الحل الأمثل للدفاع عن الإنسان في فلسطين


رابح لونيسي
الحوار المتمدن - العدد: 6905 - 2021 / 5 / 21 - 16:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

يعاني الشعب الفلسطيني من مجزرة منذ إيام، وهي ليست الأولى، فمنذ قيام الكيان الصهيوني في1948، وهو يتعرض لمجزرة وراء أخرى بداية بدير ياسين ونهاية بمجزرة اليوم ومرورا بصبرا وشاتيلا وغيرها من المجازر التي تحدث أمام سكوت عالمي مطبق، ان أي إنسان مهما كان من المفروض أن يقف دائما إلى جانب هذا الشعب مهما كانت منطلقاته الفكرية أو الأيديولوجية وغيرها، فالمنطلق الإنساني يفرض ذلك، فمن غير المعقول تأييد كيان يقتل الأطفال، ويشرد الشيوخ والنساء، ويستخدم طائرات الفانتوم لضرب العزل وتقتيلهم، وما يؤسف له هو تبرير هذه الجرائم بما تقوم به المقاومة الفلسطينية دفاعا عن أرٍضها، فهنا تحضرني مقولة الشهيد البطل الجزائري العربي بن مهيدي الذي رد على المستعمر الفرنسي الذي حاول تجريم المجاهدين الجزائريين لأنهم يفجرون قنابل تقليدية بإخفائها في القفف للدفاع عن الجزائر بقوله لهم "أعطونا طائراتكم، سنعطوكم قففنا"، فهل يتساوى الفانتوم الصهيوني بسلاح بسيط لشعب يدافع عن أرض أغتصبها هذا الكيان؟.
أن مايقوم به الكيان الصهيوني اليوم ضد الشعب الفلسطيني ما هو إلا إرهاب، وكل من يدعمه في ذلك هو داعم للإرهاب أيضا، فالإرهابي في حقيقة الأمر هو كل قاتل أو داعية للقتل لأسباب عرقية أو عنصرية أو دينية وطائفية، فالنازية إرهاب، لأنها تقتل الناس معتقدة بأنهم يعرقلون المسيرة الحضارية، وبأن الجرمان هم أفضل الأجناس، فالصهيونية إرهاب، لأنها عنصرية، وتنطلق من فكرة "شعب الله المختار"، فالتطرف الديني الموجود في كل الأديان إرهاب، لأن أصحابه، يعتقدون أنهم مختارين من الله لفرض مفهومهم وممارساتهم الدينية على الآخرين بالعنف، ويعتبرون أنفسهم "الفرقة الناجية" والآخرون كفار، وهو نفس المفهوم الصهيوني، أي "مختارين من الله"، أما الإرهابي الأكبر، فهو الإستعمار، لأنه يعتدي، ويحتل آراضي الغير لسلب ثرواته وخيراته، ويعطي لممارساته مبررات ومنطلقات عنصرية ضد الشعوب المستعمرة.
ان الصهيونية ما هي إلا حركة إرهابية ناتجة عن إستغلال الدين اليهودي وتوظيفه لخدمة أغراض سياسوية، فهي مبنية على نشر كراهية الآخر والحض على قتله، فالصهيونية لا تختلف عما يفعله الإرهاب عندنا بإسم الإسلام البريء من ذلك، ولاتختلف عما فعله البابا أوربان الثاني مع فلاحي أوروبا بتجنيدهم لخدمة ملوك أوروبا في حرب مقدسة أثناء الحروب الصليبية، ونفس الأمر قام به مؤسسو الحركة الصهيونية التي حرفت التوراة، وأولته تأويلات تخدم أغراضها السياسوية كي تدفع سفهاء هذا الدين إلى الهجرة إلى فلسطين بدعوى أنها أرض الميعاد التي تحدثت عنها التوراة، وأفتى أحبارهم، بأن من لم يهاجر إليها، فهو "كافر"، لأنه لم ينفذ الأمر الإلهي بالهجرة إلى أرض الميعاد التي لم تحدد التوراة أصلا مكانها، وأكثر من هذا، فالصهيونية تحث اليهودي في المدرسة وأماكن العبادة على قتل كل عربي ومسلم، وبأنه طريق لدخول الجنة وإرضاء الله، كما يفعل أغلب المستغلين للدين، فكما ينظر البعض عندنا أنهم يمتلكون الحقيقة المطلقة، ويحق لهم تصفية المختلف عنهم، فكذلك الحركة الصهيونية تعتبر كل من ليس بيهودي هو من الجويم يحق قتله وإستغلاله وممارسة كل أساليب الكذب والخداع عليه، وهذا ما يفسر إرهابها بالأمس واليوم ضد الشعب الفلسطيني الأعزل،الذي يحق له الدفاع عن أرضه، كما ستمارسه هذه الحركة العنصرية ضد شعوب أخرى لو أمتلكت قوة أكبر في المستقبل.
