أكثر من 70 طالب و طالبة وقع إيقافهم و طردهم ... و غرامة ب 200 مليون دولار ... و هجمات على الحرّية الأكاديميّة – جامعة كولمبيا تستسلم بجبن لفاشيّة ترامب
شادي الشماوي
2025 / 7 / 31 - 17:18
جريدة " الثورة " عدد 916 ، 28 جويلية 2025
www.revcom.us
في 22 جويلية 2025 ، أوقفت و طردت و / أو أبطلت شهادات جامعيّة لأكثر من 70 طالب و طالبة . " جريمتهم " ؟ المشاركة في الإحتجاج العادل و الشرعي في ماي ضد الإبادة الجماعيّة التي تقترفها الولايات المتّحدة - إسرائيل في غزّة. و قد نال معظمهم إيقافات بسنتين .
في 23 جويلية ، أعلنت الجامعة " إتّفاقا " مع إدارة ترامب . ستدفع غرامة ب 200 مليون دولار و تتبنّى سياسات قبول وطرد وتقدّم للحكومة معلومات عن الطلبة القادمين من بلدان العالم الأخرى ، بما يُرضى الإملاءات الفاشيّة لنظام ترامب . و في المقابل ، إدارة ترامب ستعيد ال400 مليون دولار كتمويل للبحوث إلى جامعة كولمبيا وهو تمويل منعه النظام في مارس في محاولة فجّة – و لسوء الحظّ ناجحة – للإبتزاز .
هذا " التصرّف الإستسلامي " – عقاب قاس لطلبة قاموا بإحتجاج و الرضوخ لمطالب ترامب – يثير الغضب وهو مرفوض و لا يمكن القبول به . لقد كانت جامعة كولمبيا معروفة بأنّها " مركز نشاط " و كانت تشغّل أساتذة مضت مواقفهم ضد بعض الأفكار الأرثدكسيّة لهذا النظام – بما في ذلك أولئك الذين فضحوا الأسس الإستعماريّة و الإمبرياليّة لذات مفهوم دولة إسرائيل الصهيونيّة . و الآن ، كمؤسّسة ، ستقف كولمبيا بأكثر تأكيد مع شيء آخر : مع الزحف على البطن ، و مراقبات ما يُكتب و عقاب الفكر النقديّ و إعتباره غير قانوني و مع التواطؤ مع الفاشيّين و مرتكبي الإبادة الجماعيّة .
يجب أن ندين هذا التصرّف من جامعة كولمبيا شديد الإدانة .
خلفيّة : الشجاعة و القمع :
في ماي 2025 ، إحتلّ حوالي مائة طالب و طالبة من جامعة كولمبيا مكتبة بتلار في المركّب الجامعي . و كانت تلك الجامعة مركز الإحتجاج الوطني منذ أن شنّت إسرائيل حربها على غزّة في أكتوبر 2023 . و عبر البلاد ، أدان الطلبة و الطالبات المحتجّون و أدانت الجامعة جرائم الحرب الإسرائيليّة – التي كانت إمبرياليّة الولايات المتّحدة تغطّى عليها و تدعمها . و طالبوا الجامعات ب" سحب تمويل " شركات مرتبطة بالجيش الإسرائيلي أو قطع العلاقات الماليّة مع إسرائيل. و عبّر الكثيرون عن تضامنهم مع الفلسطينيّين و الفلسطينيّات .
لقد كانت هذه الإحتجاجات جسورة بشكل لا يصدّق : تنظيم عمليّات الإقتحام و التخييم و المسيرات أثناء حفلات تسليم شهائد النجاح الجامعيّة و غير ذلك كثير . و قد وُوجهت بالقمع ، عادة العنيف ، و بالتهديدات – من أمن المركّب الجامعيّ و الشرطة المحلّية و المراقبين الصهاينة و المشغّلون الممكنون مستقبلا . و ، بصفة حيويّة عبّدت هذه الإحتجاجات الطريق للنقاش الضروريّ جدّا حول طبيعة الميز العنصري – الأبارتايد لإسرائيل و الإقتلاع التاريخي للشعب الفلسطيني من وطنه، و الدور الذى تنهض به إسرائيل ضمن إمبراطوريّة الولايات المتّحدة . و مستوى المساءلة بلغ المسألة الوجوديّة في صفوف اليهود و في صفوف الطلبة و الطالبات و في صفوف الكتّاب و الفنّانين .
