مقالات وتحليلات صديقة.العراق :العالم من حافة حرب الى حرب اخر !!بقلم (الرفيق صادق عزيز)


تيار الكفاح العمالى - مصر
الحوار المتمدن - العدد: 7186 - 2022 / 3 / 10 - 08:43
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية     

بعد صعوده لخوض المبارة النهائية في “بطولة دبي للتنس ” كتب اللاعب الروسي ِاندري روبلف (Andrey Rublev) “لا للحرب رجاء “NO war Please . على شاشة الكاميرة التي تنقل المبارة و هذا تقليد اعتاد عليه لاعبو كرة المضرب . من خلال هذه الكلمات عبر(اندري) عن سخطه من اندلاع الحرب في اوكرانيا . و ليضم بذلك صوته لصوت الملايين من سكان هذا الكوكب الرافضيين للحرب و دعاة السلام العالمي .
مع اولى ساعات الفجر من يوم الخميس الماضي بدات القوات الروسية بحرب شاملة على اوكرانيا مستخدمة في ذلك الصواريج و الطائرات المقاتلة و من ثمة شرعت القوات البرية بالتوغل الى اعمق الاراضي الاوكرانية و على اثر نزح مئات الالوف من المدنيين لصفالا و شيوخا و نساء و رجالامن ديارهم و اتخذوا من محطات القطار و الانفاق ماؤى لهم . لقد شهدت الاسبايع الاخيرة بل الاشهر الاخير محاولات كثيرة من قبل الغرب و اوكرانيا لاحتواء التحشدات الروسية دبلوماسيا لتفادي الحرب التي كانت تستعد لها موسكو منذ ما يقارب العام .
في احدى خطاباته تذرع الرئيس الروسي بوتين بان الهدف الرئيسي من وراء الحملة العسكرية الروسية هو نزع السلاح و الدفاع عن النفس و وقف الابادة الجماعية و ازاحة النازيين “. و قد اكد الزعيم الروسي بوتين مرار ان روسيا غير راضية من توسع حلف ناتو و تقوية ” البية التحية العسكرية ” و الاقتراب من الحدود الروسية وضم دول اخرى الى الحلف .
منذ انهيار عالم ثنائي القطب و تفكك جمهوريات الاتحاد السوفيتي القديم يمر المجتمع البشري و العالم عموما بمخاض تحولات تاريخية عسيرة . مخاض نشوء و بروزالتكتلات السياسية و الاقتصادية العالمية الجديدة . و التي مرت اما عن طريق توسيع الاحلاف القديمة و الاستفادة من الهيمنة الاقتصادية و العسكرية المورثة عن العهد السابق اوعن طريق السعي لايجاد احلاف جديدة و تكتلات اقتصادية عسكرية سياسية .
فقد انضمت اربعة عشرة دولة من الكتلة الشرقية ( حلف وارسو ) الى ( حلف ناتو و الاتجاد الاوربي ) و ابدت بذلك الولاء و التقارب للغرب و امريكا . خلال هذه الفترة , ثلاثين عام , شهدت العالم المزيد من الحروب و الاقتال و الاجتياح و ما رافقتها من دمار المدن و الحياة المدنية و تحطيم هيكل الخدمات الانسانية و لم تقل هذه الجرائم في شيء عن الفترات السابقة بما فيها فترة (الحرب الباردة ) .
فقد قادت الولايات المتحدة حملات عسكرية و تحالفات دولية لاشعال الحروب الدمار في الكثير من بقاع العالم ( يوغسلافيا القديمة , الصومال, السودان, افغانستان , العراق , ليبيا و سورية و دعم الحرب في اليمن و غيرها ) مستعينة بقرار الامم المتحدة احيانا في تمرير الحروب و جاهلة لدور و مقرارات الامم المتحدة و الهيئات الدولية الاخرى احيانا اخر .
و قد شاركت الدول الامبريالية عموما ( فرنسا , روسيا وبريطانيا و غيره ) في هذه الحروب كلا لحماية مصالحهم الاقتصادية و العسكرية و الجيوسياسية .
و تحت غيمة الحرب على الارهارب المعتمة اخذت هذه الحروب و التدخلات بعدا عالميا اوسع و اشمل و اخطر .
و مع تفاقم الازمة الاقتصادية العالمية منذ بداية القرن و بشكل ادق منذ 2008 و فشل نموذج الليبرالية الاقتصادية الجديدة ازدات حدة هذه الصراعات و الحروب و اتسعت اكثر فاكثر . و برزت كتلة اقتصادية عالمية جديدة تبحث عن منابع للطاقة و الثروات الطبيعية و مناطق نفوذ و الهيمنة, تؤمنها موقع اقتصادي و سياسي اهم في التوزان القوى الدولية القادمة و عليه فالحرب الدائرة اليوم في اوكرانيا لا تخرج عن هذا السياق و الفهم و هي جزء من هذا المخاض .