إن أكبر إرهاب أيضا هو إحتلال آراضي الغير مهما كان غطاؤه، فالقانون الدولي يعطي شرعية قانونية للدفاع عن الأرض في حالة تعرضها لأي إحتلال كان، وهذا ما ينطبق على جبهة التحرير الوطني في الجزائر، وعلى كل حركات التحرر ضد أي إستعمار وإحتلال لأرض الغير، أن الدفاع عن الأرض ضد أي إستعمار كان ليس إرهابا، بل هو عمل تحرري، وينطبق أيضا على مقاومي الكيان الصهيوني، الذي ما هو في الحقيقة إلا مقاومة وعمل تحرري ضد كيان إستعماري عنصري وإستيطاني أقامه أناس جاءوا من أصقاع العالم للإستيطان في أرض الفلسطنيين بكل مكوناتهم سواء كانوا مسلمين أم مسيحيين وحتى يهود فلسطينيين وغيرهم، لأن اليهودي الفلسطيني، الذي لم يأت من أي مكان آخر هو اليهودي الوحيد الذي له الحق للعيش في هذه الأرض إلى جانب الفلسطنيين الآخرين مسلمين ومسيحيين، إضافة إلى كل من يقبل العيش في دولة فلسطينية مدنية وعلمانية، أي بمعنى دولة تقف موقف الحياد، وبنفس المسافة تجاه كل الأديان التي تشملها هذه الأرض التي عليها حمايتها كلها كما تنص العلمانية بمفهومها الحقيقي لا المزيف والمنحرف، كما عليها أن تضمن المساواة بين كل مواطني هذه الدولة الفلسطينية، وتحترم كل حقوق المواطنة للجميع.
لم يكتف هؤلاء الغزاة الذين جاءوا من أماكن عدة من العالم بذلك، بل شرعوا في التوسع إلى الآراضي المجاورة مثل جنوب لبنان والجولان وغيرها، ولا ندري أين سيتوقف توسعهم هذا، فهل نسينا أن علم الكيان الصهيوني يقول بأن كيانهم سيمتد من النيل إلى الفرات؟، أفلا يحق لهؤلاء الذين تعرضوا للغزو الدفاع عن أرضهم؟، فإن أدان البعض كفاح الشعب الفلسطيني من أجل تحرير أرضه، وأيد الكيان الصهيوني وجرائمه، فمعناه ينزع عن شعوبنا حق الدفاع عن أرضهم، فهذا الموقف المدين لحركة التحرر الفلسطينية معناه أننا ندين ثوراتنا الوطنية ضد الإستعمار، ونعتبرها إرهابا.
فبصفتي جزائري، فأني أعتبر كل من يؤيد الكيان الصهيوني، ويعطي له شرعية بأنه معاد أيضا لوطني الجزائر، لأنه بموقفه هذا، فهو يعطي ايضا شرعية للمستوطنين الأوروبيين الذين جلبهم الإستعمار الفرنسي منذ1830، وأعطى لهم أراضي أجدادي التي سلبها منهم كما وقع في فلسطين بالإتيان بيهود من عدة بلدان لأخذ أراضي الغير والإستيلاء عليها.
