تحية للحزب الشيوعي اللبناني في ذكرى تأسيسه!


مشعل يسار
2020 / 10 / 25 - 13:52     

في الذكرى السادسة والتسعين لولادة حزبنا الشيوعي اللبناني أتقدم بالتهنئة من الحزب والرفاق الذين لا يزالون أوفياء للفكر الماركسي اللينيني في الشيوعية ولم يتخلوا عن الأيديولوجيا الثورية.
وهنا لا بد من التذكير بأن البرجوازية بشتى تياراتها الآذارية لا تريد أن ترى الحركة الشيوعية واليسارية والعمالية أحزاباً ونقاباتٍ قويةً ومبدئية وثورية، ولا سيما من خلال دعم النزعات الانتهازية والإصلاحية والتصفوية في الحزب والنقابات العمالية وجعل الأخيرة ذيلا للسلطة لا تهش ولا تنش. كما أن أزمة الحركة الشيوعية العربية والعالمية لم يتم التغلب عليها بعد تدمير الاتحاد السوفياتي بفعل الخيانة خاصة، إذ يميز الوضع العام وجود انحراف يميني قوي يتمثل عند الأحزاب الشيوعية العربية في رفع شعارات برجوازية كشعار الدولة المدنية (الذي طالما انتقده ماركس والماركسيون لمنقوصيته) في مواجهة المد الديني والطائفي والمذهبي وشعار استثنائية التغيير السلمي عبر المشاركة في الانتخابات البرجوازية العقيمة كسبيل للتغيير ووهو التخلي عن الثورة الذي جعل الثورات المخملية المضادة تلجأ إليها البرجوازية أمراً ممكناً، وكلا الشعارين أشبه برفع عتب بعد التخلي عن شعار الاشتراكية كهدف أبعد (إلا كفكرة في الجو، كما سبق وأرادها الخائن غورباتشوف) وعن شعار الديمقراطية الشعبية، تمييزا لها عن الديمقراطية البرجوازية المتداولة والمتخلى عنها بسهولة من قبل البرجوازيين لصالح الفاشية والمعتقل شبه النازي كما يحصل الآن على الصعيد العالمي، كهدف أقرب.
في مثل هذه الظروف، نرى أن على الشيوعيين أن يتمسكوا بنظرية الشيوعية العلمية حول الصراع الطبقي وبالطبيعة الثورية لحزبهم وتاريخه المجيد وأهدافه النضالية، وألا يبرروا التخلي عنها بالظروف المحلية والواقع على الأرض وما شابه من أعذار تبيح الكسل والتراجع والنزعة الانتهازية والإصلاحية. فالنظرية العلمية هي خلاصة وروح التجربة اليومية العالمية وروح الواقع من خلال تعميم معرفة هذا الواقع. هذا الأمر يدركه كل من له صلة بالعلم. والماركسية اللينينية ما هي إلا العلم كخلاصة للتجربة التاريخية الشاملة مطبّقاً على المجتمع في لحطته الحاضرة.
كما أن على الشيوعيين الذين يسترشدون الماركسية واللينينية نهجاً وممارسة أن يدركوا أن مهمتهم التاريخية ليست تحسين الرأسمالية من خلال "التغيير" و"الإصلاح" (وكلا المصطلحين يبقى مجرداً من أي معنى، حتى لغوياً، إن لم يكن يرتبط بنعت أو بنسبة ويمكن أن يصبح ثوباً ترتديه البرجوازية نفسها ولا تبقي لنا منه إلا الأسمال!) فالتغيير من الدولة الطائفية إلى الدولة المدنية المبنية على حركة رأس المال لا يغير شيئا في الظلم الرأسمالي، والإصلاح حين لا يطاول شكل الملكية، بتغليب الملكية الاجتماعية في المجتمع المعاصر على التملك الفردي لتأتي منسجمة مع حال المجتمع المعاصر، يبقى إصلاحاً ضمن الأطر الرأسمالية ومحاولة يائسة لأنسنتها، وكذلك التعاون الطبقي اللامبدئي الذي لا يؤدي في نهاية المطاف إلا إلى تشويه مواقف الحزب وتلطيخ تاريخه الطبقي الناصع.
كما لا يمكن للشيوعيين أن يكتفوا بمجرد شجب الرأسمالية وانتقاد توحشها، بل عليهم أن يعملوا على تنظيم نضال الطبقة العاملة وحلفائها في سبيل الأهداف القريبة، وإسقاط سلطة الرأسماليين وبناء مجتمعِ ديمقراطيةٍ شعبية مع الطبقة العاملة والشعب وليس بمعزل أو بالنيابة عنهما. وطرح شعار الديمقراطية الشعبية يمنح هذا المصطلح ملموسية تبعده عن التضليل البرجوازي وتجعله أكثر واقعية ووضوحاً ودقة الآن بعد نهب مدخرات قسم كبير من الفئات الوسطى ذات البزنس الصغير والمتوسط بحجة وباء الكورونا وتدمير أشغالها وتدميرها كفئة طبقية متذبذبة تقف حجر عثرة يجمي البرجوازية من الطبقات الدنيا! فقد أخذ يهوي هذا السد المنيع الممتد وجوده لعقود طويلة بين البرجوازية المتمثلة برأس المال المالي خاصة والطبقات الشعبية ذات الدخل المحدود والمتأثرة كثيرا بالتضخم النقدي الحقيقي والمصطنع نتيجة دولرة الاقتصاد. فبانهيار هذا السد تصبح المواجهة صريحة وواضحة أكثر بين الفريقين.
