عاصفة الطفل شنودة


كمال غبريال
الحوار المتمدن - العدد: 7565 - 2023 / 3 / 29 - 18:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

ذلك الطفل المصري الذي انتزع من بين أحضان عائلة ترعاه، أياً كان نوع الرابطة البيولوچية التي تربطه بها. ليلقى به في ملجأ للأيتام (نعرف مدى سوء الرعاية التي يجدها رواد مثل تلك المؤسسات بمصر). ليتقاتل فرقاء المجتمع بعدها على الطفل البريء، إن كان من حق القبيلة المسلمة أم المسيحية. ولنفاجأ أثناء الجدل المجتمعي العبثي هذا، باكتشاف سلوكيات فاسدة، اقترفها جميع أطراف القضية بلا استثناء.
بعد النهاية السعيدة لهذه العاصفة المجتمعية. بإعادة الطفل إلى أحضان الأسرة التي كانت ترعاه. والتي وصلنا إليها ليس عبر القوانين المصرية التي تنظم حياة شعب من المفترض أنه ضمن ركب الشعوب الساعية للتقدم والحداثة. وإنما وصلنا إليها عبر قرار سياسي شجاع. تجاوز كل ما حدث وتكشف خلالها. من عوار قانوني وتفسخ مجتمعي. وتصرفات غير قانونية من سائر أطراف القضية. شاركتهم فيها المؤسسات الدينية القبطية.
جاء القرار السياسي لصالح الطفل البريء. لكنه تجاوز أو قفز فوق ما ظهر من القضية من أزمة أو ورطة مجتمع متعددة الجوانب. أهمها الأزمة القانونية. تليها أو تلحق بها أزمات مجتمعية أخلاقية وقيمية تفوح منها روائح فساد تزكم الأنوف.
بعد كل ما حدث من لغط وجدل عقيم ما بين إنساني ولاإنساني طائفي متعصب، انخرط فيه الجميع.
بعد كل هذا،
هل لدى الشعب المصري ومنظوماته السياسية والاجتماعية ما يكفي من الوعي والإرادة. ليتلافى ما أظهرته تلك العاصفة من عوار وثغرات قاتلة في حياتنا؟
- هل نقوم بسن قوانين أحوال شخصية مدنية حديثة وإنسانية، كما هو حادث في العالم المتقدم، وننقذ المصريين من بين براثن رجال المؤسسات الدينية، ليكون اللجوء إليها خياراً شخصياً؟
- هل نسن قانوناً إنسانياً مدنياً للتبني، والذي تحتاج مثيله جميع المجتمعات الإنسانية. لتبقى مسألة تحليله أو تحريمه رهناً بضمير الإنسان الفرد وقناعاته؟
- هل ننهي أي ذكر أو ارتباط بين انتماء المصري الديني، وبين بيانات هويته في الوثائق الرسمية للدولة. باعتبار القناعات الدينية أمر شخصي لا دخل للدولة به، وقابل للتغيير وفق تطور وتغير وعي الإنسان الفرد؟
- هل نعدل دستورنا، ليكون دستوراً حديثاً مدنياً خالصاً، يصلح أن نتقدم به لمستقبل أفضل طال بنا انتظاره؟
- أخيراً هل ننقي منظومتنا القانونية، لتكون حضن العدالة الذي يلجأ إليه جميع المصريين طلباً للإنصاف. دون تفرقة بين مصري وآخر على أساس ديني. فلا يجد المصري نفسه يذهب للتحايل على القانون. ولا يعود القبطي يلجأ للكنيسة لغير دواع العبادة. وتتوقف الكنيسة عن أن تكون دولة للأقباط داخل الدولة المصرية؟