أمريكا والصين والدولار ، الى أين !!؟؟ - الجزء الأول -


عبدو المراكشي
2020 / 5 / 19 - 05:53     

تم الشروع في هندسة العلاقة الأمريكية – الصينية ورسم أهم معالمها وامتداداتها ، ابان فترة السبعينات ، بعد الفشل الذي آلت اليه الثورة الثقافية الصينية في العام 1968 بزعامة ماوتسي تونغ ، وذلك من خلال زيارة الرئيس الامريكي نكسون للصين في العام 1972 ، ولقاؤه بالقائد الجديد لحزب ماو الزعيم الصيني دنغ هيساو بنغ. وقد سبق هذا اللقاء انسحاب أمريكا عام 1971 ، من معاهدة برتون وودز ونزع الغطاء الذهبي عن الدولار ، وهوماسيسمح لأمريكا بطبع ماتشاء من الدولارات بدون قيمتها الحقيقية .

تمة عاملان رئيسيان ، ساهما الى حد بعيد في ميلاد وطرز مثل هكذا علاقة وتعبيد الطريق أمامها ... العامل الأول يتمثل في انهيار الرأسمالية العالمية وتعطل دورتها الحيوية "نقد – بضاعة – نقد " ، وسقوط الانتاج المادي و قيمة النقود الى القاع وفراغ الخزانة الأمريكية نتيجة الانفاق الخارجي وحرب الفيثنام ، أما العامل الثاني ، فيتمثل في الحرب الشرسة والضروس التي تقودها أمريكا ضد المعسكر الاشتراكي بزعامة الاتحاد السوفياتي !!

جرى الاتفاق بين الطرفين على تكامل الادوار في قيادة المجتمع الدولي والتحكم في مصائر اقتصادياته ، بحيث تكون الصين مصنع العالم تصنع ماتشاء من البضائع وتكون أمريكا زبونها التفضيلي الأول في العالم ، تشتري ماتشاء من البضائع الصينة وفق ماتقتضيه متطلبات السوق الاستهلاكية الامريكية . انه التلاعب باقتصاديات العالم ونهب شعوبها بدولار فاقد لاية قيمة حقيقية !! لقد أصبح العالم برمته يعيش في مستنقع اقتصاد فوضوي و هجين ، غير خاضع لأية قوانين ، تحكمه وتتحكم في مصائره ، من جهة بضائع صينية فاقدة لأية قيمة تبادلية تذكر ، ومن جهة ثانية دولار أمريكي مزيف فاقد لقيمته الحقيقية . عالم تقوده عصابات لصوصية ، تجر البشرية الى الكارثة التي مابعدها كارثة .

تنتج الصين بضائع لاقيمة لها وتستبدل بالدولار المفرغ من أية قيمة تذكر ، ومايحدد قيمة هذا الدولار ليست بالطبع أمريكا بل الصين !! ياله من سيناريو !! وتبعا لهذا السيناريو الجهنمي تمكنت أمريكا من الهيمنة والسيطرة على العالم برمته وأصبحت لها اليد الطولى في تقرير مصائر شعوبه وهندسة خرائطه ، كما تمكنت الصين من مراكمة احتياطيا ت مهمة من الدولارات المزيفة ، مالبثت أن أدركت بالنهاية أنها ستشكل خطرا عليها ، بل هي "السم " القاتل الذي سيقتلها وسيدمر اقتصادها التصديري ، خصوصا مع الانهيارات المتتالية التي يشهدها الدولار الأمريكي في الاسواق المالية العالمية ودعوات أمريكا الى خفض سعره ، وهو ما سيؤثر سلبا على الاحتياطي الصيني من الدولار .

لقد حرصت الصين في العقود الأخيرة على توزيع مخاطر رصيدها من الاحتياطي الدولاري ، عبر الدخول في استثمارات مباشرة ضخمة في آسيا وأفريقيا وأميركا نفسها ، وكذلك إنشاء بنك للتنمية الآسيوية بنحو 100 مليار دولار ، والدخول في مبادرة "الحزام والطريق" التي أطلقت عام 2013، والتي تضخ فيها الصين مليارات الدولار.كما سعت الصين لتكون جزءا من المكون النقدي العالمي، حيث اعتمد اليوان كعملة حرة للتداول ، وكذلك كأحد العملات المكونة لوحدات السحب الخاصة بصندوق النقد الدولي في سبتمبر 2016. كما لايجب أن ننسى أن الصين استطاعت في العقود الأخيرة ، تكوين ترسانة عسكرية كبيرة قادرة على ترويض الآخرين لما فيه مصلحة اقتصادها ودرء جميع المخاطر المحتملة ومن أية جهة صادرة !!
نشير الى أن ادراك الصين ، لحجم الخطر الذي أصبح يشكله الاحتياطي من الدولارات المتوفر لديها على مصير اقتصادها ، فان هذا لايعني بالضرورة أنها ستتمكن هكذا و بسهولة من الافلات من مصيدته بدون خسائر وتداعيات تذكر !!
....يتبع .