بيان ح ع ش م حول اغتيال الشيخ الذهبى يوليو 1977


سعيد العليمى
2025 / 3 / 1 - 14:18     

الانتفاض - جريدة حزب العمال الشيوعي المصري - العدد (٣٨)
السنة الخامسة - السبت ٩يوليو ١٩٧٧
ندين جريمة اختطاف واغتيال الشيخ الذهبي ونطالب بمحاكمة أفراد العصابة المجرمة أمام محكمة عادية
( بيان من حزب العمال الشيوعي المصري )
تابع حزب العمال الشيوعي المصري ، بقلق وتأثر بالغين ، وقائع الجريمة البشعة التى راح ضحيتها فضيلة الشيخ المرحوم الدكتور محمد حسين الذهبي وزير الأوقاف السابق ِ على أيدي العصابة الدينية الإجرامية التي تسمي نفسها بجماعة المسلمين أو الدعوة إلى الإسلام والمشهورة بجماعة التكفير والهجرة .
ويعلن حزبنا عن استنكاره التام وادانته الكاملة لهذه الجريمة المروعة للعصابة المجرمة الدموية التى اقترفتها ، معتدية بهذا الأسلوب الوحشي على حياة هذا المواطن المصري ، ومهددة شعبنا كله بالجرائم التي يمكن أن ترتكب في المستقبل بالاستناد الى هذا المنطق الإرهابي المدمر .
أننا نؤكد رفضنا القاطع للمنطق الإرهابي والنزعة الإرهابية ، اللذين يرفضهما الشيوعيون في كل مكان ، بكل حسم وبصورة مبدئية . ومن البديهي أن تأييد الشيوعيين للثورة الشاملة وللأعمال الحربية التى تنظم في سياقها ضد أي نظام استغلالي انتهي تاريخيا وسياسيا ، لايجمعه شئ بالنزعة الإرهابية التى تتصور ، واهمة في ذلك كل الوهم ، انها تغير شيئا عن طريق الأعمال الإرهابية .
ولكننا لسنا إزاء مجرد انحراف ارهابي لدى جماعة سياسية عادية ، فالإرهاب الدموي الذي أمامنا هو أسلوب تنتهجه عصابة دينية شكلا خاصا متطرفا ، وتعد امتدادا منطقيا ، للحركة الدينية السياسية الرجعية المنتشرة في بلادنا والتي تستغل تخلف الجماهير الشعبية في بلادنا بهدف جذبها إلى أشد الأهداف السياسية رجعية وتخلفا وقد امتزجت بالأشكال الدينية .
ونحن إذ نرفض جماعة المسلمين المشهورة بجماعة التفكير والهجرة ، شكلا وموضوعا ، أسلوبا ومحتوي ، إرهابا وهدفا لهذا الإرهاب ، فإننا نؤكد أن هذه العصابة الدينية الإرهابية المتطرفة ليست سوى أحد الاشكال التى يمكن أن ترتديها الرجعية الدينية باعتبارها حركة سياسية رجعية . وهى ليست سوى أحد الامتدادات الممكنة لحركة الإخوان المسلمين ، ولمختلف الاتجاهات الرجعية السياسية الدينية في بلادنا وهى اتجاهات ذات تاريخ ارهابي وبالأخص منذ عدد من العقود السابقة ، وهى تنتشر بصورة مكثفة ومهددة بالأخطار، وبشكل خاص ، منذ هزيمة ١٩٦٧،التي خلقت بيئة الهزيمة سياسيا ونفسيا ، وكانت بمثابة إعلان عن إفلاس السلطة الطبقية ( القائمة حتى الآن بطبيعة الحال بعد أعوام طويلة من الادعاءات العسكرية العريضة ) وكانت بمثابة الدعوة إلى مختلف هذه الاتجاهات إلى الحركة ، وبالأخص بعد أن أضعفت الهزيمة المركز الادبي والمعنوى للسلطة في وجه هذه الاتجاهات ، وبعد أن فتحت الأبواب أمام فترة غير قصيرة من الردة الشاملة والانتكاسة والعودة إلى الحظيرة الاستعمارية من جديد .
