نقابات للمستقبل
عيسى الدرازي
2025 / 4 / 30 - 13:17
في الوقت الذي يشهد فيه العالم تحولات عميقة في بنية العمل ومستقبل القوى العاملة، لا يزال الواقع العمالي في البحرين يرزح تحت أعباء التهميش، وضعف البنية النقابية، وتراجع الدور الحقيقي للاتحادات العمالية، التي من المفترض أن تكون الحصن المنيع للدفاع عن حقوق العمال وتطلعاتهم.تعاني الحركة النقابية في البحرين من تراجعٍ كبير في فاعليتها وتأثيرها. فقد أُفرغت النقابات من مضمونها الحقيقي، وتحوّلت في كثيرٍ من الحالات إلى كيانات شكلية غير قادرة على تمثيل العمال تمثيلًا حقيقيًا، ولا على ممارسة دورها في الضغط والتفاوض والتأثير في السياسات العامة. وتزداد المشكلة تعقيدًا مع حالة الانقسام والتشظي التي تشهدها الساحة النقابية، والتي باتت في كثير من الأحيان أسيرة صراعات سياسية أو شخصية، بدلاً من أن تكون صوتًا موحدًا للقضايا العمالية.السلطة التشريعية، بدورها، لم تلعب الدور المنتظر منها في الدفاع عن حقوق العمال أو حتى مناقشة التحديات الجديدة التي تهدد مستقبلهم. أما الحكومة، فغالبًا ما تتعامل مع الملف العمالي من زاوية أمنية أو إدارية بحتة، دون أي رؤية استراتيجية بعيدة المدى تراعي التحولات التي يشهدها العالم.على الضفة الأخرى من العالم، تنشغل النقابات والاتحادات العمالية في صياغة استراتيجيات متقدمة لمواجهة تحديات مستقبلية وشيكة، مثل الذكاء الاصطناعي، والتحوّل الرقمي، وأتمتة الوظائف، والاقتصادات الخضراء والزرقاء والبرتقالية، التي تُبشّر بعالم جديد يختلف كليًا عن نظم العمل التقليدية.يحتدم النقاش في المؤتمرات والمنصات الدولية حول مفهوم “الانتقال العادل”، الذي يضمن ألا يكون العمال هم ضحايا هذه التحولات، بل شركاء فيها، ويجري الحديث عن تطوير المهارات، والتحول في أنماط العمل، وتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية، وتوفير الأمن الوظيفي للعاملين في القطاعات المهددة بالانقراض.لا يبدو أن هناك أدنى اهتمام بهذه القضايا في السياق البحريني، فلا الاتحادات العمالية تطرح هذه التحديات بجدية، ولا الحكومة تضعها ضمن أجندتها الوطنية، ولا حتى السلطة التشريعية تفتح حوارات حول مستقبل العمل والتحولات القادمة. هذا الغياب يُعمّق من هشاشة وضع العامل البحريني، ويجعله عرضة للتهديدات القادمة دون حماية أو استعداد.