أوقفوا الرقابة و التحكّم الفكريّ في تدريس التاريخ الفلسطيني و الإسرائيلي ! يجب على الجامعات - و كذلك المؤسّسات - أن ترفض الإمتثال لسيطرة ترامب الفاشيّة !


شادي الشماوي
2025 / 8 / 13 - 00:32     

جريدة " الثورة " عدد 918 ، 11 أوت 2025
www.revcom.us

نعيش هجوما ضخما على الحرّيات الأكاديميّة و الصرامة العلميّة و الحقيقة . فالجامعات تُحوّل إلى خدم للسيطرة الفاشيّة على المجتمع . هذا هو الواقع الجديد – يجب مواجهة ذلك و التصدّى له و إلحاق الهزيمة به .
لعدّة سنوات وُجدت أعمال أكاديميّة ذات أهمّية و أيضا تربية و تنظيم سياسيّين ، حول مسائل فلسطين و إسرائيل ، في عديد المركّبات الجامعيّة . و مع الإبادة الجماعيّة التي تقترفها إسرائيل بتعلّة الردّ على هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، إنفجرت الإحتجاجات و الإحتجاجات المضادة في عديد المركّبات الجامعيّة ، بنقاش حيويّ و أحيانا محتدما ممزوجا بدراسة عميقة للقضايا المطروحة . و تفاعلت عدّة إدارات للمركّبات الجامعيّة بإستدعاء الشرطة لتقمع بعنف و عادة بتعتقل الطلبة و الأساتذة الموالين لفلسطين . و جرت شيطنة و مطاردة النشطاء و الناشطات . و جرى حظر عديد المجموعات بعديد المركّبات الجامعيّة . و تمّ طرد طلبة . و تمّ تبرير هذا القمع بالتسوية بين المواقف العادلة و الشرعيّة ضد الإبادة الجماعيّة التي ترتكبها الدولة الإسرائيليّة بدعم كامل من الولايات المتّحدة في حقّ الفلسطينيّين من جهة ، و كره اليهود من الجهة الأخرى ، بكلمات أخرى التسوية بين معاداة الصهيونيّة ( معارضة دولة إسرائيل ) و معاداة الساميّة ( الوقوف ضد اليهود كيهود ).
عندما صعد ترامب إلى السلطة ، إستغلّ هذا التعلّة ل " يكسر الجامعات " بما هي فضاءات للتفكير و البحث النقديّين ، و بدلا من ذلك ، تحويلها إلى وسائل غسل دماغ فاشيّة . و قد عرّض ترامب عددا من المعاهد و الجامعات إلى ضغط مالي و حصار سياسي شديدين لتخضع إلى جملة كاملة من المطالب الفاشيّة باسم " محاربة معاداة الساميّة ".
و كجزء مفتاح من هذا ، طلب ترامب أن تتبنّى هذه المعاهد و الجامعات المفهوم الخاطئ و المضلّل لمعاداة الساميّة الذى تقدّم به التحالف العالمي لذكرى محرقة الهولوكست - International Holocaust Remembrance Alliance- IHRA-
و كي نكون واضحين ، معاداة الساميّة – كره اليهود كيهود – إستُخدمت لتبرير إضطهادات و عذابات رهيبة لقرون و يتعيّن أن يعارضها أيّ إنسان نزيه . إلاّ أنّ هذا يختلف عن معارضة تفوّق اليهود و معارضة دولة إسرائيل الإضطهاديّة. و في الواقع ، عديد اليهود ينقدون هم أنفسهم نقدا لاذعا إسرائيل و سياساتها – لا سيما الإبادة الجماعيّة التي تقترفها في فلسطين . و تبنّى مفهوم التحالف العالمي لذكرى محرقة الهولوكست سيمنع تدريس الكثير من التاريخ الفعلي لإسرائيل و دورها في عالم اليوم . و مع ذلك ، الموافقة على هذا المفهوم يجرى الآن صياغتها في المبادئ المسيّرة لهذه الجامعات التي تقيم تسويات مع ترامب . و قد طلب ترامب في حالات كثيرة أن تدفع الجامعات الملايين من الدولارات كعقاب على دوسها المفترض لهذا المفهوم . ( و تجدر الإشارة إلى أنّه عند هذه النقطة حتّى من صاغ أصلا هذا المفهوم أعلن على الملأ أنّه ضد إستخدامه على هذا النحو من طرف ترامب و آخرين .)