وينبغي أن نضيف أن الحركة الرجعية الدينية ( وهى حركة سياسية وليست مجرد جماعات الدعوة الإسلامية ) بمختلف اتجاهاتها، تنمو وتزدهر خلال الأعوام السابقة ليس تحت سمع وبصر أجهزة السلطة وحسب ، بل أن من جرائم هذه السلطة أن الرجعية الدينية تزدهر وهى محاطة بالتشجيع الحار من جانب السلطة التى تقدم لها كل التسهيلات ، ناظرة اليها كحليف طبيعي في مواجهة اليقظة الوطنية والثورية في صفوف شعبنا ، فى مواجهة استسلام وخيانة هذه السلطة أمام الاستعمار الأمريكي واسرائيل .
اى أن عصابة التكفير والهجرة هذه ليست سوى إحدى الثمار المرة لسياسة السلطة التى لا يمكنها أن تنظم الحركات التى تشجعها في صفوف عسكرية تتحرك بخطى منتظمة وفقا للإيقاع الذي تحدده هذه السلطة ... الأمر الذي جعل من المفهوم أن يحدث مثل هذا الصدام الحاد مع الجماعة التى أعلنت السلطة فيها رأيها على لسان وزير اوقافها السابق وهو للمقارنة الطريفة ، المرحوم الدكتور الذهبي نفسه ، عندما قال وهو ينطق بلسانها ( اغلب الظن أن هذه الجماعة ليست إلا فئة من الشباب ينشد التدين في أسمي صورة وأبعدها عن مظاهر فساد الخلق وانحراف السلوك ) كما جاء فى العدد الاخير رقم ٢٥٦١ من مجلة روز اليوسف .
ومن المنطقي أيضا أن تنمو وتزدهر هذه العصابات الإجرامية في ظلام الديكتاتورية البوليسية التى تتنكر فى بلادنا باسم الديمقراطية والعبور الديمقراطي وما شابه من الأسماء الجميلة التي يحاول النظام الديكتاتوري الخائن أن يتزين بها . فبعيدا عن الأضواء الكاشفة للديمقراطية الحقيقية وفى الأركان المظلمة لنظام بوليسي لا يتورع عن الاستغلال الممنهج لتخلف الجماهير ، تزدهر خفافيش العصابات من أشباه جماعه التكفير والهجرة . ولكن هذا لا يدين العمل السرى في حد ذاته ، فلأن السلطة تجرم أبسط الحريات الديمقراطية تضطر الطلائع الثورية لشعبنا إلى تنظيم نفسها في السر ، وهى تلجأ إلى سلاح السرية من أجل التحضير الطويل للثورة التى تقوم بها الجماهير العريضة ، فلا يجمع سريتها شئ بسرية العصابات الدموية التى تمارس هذا النوع من الإرهاب الإجرامي .
وإذ يدين حزبنا هذه العصابة والجريمة البشعة التى اقترفتها يداها وإذ يكشف فى نفس الوقت عن دور السلطة الطبقية القائمة في خلق البيئة التى تزدهر فيها هذه العصابات ، فإنه يود الاعلان عن مطالبته بالمحاكمة العاجلة لأعضاء وأنصار هذه الجماعة ، لكنه يحذر من اللجوء إلى الاشكال الاستثنائية مثل المحكمة العسكرية والنيابة العسكرية أو مثل محكمة ونيابة أمن الدولة العليا ، ليس فقط لأن المحكمة العادية والنيابة العادية لا تعجز عن الحسم السريع لهذه القضية ، وانما ايضا لأن السلطة تنطلق من مثل هذه المناسبات ، لكى تعمم الأشكال والاجراءات الاستثنائية وبالأخص في مواجهة القوى الثورية والديمقراطية والوطنية الحقيقية فى بلادنا ..