عن العمال الذين يقودون مفارز حماية الاحياء السكنية


فلاح علوان
2006 / 8 / 1 - 11:52     

قبل نحو اسبوعين، وضمن اجتماعات ولقاءات الكوادر والفعالين العماليين، اعتذر منسق اتحاد عمال النسيج والمسؤول عن تبليغ فعالي وكوادر عمال النسيج، ومنسق اتحاد العاملين في الخدمات، عن عدم قدرة 3 او اكثر من الكوادر المبلغين بالاجتماع على الحضور. وتبين ان سبب عدم الحضور هو الارهاق ومعاناة السهر في الحراسات الليلية لحماية اماكن السكن، وارسل احد ابرز الفعالين في نقابة النسيج – لجنة السجاد الصوفي الميكانيكي- اعتذارا عن الحضور كونه يشرف على الحراسات في الازقة التي يقطنها في منطقة سبع البور، وان الحراسات تمتد حتى الصباح. وحين اتصلنا بعمال الطابوق في النهروان، وهي المنطقة التي شهدت اعمال قتل طائفية، اكدوا بانهم يحرسون ليس فقط المناطق السكنية ومداخل الاحياء بل المعامل ايضا.
وبنظرة بسيطة على مجمل مناطق بغداد تكتشف ان العديد من الاحياء وخاصة "الشعبية" والتي تضم العمال والكادحين والذين ليس بمقدورهم، بل يستحيل عليهم الاستعانة بالحراس الشخصيين، قد قام سكانها بتنظيم انفسهم في مجاميع ومفارز مسلحة لحماية مناطق سكناهم من هجمات المليشيات الطائفية التي تنشر الموت والرعب. بسبب اشتداد الهجمة الشرسة للعصابات والمليشيات الطائفية وعجز السلطات عن تحقيق الامن.
ومعنى هذا ان تحقيق الامن اصبح من اهم التحديات التي تواجه المجتمع، من جانب، ومن جانب اخر ان العمال لديهم الجواب على هذه المعضلة وهم قادرون على ملء الفراغ الامني، اولا بسبب كونهم طبقة منظمة وواسعة في المجتمع، وثانيا لان ليس لديهم مصلحة في التناحر المذهبي بل ان اهم اعداء العمال هو التقسيم والتشتت، وثالثا ان اقتدار العمال سيدفع بباقي اقسام المجتمع الى الالتفاف حول مطلب العمال في فرض الامن وانهاء الاوضاع الراهنة في المجتمع، والتحول بسرعة الى القوة الرئيسية في المجتمع.
ورغم ان بعض المناطق هي عمليا تحت نفوذ المليشيات وليس مجاميع العمال المسلحة والاهالي، تلك المليشيات التي تدعي فرض الامن في مناطق السكن ، الا ان هذا لم يمنع من تحولها الى ساحة حرب بين المجاميع المتناحرة، بل عمق من تحولها الى ميادين لتبادل الغارات بين هذه المجموعة او تلك من المجاميع التي تهاجم الاحياء السكنية سواء بالتفجير او بالاختطاف والقتل او بفتح النار على الابرياء.
يشكل العمال بمن فيهم الموظفون الحكوميون والباحثون عن فرص العمل وسائر الكادحين، القسم الاعظم من المجتمع. وحيث ان مصير المجتمع معلق من الناحية السياسية والامنية واشتداد الحرب الطائفية وعجز السلطات والقوى السياسية عن توفير الامن والبديل السياسي، يصبح من الضروري على الجماهير الذين شكلوا من بينهم المجاميع المسلحة لحماية انفسهم، ان يسعوا الى اخذ المبادرة بايديهم وفرض الامن عبر تحويل هذه الممارسات المنتشرة في هذا الحي او ذاك الى نمط اجتماعي واسع بحيث يجري ملء الفراغ الامني وتحقيق الامان على مستوى المجتمع وليس في حي سكني دون سواه. بحيث يتم توحيد الجهد الذي يقوم به العمال المسلحون في مناطق السكن وفي قسم من المعامل، ليشكل كل هذا جيش العمال الذي سينهي الاحتراب الطائفي الدموي، وينهي العناوين الطائفية التي تحتمي وراءها العصابات والمجاميع المسلحة لتنشر الرعب والدم.
ان تشكيل جيش البروليتاريا من عناصره التي تمارس دورها في العديد من الاحياء والمناطق، هو خطوة جبارة باتجاه انهاء الاحتلال والاوضاع الماساوية الراهنة، وفرض ارادة الجماهير، ليس فقط في القضاء على الارهاب والقتل بل القضاء على خرافة نشر الامان من قبل قوات الاحتلال، التي تتذرع بالانفلات الامني وبانها موجودة لنشر الامن.
لقد ثبت بطلان ادعاء قوات الاحتلال وعجزت السلطات عن توفير الامن.واصبح المجتمع على حافة الانزلاق نحو الانهيار التام.
ان تشكيل جيش العمال، وبالاحرى توحيد الجهد الواسع الذي يقوم به العمال، وسائر فئات المجتمع في مناطق السكن والعمل، يشكل الاجابة الفورية العاجلة على الاوضاع الراهنة. وان التحدي الاهم هو:
ما هي الاليات الكفيلة بتحويل هذه المبادرات العمالية والجماهيرية الى قوة واسعة منظمة تجيب على مسالة الفراغ الامني وسيطرة المليشيات؟
وبتعبير اخر ماهي القوى التي بامكانها توفيرالاطار والشكل التنظيمي الملائم لهذه الحركة ؟
ان الاجابة على هذا السؤال، تشكل رسم المسار العملي والسياسي لهذه الحركة باتجاه اهدافها كحركة اجتماعية.