حول مرور ست سنوات على الاحتلال


اتحاد المجالس والنقابات العمالية في العراق
2009 / 4 / 13 - 08:59     

مرت ست سنوات على الاحتلال، ست سنوات عاصفة مدوية ثقيلة، ست سنوات أطاحت بالجزء الأكبر من مكتسبات الإنسان في العراق، ودفعت إلى الواجهة والى السلطة، قوى لا يربطها بالمجتمع سوى فوهات البنادق وحدود السيوف.
تقلبات لم يشهد لها المجتمع العراقي مثيلا في تاريخه الحديث وفترات مظلمة أعادت إلى الأذهان غزوات التتار والقبائل المتوحشة الهمجية.
لقد جاء الغزو والاحتلال بعد عقود من تطلع المجتمع إلى الخلاص والتحرر من القبضة الحديدية للنظام البائد وحروبه وماسيه وأنفاله ومعتقلاته ومجازره، مجتمع كان يتطلع للحرية، فإذا بالدبابات تجوب شوارعه وأزقته وتضيف إلى تاريخه المأساوي فصلا هو الأشد دموية.
قتل مئات الآلاف، تشرد الملايين، تراجعت المدنية، فرض التراجع على المرأة، انتشرت البطالة، استشرى الفساد، تراكمت الثروات الطائلة لدى حفنة من المتنفذين وأصحاب المافيات وتجار الحروب واتسع الفقر، دمرت الصناعات، انهارت الخدمات العامة وانتشرت مافيات الاتجار بالبشر وشبكات الدعارة.
لقد عاش المجتمع مشهدا تراجيديا مرعبا، داميا، وأصبح مشهد الأطفال الذين يلهون قرب جثث القتلى مألوفا، ومحل القيم الإنسانية التي عاشها ورسخها المجتمع، أصبحنا نرى تقاليدا جديدة من القسوة والفظاظة والتوحش، يغذيها ويدعمها أصحاب المافيات والنفوذ والقوى التي تسعى إلى الاستمرار في السيطرة، سواء في السلطة أو كمليشيات وعصابات. إن طوفان الدم والخراب، رغم خطورته واتساعه، لم يخمد جذوة التطلع للتحرر والحفاظ على القيم المدنية الإنسانية في المجتمع. وقف التحرريون ودعاة التمدن بحزم في خندق الإنسانية والتحرر يواجهون الهجمة البربرية التي خلقها الاحتلال. لقد واصل العمال عملهم في مصانعهم ولم تمنعهم المليشيات والاقتتال الطائفي، واستمر الجامعات رغم القتل اليومي للطلاب والأساتذة وقاومت الهمجية، وواجهت المرأة الهجمة الشرسة على مكتسباتها وواصل الشباب فعالياتهم رغم الخطر والتنكيل والقتل، ونجا المجتمع بفعل إصراره على عدم الانجرار وراء الحرب الطائفية التي فرضت عليه، ولم يتوقف في حدود الحفاظ على التمدن. يرفع العمال راية النضال المطلبي والشباب ينظمون أنفسهم في تجمعات وفعاليات والمرأة تنفض عنها ثقل القيود والتحرريون في العديد من الميادين يبحثون عن بديل، عن مجتمع متحرر خال من الاحتلال والمليشيات والتشريد وفرض القيم البربرية الهمجية.
رغم إبرام الاتفاقية الأمنية والوعد بانسحاب القوات من العراق، ألا أن هذا ليس إنهاءً للاحتلال، إن مشروع الخصخصة وقانون النفط وفرض سياسة صندوق النقد والإشراف على السياسات الاقتصادية عامة هي الوجه الاقتصادي للاحتلال وامتداد للمشروع الأمريكي في السيطرة والهيمنة.
إن التطلع للتحرر يستلزم تنظيم هذه الميول في قوى وتشكيلات لتكون أداة بيد دعاة الحرية لفرض بديلهم للأوضاع المأساوية الراهنة.
عاشت الحرية
عاشت إرادة الجماهير في التحرر

اتحاد المجالس والنقابات العمالية في العراق
9-4 -2009