بديل الفلسفة والمنطق..!


حاتم بريكات
2021 / 9 / 20 - 21:12     

واضح أن نتائج إيقاف تدريس الفلسفة والمنطق لعدة عقود بدأت تظهر، فالتاريخ أثبت أن بديل سيادة الفلسفة والمنطق غالباً ما يكون الضياع وإدمان المغالطات والوهم، ولك أن تتابع أي تفاعل للناس مع أي خبر على التواصل الاجتماعي الذي لا أعلم سبب تأخر علماء الإجتماع والنفس في تطويقه وتحليله علمياً.

شكل تفاعل الناس الغريب مع المواد المعروضة أمامهم هو العرض الأخير من أعراض هذا الإيقاف، وبتقديري فتدريس الفلسفة -والمنطق طبعاً- يضمن أكبر عددٍ من الواصلين لقواعدها ومبادئها وأدواتها.

منذ الفلاسفة اليونان قبل الميلاد أسست الفلسفة لهذا الصرح العلمي الكبير الذي نراه اليوم، وبالرغم من أن معظم انتاجات هذه الفلسفة استطاع العلم أن يكشف بساطتها كتفسير الذرة الذي اعتقد بأنها الجزء الذي لا يتجزأ، نظرية مكونات الوجود (الماء والهواء والنار والتراب) وغيرها من الأمثلة.

رغم أن العلم اكتشف بساطة هذه الفلسفة القديمة إلا أنه لا زال يعترف بأنها هي الأساس ويحترمها كتاريخ له، وهذا دليل على أهمية الفلسفة كأداة فهم بغض النظر عن بعض انتاجاتها. باختصار الفلسفة والمنطق يشكلان الوصفة حصرية القادرة على تجهيز العقل البشري لاستقبال العلم وتطويره.


اليوم نحن كمجتمع على عداوة مع الانتاج العلمي، ويبدو أيضاً أن القضية ليست فقط دعم الدولة للبحث العلمي من عدمه، فتوفر المعلومة والبيانات ووجود علوم ضخمة كان أساسهاً التأمُّل الشخصي الخالص يتجاوز هذه الشمَّاعة فلا داعي للتذكير بأن جزء مهم من العلوم ظهر خلال الحروب وفي المجاعات والفقر والخوف خصوصاً في الحربين العالميتين الأولى والثانية..!

باعتقادي أن تقليل اعتبار الفلسفة جاء خوفاً من قدرتها على ايصال العقول إلى حقوقها، فالمادية التي تقود إليها الفلسفة تسحب البساط من تحت تجار الطموحات والأحلام والوهم، فلا يُمكن لشخص تشكّل دماغه على الفلسفة أن يقبل بحرية التعبير دون أن يملك حق السَّكن مثلاً، ولا يمكن لأي جهية أن تبيعه الماورائيات مقابل واقعه وبؤسه، ولن يستطيع أحد أن يحوله إلى سلعة تدور حول نفسها كثور الساقية كما في أنظمة رأس المال.

تجميد وتحييد الفلسفة عمل تكاملي تقوم به الجماعات الإسلامية والأنظمة السياسية والتجار لإبقاء مارد الفلسفة بعيداً عن تشكيل وعي الناس، والواضح اليوم أن الناس اعتادوا على تناول البنية الفوقية ونسيان البنية التحتية المادية الأساس بل أنهم أصبحوا يدافعون عن هذا التكامل دون أن يدروا .