ذكرى يوم العمال العالمي، تواجه الطبقة العاملة في العراق مهمات تاريخية
مؤيد احمد
2003 / 4 / 27 - 07:00
ان استمرار وجود القوات العسكرية الامريكية في العراق كقوة محتلة و تنصيب حكومة عسكرية هو بحد ذاته فرض اوضاع غير اعتيادية و استثنائية على العراق، أوضاع لا يمكن الاستمرار بها بسهولة . ان امريكا بحاجة الى ان تستند على القوى القومية والعشائرية وبقايا النظام والمخزون الرجعي في المجتمع العراقي، اسلامياً كان او غير اسلامي للاستمرار بالحكم و اطالة سيطرتها في العراق. انها لا تزال تمارس ذلك في كردستان وتستند في تمرير سياساتها، منذ سنوات، على تحكم الاحزاب القومية العشائرية بمصير الجماهير في هذه المنطقة و ستكرر السيناريو باشكال مختلفة وبالاستناد على قوى اسلامية شيعية كانت او سنية وعشائريةو بقايا النظام في المناطق المختلفة في العراق.
نحن في الحزب الشيوعي العمالي العراقي كما اكدنا علنا ندعو الى خروج القوات الامريكية من العراق و اناطة الادارة و تامين الامن وتوفير اجواء حرة لعملية اختيار النظام السياسي في العراق الى الامم المتحدة بشكل مؤقت. ان تلك الاجواء ضرورية كي تشترك الجماهير و الاحزاب في عملية سياسية لاختيار النظام السياسي . غير ان هذا المطلب بحاجة الى ان يُفرض على امريكا من خلال شن حملة سياسية واسعة و جماهيرية داخل العراق و خارجه ايضا.
ولكن المسالة الاساسية و المهمة الفورية امامنا هذه الايام هي تامين الحضور السياسي الجماهيري والمبادرة السياسية للطبقة العاملة والجماهير الكادحة والمحبة للحرية و تنظيم نفسها و نضالها في حركة مجالسية او منظمات جماهيرية مناسبة. ان مبادرة كتلك هي وحدها التي باستطاعتها تحقيق الارادة السياسية للطبقة العاملةو الجماهير المحرومة ودرء خطر الحرب الداخلية والاقتتال القومي والديني في العراق. هي وحدها باستطاعتها ان تكون خطوة مهمة نحو تخلص المجتمع من براثن الراسمالية وتحقيق عالم افضل يليق بالانسان عالم الشيوعية. ان النضال الدؤوب من اجل تحقيق ذلك الحضور وتلك الاهداف مهمة كبيرة على عاتق الحركة الشيوعية العمالية و حزبها، الحزب الشيوعي العمالي العراقي. ان يوم الاول من ايار هذا العالم يجب ان تكون تظاهرة الطبقة العاملة العراقية الجماهيرية بوجه السيناريو الاسود الذي يحيط بها وبالمجتمع ويوم اظهار ارادتها الثورية و تكون خطوة اساسية في طريق نضالها صوب الجمهورية الاشتراكية.
ان الاوضاع الحالية الانتقالية، ورغم كل المخاطر التي تهدد بوقوع سيناريو اسود من احترابات قومية و دينية و من تفكيك بنيان المجتمع المدني ، لا تخلو من فرصة مهمة للشيوعية العمالية والطبقة العاملة وللجماهير كي تبادر و تتدخل بشكل فعال في الحياة السياسية في العراق. فهناك فرصة مهمة، ان تطبع هذه الحركة الاجتماعية، المختلفة كليا عن جميع القوى القومية و الدينية، المسار السياسي بطابعها و تتحول الى قوة ترسم ملامح الاوضاع في العراق لصالحها. ان الحزب الشيوعي العمالي العراقي يناضل و ينخرط حاليا في العمل من اجل تحقيق ذلك.
اننا كنا نقول على مر السنين لا لسياسات امريكا و لحربها على العراق، و كنا نقول على الدوام لا للحصار الاقتصادي و لا للنظام القومي الفاشي للبعث و لا للقوى الاسلامية والقومية المجتمعة في المعارضة العراقية الـ آي أن سي التي لا يتعدى مشروعها السياسي سوى الى جر المجتمع العراقي الى نزاعات و حروب قوميةو دينية. كنا و لا نزال نقول بان الجماهير في العراق تستحق بان تكون حرة من قيود و ماسي تلك القوى و سياستها و ممارساتها. اننا الان نواجه نضالا عنيدا من اجل ان تتحرر الجماهير من كابوس المخاطر الجديدة ومن اجل ان تقرر مصيرها السياسي بنفسها و تجسد ارادتها الحرة في اوضاع ما بعد سقوط النظام البعثي الدموي .
