العثور على الذات ... اغتيال الدونية (23)


عدنان الصباح
الحوار المتمدن - العدد: 6376 - 2019 / 10 / 11 - 22:40
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع     

عبد الناصر ايضا فعل ما فعله الحبيب بورقيبة وكذا باقي القادة العسكريين في بلادهم بان جعلوا من انفسهم زعماء مخلدين ومنعوا اية معارضة حقيقية من الظهور فكان نظام القائد الواحد والحزب الواحد في مصر وسوريا والعراق وليبيا والسودان والجزائر لكن الفرق الجوهري بين بورقيبة وباقي الزعماء العرب الذين سيطروا على السلطة اعتباطا ان بورقيبة كان سياسيا مدنيا وقائد ثورة ولم يأت من ثكنات العسكر الذين قدموا زعامتهم على بلدانهم فانشغلوا بقضايا لا تمت لبلدانهم بصلة فانشغل عبد الناصر باليمن مثلا والامثلة تطال الجميع وعلى العكس من ديكتاتوريات العرب جاءت الديكتاتورية في أوروبا وعديد دول العام بنتائج ايجابية لبلدانها وقد تكون كوريا الجنوبية ابرز مثال على ذلك فقد حكمها ديكتاتوريين في ظروف قاسية وقد " عرفت كوريا الجنوبية وتحت الحكم الاستبدادي لحكومة إي سنغ مان ثم القيادة الدكتاتورية لباك تشونغ هي تطورا اقتصاديا سريعا. كما عرفت الفترة اضطرابات سياسة عدة. انتهت هذه مع نجاح موجة الاحتجاجات في قلب النظام الدكتاتوري وتنصيب حكومة ديموقراطية، كان هذا سنوات الثمانينات. ظل احتمال إعادة توحيد الكوريتين يطغى على الأوليات السياسية الأخرى في البلاد. لم يتم إلى الآن التوقيع على أي اتفاق سلام بين الجارتين. تم عقد أول لقاء تاريخي بين الشمال والجنوب. جاءت هذه اللقاءات تتويجا لسياسة ضوء الشمس التي انتهجتها حكومة كوريا الجنوبية، ورغم ما تعلنه جارتها الشمالية عن مشروعها النووي " كما ان فشل ثورة روبسبير الشهيرة والتي جاءت من بعده بحكومة ضعيفة سموها حكومة المدراء الى ان اسست لديكتاتور شهير هو نابليون بونابرت الذي تآمر على حكومة المدراء بالتعاون مع مجلس الحكماء واستولى على السلطة وان بشكل دستوري وقد ساعدته الانجازات العديدة التي حققها لبلاده وفي مقدمتها السلام للشعب على اثر هزيمته للأعداء تحديدا في النمسا مما قاد الشعب وبشكل تلقائي الى المناداة به زعيما مدى الحياة بعد أن " منح نابليون للشعب الفرنسي كل ما كان يتمناه بعد سنوات طويلة من العناء والثورة والدم والتغيير والتخبط الفكري والتطبيقي، فلقد منح الرجل فرنسا الاستقرار على أسس سياسية وقانونية معروفة بل وراقت للشعب، وهي الأمور التي دفعت الأغلبية لمنحه لقب «قنصل مدى الحياة» ثم بعد ذلك منحه لقب إمبراطور في احتفال مهيب شهدته كل أوروبا، وبذلك أصبح نابليون بونابرت القابض على أمور فرنسا منذ ذلك التاريخ, وهكذا اعتنق الشعب الفرنسي فكر «روسو» فاعتنق الثورية وتخلص من الملك، ثم فشلت قياداته المتعاقبة في تطبيق مبادئ الثورة التي نادت بها من الأساس، ثم جاءت الثورة المضادة، ثم الثورة العكسية والفوضى، فلم تسترح فرنسا إلا بعدما اتفقت على شخصية نابليون بونابرت قائدا للبلاد ".
لقد فشلت الادارات المتلاحقة في اخراج كوريا الجنوبية من التخلف والفقر التي عاشتهما بعد الحرب الاستعمارية الثانية وفشلت سائر انظمة الحكم الى ان استولى على الحكم الجنرال بارك تشونج بانقلاب عسكري تحول النظام بعدها الى نظام ديكتاتوري وطني وتمكن خلال فترة قصيرة تمكن هذا الدكتاتور من اقناع العالم بانه جاد وعملي عبر انجازات حقيقية بدأت تظهر على الارض فعلا فقد " تمكن هذا الرئيس على مدى السنوات القليلة التالية من تطبيع علاقة بلاده مع اليابان، وأرسى قواعد اقتصاد متكيف مع التصدير. وتوجت المجهودات بحدوث نمو اقتصادي مثير للإعجاب. كما أبان هذا النجاح عن الإرادة القوية للشعب الكوري لتحقيق التقدم والرقي. فما كان لهذا النجاح أن يحصل لولا الجهد المثير للإعجاب الذي بذله هذا الشعب، فمهاراتهم وأخلاقيات العمل الشاق لديهم كانت بمثابة الغراء اللاصق الذي جعل الأشياء متماسكة واستمرت كوريا الجنوبية في الحصول على مزايا اقتصادية من الولايات المتحدة على شكل قروض وضمانات لكنها توقفت على الاعتماد على المنح الهائلة والمساعدات المباشرة. لم تعد كوريا الجنوبية توصف ب"حالة العجز" كتعبير سائد على فشلها في التنمية. وفي السبعينات نظر إليها على أنها انتصار ونموذج يحتذى به، كما أبدى العالم إعجابه ب"الأعجوبة الاقتصادية في شرق آسيا" ومن تم أحيل الباحثون عن دروس وعن إلهام إلى كوريا الجنوبية، وزملائها من "النمور الآسيوية" ".
المقارنة اذن بين انظمة عربية هلامية بلا رؤيا ولا هدف ولا برامج ولا فكر سوى السعي للإثراء الفاحش السريع من خلال اشاعة الفساد والرشوة والمحسوبية واللصوصية والانشغال عن الحكم والشعب بمصالح الفئات والافراد مما جعل من الانظمة السائدة في الوطن العربي جميعا انظمة فاسدة لا يعنيها ابدا تطور بلادها فكوريا التي اعتمدت على المساعدات الامريكية في بداياتها تخلت عن هذه المساعدات فيما بعد ومعها اليابان التي خرجت ايضا من الحرب الاستعمارية الثانية محطمة وكذا عديد الدول الاسيوية باتت اليوم تشارك في مجموعة الدول المانحة بدل حالة التسول التي يعيش عليها العرب بلا فائدة ترجى سوى الامعان في التسول والفساد حد ان اصبح التسول صفة لا يخجل منها العرب وبالتالي صارت الدونية ملاصقة لأنظمة الحكم العربية.