عيد العمال العالمي وأوضاع الكادحين في إيران


جابر احمد
2025 / 4 / 30 - 15:21     

تزامن عيد العمال لهذا العام مع مرور قرن كامل على ضم إقليم الأهواز إلى جسم الدولة المركزية الإيرانية، والقضاء على ما كان يتمتع به هذا الإقليم من استقلال ذاتي نسبي، كما مر أكثر من مئة عام على نضال كادحي الشعوب في إيران من أجل بناء مجتمع جديد خالٍ من الفقر والحرمان، ومن أجل إقامة حكومة وطنية ديمقراطية من شأنها أن تمنح هذه الشعوب حقها في الحصول على حقوقها القومية المشروعة والتمتع بحقها في الحرية والعدالة الاجتماعية.

فعندما ساهمت هذه الشعوب، ومنها شعبنا العربي الأهوازي، ضد النظام الملكي، كانت تطمح أن يُزال عنها الاضطهادان القومي والطبقي، إلا أن هذه الثورة لم تحقق أي شيء من ذلك.

كما يصادف عيد العمال لهذا العام الذكرى الـ136 لاعتبار الأول من أيار عيدًا للطبقة العاملة؛ حيث جاء الاحتفال بهذا اليوم تكريمًا لنضال العمال الأميركيين الذين تظاهروا عام 1886 مطالبين بتقليل ساعات العمل من 14 ساعة إلى 8 ساعات يوميًا، وما تلاه من قمع دموي لهم في مدينة شيكاغو الأمريكية.

ومنذ ذلك اليوم، بات الأول من أيار مناسبة عالمية للمطالبة بحقوق العمال ومواجهة الأنظمة الشمولية والاستغلالية، ومن أجل بناء عالم أكثر عدالة.
كما يتزامن عيد العمال لهذا العام مع هجوم غير مسبوق من قبل الدوائر الجشعة لنظام ولاية الفقيه على الحريات العامة، وعلى حقوق جميع الفئات المسحوقة في إيران، في عموم أنحاء البلاد. ولعل أهم تعبيراته هو ارتفاع نسب الفقر والبطالة بين المئات من أبناء الشعوب الإيرانية، حيث بات الفساد أحد المشكلات الحادة التي يعاني منها المجتمع، وذلك بسبب انتشاره على نطاق واسع في إيران، فقد وجد تصنيف الشفافية الدولية لعام 2022 لـ180 دولة أن إيران أكثر فسادًا من المعدل المتوسط إلى درجة ما، حيث حصلت على 25 على مقياس يكون المتوسط فيه 43.

وبالإضافة إلى ما ورد، ووفقًا لتقارير مراكز رسمية مثل مركز أبحاث البرلمان الأوروبي والبنك الدولي، تشير إلى أن نسبة الفقر في إيران قد بلغت 30%، أي إن ما يقارب 30 مليون إيراني يعيشون في فقر، والأعداد في ارتفاع مستمر.
ومن خلال سياسات الخصخصة، التي انتهجها النظام، والتي أدت إلى تسريح أعداد كبيرة من العمال، وتدمير البنية الإنتاجية، وتحرير الأسعار، تسبب ذلك في ارتفاع معدلات التضخم، وانعدام الأمن الوظيفي، وتدهور شروط العمل، وتردي الحالة المعيشية للكثير من الأسر المهمشة.

كما شهد العام الماضي انطلاق الكثير من المظاهرات والاحتجاجات العمالية، ومن مختلف القطاعات، مثل النفط، والسكك الحديد، والمناجم، والاتصالات، والبلديات، والمستشفيات، حيث طالب من خلالها المواطنون برفض التمييز، والعدالة في الأجور، والوظائف الآمنة.
كما خاض المتقاعدون والمعلمون والممرضون نضالات بطولية، ولم تثنهم عمليات القمع والاعتقالات من المطالبة بحقوقهم المشروعة والعادلة.

ويأتي عيد العمال هذا العام أيضًا في ظل أوضاع دولية وإقليمية متوترة وخطيرة ناتجة عن مغامرات النظام الإيراني وتدخله في شؤون دول المنطقة، مما يعرض السلم العالمي للخطر. كما أن رضوخ النظام للموافقة على المفاوضات الأخيرة بين إيران والولايات المتحدة هو كون النظام قد أدرك أن سياسة المواجهة والحرب ليست في صالحه، لأن سياسة قادة النظام، وفي مقدمتهم خامنئي، وضعت البلاد في وضع داخلي وخارجي هش، ولم يبقَ لدى النظام إلا القمع والعنف وتقديم العروض الزائفة لإطالة عمر سلطته.

إننا على ثقة تامة أن النظام واقع بين سندان العقوبات الخارجية من جهة، ومطرقة الانتفاضات الداخلية من جهة أخرى، وهو بتفاهمه مع الخارج، خاصة الولايات المتحدة، يريد التفرغ من أجل قمع الانتفاضات الداخلية. ولكن التجارب أثبتت أن الأنظمة الشمولية عندما تستخدم العنف ضد شعبها، فإنما يعني ذلك نهايتها.

عاش الأول من أيار، والنصر حليف الشعوب المناضلة.