الجيل الخامس للحرب


عدنان الصباح
الحوار المتمدن - العدد: 6758 - 2020 / 12 / 11 - 15:45
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر     

ارسل لي احد الاصدقاء الاعزاء من المهتمين والمتابعين فيديو يوثق بشكل سهل وسريع ما قاله ما قاله ويليام ليند عن تقسيم الحروب الى اربعة اجيال وهي باختصار شديد الحرب التقليدية القديمة والجيل الثاني الحرب التقليدية بالأسلحة الحديثة والجيل الثالث الحرب هي الحرب الوقائية او الاستباقية والجيل الرابع وهي تدمير العدو من الداخل وهي الاكثر شيوعا منذ نهاية الحرب الاستعمارية الثانية وكان ابهى استخدام لها ما سمي بالربيع العربي في العقد الاخير من هذا القرن وفي العالم العربي تحديدا وحيث ارادت الامبريالية المستغولة ذلك فعلته
فيديو ديقي هذا قادني الى السؤال عن الجيل الخامس او السادس او حتى السابع للحرب فهناك من كتبوا او تحدثوا عن الجيل الخامس باعتبار الاعلام ووسائل التوال ركيزة هذا الجيل للسيطرة على العقل وقيادته برغبة ومصلحة المسيطر وحتى يتمكن من فرض سيطرته دون اللجوء الى القفازات الحديدة لجمهوره المباشر ولا زال العالم يذكر صرخة الاستعماري البريطاني الاشهر سيسيل رودوس الذي دعا الراس المال الانجليزي للتخلص من ازماته الاقتصادية وفي مقدمتها البطالة بالذهاب الى الخارج والسيطرة على اراضي وثروات الغير وهي الاستراتيجية التي لم تتغير منذ بدء فكرة الاستعمار ونهب ثروات الشعوب المستضعفة ولا زال الامر قائما حتى يومنا عبر وكلاء حصريين يسمون حكاما او قادة في الدول الغنية بثرواتها والضعيفة بقدراتها العسكرية او مسلوبة الارادة بقيادات ارتهنت لإرادة الاعداء.
لم يتغير شيء في مصلحة راس المال ولكن تتغير الوسائل بشكل كبير لتصبح اقل كلفة واكثر تأثيرا وقد قالت يوما وزيرة خارجية أمريكا كوندراليزا رايس ان على الاغنياء في دول العالم الثالث ان يدفعوا للفقراء هناك وان يتوقف دافع الضرائب الامريكي من ان يقوم بهذه المهمة بالنيابة عن أغنياهم وقد فعلت امريكا ذلك جيدا فاستخدمت اغنياء العرب ليس للدفع لرفاهية فقراءهم بل بالدفع لقتلهم وشراء اسلحة امريكا لقتلهم واقتتالهم وبوضوح وعلنية سافرة استخدمت أمريكا ولا زالت ثراء العرب لموت العرب اما بالخيانة او بالغباء فتحولت امجاد صدام حسين الى كارثة على العرب ولا زالت ثروات العراق الأغنى بين العرب حتى اليوم تذهب تعويضا لمن تضرر من حروب صدام وفي المقدمة امريكا وكذا دفعت الدول العربية النفطية ثمن الحروب الدائرة في سوريا واليمن والعراق وليبيا ولا زالت تفعل وهي تعلم جيدا ان 90% من التكلفة تذهب لخزينة الإمبريالييين المستغولين انفسهم.
عالم امبريالية المعرفة القادم يحتاج لسلاح مشابه للسلعة وهي سلعة المعرفة وبالتالي فهو لن يكون بحاجة لأدوات الدمار الاقتصادي والجسدي خصوصا في عالمه المسيطر فالقدرة اليوم على السيطرة عن بعد هي الاخطر في تاريخ البشرية وهو ما بات يسمى بالحرب الالكترونية والتي ظهرت بوادرها منذ ظهور جهاز الاتصال موريس عام 1837م وتطورت حتى ظهرت الاتصالات اللاسلكية والتي استخدمت على نطاق واسع في الحرب العالمية الاولى وقد استخدمت امريكا واسرائيل فايروس حربي هو " ستاكس نت " ضد عمليات التخصيب النووي الايراني وقد ذكرت صحيفة " واشنطن بوست " ان الولايات المتحدة نفذت هجوما الكترونيا ضد منظومة التحكم بالصواريخ الايرانية ليلة 20 حزيران 2019 وقد حذرت الولايات المتحدة من خطر هجوم الكتروني اكثر من مرة من قبل ايران كما ان روسيا نفذت هجوم الكتروني ضد استونيا عام 2007 وفعلت امريكا ذلك ضد صربيا عام 1998 وبالتالي فان جذور الحرب الالكترونية تطورت بشكل كبير وخطير عما كانت عليه في القرن السابق وتستطيع اليوم تنفيذ الهجوم ضد مصالح اقتصادية كشبكات الكهرباء والهاتف والاتصالات وهو ما يعني ان هناك قدرات حقيقية على شل دولة بأكملها عبر الحرب الالكترونية فالعالم اليوم يعتمد في كل انشطته الاقتصادية والعسكرية على الشبكة العنكبوتية بمعنى ان هجوم عالمي عبر الانترنت قد يغني فعلا عن أي هجوم نووي وهو لا يحتاج الى الخطار التي يحملها مثل هذا الهجوم.