إنّ مفهوم التحالف العالمي لذكرى محرقة الهولوكست إيّاه يمنع منعا باتا مقارنة إسرائيل بألمانيا النازيّة كما يمنع الناس من تحدّى الطبيعة العنصريّة لدولة تفوّق اليهود . و هكذا ، يدين نقاش و تدريس وقائع تاريخيّة متّفق حولها و ليست محلّ جدال. و على سبيل المثال ، المجازر المسجّلة في حقّ المدنيّين التي إرتكبهتها القوّات الإسرائيليّة في قرى مثل دير ياسين سنة 1948 و غيرها عبر تاريخها[ أنظروا " مسألة إسرائيل : حصن للتنوير أم فارض للإمبرياليّة ؟ " https://revcom.us/en/israel/israel.html ] يُفترض أن يقع الكفّ عن تدريسها . بضعة وجهات نظر و حتّى الأحداث التاريخيّة – التي تقع ضمن مروحة عريضة من الآراء و المصادر السياسيّة التي تعرض أدلّة مقنعة عن الطبيعة إسرائيل كدولة أبارتايد / ميز عنصري – يجب أن لا تدرّس من هنا فصاعدا . و لا يجب الخروج ببعض الإستنتاجات نقاشها و لا حتّى الإشارة إليها – و إلاّ فإن المركّب الجامعي سيكون بصدد دوس " الوقائع " التي يوافق عليها ترامب .
مثل هذه الأحكام تستهزء بالبحث عن الحقيقة و بمبدأ النقاش الصارم لبلوغ الحقيقة . هذا منع و مراقبة و تحكّم و تحدّيهما يعادل الطرد أو التسريح من العمل أو ، أجل ، التتبّع القانوني و الإضطهاد السياسي – لاحظوا قضيّة محمود خليل و غيره كثيرون . ( للمزيد حول الموضوع ، توجّهوا إلى هذا الرابط التالي : https://www.revcom.us/en/mahmoud-khalil-finally-released-after-104-day-ice-detentiona-victory-people-fight-against
سيغدو هذا مثل مطالبة أساتذة البيولوجيا بالكفّ عن تدريس نظريّة التطوّر التي وقع التدليل عليها من آلاف الإتّجاهات المتباينة . أو ، لحظة – هذه الفكرة ، و هذا ليس مصادفة ، هي كذلك من ما " يتطلّع " له قسم واسع من حركة ترامب / الماغا .
واقع لا مناص منه هو : أيّ معهد أو جامعة توافق على هذا الأمر تُصبح مهما يقولون لأنفسهم ، متواطئة عن وعي مع الفاشيّة . و كلّ رئيس جامعة يستسلم إلى و يخضع و يلجم معهده أو كلّيته إلى الهجوم الشامل لترامب على الحقيقة و على الحرّيات الأكاديميّة الأساسيّة يخون مهمّة البحث عن معرفة الحقيقة و بالتالي ليس جديرا بمنصبه . و كلّ تسوية مع هذا الأمر ، من طرف أيّ كلّية أو أيّ فرع أو عنصر آخر من المركّبات الجامعيّة و العاملين بها ، مهما كان التبرير يبدو " عادلا " ، يعدّ تواطؤا .
كلّ أستاذ نزيه يعلم ، أو يتعيّن أن يعلم ، أنّ الإستناد إلى هذا المفهوم و إستخدامه كأساس للقمع – لطرد طلبة و سحب إجازات و جعل منظّمات و إحتجاجات المركّبات الجامعيّة تحت مراقبة و قمع الشرطة – هجوم أساسي على كلّ مل يرمز إلى النزاهة المؤسّساتيّة للجامعة .
جامعة كولمبيا بالولايات المتّحدة – واحدة من الجامعات الأكثر إستسلاما شنيعا – تؤكّد عمليّا التالي :
" الحرّيات الأكاديميّة تعنى أنّ كلّ المسؤولين عن التدريس يتمتّعون بالحرّية في الأقسام ليناقشوا مواضيعهم ؛ أنّهه يتمتّعون بالحرّية في البحث و في نشر نتائج أبحاثهم ؛ و أنّه يمكن أن لا يتعرّضوا للعقاب من قبل الجامعة للتعبير عن آرائهم أو نزعاتهم في المجال الخاص أو المدني ؛ لكن يتوجّب عليهم أن يبقوا في أذهانهم الإلتزامات الضروريّة الناجمة عن موقعهم ضمن المجموعة الأكاديميّة . " كيف يتوافق هذا على أيّ حال مع إستخدام مفهوم التحالف العالمي لذكرى محرقة الهولوكست – IHRA كإختبار متكرّر ؟
إحترام الأساتذة الذين إستقالوا إحتجاجا على ذلك ، خاصة أولئك الذين إستغلّوا منبرا عاما للتنديد بهذا المطلب الفاشي و فضحوا الكذب بإستمرار ، و سوء النيّة و الخطر الذين تواجههم الحقيقة في جذورها ، إحترام هؤلاء واجب . غير أنّ ما نحتاجه الآن أكثر من ذلك – رفض جماهير للتواطؤ مع هذا النظام الجديد ، و رفض الإمتثال المؤسّساتي على نطاق واسع، في إرتباط بطلب متنامي عبر المجتمع : يجب على نظام ترامب الفاشيّ أن يرحل الآن !
الفاشيّة قائمة الآن . الآن ، ماذا سنفعل – ماذا ستفعلون – بهذا الشأن ؟؟؟
لا تواطؤ مع إملاءات الفاشيّة ! لندافع عن الحرّيات الأكاديميّة !
أوقفوا قمع مناهضى الإبادة الجماعيّة و قمع المحتجّين الموالين لفلسطين !
أعيدوا فورا إلى مناصبهم الأساتذة الذين طردتهم بالقوّة فاشيّة ترامب !
أعيدوا فورا الطلبة المطرودين إلى كلّياتهم و معاهدهم !
يجب على ترامب أن يرحل ّ