|
غلق | | مركز دراسات وابحاث الماركسية واليسار | |
|
خيارات وادوات |
|
مناقشة هادئة مع المفكر الماركسي الشهيد مهدي عامل
(نقد الفكر اليومي) آخر ما كتب الباحث السياسي اللبناني حسن عبد الله حمدان، الذي عرف باسم (مهدي عامل) وبه اشتهر، المولود في مدينة بيروت سنة 1936، إلى جانب كتابه الآخر (في الدولة الطائفية) الذي أصدرت طبعته الأولى سنة 1987 إنه كان يكتبهما في وقت واحد، لكنه تأخر في إتمام كتابه هذا (نقد الفكر اليومي) لأنه أراد أن يعززه بقراءة ما ورد في بعض الكتب الفكرية ومناقشتها، واستهل سعيه هذا بمناقشة ما ورد في كتاب ( الثابت والمتحول. بحث في الإبداع والإتباع عند العرب) للشاعر والمفكر أدونيس، لكن الإغتيال المؤسي لهذا العقل المفكر في شهر مايس/ مايو 1987 وأد المشروع هذا، ولقد قيض لهذا الكتاب من يهتم به، فضلاً عن تراث مهدي عامل كله ونشره، فاهتمت بالمخطوطة التي كتبها بخط يده، ونشرتها أول مرة سنة 1988، وانا الآن اقرأ الطبعة الخامسة الصادرة عن دار الفارابي سنة 2018، إذ من المعروف للدارسين ولمن قرأ هذا الكتاب، أنه بدأ بكتابته سنة 1980، متابعاَ ما ينشر في الصفحات الثقافية لبعض الصحف اللبنانية، ولا سيما جريدتي ( النهار) و(السفير) ومناقشة ما يرد فيهما. ولأن الباحث مهدي عامل ماركسي الرأي والتطلعات، فقد أخضع الكتابات هذه كلها لمسباره النقدي الماركسي الصارم، مما أوقعه في كثير من التناقض والغلو ومجانبة الصواب، فهو مولع بالتقسيم الماركسي للمجتمع إلى طبقات، وتأكيد هذا الصراع الطبقي، فهو يصب جام غضبه على الطبقة المتوسطة التي يسميها (البرجوازية)، إذ يرى أن الطبقات المسيطرة تنزع دوماً كالبرجوازبة مثلاً، إلى إظهار مصالحها الطبقية الخاصة، كأنه نظام الأمة العام، والى إظهار دولتها، التي هي أداة سيطرتها الطبقية-على حد تعبير انجلز- كأنها دولة الأمة والشعب. تنظر ص 311 فضلا عن وقفات اخر في الكتاب بهذا الصدد. وارى أن ليست هناك طبقة سيئة سوءا كاملا، فأفراد أسرة واحدة، يختلف أحدهم عن الآخر، فكيف نجعل طبقة كاملة تسلك سلوكا واحدا، ونوازع متشابهة؟!وننظر إليها نظرة واحدة. ثم إن الطبقة المتوسطة هي التي قادت مجتمعاتنا العربية- تحديداً- إلى مرافئ التقدم والتحضر، ولقد تعرضت هذه الطبقة، أو هذه المجموعة، بعد صعود الراديكاليين والثوريين العرب إلى دست السلطة منذ النصف الثاني من القرن العشرين، إلى التهميش والتعويق فنتج هذا الخراب الذي نعانيه، لقد أفرغوا عقدهم على هذه الطبقة المنورة المتعلمة، فعم الجهل والجهالة، ولماذا الصراع الطبقي والتكاره، بدل العمل على بلورة قوى الشعب العامل بكل طبقاته وفئاته، وكيف تتولى طبقة كارهة للآخر؛ كيف تقود مجتمعا؟! ولأن الشهيد الباحث مهدي عامل، يمتح أفكاره من بئار الماركسية، التي يراها الحقيقة الوحيدة في الفكر الفلسفي، وهي لدى التدقيق والتحقيق جزء من المسيرة الثقافية للبشرية، وليست نهاية الدنيا ونهاية التاريخ كما قال بعض المفكرين، يوم انهيار المنظومة الاشتراكية مطلع تسعينات القرن العشرين، فالفكر الإنساني سيظل ولودا منتجا ما دامت أرحام النساء تنجب، ثم لماذا هذا التعويل على فكر أصبح قديما في مفاهيم عصرنا المتسارع هذا؟ فهو لا يتورع عن إطلاق أحكامه الباتة الباترة، في مسألة وجوب أن تقود الطبقة العاملة، الثورات الاشتراكية، نافياً أن يمثل الفلاحون طبقة مهيمنة تقود الثورة؛ أية ثورة! مؤكداً “إن الثورة، بالمعنى الذي حددنا، هي فاشلة إن لم تكن بقيادة طبقة مهيمنة وما كانوا يوما كذلك، وما كان بينهم يوما نمط خاص من الإنتاج يحمل طابعهم الطبقي الذي به يتميز من نمط آخر من الإنتاج، ذي طابع مختلف، كنمط الإنتاج البرجوازي، مثلاً أو الإقطاعي، أو الشيوعي الذي يحمل طابع الطبقة العاملة، لذا كان الأفق دوماً مسدوداً في وجه الثورات الفلاحية، لاينفتح إلا حين تكون الثورة بقيادة طبقة مهيمنة، كالبرجوازية في الثورة البرجوازية، أو كالطبقة العاملة في الثورة الاشتراكية، حينئذ ينخرط الفلاحون في الثورة، لكن بقيادة هذه الطبقة” تراجع ص 335-334 إذن كيف نفسر اندلاع أول ثورة اشتراكية في العصر الحديث؛ ثورة أكتوبر 1917؟ التي ما قادها العمال، أو الطبقة العاملة، بل قادتها الطبقة المتوسطة، ممثلة بالطلاب والجند والمثقفين البرجوازيين ولا سيما المنشفيك، قبل أن يختطفها البلشفيك بقيادة فلاديمير ايليتش لنين الذي كان خارج روسية. وما نقول بشأن الثورة الفلاحية التي قادها الزعيم ماو، والمسيرة الكبرى التي انتهت بانتصار ثورة الفلاحين، على سلطة شان كاي شك وتحرير البر الصيني؟ فضلا عن حركة الباتيث لاو الفلاحية في لاوس، ابان ستينات القرن العشرين، ما ذا بشأن ثوار الفيت كونك في فيتنام وكلهم فلاحون.
|
|