ان المجتمع العراقي شانه شان غالبية المجتمعات، مجتمع طبقي و مستقطب سيايساوفكريا تبعا لذلك الى درجة كبيرة ايضا. ان امريكاو الحركات القومية العربيةو الكردية والتيارات الاسلامية و احزابها تريد ان تسلب من الانسان في العراق هويته الشمولية الانسانية كانسان. انها تعامل المجتمع و تعرفه بغطرسة و منطق استبدادي وتؤكد بانه مقسوم فقط على فئات و طوائف و جماعات دينية و قومية.
ان الاسلاميين و القوميين العرب و الاكراد وبمساندة الهيئة الحاكمة الامريكية و قواها تريد ان تحسم امر النظام السياسي في العراق لصالحها و ان تكتسب الشرعية باسم المجتمع و الجماهير تحت ذريعة كون المجتمع العراقي مقسوم الى قوميات و طوائف و اديان فقط. ان تلك الادعاءات التي تحصر المجتمع في اطار ديني و قومي وطائفي والتي تظهره بانها امر "مسلم به" هي في الحقيقة ضربة كبيرة لصلب المجتمع المدني و سلب مفضوح وقسري لحق الوجود للحركات الاجتماعية الاخرى من الحركة الشيوعية العمالية والاشتراكية و اليسار وحركة الطبقة العاملة الى الحركات التحررية النسوية وحركات الشباب او حتى التيارات الليبرالية. ان البدء بالتعريف السياسي للمجتمع العراقي من هذه المقدمات هو بحد ذاته نفي صارخ للحرية السياسية وتوجيه ضربة للمجتمع وطابعه المدني وهو كذلك خلق الاجواء للقوى السوداء وللتيارات الاسلامية والقومية لان تتلاعب بمصير الجماهير و تستلب حقوقها. وهذا ما تفعله امريكاو جميع القوى القوميةو الاسلامية الان في العراق.
يجب ان تكون هناك اجواء حرة يلتزم بها الجميع وان يخضع الكل للعملية السياسية في داخل مجتمع طبقي معقد وعصري شانه شان سائر المجتمعات . ان توفيرجملة من الحريات والحقوق ضرورية كي يكون بالامكان الدخول في عملية سياسية لاختيار النظام السياسي في العراق منها: الحرية السياسية غير المقيدة و غير المشروطة، حرية الراي ، التعبير ، التحزب ، الطبع و تاسيس المنظمات، حرية الاضراب و التظاهر، حرية اعتناق الدين او عدم اعتناقه، فصل الدين عن الدولة و التعليم و التربية ، الغاء عقوبة الاعدام ، تحرر المراة و المساواة المطلقة بين الرجال و النساء، الغاء الطابع القومي للدولة، الاعتراف بحق المواطنة المتساوية للجميع دون تمييز على اساس الدين و القوميةو الجنس و الدين.
هناك ايام قليلة تفصلنا عن الاول من ايار يوم العمال العالمي. ان الطبقة العاملة في العراق تواجه مهمات تاريخية صعبة هذه الايام كي تلعب دورها في ترسيم الحياة السياسية للعراق. انه من المهم ان تظهر هذه الطبقةوالشيوعية العمالية و اليسار والحركة النسوية التحرريةو المساواتية و كل محبي الحرية و الانسانية في العراق في اليوم الاول من ايار هذه السنة حضورها النشط و الواسع في مسيرات جماهيرية و باشكال مختلفة كجزء من نضالها في سبيل الاشتراكية والانسانية والرفاهية ومواجهة الاوضاع والمخاطر التي تحدق بها من جميع الاطراف.
ان الطبقة العملة في العراق ليست وحيدة في ساحة النضال ضد الراسمالية العالمية و"النظام العالمي الجديد" المبني على الحرب و الغطرسة العسكرية وهي ليست وحيدة في النضال ضد امريكا و غطرستها العالمية. ان الطبقة العاملة العالمية التي اصبحت تستيقظ من الضربات التي الحقت بها البرجوازية العالمية خلال التسعينات باتت تظهر بقوة اكبر وبحزم اشد في الساحة السياسية في العالم وقد اظهرت ذلك في مسيراتها المليونية المناهضة للحرب. في هذه الايام الحاسمة و المهمة في حياة الطبقة العاملة في العراق نناضل و نتطلع الى ان تقوم هذه الطبقة باداء دورها التاريخي. ان الحزب الشيوعي العمالي العراقي يكون في طليعة النضال من اجل ارساء حكومة عمالية في العراق وبناء مجتمع شيوعي تسوده الحرية و المساواة المطلقة بين البشر.