الشيوعي العراقي و -المجتمع إسلامي-


قاسم علي فنجان
2020 / 10 / 6 - 20:47     

((اني شيوعي.. ولكن شيوعيتي إسلامية، لأنها وردت في القرآن "وفي أموالهم حق للسائل والمحروم")) الرصافي.
جوهر الممارسة السياسية للحزب الشيوعي العراقي تقوم على قضية "المجتمع إسلامي"، لهذا فأن تحالفه مع الإسلاميين، ومنذ تسعينات القرن الماضي، ليس مفاجئا، فالذي يتتبع سياسيات هذا الحزب وبرامجه يدرك هذه الحقيقة، بل ان هذه المقولة الغبية جدا "المجتمع إسلامي" تراها تتجسد في فكر "منظري واكاديميو" هذا الحزب، حتى افراده عندما يجري النقاش معهم، حول قضايا الصراع الطبقي، وقدرة الطبقة العاملة وعلاقات الإنتاج الخ من المفاهيم الماركسية، يختم الحديث بأننا وسط "مجتمع إسلامي".
هم دائما ما يستشهدون بنص للينين يقول فيه "يجب أن نكون حذرين للغاية في محاربة التعصب الديني؛ بعض الناس يتسببون في الكثير من الأذى في هذا النضال بإساءتهم للمشاعر الدينية. يجب علينا استخدام الدعاية والتعليم في هذا النضال"، وهذا بالحقيقة نص رائع، ولا يمكن لأحد المزايدة عليه، لكن عندما تمر بساحة الاندلس في بغداد، حيث المقر المركزي للحزب الشيوعي العراقي، تجد دائما اللافتات السوداء، "نعزي العالم الإسلامي، نهنئ العالم الإسلامي" وفي عاشوراء يقيمون "الدعاية والتعليم" للدين الإسلامي "بشقه الشيعي" ويرفعون "مبادئ الحسين" عاليا، وينصبون خيم المواكب، لخدمة الزوار، ويحلفون "بروح السيد"، وجريدتهم المركزية "طريق الشعب" إضافة الى تعزياتها وتهانيها للامة الإسلامية، فهي تنقل اخبار "سائرون" وقادتها، "الرفيق رائد فهمي يلتقي بوفد من التيار الصدري" على أساس التيار الصدري من كتلة "المناشفة" او "سماحة السيد مقتدى الصدر يستقبل الرفيق رائد فهمي"، وبعد قراءة مجموعة الاخبار هذه، تتذكر المسرحية العراقية "الخيط والعصفور" وكلمات احد ابطالها "ادٌگ على راسي" وبعد كل ذلك يأتون ليقولوا بكل قباحة " يجب علينا استخدام الدعاية والتعليم في هذا النضال" هي تلك دعايتهم للدين "هللويا".
لكن ما معنى "المجتمع إسلامي"، الماركسيون معروفون بترديدهم للجملة الشهيرة "ان كل صراع هو طبقي" لكن الشيوعي العراقي يُعّرف المجتمع في العراق على انه "إسلامي" بالتالي فأنه يوقف أي نشاط او ممارسة سياسية على أساس ماركسي، انه لا يريد ان يدخل في صراع مع المجتمع، فهذا المجتمع "إسلامي" ويجب احترام المشاعر والاحاسيس والقناعات الدينية، حتى لا نستفز هذا المجتمع، وننتظر موت "الدين" من خلال "نضالنا" "يا حبيبي يا ابني" بصوت عادل امام، لكن اين هو النضال؟ هل هو النضال القائم على أساس "مبادئ ثورة الحسين"؟ ام النضال مع مقتدى الصدر او مع جلال طالباني او باقر الحكيم؟ او نضالهم يتلخص في إقامة موكب حسيني، لجر الطبقة العاملة للحزب؟ تسمع وتشاهد كل هذا الهراء، وتلتقي بأحدهم في شارع المتنبي ليقول لك "انكم تجرحون مشاعر العمال البسطاء والفلاحين" ف "المجتمع إسلامي" بالطبع بعد سماعك لهذه الترهات ما عليك الا ان تهلهل له.
كتب حسين الرحال مقالة في صحيفة "العالم العربي" تحت عنوان "الحتمية في المجتمع" اعلن فيها ((ان لا وجود لنظام اجتماعي طبيعي وخالد، وان كل المؤسسات الاجتماعية هي مؤسسات انتقالية بطبيعتها)) كان ذلك عام 1924، اليوم الحزب الشيوعي العراقي يؤبد فكرة "المجتمع إسلامي" حتى ينهي اية فكرة بجعله "قضية خاصة" للدولة، بل حتى بطرح العلمانية.
https://images.app.goo.gl/1ND2eoMwdWx3zWC58