هل ان العلم أصبح المشكلة الأساسية لمواطني كردستان العراق؟


بيان صالح
الحوار المتمدن - العدد: 1665 - 2006 / 9 / 6 - 10:47
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق     

فقط بعد مروراسبوعين على انتشار المظاهرات الواسعة والعارمة في الكثير من مدن وضواحي كردستان العراق و تصاعد أصوات احتجاج و غضب الجماهير من الوضع المعيشي الشاق والعسير والحرمان من ابسط الحقوق البدائية من حيث الغلاء المعيشي , فقدان وشحة المياه , أزمة الوقود وانقطاع التيار الكهربائي المتواصل ,بالإضافة إلى تدني الخدمات الاجتماعية والصحية وتدني الأجور والرواتب . وتوسع الهوة بشكل كبير ومجحف بين حياة ومعيشة القيادات الحاكمة المتمتعة بكافة وسائل الحياة المرفهة وبين حياة ملايين المواطنين الذين يعانون من الفقر وتردي المستوى المعيشي , لقد نفذ صبر الشعب الكردي من تفشي الاستغلال و ظاهرة الفساد الاداراي والاقتصادي داخل مؤسسات حكومة اقليم كردستان بشكل مفضوح . ومن أكثر المظاهر الوحشية والقاسية هي التي قامت بها الأجهزة الأمنية بالهجوم على المتظاهرين واعتقال ناشطي تنظيم الاحتجاجات و المتظاهرين بشكل قمعي وهمجي بعيد عن روح التمدن والديمقراطية التي كانوا يتغنون بها للعالم وضرب و اعتقال مصورين ومراسلين و صحفيين و من مختلف وسائل الإعلام .

نعم وسط تلك الأجواء من اعتراضات واحتجاج الشعب الكردي أعلن مسعود بارزاني - رئيس إقليم كردستان - قرار عدم رفع العلم العراقي الحالي على مناطق إقليم كردستان لكونه علم نظام ديكتاتوري وفاشي . إعلان عدم رفع علم العراقي على مناطق إقليم كردستان جاء في وقت تنامي فيه وعي الجماهير بحقوقهم والدفاع عنها بطريقة منظمة وملحة , جاء القرار كقنبلة موقوتة لتغير مسار الشارع العراقي وجره إلى الصراع القومي وتأجيجه سواء في كردستان أو في المناطق الأخرى والتي شهدت احتجاجات جماهيرية واسعة و كان أبرزها إضرابات عمال النفط في البصرة وعمال النفط في كركوك .

ما أن أعلن عن القرار بدأت وسائل الإعلام المختلفة بنشر الخبر بسرعة فائقة ونشطت أقلام قومية عربية وكردية وقدمت تحليلات متنوعة من إدانة و غضب من هذا الإعلان ومن دافع عنه بصفته حق الشعب الكردي في رفع العلم الكردي وعدم رفع علم النظام العراقي السابق . لقد حرك الإعلان الكثير من الساسة العراقيين الذين وقفوا وبسرعة ضده ,وحتى الرد السريع من قبل رئيس الوزراء نوري المالكي والدفاع عن العلم العراقي بقوله (إن علم العراق الحالي هو العلم الوحيد الذي يجب إن يرفع في كل شبر في العراق ). أين أنت يا مالكي وحكومتك الهزيلة من التدخل السريع لما يعانى منه الشعب العراقي الذي تحت سلطتكم الطائفية - القومية وسلطة أسيادكم من الانفلات الأمني و القتل اليومي للمدنين ,الغلاء المعيشي ,البطالة ,عدم توفير المياه والكهرباء وعدم توفر الوقود في منطقة تغرق في بحيرة هائلة من النفط !! , لماذا ردة فعلكم لم تكون سريعة وفورية لمشاكل ومتطلبات الشعب؟ .

لقد أصبح موضوع العلم المشكلة الأساسية وحديث الساعة في العراق ألان ,كأن الشعب لا يعاني من أي مشكلة سوى نوع العلم العراقي الذي سيرفع على مناطق إقليم كردستان .يا لوقاحتكم في التلاعب بمصير الشعب كل يوم تأتون بنغمة جديدة من اجل مصالحكم البورجوازية القومية والطائفية البعيدة كل البعد عن مصالح الشعب العراقي .

أين كانت ثوريتك ودفاعك عن الشعب الكردي يا سيد مسعود البار زاني في 31 أب 1996 عندما تعاونت مع الجيش العراقي و براية العلم العراقي البعثى الفاشي للهجوم على كردستان وحسم صراعكم القذر مع جلال الطالباني التي فرضتم فيها على الشعب الكردي أجواء الحرب و الرعب و التشرد عليهم , أين كانت مختبئة ثوريتك القومية ! انذاك وحرصك على مصالح الشعب الكردي ودفاعك الكاذب عن المجازر التي ارتكبت بحق الأكراد من الأنفال و الضرب بالأسلحة الكيميائية وأنت تقاتل مع جيش صدام حسين و براية العلم البعثي الذي اعدم المئات من المعارضين العراقيين انذاك ! , أذ تأتي اليوم و تعلن عن عدم رفعه على مناطق إقليم كردستان..

كفاكم إجراما أيها القادة الفاسدين بحق الشعب العراقي وكفاكم خداعا لهم وجرهم إلى صراعاتكم القومية والطائفية !! وإهمالكم مطالبهم واحتياجاتهم من ابسط الحقوق في حين تتمتعون بحياة رغيدة ومرفهة انتم و وأسركم و أقربائكم من اللصوص والمافيات . الجماهير ستحترم وتدافع عن علم يتوفر لها في ظله المساواة والعدالة الاجتماعية وحياة حضارية مرفه , امنة ومستقرة تليق بالانسان المعاصر.