و إدارتا بادين- هاريس و ترامب كلاهما عملا على سحق هذا الإحتجاج . لكن فاشيّو ترامب مضوا إلى مستوى جديد تماما من السيطرة و القمع .
القبول بإسترضاء الفاشيّة و إعادة تشكيل الجامعة :
لقد خدم إيقاف و طرد ما يناهز ال80 طالب و طالبة هدفين إثنين : معاقبة الإحتجاج و بثّ الخوف في صفوف الطلبة من الإنخراط في إحتجاجات مستقبلا ، كجزء من فرض التقييدات الجديدة على الحرّية التعبير و المعارضة ؛ و لبعث رسالة إلى إدارة ترامب باّن جامعة كولمبيا مستعدّة للتضحية بالمبادئ .
و تشتمل بعض فصول " التسوية " :
- دفع 200 مليون دولار إلى الحكومة الفدراليّة لمعالجة المزاعم المزيّفة بالتمييز ضد الطلبة اليهود والكلّيات( المزيد أدناه)؛
- مأسسة منع إرتداء أقنعة ( التي إستخدمها الطلبة لحماية أنفسهم من استهدافهم من طرف سلطات المركّب الجامعي و الحكومة و الشرطة ، و كذلك المجرمين الصهاينة ) ؛
- إقرار إجراءات جديدة و أقسى لضبط الطلبة المحتجّين ؛
- ما يسمّى ب " إصلاحات المنهج / البرامج " و " إستئجار مراجعات الكلّية " في المجالات المتّصلة بالشرق الأوسط – و الغاية منها هي سحب سلطة و إستقلاليّة هذه الأقسام ما كان يخوّل لها الدراسة الحقيقيّة و تدريس التاريخ الحقيقيّ للإضطهاد و المقاومة في الشرق الأوسط ؛
- تقليص قبول تسجيل الطلبة العالميّين بجامعة كولمبيا ( و عددهم يبلغ 40 بالمائة من الطلبة المسجّلين بجامعة كولمبيا ).
و بشؤم ، هذه " التسوية " تتطلّب أن تمنح الجامعة قسم الأمن الوطني المعلومات الجديدة المتّصلة بنشاطات الطلبة من البلدان الأخرى . و تذكّروا ، هذه هي الجامعة نفسها حيث إختطف أعضاء ICE محمود خليل وهو يملك بطاقة خضراء و صوت بارز من أصوات حركة التضامن مع فلسطين على المركّب الجامعي – و إيقافه و إبقائه في الإعتقال لأشهر في حين لم يصدر عن الجامعة أيّ إحتجاج رسمي على هذا التجاوز .
دحض الأكاذيب الكبرى :
الكذبة الكبرى رقم 1 :
نظام ترامب الفاشيّ إستخدم تُهمة معاداة الساميّة لتبرير و سحق المعارضة و الحرّية الأكاديميّة – مدّعيا أنّ الطلبة اليهود يتعرّضون للهرسلة و صاروا يشعرون بالقلق – و جامعة كولمبيا خضعت إلى ذلك و بالتالى أصبغت الشرعيّة على هذا الهراء .
فقط بعد بضعة أيّام من بلوغ هذه " التسوية " مع ترامب ، تبنّت جامعة كولمبيا رسميّا مفهوما لمعاداة الساميّة دفع إليه فاشيّو ترامب . و هذا المفهوم الجديد يشمل كأمثلة من " التصرّفات المعادية للساميّة " مقارنة سياسات إسرائيل بسياسات النازيّين أو وصف وجود إسرائيل على أنّه " مسعى عنصري " . و هذا المفهوم الجديد جرى إدماجه الآن ضمن السيرورة التأديبيّة .
