من أجل ثقافة جماهيرية بديلة - ما العمل - لينين21
عبدالرحيم قروي
2025 / 5 / 12 - 08:58
الحلقة الواحدة والعشرون
إن نواة صغيرة متراصة تتألف من أشد العمال ثقة وحنكة وتمرسا بالنضال، لها معتمدون في المناطق الرئيسية وتتصل بمنظمة الثوريين على أساس مراعاة قواعد العمل السري بكل دقة، تستطيع تماما، استنادا إلى أوسع تأييد من قبل الجمهور وبدون أي شكل تنظيمي، أن تقوم بجميع الوظائف الملقاة على المنظمة المهنية، وتستطيع فضلا عن ذلك القيام بها على وجه الضبط بالشكل الذي تريده الاشتراكية-الديموقراطية. هذا هو الطريق الوحيد الذي يمكن من تعزيز وتطوير الحركة المهنية الاشتراكية-الديموقراطية بالرغم من الدرك كله. وسيعترضون علي بقولهم أن منظمة lose إلى حد أنها لا تتخذ لنفسها أي شكل معين وأعضاءها غير معروفين وغير مسجلين، لا يمكن أن تسمى بمنظمة. - ربما. لست ممن يهتمون بالأسماء. ولكن هذه "المنظمة بلا أعضاء" ستقوم بكل ما يلزم وستؤمن منذ البدء الصلة الوثقى بين تريديونيوناتنا المقبلة وبين الاشتراكية. وكل من يريد في ظل الاستبداد منظمة عمال واسعة تنتخب هيئاتها على أساس الاقتراع العام وتقدم التقارير والخ.، فهو بكل بساطة طوبوي لا يرجى له شفاء. والعبرة التي تستخلص من ذلك بسيطة: إذا بدأنا بتكوين منظمة ثوريين وطيدة قوية، استطعنا أن نضمن الاستقرار للحركة بمجموعها، استطعنا أن نبلغ الأهداف الاشتراكية-الديموقراطية والأهداف التريديونيونية الصرف أيضا. أما إذا بدأنا بتكوين منظمة عمال واسعة، منظمة يُزعم أنها "أسهل منالا" للجماهير (والواقع أنها أسهل منالا للدرك وأنها تجعل الثوريين أسهل منالا للشرطة)، فإننا لن نبلغ لا هذه الأهداف ولا تلك، ولن نتخلص من العمل الحرفي؛ بل إننا، بانقساماتنا وانهياراتنا الدائمة، نجعل طراز تريديونيون زوباتوف أو أوزيروف أسهل منالا للجماهير. بم ينبغي أن تتلخص وظائف منظمة الثوريين هذه؟ - سنتناول الآن ذلك بالتفصيل. ولكننا سنبدأ بتحليل آراء نموذجية أخرى لصاحبنا الإرهابي الذي يظهر مرة أخرى (ويا لسوء الطالع!) متاخما "للإقتصادي". نجد في العدد 1 من "سفوبودا"، وهي مجلة للعمال، مقالا تحت عنوان "التنظيم"، يحاول كاتبه أن يدافع فيه عن معارفه من العمال "الإقتصاديين" في إيفانوفو-فوزنيسينسك. يقول: "لا خير في جموع صامتة، غير واعية، لا خير في حركة لا تأتي من أسفل. أنظروا: عندما يعود الطلاب من مدينة جامعية إلى بيوتهم في أيام الأعياد أو في الصيف، تتوقف حركة العمال. وهل يمكن لحركة عمال يدفعونها من خارجها أن تكون قوة حقا؟ مطلقا… إنها لم تتعلم بعد المشي على قدميها ويسندونها كالأطفال. وهكذا في كل شيء: يسافر الطلاب فتقف الحركة. يلتقطون الأكثر كفاءة من الزبدة فيفسد الحليب. يعتقلون "اللجنة" فيسود السكون إلى أن تتألف لجنة جديدة؛ ومن يدري كيف تكون الجديدة، فقد تختلف عن السابقة كل الاختلاف: لجنة كانت تقول شيئا والأخرى ستقول العكس، وتنقطع الصلة بين الأمس والغد، ولا تعود خبرة الماضي مفيدة للمستقبل. وكل هذا من جراء عدم وجود جذور في الأعماق، في الجموع؛ كل هذا لأن العمل لا يجري من قبل مئة من الحمقى، بل من قبل دستة من الأذكياء. سهل دائما على الحوت أن يبتلع عشرة أشخاص، ولكن إذا ما شملت المنظمة الجموع، إذا ما صدر كل شيء عن الجموع، فليس في وسع أي جهد أن يقضي على القضية" (ص 63). لقد وصفت الوقائع وصفا صادقا. فقد أعطى الكاتب صورة لا بأس بها عن عملنا الحرفي. ولكن الاستنتاجات خليقة بـ"رابوتشايا ميسل" سواء من حيث الغباء أم من حيث انعدام الذوق السياسي. إنها الذروة في الغباء، إذ أن الكاتب يخلط بين مسألة "جذور" الحركة "في الأعماق" - وهي مسألة فلسفية واجتماعية تاريخية، ومسألة تحسين النضال ضد الدرك - وهي مسألة تكنيكية تنظيمية. إنها الذروة من انعدام الذوق السياسي لأن الكاتب، بدلا من أن يدعو إلى أن يحل القادة الصالحون محل القادة الرديئين، يدعو إلى أن تحل "الجموع" محل القادة عموما. إن هذه محاولة تجرنا إلى الوراء في الميدان التنظيمي، مثلما أن فكرة حلول الإرهاب التهييجي محل التحريض السياسي تجرنا إلى الوراء في الميدان السياسي. وإني والحق يقال في embarras de richesses لا أدري بما أبدأ تحليل التشويش الذي أتحفتنا به "سفوبودا". سأحاول البدء بضرب مثل للوضوح. ولنأخذ الألمان. وآمل أنكم لن تنكروا أن المنظمة عندهم تشمل الجموع وأن كل شيء يصدر عن الجموع وأن حركة العمال قد تعلمت المشي على قدميها. ولكن كم تحسن هذه الجموع الغفيرة تقدير "الدستة" من قادتها السياسيين المجربين، وبأية قوة تتمسك بهم! فكم من مرة وقف نواب الأحزاب المعادية في البرلمان لإزعاج الاشتراكيين وقالوا: "ما أجملكم من ديموقراطيين! حركتكم هي حركة الطبقة العاملة في مجال القول فحسب، ولكن في مجال العمل تبرز على الدوام نفس الزمرة من القادة. طيلة السنين وعشرات السنين نرى بيبل لا يحول ولا يزول، نرى ليبكنخت لا يحول ولا يزول. إن نوابكم الذين تدعون أنهم منتخبو العمال هم أثبت في مناصبهم من الموظفين الذين يعينهم الإمبراطور!" غير أن الألمان قد استقبلوا ببسمة ازدراء هذه المحاولات الديماغوجية التي تستهدف معارضة "الزعماء" بـ"الجموع"، وإثارة غرائز الغرور الرديئة في الجموع، وحرمان الحركة متانتها وثباتها عن طريق تقويض ثقة الجماهير بـ"دستة الأذكياء".