غوبلز الخليج: إعلام محميات البترودولار في خدمة الإبادة والاستعمار
احمد صالح سلوم
2025 / 3 / 10 - 12:23
في تاريخ الدعاية، ترك جوزف غوبلز، وزير إعلام هتلر، بصمة لا تُمحى بتحويل الإعلام إلى سلاح لتبرير الإبادة والهيمنة. اليوم، نرى شبح غوبلز يتجسد في إعلام محميات الخليج الصهيو-أمريكي، من "الجزيرة" في قطر إلى "العربية" في الظهران، وصولاً إلى وسائل إعلام الإمارات والكويت. هذه الآلة الإعلامية، الممولة بالبترودولار، لا تكتفي بتشويه الحقائق، بل تعمل كأداة لتدمير تطلعات الشعوب العربية التنموية، وترويج أجندة الإبادة الجماعية التي تخدم الدوائر الاستعمارية.
البترودولار: قاتل الأحلام العربية
يمكن كتابة ملايين المجلدات عن كيفية استخدام البترودولار لخنق الطموحات التنموية العربية. منذ عهد جمال عبد الناصر، الذي حلم باستقلال اقتصادي وسياسي، إلى تجربة حافظ الأسد في سوريا التي سعت للاكتفاء الذاتي، وصولاً إلى العراق واليمن، كانت الأموال النفطية لمحميات الخليج سيفًا مسلطًا على رقاب الشعوب. بدلاً من دعم التنمية، تم توجيه هذه الثروة لتمويل الحروب الاستعمارية الأمريكية، من حصار العراق الذي قتل نصف مليون طفل، إلى احتلاله الذي أودى بمليون عراقي، وصولاً إلى دعم التنظيمات التكفيرية في سوريا واليمن.
أجندة الـ CIA: عناوين جاهزة
إعلام محميات الخليج، المنتشر من قاعدة العيديد في قطر إلى القواعد الأمريكية في الكويت والإمارات، لا يحتاج إلى تعليمات صريحة من واشنطن. كما يروي أحد العاملين السابقين في "الجزيرة": "إدارة القناة لا تقول لنا اكتبوا كذا، بل نحن نفهم عناوين أجندة الـ CIA وننفذ". هذه العناوين تتضمن ذم روسيا والصين، وشيطنة الاتحاد السوفييتي تاريخيًا، والهجوم على تجربة عبد الناصر كرمز للاستقلال. حزب الله، الحشد الشعبي، وحكومة صنعاء، جميعها تُصوَّر كتهديدات، بينما يُسخر من محاولات سوريا للاكتفاء الذاتي كـ"فشل اقتصادي"، دون الإشارة إلى الحصار والحروب التي فُرضت عليها.
تلميع الفاشية وتبرير الإبادة
الأخطر هو دور هذا الإعلام في تلميع الكيان الصهيوني كـ"قوة لا تُقهر"، وتقديم التنظيمات الفاشية الوهابية مثل الإخوان المسلمين، القاعدة، "داعش"، وحتى عصابات سمير جعجع في لبنان، كـ"ثوار" أو "مقاومين". كتابات فيصل القاسم وأحمد زيدان في "الجزيرة"، على سبيل المثال، تروّج لرواية مزيفة تبرر الإبادات الجماعية في سوريا والعراق، بينما تشوه صورة حركات المقاومة اللبنانية والعراقية، وتصفها بـ"الإرهاب" أو "التبعية لإيران". هذا النهج يعكس آلية غوبلز: كرر الكذبة حتى تصبح حقيقة.
تشويه الرواية الحقيقية
إعلام الخليج لا يكتفي بالترويج لأجندة الـ CIA، بل يعيد كتابة التاريخ والحاضر ليتماشى مع مشيئة الدوائر الاستعمارية. تجربة الاكتفاء الذاتي في سوريا، التي نجحت في ظروف قاسية، تُقدم كـ"اقتصاد متداعٍ"، بينما تُمجد السعودية والإمارات كنماذج "تنموية" رغم اعتمادهما الكلي على النفط والقواعد الأمريكية. الكيان الصهيوني يُصور كـ"دولة ديمقراطية"، بينما تُهمل مجازره في غزة. والتنظيمات التكفيرية، التي ارتكبت مجازر في حلب وحمص، تُقدم كـ"معارضة مشروعة"، في تناقض صارخ مع الواقع.
غوبلز والبترودولار: نفس الأدوات
تشابه آليات غوبلز مع إعلام الخليج يكمن في الدعاية المنظمة: تحديد عدو (روسيا، الصين، المقاومة)، تضخيم الانتصارات المزيفة (تلميع "داعش" أو الكيان الصهيوني)، وتبرير الإبادة كـ"ضرورة". غوبلز استخدم الراديو والصحف لدعم النازية، بينما يستخدم إعلام الخليج القنوات الفضائية والمنصات الرقمية لدعم العولمة الفاشية. الفرق الوحيد هو الممول: النازيون اعتمدوا على الاقتصاد الألماني، بينما يعتمد إعلام الخليج على البترودولار المتدفق من محميات العيديد والظهران.
خاتمة: إعلام الإبادة
إعلام محميات الخليج الصهيو-أمريكي ليس مجرد أداة ترويج، بل شريك في الإبادات الجماعية التي دمرت العراق وسوريا واليمن. بينما يواصل هذا الإعلام ذم المقاومة وتلميع الفاشية، يبقى السؤال: هل ستستيقظ الشعوب العربية على كذبة غوبلز الجديد، أم ستظل أسيرة أجندة الـ CIA التي تُكتب في الدوحة والرياض؟ من عبد الناصر إلى اليوم، كان البترودولار عدو التنمية، وإعلامه سيفًا مسلطًا على الحقيقة.
بالاستفادة من الذكاء الاصطناعي بالتوثيق