نحو عالم أكثر رقيا وتحضرا وإنسانية 3


ضياءالدين محمود عبدالرحيم
2024 / 8 / 4 - 02:46     

بسم الله العظيم والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد وعلى آله ومن والاه "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا" (58) سورة النساء
ثم أما بعد،

صَدَّر الغربُ لنا في الأدب والسينما والفنون عموما؛ صورة عن الحياة فى الغرب تقترب من المثالية في كل شئ لدرجة تدفع للإعتقاد أنهم يعيشون فى جنة الله تعالى على الأرض، ديموقراطية، عدالة، حرية، حقوق إنسان، وحقوق حيوان، مساواة، احترام الآخر هذه هي الصورة التى تشكلت في وجدان الكثيرون عن الغرب مع الكثير من المبادئ والأخلاق.

وللإنصاف فأنا لم أسافر للغرب ولم أحتك بهم إلا سطحيا ولكن المتأمل لمواقف فئة من قادة الغرب فيما يتعلق بالقضايا الدولية يجد تباينا كبيرا بين الصورة التى في الوجدان و تلك التى في الحقيقة.
إن الفرق بين الصورتين كما بين السماء والأرض فبينما ينادون بحماية حقوق الحيوان نجدهم يؤيدون قتل الرضع والأطفال والنساء والشيوخ وتدمير البُنى التحتية وهدم البيوت فوق الرؤوس؛ فلسطين مثلا وما جرى فيها من مجازر ومذابح على مر التاريخ.

وبينما يحرمون ويجرمون الاستعمار وانتهاك سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية؛ نجدهم يؤيدون الاستعمار ويمدون المحتل المعتدى الآثم بكل أنواع الدعم اللوجيستى والعسكري والديبلوماسي بل والإعلامي، ويغضون الطرف عما دون ذلك من الجرائم.
كما نجد أجهزتهم تتدخل في دول كالعراق وسوريا وأفغانستان والسودان، وغيرها من الدول، ضاربين عرض الحائط بالقيم الأخلاقية والمعاهدات والدساتير والاتفاقيات الدولية.
وعلى الجملة يعطون لأنفسهم باسم الديموقراطية ما لا يعطون لغيرهم من حقوق ، هل أجد إجابات للأسئلة الآتية؛

أين الديموقراطية في الأمم المتحدة ومجلس الأمن وحق الفيتو؟!

أين الديموقراطية في كل ما يحدث في العالم؟!

أين الديموقراطية عند تغليب المصالح على الحق والعدل؟!

كيف يفرز النظام الديموقراطي قادة دمويين لا يطبقونه؟!

كيف يفرز النظام الديموقراطي ازدواجية في المعايير؟!

أين المنظمات الدولية والنظام الدولى من حل تلك المشاكل بالطرق السلمية وفق قواعد القانون الدولى؟!

هل إعتقد بعض قادة الغرب أنهم وصلوا لدرجة من التقدم العسكري والتكنولوجى تتيح لهم فعل ما يشاؤون دون حساب؟!

هل طال على فئة من قادة الغرب الأمد فنسوا ويلات الحروب العالمية السابقة وما خلفته من مآسي ودمار؟!

هل ما زالوا يعتقدون في معركة هيرمجدون، وهل لو عاد السيد المسيح الآن لبارك أفعالهم أم لتبرأ منهم ومما يفعلون، ولحاسبهم حسابا عسيرا؟!

إن الأمم والحضارات إنما تقوم على العدل فإن انتفى انتهت.

وأخيرا وليس آخر إذا كان بعض أركان النظام الدولى عاجز عن حل تلك المشكلات فيجب تغييره، أما إذا كان راض عما يحدث ويباركه والنية مبيتة على شئ آخر فذاك أمر آخر، فليعيدوا قراءة التاريخ.

آن الأوان لنبذ الفرقة ولم الشمل والعيش معا كاخوة في الإنسانية لنستحق الاستخلاف في الارض، نتطلع سويا لعالم أكثر رقيا وتحضرا وإنسانية وتعاون وازدهار.

وللحديث بقية طالما هناك قلب ينبض