عُمار بارتوف : أنا أكاديمي مختصّ في الإبادة الجماعيّة . أعرف الإبادة الجماعيّة حينما أراها - – النقاش حول الإبادة الجماعيّة في غزّة و أبعاده العميقة و الأشمل
شادي الشماوي
2025 / 7 / 22 - 16:33
جريدة " الثورة " عدد 915 ، 21 جويلية 2025
www.revcom.us
" أنا أكاديمي مختصّ في الإبادة الجماعيّة . أعرف الإبادة الجماعيّة حينما أراها " (1) عنوان مقال رأي نُشر في جريدة " النيويورك تايمز " لصاحبه عمار بارتوف ، وهو تحليل جاء في وقته وهام بدرجة كبيرة بالنسبة إلى تشخيص طبيعة العمليّات الإسرائيليّة في غزّة .
بارتوف الذى وُلد و نشأ في إسرائيل أستاذ في جامعة براون و أحد أبرز الأكاديميّين المختصًين في دراسات محرقة الهولوكست و الإبادة الجماعيّة . في مقال ، يؤكّد بصرامة أنّ نوايا إسرائيل و أفعالها في غزّة تمثّل محاولة لتدمير الشعب الفلسطيني – كلّيا أو جزئيّا – و أن تجعل من غير الممكن له أن يعيد بناء نفسه كشعب - و هذا هو مفهوم الإبادة الجماعيّة. (2)
و على ضوء هذا ، يفضح أيضا مفهوم أنّ إسرائيل تخوض " حربا " في غزّة كما تزعم إسرائيل و الولايات المتّحدة و تزعم معظم معلّقوا وسائل الإعلام السائدة ، بما فيها جريدة " النيويورك تايمز " عينها . " في السنة الفارطة ، قوّات الدفاع الإسرائيليّة [ الجيش الإسرائيلي – المترجم ] لم تكن تقاتل جسما عسكريّا منظّما ، هذا ما كتبه ، بسبب هجمات حماس المدمّرة على إسرائيل . " اليوم قوّات الدفاع الإسرائيليّة منخرطة أوّلا و قبل كلّ شيء في عمليّة تدمير و تطهير عرقيّ ". (3)
و إنّه لذو دلالة كبيرة أن يُنشر تحليله في الوقت الحالي و المذابح و عمليّات التدمير الممنهجة الإسرائيليّة في غزّة تبلغ مستويات أكثر وحشيّة حتّى ، و على صفحات جريدة " النيويورك تايمز " التي تجنّبت بدقّة أن تصف وصفا حقيقيّا الجرائم المروّعة للإبادة الجماعيّة كما هي .
الإنقسام الحاد بين أكاديميّى الإبادة الجماعيّة و مؤرّخى محرقة الهولوكست :
كتب بارتوف " عدد متنامي من المختصّين في دراسات الإبادة الجماعيّة و القانون الدوليّ قد إستخلصوا أنّ عمليّات إسرائيل في غزّة يمكن أن تحدّد على أنّها إبادة جماعيّة " و حذّر " الإنكار المستمرّ لهذا التوصيف من قبل دُول و منظّمات عالميّة و مختصّين في القانون و الأكاديميّين سيتسبّب في ضرر لا حدود له ليس للناس في غزّة و إسرائيل فحسب و إنّما أيضا لنظام القانون الدوليّ الذى جرى تركيزه غداة فظائع محرقة الهولوكست ، و كان الهدف منه منع مثل هذه الفظائع من أن تحدث أبدا من جديد ."
" إلى يومنا هذا ، فقط بعض الأكاديميّين المختصين في محرقة الهولوكست – و ما من مؤسّسة بحث و تأبين لها – قد أصدروا تحذيرات من أنّ إسرائيل يمكن أن تُتّهم بإقتراف جرائم حرب و جرائم ضد الإنسانيّة و التطهير العرقي أو الإبادة الجماعيّة ".
و إسترسل ليقول " هذا الصمت جعل أضحوكة من شعار " لا يجب أن يحدث هذا أبدا من جديد " – Never Again – محوّلا معناه من تأكيد على مقاومة اللاإنسانيّة أينما إقتُرفت إلى تبرير و ذريعة و بالفعل حتّى ضوءا أخضر لتدمير الآخرين بتعلّة الماضي كضحيّة ".
