النقابات العمالية في ظل الديكتاتورية الاقتصادية
حميد كشكولي
2024 / 7 / 13 - 01:19
إن النقابات العمالية، رغم اعتبارها عموما أداة للديمقراطية العمالية، إلا أن النقابات السويدية تفشل في هذا الصدد. فالرأسمالية بطبيعتها تخلق اختلالًا في التوازن داخل أماكن العمل لصالح أصحاب العمل. و تُعتبر النقابات وسيلة للمطالبة بحقوق العمال ومواجهة هيمنة أصحاب العمل. وإن خيبة الأمل من النقابات السويدية نابعو من دعمها لقانون معادٍ للإضراب (2019) يقيد نفوذ العمال. وافتقارها لاستراتيجية موحدة لمواجهة قانون منع الإضراب. رغم أنه يُنظر إلى اتحاد SAC النقابي فقط (الذي يُذكر على أنه اتحاد نقابي نقابي) على أنه يعارض القانون بشكل فعال.
من البديهي أن الرأسمالية ليست ديمقراطية ؛ فالرأسمالية تعني الديكتاتورية الاقتصادية، وهو الأمر الأكثر وضوحًا في أماكن عملنا. لكن البديهيات لها ميزة كونها صحيحة وطالما أن العمال يعيشون في ظل ديكتاتورية أصحاب العمل، فهناك كل الأسباب لتكرار هذه الحقيقة والنضال من أجل الديمقراطية. ومن البديهيات الأخرى أن المعركة يجب أن تتم في المقام الأول أثناء العمل من خلال النقابات العمالية. ولكن ليس فقط أي اتحاد سيفي بالغرض.
و قد يجادل البعض بأن النقابات السويدية لا تزال تقدم مزايا قيمة أو أن قانون منع الإضراب له مبررات.
ولبناء الحجة ضد النقابات السويدية، يمكن تسليط الضوء على نقطتين إضافيتين:
• إضعاف حماية العمال: نفس قادة النقابات الذين دعموا قانون منع الإضراب، أيدوا أيضًا التغييرات التي طرأت على قانون حماية الوظائف في السويد عام 2022، الأمر الذي يضعف حماية العمال.
• استغلال العمال المهاجرين: وإم هذه مشكلة متفاقمة تتمثل في استغلال العمال المهاجرين، مما يوحي بأنه قد يؤدي إلى تفاقم ظروف العمل بشكل عام في السويد.
وإن قادة النقابات السويديين على ما يبدو لم يحصلوا على شيء في المقابل مقابل دعم قانون منع الإضراب (2019). ويعتبر هذا خيانة لمصالح العمال.
وإن دافع قادة النقابات في دعم القانون هو أنهم ربما كانوا يعتقدون أنها تنازل استراتيجي أو سعوا للحصول على ميزة أخرى غير مذكورة.
ولم تحصل النقابات السويدية على أي مكاسب مقابل تنازلاتها:
• ا
• انكماش اتحاد SAC: أصبح اتحاد SAC النقابي الاشتراكي القوي سابقًا يضم عددًا أقل بكثير من الأعضاء الآن.
• تقدم محدود (Limited Progress): يعترف الكاتب بأن اتحاد SAC حقق بعض النجاحات ولكنه يشدد على الحاجة إلى حركة أقوى.
إن إدراك عدم التوازن الحالي في القوة بين العمال وأصحاب العمل هو الخطوة الأولى نحو التغيير.
وإن هناك تقسيمًا واضحًا بين العمال (الذين يبيعون قوة العمل) والمالكين / الرؤساء (الذين يمسكون بالسلطة). وليس للعمال أي تأثير في قرارات مكان العمل الرئيسية أو اختيار القيادة.
وإن الوضع الراهن في أماكن العمل يمكن تشبيهه بالمرض، و أعراضه وآثاره هي:
• أعراض المرض (Symptoms):
o أصحاب العمل يجنون أرباحًا طائلة من خلال توظيف عدد قليل من العمال للعمل لساعات طويلة بأقل أجر ممكن.
o النتيجة بالنسبة للعمال هي نقص الموظفين والتوتر والأجور المنخفضة.
• عواقب المرض (Consequences):
o لا يعتبر أصحاب العمل والصحة والسلامة أولوية.
o يموت حوالي 3000 سويدي سنويًا في سن مبكرة بسبب مشاكل في العمل. ( أن السويد بلد صغيرنسبيًا).