بداية ، تُهمة معاداة الساميّة مجرّد نفاق صادر عن نظام و حركة تزخر بأناس يستعملون التحيّة النازيّة و يكرهون جدّيا اليهود . و هؤلاء ليسوا بضعة أشخاص . لنعُد إلى أوت 2017 ، و كان ترامب نفسه هو الذى صرّح بأنّ هناك عديد " الناس الجيّدين " ضمن أولئك العنصريّين المتعصّبين و المعادين للساميّة الذين إلتقوا في شرلوتفيل ، بولاية فرجينيا لينشدوا " لن يعوّضنا اليهود "
في العالم الواقعي ، المحتجّون و المخيّمات الموالون لفلسطين و الفاضحين للإبادة الجماعيّة في غزّة رحّبوا بالطلبة اليهود، و قد كان يساهم في تلك التحرّكات عديد الشبّان والأساتذة اليهود . هل صار الطلبة الموالون لإسرائيل يشعرون ب " القلق"؟ حسنا ، هذا هو الحال عادة عندما يقع تحدّى معتقداتك الأساسيّة ، تشعر بالقلق . هذه قضايا كبرى و نقاشات حادة تخلخل الناس و قناعاتهم الأعمق ، و أجل ، الإحتجاجات تعرقل الحياة الأكاديميّة " العاديّة ". لكن بينما من المفترض أن نتعاطف مع الذين يشعرون بالقلق ، إسرائيل – بدعم كامل من الولايات المتّحدة – قد دمّرت كلّ الجامعات في غزّة ، و قتلت مئات الأكاديميّين ، و حرقت كتبا و أرشيفا .
و علاوة على ذلك ، بشكل طاغي ، ميّز المحتجّون بين فضح إسرائيل كدولة عنيفة قائمة على الميز العنصري / الأبارتايد – مستولية على أراضي الفلسطينيّين و الفلسطينيّات و حقوقهم ، و معرّضة إيّاهم إلى إحتلال و سيطرة قاسيين لا يمكن وصفهما – و كره اليهود .
و مثلما كرّر بوب أفاكيان في الرسائل المرافقة التي نعيد نشرها في عدد هذا الأسبوع من جريدة " الثورة " و التي تتعمّق في المسألة برمّتها ، معاداة الصهيونيّة ( معارضة إيديولوجيا و ممارسات دولة التفوّق اليهودي ) ليست نفسها و معاداة الساميّة ( كره اليهود ) . و كما قال بوب أفاكيان ،
" بشكل طاغي ، في ما يتّصل بأولئك المحتجّين ضد الإبادة الجماعيّة التي تقترفها إسرائيل، يقوم هذا على تصرّفات إسرائيل، و ليس على كره اليهود . و من الممكن تماما ، و العادل و الشرعي نهائيّا ، معارضة دولة إسرائيل عموما – إتنادا لا على كره اليهود و إنّما على الطبيعة الفعليّة لإسرائيل الصهيونيّة / القائمة على تفوّق اليهود و كيف أنّ ذلك عني تاريخا كاملا من الفظائع المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني . و في الواقع ، الصهيونيّة و دولة إسرائيل الصهيونيّة يمثّلان إفسادا رهيبا لأفضل تقاليد اليهود بما فيها توجّه " لا يجب أن يتكرّر هذا أبدا ! " ( صراخ اليهود ردّا على المجازر الإباديّة الجماعيّة لألمانيا النازيّة الهتلريّة أثناء الحرب العالميّة الثانية ) يعنى لا يجب أن يتكرّر هذا لأيّ شعب .
و هذه النقطة من ماريان هيرش ، أكاديميّة بارزة في جامعة كولمبيا مختصّة في الإبادة الجماعيّة و إبنة ناجيين من محرقة الهولوكست ، مناسبة إلى أقصى الحدود كذلك : " جامعة تعامل نقد إسرائيل على أنّه معاداة للساميّة و تهدّد بالعقوبات الذين لا ينصاعون لم تعد مكانا للبحوث المفتوحة ".
الكذبة الكبرى رقم 2 :
قالت رئيسة جامعة كولمبيا ، كلار شيبمان ، " تمّت صياغة الإتّفاق بعناية لحماية القيم التي تمثّل هويّتنا ". أجل ، ذات " قيم " - CBS Paramount في الخضوع لترامب و طرد ستيفان كلبارت . أجل ، ذات " قيم " القانون الشهير لبول وايس للتخلّى عن سياسات " DEI " و القيام بالعمل القانوني الحرّ من أجل نظام ترامب – قصد البقاء إلى جانبه المعتبر الجانب الجيّد . هذه " القيم " من التواطؤ الجبان في الوقت الذى لايمكن فيه أن تكون الحاجة أكثر إستعجاليّة للجرأة و المبادئ.
