قصائد معرّبة-الشاعرة الكردية كاجال أحمد
الاخضر القرمطي
2011 / 12 / 3 - 19:22
قصائد معرّبة-الشاعرة الكردية كاجال أحمد
تعريب: الاخضر القرمطي
------------------------------------
1- طيور
وفقًا لآخر التصنيفات،
ينتمي الكردُ الى صنفِ الطيور،
لذلك،هم، عبر الإعصار، وصفحات التاريخ الصفراء،
بدو يوصمون بقوافلهم.
*
نعم، طيورٌ هم الكُرد!
حتى حينَ تخلو الاماكنُ، ملاجىءُ ألامهم،
يعودون الى سراب ترحالهم بين اقاليم وطنهم الدافئة والباردة.
*
جدًا طبيعي، ألاّ أظنُّ غرابةً في تمكُّنَ الكُرد من الطيران.
من بلدٍ الى آخر يرحلون
ولم يحققوا بعدُ أحلامَهم بالمبيت، ببناء موطنٍ.
*
لن يبنوا ملاجىءَ، ولا حتّى عند نزولهم الأخير.
هل يزورون مولانا للاطمئان عن صحته،
أم ينحنوا للغبار في الريح اللطيفة، كمثلِ نالي*؟
*نالي هو شاعرٌ ينتمي الى القرن السابع عشر.والذي يقول في إحدى قصائده:”أبذل نفسي كرمى لغبارك-يتها الريح اللطيفة!)
2- إتجاهات
كلّما كان في الجبال،
حيثما خلع حذاءه،
كانوا دائمًا يشيرون ناحيةَ مدينته،
ولكنّه ما ظّنّ يومًا بأن هذا قد يعني
أن وطنه سيُحرَّر.
*
الآن وهو في مدينته،
أينما تركَ حذاءه،
يشيرون الى أراضٍ ورائه
ولكنه لم يحلم بأن اليوم سيأتي حين،
بلا رؤية السرابِ الذي يراه المنفى دومًا،
بلا اي اتجاهٍ من حذائه،
سيرتحل عبر قلب وطنه،
عبر الاسطورة المحفوظة في صدر جدّته الخشبي،
و في قبو بيت سعيد،
تُغلَق عليه عدّة ابوابٌ ملوّنة
كالأبواب في قصص الأطفال.
3- حَمِـل
بخلاف أصدقائها،
ليس بإمكانها ان تفتخر بخصرِها بعد الآن.
لا تتمايل اوراكُها أو تتأرجح.
لا تجرؤ على ركوب عربة ودولاب “سه رجنار”*
كما اعتادت حين كانت مخطوبة.
*
حُبلى هي،
لذلك هي أجملُ من كل الفتياتِ حولها،
أجملُ من الرجال الّذين، عند المساءِ، يغفلون عن عويلها.
*
من بين نساء الحي،
تبدو الأكثر تفجعًا بالحب
والأكثر حيويةً.
*
رؤيتها تجعلك تتوق الى البطيخ الأحمرِ،
وانتَ تتعلمُ أن تحلمَ من بكاء طفلٍ
أو من ضحِكه
كأنّك تنسجُ جوربًا أو مريلةً.
*
خصرُها لم يعد نحيلاً
كعود القصب.
يتمدد زمن التنانير
ويتلاشى زمنُ الجينز.
يُتجاهلُ أحمرُ الشفاه
كما الكعبُ العالي والمرايا.
انتهى عنفوانها في ارتداء المايوهات والعباءات.
*
تتحدث اليوم الى رحمِها،
غافلةً عنّا وعن نفسها.
فليجعل الله حسنًا هذا البحث لتسعة أشهرٍ
في دروب الحياة والموت.
فليجعل الله حسنًا
هذا المصير الذي تواجهه النساء.
4-فلسفة بائع الفاكهة
صديقي! كنتَ كالمشمشِ.
حين المضغةِ الأولى،
بصقتُ اللبَّ والقلب.
*
عشقيَ القديم!
أنتَ، أحيانًا، مندرين
يتعرّى بكل عفوية.
وأحيانًا، تفاحةٌ أنتَ
للأكل تصلحُ
مع او بدون القشور.
*
أيّها الجار!
أنتَ كسكّين الفاكهة.
ليس هناك أبدًا من وقتٍ
لا تكن فيه إلاّ على طاولةَ عشائنا.
لكن، سامحني إن قلتُ-
أنتَ مضيعةٌ للوقت.
*
ايها الوطن الغالي، انتَ كالليمون.
حينَ تُسمّى مياه فم الكون
ولكنّي أنال ملءَ قشعريرة.
*
أنتَ ايّها الغريب!
متأكدةٌ بانّك بطيخٌ أحمر.
لن اعرف ما تشبهُ حقًا
حتّى أمرّ من خلالك كالسكّين.
5- الرسالة
على سطح ورقةٍ عاديةٍ
أرسل القمرُ الى بيت الشمس
هذه السطور البسيطة:
“بعد كل هذه السنين في انتظارِكِ،
أخجل جدًا من سؤالك:
لما لا تتزوجيني؟”
والشمس، بواسطة إحدى النجوم،
أجابت:
“بعد كل هذه السنين من الاختباء عنكَ،
لا أرغب في اخبارك:
أنني لا اجرؤ”.
الأرض الوحيدة
أجسام الكون البيضاء لا تقول لها صباح الخير
ولا تقبّلها النجوم المصنّعة يدويًا.
يمكن للأرضِ ، حيث تُدفَن زهورٌ كثيرةٌ ومشاعرَ رقيقة،
أن تتوقّف من اجلِ ومضةٍ،من اجل عطرٍ.
وحيدةٌ هذه الكرةُ المغبَّرة،
وحيدةٌ جدًا،
حينَ ترى غطاء القمر المرقّع
وتعرف ان الشمس لصٌ خطير
بشعاعات جمّة اصطادها لنفسه يشتعلُ
وينظر الى الارض والقمر كنزيلين.
***كاجال أحمد (أو كاجال آمد)، شاعرة وصحافية وكاتبة كردية معاصرة. وُلِدَت في كركوك (1967). بدأت بكتابة الشعر في 1986. وتعيش اليوم في السليمانية-كردستان العراق. تُرجِمَت اشعارها الى العربية والفارسية والتركية والنرويجية والانكليزية. بالاضافة الى نتاجها الأدبي، تهتم كاجال بالقضايا الاجتماعية والسياسية كما بشؤون المرأة.