• آثار أوسع للمرض (Wider Effects):
تضع الديكتاتورية الاقتصادية حدودًا صارمة للديمقراطية السياسية.
o يمكن الاقتباس من الفيلسوف الأمريكي جون ديوي لدعم فكرتنا بأن السياسة هي "الظل الذي يلقيه أصحاب الأعمال الكبار على المجتمع".
ونخلص إلى أن تكوين النقابات هو الطريقة الأساسية لمحاربة أعراض الديكتاتورية الاقتصادية. و الرغم من أهمية النضال النقابي، فهو غير كافٍ طالما بقي المرض نفسه قائمًا. (ثمة حاجة إلى نهج أكثر جذرية للتغيير).
ومن الضروري الدعوة إلى أماكن عمل يديرها العمال، وهو مفهوم يُقدم كبديل للنظام الحالي الذي يهيمن عليه أصحاب العمل.
النقاط الرئيسية هي:
• أماكن العمل التي يديرها العمال: يتصور المؤلف أماكن عمل يكون فيها للعمال، وليس أصحاب العمل، سلطة اتخاذ القرار.
• التركيز على الاحتياجات الإنسانية: يركز هذا النظام الديمقراطي على رفاهية العمال ورضاهم على تعظيم الربح.
• قوة الاتحاد كأداة: التأكيد على النقابات كاستراتيجية للعمال للسيطرة على أماكن عملهم.
• النقابية (Syndicalism): وهي فلسفة نقابية تركز على العمل الذي يقوده الأعضاء وتمكين العمال. ولها تشابه مع النقابية الصناعية في أمريكا الشمالية.
• سيطرة القاعدة النقابية (Rank-and-File Control): الدعوة إلى نقابات يقودها الأعضاء حيث يضع العمال، وليس قادة النقابات، الأولويات والتكتيكات.
• تقصير السويد (Sweden s Shortcomings): تفتقر السويد إلى نقابات يقودها الأعضاء ويُقترح بناء نقابات جديدة يسيطر عليها العمال.
تفصيل للنقاط الرئيسية:
• وحدة النقابات (-union- Unity): ثمة حاجة إلى توحيد النقابات عبر المهن وتجنب التجزئة (على سبيل المثال، نقابات Saco السويدية).
• استقلالية النقابات (-union- Independence): يجب أن تكون النقابات مستقلة عن الأحزاب السياسية (على سبيل المثال، نقابات LO و TCO السويدية) لإعطاء الأولوية لمصالح العمال.
• الرؤية النقابية (Syndicalist Vision): أهداف النقابية المتمثلة في النقابات التي يقودها الأعضاء والتضامن بين العمال والاستقلال.
• بناء نقابات قوية (Building Strong -union-s): ينبغي الاقرار بصعوبة إنشاء نقابات يديرها الأعضاء ويشجع كتابًا من تأليف المؤلف (النقابية السويدية - مخطط لعقيدتها وممارستها) يقدم إرشادات عملية.
• أماكن العمل التي يديرها العمال كهدف (Worker-Run Workplaces as the Goal): يُنظر إلى بناء نقابات قوية يسيطر عليها الأعضاء على أنه الخطوة الأولى نحو تحقيق أماكن عمل يديرها العمال في جميع أنحاء الاقتصاد.
• بذور مستقبل أفضل (Seeds of a Better Future): ربط أماكن العمل التي يديرها العمال بمستقبل يُنظر إليه على أنه "اشتراكية تستحق الاسم" أو "ليبرالية تستحق الاسم". يركز هذا المستقبل على حرية العمال والمساواة، ويرفض "عبودية الأجر" في النظام الرأسمالي.
نقاط إضافية للنظر فيها:
هل تخذل النقابات السويدية العمال؟
لا يمكنني الإجابة بشكل قاطع على سؤال ما إذا كانت النقابات السويدية تخذل العمال أم لا، لأن ذلك يعتمد على وجهة نظر الفرد وتقييمه للدور الذي يجب أن تلعبه النقابات في المجتمع.
هناك بعض النقاط التي يجب مراعاتها عند تقييم أداء النقابات السويدية:
من ناحية:
• حققت النقابات السويدية بعض النجاحات في تحسين أجور العمال وظروف العمل. على سبيل المثال، تتمتع السويد بأحد أعلى معدلات الأجور في العالم، ويستفيد العمال من العديد من المزايا مثل إجازة الأمومة والأبوة المدفوعة، ورعاية الأطفال بأسعار معقولة، والرعاية الصحية الشاملة.
