الشيوعي العراقي ورحلة البحث عن منقذ: من السيد الرئيس الى السيد القائد- القسم الثاني


قاسم علي فنجان
2020 / 11 / 7 - 19:34     

"نحن جاهزون لاستلام السلطة، ونود أن تكونوا معنا ولننس الماضي" احمد حسن البكر."امضوا في انقلابكم ونحن سنكون على الحياد" رد الحزب الشيوعي العراقي.
انتهت حقبة "اليساري التقدمي" عبد الكريم قاسم بانقلاب الثامن من شباط الأسود 1963، كان يوما مظلما بشكل لا يوصف، أكبر المجازر الدموية ارتكبت بحق أعضاء الشيوعي العراقي وعوائلهم، الحرس القومي والبعثيون كانوا ينقضون على أي شخص يقال عنه شيوعي، غص معتقل قصر النهاية بكوادر وقيادات الحزب، ممارسات التعذيب التي لاقتها هذه القيادات، لا يمكن لأحد وصفها، خصوصا ما واجهه السكرتير سلام عادل، فقد "سيروا عليه عجلة حديدية ضخمه سحقت جسده النحيف"، واعدم البعثيون أيضا "جمال الحيدري، صالح العبلي، وعبد الجبار وهبي" وهم من قيادات الحزب المتقدمة؛ كان شهر شباط الأكثر ايلاما على الشيوعي العراقي.
رغم كل هذا الإرهاب البعثي، وتلك المأسي التي حلت بأعضاء وكوادر هذا الحزب، ورغم ما تركته تلك الأيام المظلمة من انكسار واحباط وتشققات ووضع مضطرب داخل الحزب، رغم كل ذلك، ظل هذا الحزب دائم البحث عن تحالف ما، او إيجاد "منقذ"، لهذا وبعد خمس سنوات من تلك المجازر، قام البعثيون بانقلاب تموز 1968، وقد أشاد الحزب الشيوعي بهذا الانقلاب، ووصف في برنامجه بأن الانقلاب قوة إيجابية ((أسست في العراق حكومة وطنية تقدمية)) وكتبت "طريق الشعب" الجريدة الرسمية للحزب مقالا افتتاحيا دعت فيه الى "الحكم الائتلافي" وسياسة "العمل الجبهوي"، وبرر الحزب الشيوعي هذه الدعوة بعدة قناعات منها ((ان العمل من اجل حكم ائتلافي وطني ديموقراطي، ضرورة لابد منها لحل مشكلات البلاد، وان الحزب الشيوعي يرى في الحزب الحاكم "البعث" معاد للإمبريالية والاقطاع، وان هناك عناصر داخل حزب البعث تملك الاستعداد للتطور باتجاه ما يطرحه الحزب الشيوعي -سيكون هذا العنصر هو الرفيق صدام حسين "كاسترو العرب))وهذه التبريرات هي ذاتها التي سيقت ابان حكم الرفيق عبد الكريم قاسم، وساقوها أيضا بجلوسهم في مجلس الحكم وتحالفهم مع الإسلاميين "سائرون" والرفيق مقتدى الصدر.
كانت رغبة الحزب الشيوعي في إقامة جبهة مع البعث، رغبة جادة جدا، وكان البعث أيضا يريد تجميل صورته امام المجتمع، وأيضا لترسيخ سلطته وتثبيتها، وهو ما ولد "الجبهة الوطنية 1973" وقد اشارت المذكرات الداخلية للحزب الى هذه الجبهة ((لقد طلبت قيادة حزب البعث العربي الاشتراكي من حزبنا المشاركة في مجلس الوزراء بوزيرين حتى يتم صياغة النسخة النهائية من الميثاق بحيث يمكن انشاء جبهة وطنية تقدمية على أساسها)) الى اليوم لا أحد يعرف معنى كلمة "التقدمي والتقدمية" عند الشيوعي العراقي.
وبعد ذلك تم عقد الاجتماع لتشكيل الجبهة 1973 ((وقد حضر الاجتماع من البعثيين من "القيادة القومية للبعث" ومن "القيادة القطرية" في العراق كل من: نعيم حداد وطارق عزيز. ومن جانب الشيوعي العراقي: عزيز محمد وعامر عبد الله ومكرم الطالباني ومهدي عبد الكريم ورحيم عجينة)) وفي حفل أقيم في القصر الجمهوري في 17 تموز 1973 وفي الذكرى الخامسة لانقلاب البعث وقع على ميثاق الجبهة، وكان الموقعون: احمد حسن البكر من البعث، وعزيز محمد من الشيوعي العراقي، وبعد ذلك عين حزب البعث الحاكم عامر عبد الله وزيرا للدولة، ومكرم الطالباني وزيرا للري-يحبون الوزارات- وقد اثنى الرفيق برجينيف على هذه الجبهة ((انكم تتقدمون على الطريق الصحيح)).
هذا التحالف جعل الحزب الشيوعي يبرر كل تصرفات البعث-كما برر لعبد الكريم قاسم ويبرر اليوم للإسلاميين- فمثلا عندما شن البعث هجوما على الاكراد 1974، برر ذلك الهجوم بأنه ((تصفية الرجعيين وعملاء الامبريالية الذين يقومون بدور خطير في الحركة القومية الكردية)) لكنه بعد انفضاض تلك الجبهة مع البعث، وشن حملة قاسية عليه، لجأ الى هذه القوى الرجعية.
((ان من واجب الحزب الشيوعي وهو يتوجه لعقد التحالفات، ان يعرف من هي الجهات التي يمكن التحالف معها، وعلى ماذا يتحالف، ولأي هدف يتحالف، ولأي مدى يتحالف)) هكذا يقول الرفيق حميد مجيد موسى في لقاء مع طريق الشعب، لهذا فأن فلسفة الشيوعية بالنسبة للشيوعي العراقي تقوم على التحالفات مع الرفاق من مثل عبد الكريم قاسم والرفيق احمد حسن البكر والرفيق صدام حسين والرفيق بول بريمر والرفاق في مجلس الحكم، وأخيرا وبالتأكيد ليس اخرا الرفيق البولشيفي مقتدى الصدر.
وعلى شيوعية الشيوعي العراقي نلتقي..
يتبع لطفا..