وفي المسألة الوطنية لا بد من الثناء على موقف الحزب من التطبيع. فلا يمكن أن يتم التطبيع مع دولة اغتصاب فاشية خادمة لأكثر فئات رأس المال العالمي رجعية، حتى ولو رضيت به كل البرجوازيات النفطية المستجدة وغيرها في المنطقة ما دامت الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني في العودة وبناء الدولة المستقلة مغتصبة وما دامت وحدة النضال والتراب العربي في المشرق والمغرب أيضا مغتصبة بقيام كيان غريب معاد بين شطري العالم العربي.
ونتمنى أن يدرك حزبنا أهمية وحدة الشيوعيين واليساريين العرب في الأمور السياسية الكبرى والمبدئية مع ضرورة إنشاء بعض الأطر التنظيمية الخاصة بهذه الوحدة بعيدا عن الشكلية المجردة والتي من شأنها أن تحمي أي إنجاز إيجابي يحصل في بلد من البلدان العربية من التدخل الأجنبي لصالح البرجوازية والإمبريالية.
كما من الأهمية بمكان بذل الجهود لنسيان حساسيات الماضي ورفد هذه الوحدة بتحالف مع القوى المعادية للإمبريالية على قاعدة الند للند حتى ولو كانت هذه قوى برجوازية بما يخدم نضالنا المشترك ضد التدخل الأجنبي الذي أضحى سافرا ووقحاً في واقعنا الحاضر.
وثمة نقطة مستجدة يفترض أن يأخذها حزبنا والأحزاب اليسارية بعين الاعتبار لأهميتها القصوى اليوم ألا وهي وقوف الأحزاب الشيوعية على رأس الحركة الشعبية المناهضة للدكتاتورية الفاشية المتمثلة بالإجراءات التعسفية ضد ما يسمى وباء الكورونا. فالوباء إياه ليس مبررا علميا ولا يعدو كونه انفلونزا عادية، وقد جعلت منه البرجوازية العالمية في زمن أزمتها الخانقة وبفعل جشعها وتنافس أطرافها على جني المليارات على حساب المزيد من افتقار الشعوب حربا هجينة يشارك فيها الإعلام المزوِّر للواقع ورشوة قادة الدول البرجوازيين وحجة لممارسة الترهيب على الناس والدول بعد بدعة الإرهاب الدولي. فحولت العالم كله إلى ما يشبه المعتقل النازي الذي ستحل فيه محل غرف الغاز حملات التطعيم المزعوم من فيروس متغير باستمرار كأي فيروس آخر. فلا جدوى من حملات التطعيم الذي تصر على إجرائها البرجوازية العالمية جمعاء، بل هو ينطوي على خطر هائل على صحة الإنسان لا سيما في ضوء ما ينوي عليه عتاة رأس المال من إبادة لنسبة تصل إلى 80% من أبناء البشر حفاظاً على البيئة والثروات بزعم هؤلاء الفاشيين الجدد. فوقاحة الرأسمالية ونفاقها لم يعد لهما حدود. ولا بد هنا من انتقاد طلب الأحزاب الشيوعية مؤخرا في بيان لها بضرورة التلقيح المجاني. فالتلقيح لا يؤيده العلماء حتى ولو كانت النوايا صادقة في شأنه، والموقف هنا يجب أن يكون: لا لأي تلقيح، مجانيا كان أم بمقابل. ولا شك في أن البرجوازية المتجهة نحو الفاشية بعد أن استتبت لها الأمور بغياب قلعة الاشتراكية الاتحاد السوفياتي ترمي من ورائه إلى جني أقصى ما يمكن من المليارات بفضل التلقيح وإفقار الشعوب والدول الضعيفة أكثر لشرائها بسعر بخس وإبادتها ورميها في سلة مهملات التاريخ. وكانت الفاشية النازية قد سبقت هؤلاء الفاشيين الجدد إلى نظرية تحسين النسل وبدء التاريخ من جديد بنسل محسَّن!!!!
عليه يجب أن تدرك الأحزاب الشيوعية قبل غيرها خطورة ما يبيَّت للشعوب من مصير أسود وأن تجند الجماهير لمقاومة الفاشية الجديدة ومعتقلها الفاشي الذي يمنع الناس من التنقل بين أقسامه الوطنية ويفرض تدابير مهينة كالـPCR غير الصحيح والحجر الصحي غير الضروري أبداً وسواهما من التدابير التعسفية بحق المواطنين العاديين، بينما تتمتع الفئات الحاكمة بحرية التنقل والتمتع برغد العيش. ونتمنى على الحزب الشيوعي اللبناني أن يكون رائدا في هذا المجال. ذلك أن الاستغلال الرأسمالي يضحي باهتاً حيال الجريمة الوحشية التي تنتظر البشرية جمعاء على أيدي قلة مافياوية عالمية مجرمة يفترض أن يكون آخر مكان لها هو محكمة نورمبرغ جديدة.
عاش الحزب الشيوعي اللبناني،
عاشت الاشتراكية والشيوعية كملاذ وحيد أوحد للبشرية!