جوهر المسألة - ولماذا يمدح ترامب هذه التسوية - هو أنّ إدارة جامعة كولمبيا وافقت طوعا على فرض" ضوابط جديدة ". و وفق هذه "الضوابط الجديدة " لم تعد الجامعات مجالات للتفكير النقدي والأفكار الجديدة - بما في ذلك " حقائق مزعجة " عن تاريخ أمريكا و دورها في العالم – أين تنشأ و تنتشر ... و أين للمعارضة بعض المبادرة .
" ضوابط جديدة " فيها " أ- يقع تحجيم الإحتجاج بصرامة و تجريمه ؛ ب- هناك " مراقبة للتفكير " كاسحة للكلّية و لمنهجها/ برامجها ؛ و ت- المركّب الجامعي شبه معسكر ،بأعوان قمع مثل ICE ، متسرّبين إلى المر:ّبات الجامعيّة و يتمتّعون بتصريح للمراقبة و بثّ الخوف و الإيقافات و الإبعاد .
نظام ترامب بصدد التشجيع على " تسوية " كولمبيا كنموذج لبلوغ إتّفاقيّات مع جامعات أخرى ، لا سيما جامعات رابطة إيفي ذات التأثير الكبير. و مجدّدا ، الحرب على الإحتجاجات في المركّبات الجامعيّة و على الحرّية الأكاديميّة جبهة من الجبهات الهامة في البرنامج الفاشيّ للتوطيد السريع لحكمها و إحكام مسك المجتمع بقبضة من حديد .
أمامنا تحدّى :
جاءت إيقافات الطلبة و الطالبات في جامعة كولمبيا و طردهم و جاء الإتّفاق المتوصّل إليه من طرف جامعة كولمبيا و نظام ترامب في وقت بلغت فيه الإبادة الجماعيّة في غزّة مستويات جديدة من الفظاعة . الناس يسقطون في الشوارع جوعا و يموتون جرّاء التجويع المتعمّد الذى تنفّذه إسرائيل ( بدعم نشيط من الولايات المتّحدة ) . و المقارنة بين النازيّين و الجرائم النازيّة ضد الإنسانيّة تسطع بحقيقتها و إلحاحيّتها أكثر من أيّ وقت مضى . و مع ذلك ، المقارنة أضحت الآن ممنوعة ( يُعاقب عليها عاقدها / عاقدتها ) فى الخطاب و الإحتجاجات في جامعة كولمبيا ! و لعلّ ملصقة كبيرة يُسمح بها في جامعة كولمبيا ستقول " الفظائع المقترفة في غزّة تشبه تلك التي قام بها نظام لا يجب تسميته ! " أم أنّ هذا أيضا سيدوس الحرّية الأكاديميّة في النظام الجديد ؟!؟
إنّ الهجمات على الحرّية الأكاديميّة و الإحتجاجات الموالية للفلسطينيّين لا يمكن السماح بأن تتراجع . يجب التصدّى لهذه الهجمات و معارضتها في كلّ خطوة من الطريق . و هذا التصدّى يجب و يمكن أن يُساهم و البناء السريع لمستوى من المقاومة و عدم التطبيع مع نظام ترامب قد تقود إلى أزمة سياسيّة كبرى – تجعل من غير الممكن لترامب أن يكرّس أجندته المريعة ، و حتّى بقائه في السلطة .
و كما أشار مقال حديث على موقع أنترنت https://www.revcom.us :
" مع تسارع تشديد الفاشيّة من قبضتها على المجتمع ، الهجوم على الحرّية الأكاديميّة و الهجوم على مناهضى الإبادة الجماعيّة ، الحركة الموالية لفلسطين مترابطتان وثيق الإرتباط . و إحتجاجات ما يناهز السنتين الماضيتين هي تماما نوع الأشياء التي يرغب نظام ترامب أن يمحوها من الوجود ، كجزء من هجومهم الشامل . و كلّ هذا يجب التصدّى له – و يجب تشريك الناس المنحدرين من مختلف الأفق و وجهات النظر وراء المطلب التوحيدي : يجب على نظام ترامب الفاشيّ أن يرحل – الآن ! "
أوقفوا الإبادة الجماعيّة الأمريكيّة – الإسرائيليّة ضد الشعب الفلسطيني !
باسم الإنسانيّة ، نرفض القبول بأمريكا فاشيّة !
يجب على نظام ترامب الفاشيّ أن يرحل – الآن !