هذه التعريفة الجمركيّة كانت ردّا على ما زعم أنّه " تفتيش عن الساحرات " التي تقوم به الحكومة البرازيليّة الحاليّة في شأن الرئيس البرازيلي الأسبق و الفاشيّ أيضا ، جايير بلسونارو. و يتعرّض بلسونارو إلى المحاكمة الآن لأنّه قاد محاولة إنقلاب عقب خسارة الانتخابات الرئاسيّة لسنة 2022 ، حينما هاجم أنصاره بعنف القصر الرئاسيّ .
و وجّه ترامب كذلك صفعة تعريفات ب 50 بالمائة إلى الهند – تدخل حيّز التنفيذ في 27 أوت إلاّ إن أوقفت الهند شراء النفط من روسيا . و يهدّد نظام ترامب بتعريفات أعلى على بلدان أخرى تشترى النفط أو تتاجر بأيّة صورة أخرى مع روسيا ، كجزء من الضغط على القائد الروسي بوتين حول الحرب في أوكرانيا .
و بعد التوصّل إلى " إتّفاقيّات " مع الإتّحاد الأوروبي و اليابان و بريطانيا ، فرض ترامب زيادة ب 10-15 بالمائة في التعريفات الجمركيّة عليها بدلا من تعريفات أعلى بكثير هدّد بها . و هذه " الإتفاقيّات " قد شملت تلك البلدان التي تضع بعض التعريفات الجمركيّة على بعض السلع التي تستوردها من الولايات المتّحدة ، و تشترى المزيد من النفط و الغاز من الولايات المتّحدة ، و تنمّى إستثماراتها في الولايات المتّحدة .
ماذا سيكون تأثير هذه التعريفات – في الولايات المتّحدة و حول العالم – أمر لا يزال غير واضح . و إليكم هنا نقاط أساسيّة خمس لفهم ما يجرى و ما الذى يمكن أن نقوله الآن عن لماذا و عن أين تكمن مصالح الإنسانيّة .
1- هذه التعريفات الجمركيّة تعبير عن كيف ، كما وضع ذلك القيادي الثوريّ بوب أفاكيان ، بالنسبة إلى ترامب " القوّة التدميريّة الخام هي التي يجب أن تحكم على الصعيد العالمي ، دون حتّى زعم التمسّك بالقانون الدولي أو الاهتمام بسيادة أو حتّى حقّ وجود شعوب و بلدان أقلّ قوّة ..." ( مقتطف من رسالة على وسائل التواصل الاجتماعي ، الثورة عدد 114، موقع @ BobAvakianOfficial : إلحاق الهزيمة بفاشيّة ترامب / الماغا : البحث عن بعض الانتخابات المستقبليّة ... أم العمل الآن على تعبئة الملايين حول هذا المطلب التوحيدي القويّ : يجب على نظام ترامب الفاشيّ أن يرحل ! )
تعريفات ترامب جمركيّة ليست أمورا بلا معنى أو خطأ غبيّا – و إنّما هي نظرة و إستراتيجيا تهدف إلى إعادة التشكيل الراديكالي للعالم بأكمله إقتصاديّا و سياسيّا و عسكريّا خدمة لمصلحة الرأسماليّة – الإمبرياليّة للولايات المتّحدة .
و هذه الإستراتيجيا برمّتها إنفجاريّة إلى أقصى الحدود – و عديد المعلّقين يتحدّثون عن تعريفات جمركيّة عقابيّة كحركة " شبيهة بالحرب ".
2- فرض ترامب تعريفات جمركيّة عالية على ما يناهز ال100 بلد من طرف واحد ( أي ، بسلطته الخاصة ) ، مخاطرا بإحداث أزمة ماليّة عالميّة – رغم أنّه في ظلّ دستور الولايات ، قوّة فرض التعريفات يُفترض أن تكون بيد الكنغرس ، و ليس بيد الرئيس . و هذا جزء من تحرّكات ترامب ليضع يده الشخصيّة على كامل الاقتصاد بما في ذلك محاولة فرض إملاءات البنك الفيدرالي -Federal Reserve Bank - مؤسّسة كبرى من المفترض أن تكون مستقلّة قانونيّا ، و قراراتها لها تأثير عميق على ليس الولايات المتّحدة فحسب بل أيضا على الاقتصاد العالمي .
3- يقدّم ترامب كتبرير من التبريرات لفرضه هذه التعريفات الجمركيّة أنّه " لعقود ، وقع سلب بلادنا و نهبها و إغتصابها من أمم قريبة و بعيدة ، من كلّ من الأصدقاء و الأعداء على حدّ سواء ". هذه كذبة بشعة . لقد كانت الولايات المتّحدة رقم واحد في إستغلال العالم و إضطهاده لعقود – سالبة و ناهبة و مغتصبة بلدان مثل الفيتنام و بنغلاداش و المكسيك و العديد و العديد من البلدان الأخرى . و تُزهق حياة الملايين و الملايين من البشر بمن فيهم 150 مليون طفل لإنتاج سلع بخسة الثمن لشركات الولايات المتّحدة مثل آبل و نايك و ولمارت و هاتش أند أم ، لإبقاء الأسعار متدنّية في الولايات المتّحدة ، بينما تجلب الأرباح الهائلة للرأسماليّين في الولايات المتّحدة .