في منتدى الامن العالمي الذي اقيمت في ميونيغ شباط2007 اكد بوتين و بكل جراءة و تحدي بان روسيا لا ترضى بالانفراد باقتصاد و سياسة العالم و هيمنة القطب الواحد . و منذ الازمة المالية و الاقتصادية العالمية 2008 بدات روسيا بالتدخل العسكري المباشر في مناطق عدة من العالم فاجتاح جورجيا 2008 و دخل الحرب في سوريا داعمة نظام بشار الاسد 2015 و شارك بقوة في الحرب الدائرة في ليبيا و أمن المزيد من مصادر الطاقة و الغاز كما تدخل في الشؤؤن الافريقي و النزاع في جمهورية افريقى الوسطى 2016 و اخيرا لعبت دورا مميزا افي حرب اذربيجان و ارمينيا واقتنى مكاسبا سياسيا ملحوظا.
هل كان بالامكان تفادي هذه الحرب ؟ في حالة تراجع اوكرانيا عن نيتها في الانضمام الى حلف الناتو ؟
في حرب الخليج و عقب احتلال الكويت من قبل نظام صدام القومي الرجعي كان بعض من الاعلاميين و الساسة بل فئة من اليساريين يعتقون بان دعوة الامم المتحدة لخروج العراق من الكويت تحمي النظام في العراق من مواجهة حرب اكيدة و هي دعوة منصفة واقعية و مقبولة . واليوم لا تزال الكثير من المراقبين يظنون بانه كانت في استطاعت اوكرانيا تفادي الحرب اذا ما رفضت الانجرار الى ” حلف ناتو ” . في الحقيقة تكفي اتف الحجج لشن هذه الحروب .
من المؤكد ان المواجهة العسكرية و الحربية تشكل احد اوجه هذه الصراعات العالمية . غيره انه نجد في ملف اوكرانيا وبكل وضوح تجاوز الصراع الى الميادين الاقتصادية و الدبلوماسية و التكنولوجية وغيرها و ان كل فريق قد استعدت لاستخدام وسائل الهجمة و التصدي بشكل دقيق و مسبق .
ان كون روسيا ثاني اكبر منتج للغاز في العالم بعد الولايات المتحدة (638 مليار متر مكعب )و تملك الحصة الكبرى من الاحتياطي العالمي للغاز 47.1 تريليون متر مكعب كما انها تمد اوربا من الغاز 18% جعل من هشاشة موقف الاتحاد الاوربي شيء واقعيا . و تسعى امريكا كسب تاييد اوربا لعزل روسيا من SWIFT الشبكة البنكية العالمية القوية اذ ستكون اوربا المتتضررة الاولية من هذا الاجراء ( المانيا بالتحديد ) هذا في الوقت الذي انشاء كلا من وسيا و الصين نظام الدفع الخاص بها ( SPFS ,CIPS ) على التوالي . هذا ناهيك عن الحرب في مجال التنكولوجيا و الاتصالات .
هذه ليس الصورة الوحيدة التي تعكسها العالم المعاصر . فليس كل هذه الامور و المخاض و مسار التكتلات تجري ب ” هدوء و أمان ” . فاذا كانت الحركات و الاحتجات التي سادت العالم اوائل التسعينيات من القرن الماضي ” حركات مناهضة العولمة ” و تهميش الانسان شكلت ميدانا نضاليا و تحدي قوي لمساعي الامبريالية العالمية و النظام الاقتصادي العالمي . فان فشل النظام الاقتصاد العالمي في تحسين وضع الانسان و تامين حياة امن و هادئ على هذا الكوكب فحسب بل فشلها الذريع للتصدي لوباء كورنا خلال السنوات الماضي و التي ادت بحياة مئات الالوف و تعريض مئات الملايين للاصابة اوجدت الارضية الاجتماعية لولادة عشرات الحركات الانسانية و التحررية المعادية للحرب و تدمير الكوكب وحماية البيئة علاوة على نمو و الظهور الساطع للاحتجاجت العمالية على الصعيد العالمي بشكل مؤثر و فعال , تنبأ بامكانية التصدي لهذه العنجرية فحسب بل خلاص البشرية .
(تم نشر هذا المقال للمرة الاولى كافتتاحية العدد 21 من صحيفة ” ريجار ” باللغة الكردية و للضرورة ارتأينا ترجمته للغة العربية )