ماذا حدث لليسار؟!
شروق أحمد
2025 / 7 / 6 - 02:58
لم يعد مخفي على أحد المشهد الحالي الذي يتمثل في التحالف الإستراتيجي بين اليسار والجماعات الإسلامية ونظام الملالي في طهران, في البداية كانت قضية غزة هي محور الحديث والمقاومة وما إلى ذلك، كان المشهد غريب في البداية رؤية اليسار والتيار الليبرالي يدافع عن حماس الإرهابية والتي قتلت مئات من الشعب الفلسطيني، كانت الرؤية في البداية تقول أن اليسار والليبراليين يرون في حماس لا علم لي ما هو الشيء ولكن بعد ذلك ترى اليسار العربي والعالمي يحمل أعلام حزب الله والحوثي وآخر الصدمات النظام المتعفن في طهران ورؤية العلم الإيراني يرفرف في عواصم دول كنت أعتقد أن شعوبها مع حقوق المرأة والدفاع عن الحريات وأن الشعوب الغربية تمثل الحرية والمدنية والعلمانية والحداثة، لأتفاجأ بأن الغرب أصبح مثل الشرق الأوسط في الجهل وخصوصاً الجيل الشاب، والذي لا علم له بالصراعات العربية ولا بتاريخ الجماعات الإسلامية التي ما أن تتمكن من السلطة أن كل تقتل من لا يشبه لونها، وأن هذه الجماعات أصبحت تستخدم الجيل الغربي الشاب كسيف داخلي للدول الأوروبية وطعن كل ما هو له علاقة بالمدنية والعلمانية، نرى العواصم الأوروبية تملأ ساحاتها أعلام تمثل الرجعية والتخلف بل والتطرف الديني، وأصبح اليسار الغربي يدافع عن الدول الديكتاتورية المتطرفة مثل النظام الإيراني الذي يعدم الفتيات لمجرد لم يرتدن الحجاب بالطريقة الصحيحة وحزب الله الذي قتل من الأوروبيين وفجر في عواصم العديد من الدول، والحوثي الذي يمثل قاع التخلف والجهل والذي ليس له علاقة بهذا العصر ابداً.
الشعوب التي تتكل على الدين كخلاص لها من الأزمات والحروب، هي شعوب بالية، والتاريخ لا يقف في صفها ابداً، هناك شعوب متدينة وعقيدتها الدينية قوية لكنها لا تكتفي بالدعاء والجلوس على طاولة انتظار الآخرة والجنة الموعودة، بل تعمل جاهدة للبقاء ولخلق حضارتها وعدم نسيان القانون الكوني وهو أن من يعمل يحصد ومن يجلس على ركبتيه ويدعوا فقط للخلاص من متاهة الحياة هو الذي ينتهي به الأمر بالشقاء، لأن من وجد علاجًا للسرطان والأمراض المستعصية لم يجلس في منزله ويصلي لكي يأتيه الجواب. باختصار كان اليسار في كل دول العالم هو صاحب العمل، الثقافة والتحضر، كان اليسار يموت على مقاصل الحرية والاجتهاد في العمل و أصبح اليوم يسار يتحالف مع من يصلي للخلاص ومن يأخذون الجهل دستور لحياتهم اليومية، أصبحت الليبرالية العالمية خارج العمل والوقوف مع حريات المرأة والطفل وكل ما هو حديث، أصبح اليسار اليوم تيار متذمر، لا يحب العمل، أصبح يشتكي فقط من الظلم في كل قضية وأخذ دور الضحية في كل شيء، ومحاربة الآخرين في كل شيء والادعاء أن العالم ظالم والكل ضحية هذا النظام، بدل البحث عن حلول والوقوف مع القضايا العادلة المحقة، أرى اليوم الليبراليين يقفون مع إيران التي تمثل رمز الاضطهاد، بينما يقف اليسار الحالي مع الدول الثيوقراطية المستبدة، مع من يقتلون النساء على الشرف، مع من يقتلون شعوبهم ومع قتل الحريات في كل مكان، مع منظمات إسلامية عفنة، كم يعتصر قلبي الألم عندما أرى دول غربية كانت بمثابة رمزاً للحريات والتحضر والتقدم وكم كنت أطمح لأن أهرب من الشرق الأوسط البالي لأحقق أحلامي في دول كانت تدعم العرب الأحرار والعقول المتفتحة مثل أحمد زويل، طه حسين، جبران خليل جبران، عمر الشريف، زها حديد، فاروق الباز الخ.....
والآن أصبح اليسار العالمي ينادي باسم الجماعات الإسلامية والتسويق للفكر الإسلامي المتعفن، ونرى الجامعات العالمية تكتظ بالفكر الحمساوي والإخواني وأصبحت هذه المؤسسات التعليمية تسوق لأنظمة كالملالي في طهران وحركة اخوان المسلمين العالمية، مع دعم من اليسار حصلت تلك القوى على كل ما تريده من اليسار مع التذكير أن أول من يعُدم عند نجاح تلك الجماعات هم اليسار، وعندما أرى المرشد الإيراني يشكر شباب هذه الجامعات هنا تأكدت من أن اليسار أصبح خارج التاريخ بل انهارت كل القيم التي كان يدافع عنها، والتي كنت وبكل فخر ادافع عن تلك المبادئ، إلى أن شكرت الجماعات المتطرفة الإسلامية اليسار العالمي هنا أصبحت متأكدة أن اليسار قد خرج عن طريقه الصحيح.