الحزب الشيوعي العراقي في ذكرى تأسيسه الـ91: التجديد ليس خياراً، بل ضرورة للبقاء
محمد ارسلان علي
2025 / 5 / 2 - 02:51
محمد أرسلان علي
ذكرى التأسيس في العُرف الثوري دائماً تعتبر محطة ينبغي التوقف فيها لمراجعة الذات ونقدها بشكل بناء بعيداً عن التكرار والمواربة. نقد يفتح الطريق أمام التجديد ووضع البرامج لانطلاقة جديدة. وعبثاً إن تحولت ذكرى التأسيس لمهرجانات خطابية فقط. حينها سيكون التكرار لا غير هو المتسيّد.
وبداية لا بدَّ منها ونحن نعيش هذه الذكرى بأن نبارك كل كوادر ورفاق الحزب ذكرى التأسيس هذه وكذلك نؤكد أننا على درب الشهداء سائرون للوصول للهدف. وعلينا أن نؤكد بنفس الوقت أنه في الذكرى الحادية والتسعين لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي (1934-2025)، على الحزب أن يدرك أنه أمام مفترق طرق حاسم، حيث تزداد التحديات الداخلية والخارجية، بينما تتعاظم الحاجة إلى تجديد خطابه السياسي وتوسيع قاعدته الشبابية لمواكبة المتغيرات الجذرية التي تشهدها العراق والمنطقة.
1. إرث تاريخي عريق وتحديات راهنة
تأسس الحزب الشيوعي العراقي في زمن كانت فيه الأفكار الاشتراكية والتحررية تتصدر المشهد السياسي العالمي، وتمكن من لعب أدوار مهمة في النضال ضد الاستعمار والأنظمة الديكتاتورية، كما شارك في المقاومة ضد حكم صدام حسين وساهم في الحراك السياسي بعد 2003. حيث يمتلك الحزب إرث نضالي تاريخي عميق وعريق وبنفس الوقت اليوم يواجه عدة تحديات جوهرية، أهمها؛ تراجع التأثير الجماهيري بسبب ضعف الحضور في الشارع العراقي مقارنةً بالأحزاب الدينية والطائفية. وكذلك يعيش الحزب أزمة الهوية الأيديولوجية في ظل انهيار النموذج الاشتراكي التقليدي وصعود خطابات جديدة (كالليبرالية الجديدة، الإسلام السياسي، والحركات الاحتجاجية الشبابية، الديمقراطية المجتمعية).
وللخروج من هذا المأزق وحالة الجمود ينبغي مراجعة الخطاب الأيديولوجي، حيث أنه لم يعد الخطاب الشيوعي الكلاسيكي قادراً على استيعاب تعقيدات الواقع العراقي. لذا، يتطلب الأمر تبني قضايا حديثة مثل العدالة الاجتماعية في عصر الرأسمالية الرقمية، وحقوق الأقليات، والبيئة، ومكافحة الفساد وتبني الديمقراطية. والأهم هو الابتعاد عن الشعارات التقليدية والانخراط في حوار مع تيارات سياسية واجتماعية جديدة. ورفد الحزب بالطاقة الشبابية وفتح المجال أمامهم للمشاركة في صنع القرار. وهذا لن يتم بالانتقاء الولائي السياسي، بل عبر افتتاح أكاديميات وظيفتها تحضير الشباب فكرياً بعد صقلهم تعبئتهم ثقافياً وبشكل معاصر. مما لا شك فيه أن الشباب مفتاح التجديد ولا يمكن للحزب أن يستمر دون أن يصبح بيتاً للشباب العراقي الطامح إلى التغيير.
وفي الختام نؤكد على أن الذكرى فرصة للتجديد. الذكرى الـ91 لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي يجب أن تكون محطةً لمراجعة الذات والخروج من قوقعة الماضي. فإما أن يتحول الحزب إلى منصة حيوية تستوعب طموحات الشباب وتواكب التحولات الكبرى، أو سيظل حبيسَ تاريخه، عاجزاً عن التأثير في مستقبل العراق.
وليكن شعار الحزب في السنة القادمة "التجديد ليس خياراً، بل ضرورة للبقاء".