الفراغ العربي
سفيان نور الإسلام
2025 / 6 / 25 - 02:55
في رأيي، أحد أهم أسباب التقهقر و ما يحصل من فوضى في الوطن العربي هو غياب مشروع عربي جامع لازم و ملائم لحالة هذه المنطقة من حيث أن لها تاريخا واحدا و مصيرا مشتركا عموما، خاصة في نظر أعدائها الذين دأبوا على إجهاض أي بادرة توحد و بطرق مختلفة.
تمت محاربة أي محاولة لبناء هوية عربية معبرة عن مشروع عربي جامع بطرق مختلفة و تبدو متنافرة لكنها تخدم نفس الهدف.
تثبيت إسرائيل في وسط الجسم العربي، الترويج لمشاريع بديلة للمشروع العربي كالمشاريع الاسلامية التي أذكت نار الطائفية من جهة و جعلت فئات من العرب(مواطنين في دول عربية) تابعين بشكل او بآخر لمشاريع خارجية "معادية" و تخريبية كالمشروع الايراني و المشروع التركي و ما إلى ذلك.
بالاضافة الى هذه المشاريع البديلة الجامعة، التي فشلها محتم بسبب طبيعة العالم العربي المتنوعة و طبيعتها هي الحصرية، وجدت مشاريع هوياتية تفكيكية مدعومة بشكل صريح من طرف الصهاينة كمشاريع الكرد و السريان و الامازيغ و القبط و ما شابه ذلك، و هي مشاريع ليس لها اي قوة بنفسها يمكنها ان تقيم المجتمعات و تحميها من الداخل و الخارج، بل هي مشاريع فارغة مبنية على بضع تلفيقات تاريخية، هي مجرد أدوات ، و ليس لها أي هدف سوى مزيد تفكيك للنسيج المجتمعي العربي و نشر للتباغض و الاحتقان الشبيه بالاحتقان الطائفي، بعد ان تم تفكيك العرب على مستوى الانظمة و الحكومات. لو ترك الامر لهذه المشاريع أن تستمر لانتهت بنفسها و تركت اتباعها عرايا تائهين كما هم اليوم.
هذه المشاريع(كلها) سعت دائما الى تعريف سكان العالم العربي بتعريفات ضيقة تنحصر في الجماعات و الاحزاب او العرقيات و تلغي التاريخ و تراكماته و تعاكس حركية الواقع و تعيق أي تقدم ممكن نحو بناء دول عصرية.
و الواقع أن كل ساكنة هذه المنطقة عرب حضاريا و تجمعهم العروبة، مع محافظتهم على خصائصهم العرقية و اللغوية التي هي روافد للهوية العربية الجامعة ولا تناقض بينهما و هكذا عاش الناس هنا لقرون، لذا يجب ان يجمعهم(اي هؤلاء الساكنة) مشروع عربي، شبيه نوعا ما بمشروع الاتحاد الاوربي، يتجاوز كل الاختلافات بينهم و يسمو فوقها و يعرف كل شخص منا نفسه بأنه عربي جزائري، عربي مصري الخ يساهم في بناء دولته التي يعيش فيها ضمن مشروع أكبر تقتضيه الضرورة و يفرضه الاعداء، و بذا، اذا كنا كلنا مواطنين عربا، يتوقف الناس عن التنديد بجرائم لأنها حدثت ضد طائفتهم او عرقيتهم، و يهللون لها اذا وقعت لخصومهم الدينين او العرقيين، بل تتم إدانة الجرائم و السلوكات المنحرفة لأنها جرائم ارتكبت ضد بشر، و ضد مواطنين عرب، و لأنها سلوكات منحرفة صدرت من طرف مواطنين عرب دون sous groups تختفي تحته المبررات الحقيرة.
يجب أن تعرف أن مصلحتك داخل اطار هذا العالم العربي لأنك تعيش فيه و تقدمها على أي مصلحة أخرى ضيقة، لأن الاخرين كذلك سيقدمون مصالحهم و يستبيح الناس بعضهم من اجلها و لو على حساب كيانات الدول و المجتمعات.