لا يخفى على احد ان الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة في العالم التي تتحكم بالإنترنت عبر جميع انحاءه وان كل مكونات الانترنت الرئيسية مصدرها الولايات المتحدة وفي مقدمتها جوجل وشبكات التواصل وكذا شركة مايكروسوفت وبالتالي فان القدرة الاخطر لاستخدام الحرب الالكترونية بكل مكوناتها بما فيها الاعلام تملكها الامبريالية الاكثر استغوالا وانتاجا لاقتصاد المعرفة في العالم وستكون الاكثر ملحة بالتالي للاستخدام الجيل الخامس من الحرب بكل اشكاله وجعله مختلطا بما يشمل كل الاجيال من الحروب العسكرية وغيرها في دول العالم الثالث والجيل الخامس من الحرب الالكترونية ستوجهه ضد الدول الاكثر تقدما لشل قدرات التطور والانتقال الى مرحلة المنافسة.
الجيل الخامس اذن لن يكون موجها ضد الشعوب الفقيرة والبلدان المتخلفة والغير فاعلة في موضوعة اقتاد المعرفة فالولايات المتحدة اليوم تتخلى تقريبا عن دورها في صناعة السلع وتمنحه لغيرها وحسب مكتب الاحصاءات الامريكي فقد بلغت صادرات الصين الى الولايات المتحدة عام 2019 452.2 مليار دولار بينما كانت صادرات الولايات المتحدة لنفس الفترة فقط 106.6 مليار دولار مما وتعد الولايات المتحدة المستورد رقم واحد للمنتجات السلعية الامريكية بينما تحتل امريكا المركز الرابع كمصدرة للصين وهذا يعني ان الرضا الامريكي مهم جدا للصين التي تحتل المركز الثاني عالميا في امتلاك الثروة وتوقف الولايات المتحدة عن اعتماد الاستيراد من الصين سيحدث خلالا فادحا في اقتصاديات الدولة الاكثر خطرا على الولايات المتحدة.
الجيل الخامس في حروب امريكا القادمة ستعتمد على ثلاث وسائل اولاها الحرب الاقتصادية كأكثر الدول استيرادا مما يجعلها سوقا يخشى أي اقتصاد في العالم من خسارته كالاقتصاد الصيني وثانيا الدولة الاكثر سيطرة على صناعة المعرفة مما يمنحها الافضلية في حرب صناعة الراي والتأثير في مزاج وثقافات الشعوب في الدول المختلفة وثالثا هي الدولة الاكثر قوة عسكرية وانتشارا في سائر انحاء العالم مما يمنحها القدرة على استخدام أجيال الحرب الاربعة في جيل واحد هو الجيل الخامس القادر على بيع القتل للراغبين به واستخدام القوة الاقتصادية ضد الصين وامثالها والسيطرة التفوق الالكتروني ضد الجميع.
امتلاك امريكا لمكونات الجيل الخامس من الحرب يجعل التعامل معها من الخارج امرا يبدو مستحيلا وبالتالي فلا بديل اذن من تقويض الامبريالية من داخلها كما باتت تفعل هي مع جهات الارض الاربعة قبل ان تتمكن من تنفيذ ما يقال عن القدرة على التدخل والسيطرة على البشر وخصوصا بداخلها للإبقاء على قوتها ومناعتها الداخلية ضد أي تأثير خارجي وهناك الكثير من التكهنات التي تتحدث عن التدخل بالجينات وال دي ان أي والقدرة على ادارة البشر عن بعد