• لعبت النقابات دورًا هامًا في حماية حقوق العمال ودعم الديمقراطية في مكان العمل. على سبيل المثال، ساهمت النقابات في إنشاء قوانين قوية للصحة والسلامة في العمل، وقوانين مكافحة التمييز، وقوانين الحماية من الفصل التعسفي.
• تدافع النقابات عن مصالح العمال في المفاوضات الجماعية مع أصحاب العمل. يساعد ذلك على ضمان حصول العمال على حصتهم العادلة من ثمار عملهم.
من ناحية أخرى:
• يُتهم بعض النقاد بأن النقابات السويدية أصبحت بيروقراطية وذات تركيز مفرط على المفاوضات الجماعية. قد يؤدي ذلك إلى إهمال احتياجات العمال الفرديين، وعدم القدرة على التكيف مع التغييرات السريعة في الاقتصاد.
• فقدت النقابات السويدية بعض أعضائها في السنوات الأخيرة. قد يرجع ذلك إلى عوامل مثل زيادة العمل المؤقت، وتراجع الصناعة، وتغيير مواقف العمال تجاه النقابات.
• يُعتقد بعض الناس أن النقابات السويدية لم تفعل ما يكفي لمواجهة التحديات التي يواجهها العمال في العالم الحديث. على سبيل المثال، قد لا تفعل النقابات ما يكفي لمكافحة عدم المساواة في الأجور، أو لحماية حقوق العمال في الاقتصاد الرقمي.
في النهاية، يقع على عاتق كل فرد تقويم أداء النقابات السويدية وتحديد ما إذا كانت تلبي احتياجات العمال.
من المهم أن نتذكر أن النقابات ليست مثالية، وأنها تمثل مصالح مجموعة كبيرة من الناس مع احتياجات وتوقعات مختلفة.
من المهم أيضًا أن نتذكر أن النقابات ليست هي العامل الوحيد الذي يؤثر على حياة العمال. تلعب عوامل أخرى مثل السياسات الحكومية والاتجاهات الاقتصادية العالمية دورًا هامًا أيضًا.
لذلك، من المهم أن نأخذ جميع هذه العوامل في الاعتبار عند تقييم أداء النقابات السويدية.
الفوائد والسلبيات المحتملة لقانون معادٍ للإضراب:
الفوائد المحتملة:
• زيادة الإنتاجية: قد يؤدي تقليل عدد الإضرابات إلى زيادة الإنتاجية، حيث يمكن للشركات التخطيط بشكل أفضل لعملياتها دون القلق من التوقف المفاجئ.
• انخفاض الأسعار: قد تؤدي الإضرابات إلى زيادة تكاليف الإنتاج، مما قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار للمستهلكين. يمكن أن يساعد تقليل عدد الإضرابات في خفض الأسعار.
• جاذبية الاستثمار: قد تجذب الدول التي لديها قوانين معادية للإضراب المزيد من الاستثمار الأجنبي، حيث قد يرى المستثمرون أن هذه الدول أكثر استقرارًا وأقل عرضة للاضطرابات العمالية.
• الحفاظ على السلام الاجتماعي: قد تساهم القوانين المعادية للإضراب في الحفاظ على السلام الاجتماعي، حيث قد تقلل من النزاعات بين العمال وأصحاب العمل.
السلبيات المحتملة:
• تراجع حقوق العمال: قد تؤدي القوانين المعادية للإضراب إلى تراجع حقوق العمال، حيث قد يكون من الصعب على العمال التفاوض على أجور وظروف عمل أفضل دون اللجوء إلى الإضراب.
• زيادة عدم المساواة: قد تؤدي القوانين المعادية للإضراب إلى زيادة عدم المساواة، حيث قد يصبح من الصعب على العمال ذوي الأجور المنخفضة التأثير على أجورهم وظروف عملهم.
• إضعاف الديمقراطية: قد تُضعف القوانين المعادية للإضراب الديمقراطية، حيث قد تقل قدرة العمال على التعبير عن آرائهم والمطالبة بالتغيير.
• زيادة التوتر الاجتماعي: قد تؤدي القوانين المعادية للإضراب إلى زيادة التوتر الاجتماعي، حيث قد يشعر العمال بالإحباط من عدم قدرتهم على التأثير على شروط عملهم.
من المهم ملاحظة أن هذه مجرد بعض الفوائد والسلبيات المحتملة لقانون معادٍ للإضراب.
تختلف التأثيرات الفعلية لمثل هذا القانون اعتمادًا على كيفية تصميمه وتنفيذه.
لذلك، من المهم إجراء دراسة شاملة قبل سن أي قوانين معادية للإضراب.