و يخشى بارتوف من كون هذا الإنكار سيمنع متاحف امحرقة الهولوكست من إبلاغ على نطاق أوسع الدروس العالميّة لتلك المحرقة – بما فيها " التشجيع على التسامح و التنوّع و معاداة العنصريّة و دعم المهاجرين و اللاجئين ، حتّى لا نتحدّث عن حقوق الإنسان و القانون الإنسانيّ الدوليّ ... و الحاجة الماسة لعدم ترك اللاإنسانيّة تطغى على قلوب الناس و تحرّك أعمال الأمم باسم الأمن و المصلحة القوميّة و الإنتقام المطلق ".
و بعض الأكاديميّين المختصّين في دراسات محرقة الهولوكست لم يُنكروا جرائم إسرائيل في غزّة و إتّهموا أكاديميّى الإبادة الجماعيّة بالإنخراط في " خطاب تحريضيّ ، و مبالغة لا حدود لها ، و تسميم الأجواء و معاداة الساميّة " .
و يحذّر بارتوف من إمكانيّة أن " لا تظلّ دراسات الإبادة الجماعيّة ككلّ على قيد الحياة أمام الإتّهامات بالمعاداة للساميّة ، ما يجعلنا نفقد المجموعة الحيويّة من الأكاديميّين و القضاة العالميّين الذين يقفون ضد الخروقات في زمن يتصاعد فيه عدم التسامح و الكره العنصريّ و الشعبويّة ؛ و الإستبداد يهدّد القيم التي مثّلت جوهر جهود القرن العشرين الأكاديميّة منها و الثقافيّة و السياسيّة . "
هنا يشخّص الأستاذ بارتوف قضايا في غاية الجدّية و المركزيّة و نقاشات نحن في حاجة إليها جميعا لننتبه في هذه اللحظة التي يتصاعد فيها نسق الإبادة الجماعيّة في غزّة و فاشيّة ترامب تتحرّك بسرعة لتعزّز سلطتها هنا في الولايات المتّحدة ، و مصير الشعب الفلسطيني معلّق في خيط .
هوامش المقال :
1- و يتطرّق بارتوف إلى لماذا من المهمّ التمييز بين الإبادة الجماعيّة – " محاولة تدمير ، كلّيا أو جزئيّا ، مجموعة قوميّة أو إثنيّة أو عرقيّة أو دينيّة ، في حدّ ذاتها " – و جرائم الحرب و الجرائم ضد الإنسانيّة مثل القتل العشوائيّ أو قتل الأشخاص [ المدنيّين – المترجم ].
2- مقال بارتوف لا يتوغّل في الدور الحيويّ الذى تنهض به إسرائيل بالنسبة إلى إمبرياليّة الولايات المتّحدة و كيف أنّ الولايات المتّحدة قد دعّمت بشكل كلّي هذه الإبادة الجماعيّة في غزّة . ة خلال حواره على صفحات الجريدة الألكترونيّة " الديمقراطيّة الآن ! " - Democracy Now ! - ، أشار إلى أنّه كان بوسع الولايات المتّحدة أن تُوقف هذه الإبادة الجماعيّة: " لا يمكن لإسرائيل أن تتحرّك كما فعلت دون تزويد الولايات المتّحدة و ألمانيا لها و بصفة مستمرّة بالأسلحة – هذان البلدان هما المزوّدان الأكبر فالولايات المتّحدة تمدّ إسرائيل بحوالي 70 إلى 80 بالمائة من مجمل الذخائر – و دون تغطية دبلوماسيّة – لإسرائيل قبّة حديديّة دبلوماسيّة أنشأها فيتو الولايات المتّحدة في مجلس الأمن ... لقد كانت جرائم الحرب بهيديّة . و هكذا ، قبل كلّ شيء ، على المرء قول إنّ إدارة بايدن متواطئة في ما حدث في غزّة " . و يدين كذلك خطّة ترامب لإفراغ غزّة : " في إسرائيل ، كان يُنظر إلى ذلك على أنّه تصريح بالقيام بالضبط بما يقام الآن – يعنى ، إستخدام مئات الجرّافات و أدوات الهندسة و المتفجّرات للتدمير الممنهج لكلّ مبنى في غزّة كي لا يتمكّن أيّ كان من الحياة فيه ، في تلك المنطقة ، و تاليا ، ربّما تحويلها إلى منطقة مصيف ، و على الأرجح منطقة للمستوطنين اليهود ".
3- و يثير الأستاذ بارتوف أيضا إنشغاله بتبعات هذه الأحداث و النقاشات على شرعيّة دولة إسرائيل ، وهو موضوع خارج نطاق هذا المقال .
Resource Page : ( https://www.revcom.us)
Genocidal Assault on Palestine — And Israel as an Enforcer of U.S. Imperialism