فكل المواثيق الدولية تعطي حق الدفاع عن الأرض في حالة تعرضها لأي إحتلال كان، وهو ما ينطبق على كل حركات التحرر الوطني ضد أي إستعمار وإحتلال، ومنها التنظيمات المواجهة للإحتلال الإستيطاني الصهيوني في فلسطين، والمتشكل من أناس جاءوا من أصقاع العالم للإستيطان في أرض الفلسطنيين بكل مكوناتهم سواء كانوا مسلمين أم مسيحيين وحتى يهود فلسطينيين، فاليهودي الفلسطيني، الذي لم يأت من أي مكان آخر هو اليهودي الوحيد الذي له الحق للعيش في هذه الأرض إلى جانب الفلسطنيين سواء كانوا مسلمين أومسيحيين أو لادينيين وغيرهم، إضافة إلى كل من يقبل العيش في دولة فلسطينية تضم كل فلسطين في كنف المساواة وحقوق المواطنة للجميع، فما يمنع العالم من أجل الضغط لنقل نفس الحل الذي قضى على الأبارتيد في جنوب افريقيا إلى فلسطين كدولة يتعايش فيها الجميع في كنف المساواة بعد القضاء على النظام العنصري الإرهابي الصهيوني الذي لايختلف كثيرا عن نظام الأبارتيد الذي عرفته جنوب أفريقيا؟.
لاحظ الكثير إصراري على إستخدام تسمية الكيان الصهيوني عند حديثي عن قضية الشعب الفلسطيني، ويعود ذلك إلى رفضنا وعدم إعترافنا بهذا الكيان الذي أطلق على نفسه إسم نبي بدل التسمية التاريخية لهذه الأرض، وهي فلسطبن التي ذكرت أصلا في التوراة، وبصفتي جزائري، عانى من إستعمار إستيطاني أوروبي فرض نظاما عنصريا علينا، وأستولى على آراضي أجدادي، فإني أعتبر كل من يعترف بهذا الكيان، بأنه أعتدى على الجزائر، لأنه بموقفه هذا أعطى شرعية للمستوطنين الأوروبيين في بلادي أو ما يسمونهم بالأقدام السوداء الذين لازال أحفادهم يحلمون بما يعتبرونه "إستعادة الجزائر"، وهو مايظهر بجلاء عند تتبع وتفكيك خطاباتهم ومنشوراتهم.
فالكيان الصهيوني هو شبيه بالإستعمار الإستيطاني الفرنسي في الجزائر، فهذا الكيان الصهيوني، يتشكل من أناس جاءوا من كل بلدان العالم، وأستولوا على أرض شعب فلسطين، وأقاموا فيه نظاما عنصريا تمييزيا على أساس ديني ، فقد وقفت، وأقف، وسأقف دائما إلى جانب الشعب الفلسطيني بكل مكوناته مسلميه ومسيحييه وملحديه ولا دينييه وغيرهم، وحتى يهودييه الفلسطنيين الغير مستوطنين ، أي الذين كانوا يعيشون في هذه الأرض من قبل، وينبع موقفي الدائم هذا من منطلقين أولهما: أنها قضية تحرر إنسانية، وثانيهما دفاعا عن الجزائر بعدم إعطاء أي شرعية للمستوطنين الأوروبيين أو الأقدام السوداء في أرضنا الجزائرية، كما أرفض التركيز على إعطاء صبغة دينية أو عربية للكفاح من أجل تحرير الأرض الفلسطينية، لأن التركيز على هذه الصبغة تؤزم أكثر قضية هذا الشعب المقهور في أرضه، ويبعد عنه أصحاب الديانات الأخرى والشعوب غير العربية، ويعطي سلاحا فعالا للكيان الصهيوني لتحويل الصراع إلى صراع ديني، ليكسب به تضامن البعض من غير المسلمين وغير العرب، فقضية فلسطين في نظري تشبه تقريبا قضية جنوب أفريقيا، والحل هو نفس حل جنوب أفريقيا الذي قاده الرجل العظيم نلسون منديلا.