عديد الناس الذين يعارضون تعريفات ترامب يركّزون على الضرر الذى ستلحقه بالناس في أمريكا . أجل ، هذه التعريفات الجمركيّة ستتسبّب في ضرر حقيقيّ للكثير من الناس في هذه البلاد الذين يصارعون بعدُ لتوفير مصاريف الشهر تلو الشهر. لكن الضرر الأكبر بكثير سيلحق بالبلدان التي نهبتها أمريكا و إستغلّتها طوال ال70 سنة الماضية – الفيتنام و بنغلاداش و نيجيريا و غواتيمالا و كافة الآخرين الذين مصّت الولايات المتّحدة مواردهم و شعبهم مثلما يمصّ مصّاص الدماء دم ضحاياه . تعريفات ترامب الجمركيّة وسيلة لتشديد هذه العلاقات الطفيليّة .
4- مهما كانت الصعوبات و الإضطرابات التي ستطال الناس في هذه البلاد فإنّها بذاتها و في حدّ ذاتها لن تتسبّب في سقوط نظام ترامب الفاشيّ . فالتأثير الاقتصادي لهذه التعريفات على الناس في هذه البلاد يمكن أن تكون جزءا من ما يدفعهم إلى الإلتحاق بالشوارع و يمكن أن تحرّك البعض ضمن الفئات الخارجيّة من منتخبي ترامب – لكنّ هذا في حدّ ذاته لن يتسبّب في إبعاد القاعدة الإجتماعيّة لترامب عن الفاشيّة . شوفينيّة " أمريكا أوّلا " و الهستيريا المعادية للهجرة و تفوّق البيض ، و إحتقار النساء و المثليّين و المتحوّلين و المزدوجين جنسيّا يمكن أن يصبحوا أشدّ قوّة مع الصعوبات الإقتصاديّة .
متحدّثا إلى ملايين الفاشيّين ، في رسالته على وسائل التواصل الاجتماعي ، الثورة عدد 114 ، قال بوب أفاكيان :
" ... ليس موقعهم الاقتصادي فحسب و إنّما أيضا موقعهم الاجتماعي هما اللذان يثيرانهم . بالنسبة إلى صفوف الفاشيّين الماغا ، حتّى أبعد من وضعهم الاقتصادي ، دافع قويّ و فاسد هو تأكيد تمسّكهم بتفوّق البيض و التفوّق الذكوريّ و كره المثليّين و المتحوّلين و المزدوجين جنسيّا و كره المهاجرين ( خاصة المهاجرين من " البلدان ثقب التغوّط " بالكلمات العنصريّة المقرفة لترامب ) . هذا ما يعنيه هؤلاء الفاشيّين ب " جعل أمريكا عظيمة من جديد " . و يغلّف كلّ هذا و تُحرّكه أكاذيب محض و جنون معاداة للعلم و نظريّات مؤامرة جنونيّة – مع تحويل المجموعات الضعيفة إلى أهداف للكره و القمع، مثل المهاجرين الذين تمّ التنديد بهم على أنّهم " مجرمين خطيرين " و المتحوّلين جنسيّا الذين جرى التعامل معهم على أنّهم مفترسون مُفسدون . "
و الأكثر إستعجاليّة ، يجب أن توجد قوّة تفضح طبيعة هذا النظام الفاشيّ و تتحرّك معا في إحتجاجات جماهيريّة مصمّمة و غير عنيفة ترفع مطلب : يجب على نظام ترامب الفاشيّ أن يرحل ! التحرّك في كلّ ركن من أركان المجتمع لإيجاد أزمة سياسيّة بحيث لا يستطيع ترامب الحكم و تطبيق برنامجه الفاشيّ . بالتوازي مع الهزّات و التشنّجات و التصدّعات التي يمكن أن تحدثها هذه التعريفات الجمركيّة و التحرّكات الأخرى للنظام ، يفرز هذا فرصة حقيقيّة للنجاح في ذلك إن عملنا على الإطاحة بهذه الفاشيّة – قبل فوات الأوان .
5- سواء إتّبع الإمبرياليّون في السلطة سياسة " تجارة حرّة " أم تعريفات جمركيّة مفرطة ، فكلاهما تنويعان لنظام إستغلال عالمي وحشيّ ، نظام يسحق أرواح و يخنق حياة مليارات البشر ، يوميّا .
بوب أفاكيان ، في سلسلة مقالاته عن الإستغلال ( الإستغلال : ما هو و كيف نضع له نهاية ؛ و " وضع نهاية للإستغلال و الإضطهاد كلّه " ) ، يعرض لماذا يجب على هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي القيام بذلك – و كيف أنّ نظاما إشتراكيّا ينشأ عن ثورة فعليّة بوسعه أن يُطلق سيرورة تجاوز الإستغلال و جميع الإنقسامات العدائيّة بين الناس .
إنّ أنواع الصدمات الراديكاليّة التي تحدث اليوم يمكن ، بكلمات بوب أفاكيان :
" تهزّ معتقدات الناس في أنّ " الطريقة التي كانت عليها الأشياء على الدوام " هي الطريقة الوحيدة التي يمكن للأشياء أن تكون عليها . يمكن أن تجعل الناس أكثر إنفتاحا على أن يضعوا موضع التساؤل – بالمعنى الحقيقي يمكن أن تجبر الناس على أن يضعوا موضع تساؤل – الطريقة التي كانت عليها الأشياء و ما إذا يجب عليهم البقاء على هذا النحو . و يرجّح أكثر أن يحدث هذا إن خرجت القوى الثوريّة إلى صفوف الناس مسلّطة الضوء على الواقع الأعمق لما يجرى ، و لماذا ، و مقدّمة أنّ هناك بديل للحياة على هذا النحو . "