مثقف ثوري رغم أنّه مهرّب بشر


نادية خلوف
2020 / 8 / 23 - 01:25     

التّنمّر الثوري
هل أنت مثقف؟
كلمة مثقف لا تعني أنك متعلم ،فطالما سخر " المثقفون" من المتعلّمين. تعني كلمة مثقف أن تكون شيوعياً أو بعثياً ، أو ناصرياً ، أو غير ذلك.
عندما كنت في اليونان ، وكنت قد هربت من بيت المهرّب، بعد أن أخبرت مهرّباً إيزيدياً من عفرين ، ذهبنا وجلسنا معاً بعد منتصف الليل ، شربنا الشاي، كان أمامنا مقهى عليه صورة أوجلان مضاءة ، أتى صاحب المحل ، وجلس معنا إلى الطاولة ، سألني: ماذا كنت تعملين؟ قلت له : كنت أعمل كمحام، سخر مني وقال أما أنا فلديّ دكتوراه في أقوال أوجلان، كنت أعرض قطعة أرض للبيع كي أصل إلى أوروبا. قال لي أنا أشتريها، وسوف تكون مقراً لتدريب الأسايش, في هدأة الليل، وبوجود مهربين ، وشخصاً مثل هذا بدأت أخاف على نفسي لولا أن طمأنني المهرّب الذي كان اسمه مستعاراً ، و قال لي أمني ثمن بطاقة طائرة وسوف أساعدك. شعرت بالرّاحة جهة المهرب كوني بسيطة في تلك الأمور ، فقلت للمهرب أن شركاءنا، وأصدقائي إيزيديين من آل طوزو في الحسكة ، وهم من وجهاء الإيزيدية، عندما سمع الكلمة ارتجف و كأنني قرصته، وشرح لي أنه ينتمي إلى الطائفة الإيزيدية الأعلى و أنه لم يسمع باسم آل طوزو . في طريق العودة قال لي: هل صدّقت هذا الأبوجي. إن الكهرباء مقطوعة عن منزله لأنه لم يدفع ثمنها، وأراني رسالة منه تقول:" لا تساعدها! اعط المبلغ للآبوجية"
أحسنت الظن بالمهرب ، فأنا لم أعمل بالتهريب ولا بخفايا المهنة ، عشت ليلة أحلم فيها بملاقاة أولادي، لكن المهرّب العفريني لم يردّ على هاتفي ، فعرفت سر المهنة حيث أتاني تلفون من المهرب الذي هربت منه يفيدني بتحركاتي ، والحديث الذي تم بيننا.
عرفت حينها أنه يجب أن أتخفى، تخفيت في منزل الدكتور معروف العبيد، ومكتبه الذي استأجره خصيصاً من أجل السوريين إلى أن غادرت.
كل الذين تحدّثت عنهم هم ثوريون. يجيدون إدارة جلسات الكذب، تذكرت في ذلك يوم كنت شيوعية، وكنت أكتب الخطابات لبعض أعضاء اللجنة المنطقية، أو النساء ، فقد كنت لا أرهق نفسي، و أجلب جريدة نضال الشعب ، و أنقل المقال على الورق مع زخرفات بسيطة ، وتأتي جميع الخطابات نسخة طبق الأصل. كان أعضاء المنطقية أميين تقريباً لكن لديهم دكتوراه في الفكر الثوري فهم من يقيمك، وفي إحدى المرات أتت إليّ فتاة من اتحاد الشباب، قالت لي أنها حامل، ولا يقبل رفيقها الزواج منها وتخشى على حياتها، فأخبرت الرفيق أبو شهاب وكان رئيس اللجنة المنطقية وعضو لجنة مركزية في الأمر، ويبدو أنه كان سكراناً في تلك اللحظة فحدثته بالأمر، وطلبت منه أن يرغم الشاب على الزواج، وكالعادة ، فإن كلام الليل يمحوه كلام النهار ، لكن الفتاة قلقة، وعندما لم تجد نتيجة سلمية انفردت بالشاب وضربته ، وجرّته إلى بيت أهلها فطلبها.
الإسلاميون أيضاً نسخة طبق الأصل ، يعتبرون أنفسهم مثقفين ، يحرب هؤلاء جميعاً المتعلّمين ، وأصحاب الذهن النّير تحت شعار " المثقف الثوري"
هؤلاء جميعاً مؤمنون بأنّ قصة الطلقة 41 مثيرة ، وعلى كل منهم أن يحمل برودته ليطلقها على أحد أحبته.