طالبان بين الديمقراطية والشريعة


أحمد عصيد
الحوار المتمدن - العدد: 6995 - 2021 / 8 / 21 - 18:22
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

أعلنت حركة "طالبان" بأنها لا تنوي إقامة نظام ديمقراطي في أفغانستان، وأنها في المقابل ستعمل على إقامة الشريعة الإسلامية، ويعني ذلك ما يلي:
ـ أن هذه الحركة تعتقد بأن قوة السلاح كافية لفرض شرعية سياسية دون احترام السيادة الشعبية.
ـ أنها تعتبر نفسها اختيارا إلهيا تجعل شرعيتها آتية من السماء وليس من الأرض. ما يفسر استخفافها برأي وإرادة الشعب الأفغاني.
ـ أنها لا تؤمن بمبدأ التداول على السلطة، لأنها تعتبر نفسها قدرا نهائيا لا بديل عنه.
ـ أنها لا تؤمن بالحق في الاختلاف والنقد اللذين تعتبرهما جريمة، فما دامت طالبان تمثل القرار الإلهي فإن مخالفتها تستوجب العقاب.
ـ أنها لا تؤمن بالمساواة في إطار المواطنة فهي تفضل المؤمن بدينها ومذهبها على غيره، كما تفضل الرجال على النساء في التعليم وكل مرافق الحياة العامة.
ـ أنها لا تقبل بالحريات لأنها تفرض نظاما قاسيا للوصاية يحدد للناس كيف يأكلون ويلبسون ويجلسون ويتكلمون ويفكرون، بل حتى كيف يدخلون المرحاض.
ـ أنها لا تقبل بسمو القانون لأنها تعتبر القانون ما نزل من السماء وليس ما يشرعه البشر لأنفسهم وفق مصالحهم المتغيرة.
ـ انها تعتبر الدين وسيلة سياسية للسيطرة وشرعنة الاستعباد ولهذا ترفض الفصل بينهما.
هذا النظام الذي أعلنته طالبان بديلا للديمقراطية هو نفسه الذي عاش به المسلمون على مدى قرون طويلة ، إلى أن استيقظوا على دوي مدافع الأزمنة الحديثة وهم في غاية الضعف والتأخر.
والغريب أن طالبان تتحدث عن إقامة الشريعة في زمن سقطت فيه جميع أنظمة اللاهوت والوصاية الدينية، سقطت "داعش" و"جبهة النصرة" و"ّأنصار الشريعة" و"بوكو حرام" وسقط "الإخوان المسلمون" في مصر والسودان وفشلوا في تونس والمغرب وليبيا، بل إن السعودية نفسها تغيرت بإعلان طلاقها مع الوهابية والتشدّد الديني.
في هذا السياق الذي يعرف نهاية مرحلة يأتي "طالبان" ليعيدوا عقارب الساعة إلى الوراء، وهو أمر مستحيل.
هروب طالبان من الديمقراطية هو تهريب للسلطة، لكنهم يعلمون بأن للشعب الأفغاني رأي آخر، إذا لم يتمكن اليوم من التعبير عنه بسبب الخوف فإنه سيكون قادرا على التعبير عنه غدا في سياق مغاير سيأتي بقوة الأشياء.