حزب العمّال التونسي حزب خوجي تحريفي إصلاحي على حافة الإنهيار - الفصل السابع من بحث - - وثائق المؤتمر الخامس لحزب العمّال التونسي تبيّن بجلاء أنّه حزب تحريفي إصلاحي لا غير -


ناظم الماوي
2020 / 5 / 16 - 10:59     

حزب العمّال التونسي حزب خوجي تحريفي إصلاحي على حافة الإنهيار - الفصل السابع من بحث -
" وثائق المؤتمر الخامس لحزب العمّال التونسي تبيّن بجلاء أنّه حزب تحريفي إصلاحي لا غير "
(ملاحظة : البحث بأكمله ، نسخة بى دى أف ، متوفّر بمكتبة الحوار المتمدّن )
---------------------------------------------------------------------------------------------------------
" إن الثورة الشيوعية تقطع من الأساس كل رابطة مع علاقات الملكية التقليدية ، فلا عجب إذن إن هي قطعت بحزم أيضا ، أثناء تطورها ، كل رابطة مع الأفكار و الآراء التقليدية ."
( ماركس و إنجلز ، " بيان الحزب الشيوعي " )
------------------------------
" هذه الإشتراكيّة إعلان للثورة المستمرّة ، الدكتاتوريّة الطبقيّة للبروليتاريا كنقطة ضرورية للقضاء على كلّ الإختلافات الطبقية ، و للقضاء على كلّ علاقات الإنتاج التى تقوم عليها و للقضاء على كلّ العلاقات الإجتماعية التى تتناسب مع علاقات الإنتاج هذه ، و للقضاء على كلّ الأفكار الناجمة عن علاقات الإنتاج هذه ".

( كارل ماركس ، " صراع الطبقات فى فرنسا من 1848 إلى 1850" ، ذكر فى الأعمال المختارة لماركس و إنجلز ، المجلّد 2 ، الصفحة 282 )
-----------------------------------
" يحدث الآن لتعاليم ماركس ما حدث أكثر من مرّة فى التاريخ لتعاليم المفكّرين الثوريّين و زعماء الطبقات المظلومة فى نضالها من أجل التحرّر . ففى حياة الثوريّين العظام كانت الطبقات الظالمة تجزيهم بالملاحقات الدائمة و تتلقّى تعاليمهم بغيظ وحشيّ أبعد الوحشيّة و حقد جنونيّ أبعد القحّة . و بعد وفاتهم تقوم محاولات لجعلهم أيقونات لا يرجى منها نفع أو ضرّ ، لضمّهم ، إن أمكن القول ، إلى قائمة القدّسيّين ، و لإحاطة أسمائهم بهالة ما من التبجيل بقصد " تعزية " الطبقات المظلومة و تخبيلها ، مبتذلة التعاليم الثوريّة بإجتثاث مضمونها و ثلم نصلها الثوري . و فى أمر " تشذيب " الماركسيّة على هذا النحو تلتقى الآن البرجوازيّة و الإنتهازيّون داخل الحركة العمّاليّة . ينسون ، يستبعدون، يشوّهون الجانب الثوريّ من التعاليم ، روحها الثوريّة . و يضعون فى المقام الأوّل و يطنبون فى إمتداح ما هو مقبول للبرجوازية أو يبدو لها مقبولا ."
( لينين ، " الدولة و الثورة " )
-----------------------------------
" إنّ ديالكتيك التاريخ يرتدى شكلا يجبر معه إنتصار الماركسيّة في حقل النظريّة أعداء الماركسيّة على التقنّع بقناع الماركسيّة. "
( لينين ، " مصائر مذهب كارل ماركس التاريخيّة " )
--------------------------------------
" إنّ الإستعاضىة عن الدولة البرجوازية بدولة بروليتارية لا تمكن بدون ثورة عنيفة "

( لينين ، " الدولة و الثورة " – الصفحة 23 )
----------------------------------
" إنّ الماركسيّة هي أيضا تطوّرت في غمرة النضال . ففي بادئ الأمر كانت الماركسيّة تصطدم بهجمات من كلّ نوع و تعتبر عشبة سامة . و هي في الوقت الحاضر و في أجزء شتّى من العالم ما تزال تتعرّض للهجمات و تعتبر عشبة سامة ..."
( ماو تسى تونغ ، " حول المعالجة الصحيحة للتناقضات بين صفوف الشعب " )
-------------------------------------
" إن الجمود العقائدى و التحريفية كلاهما يتناقضان مع الماركسية . و الماركسية لا بد أن تتقدّم ، و لا بد أن تتطور مع تطور التطبيق العملى و لا يمكنها أن تكف عن التقدم .فإذا توقفت عن التقدم و ظلت كما هي فى مكانها جامدة لا تتطور فقدت حياتها ، إلا أن المبادئ الأساسية للماركسية لا يجوز أن تنقض أبدا ، و إن نقضت فسترتكب أخطاء . إن النظر إلى الماركسية من وجهة النظر الميتافيزيقة و إعتبارها شيئا جامدا، هو جمود عقائدي ، بينما إنكار المبادئ الأساسية للماركسية و إنكار حقيقتها العامة هو تحريفية . و التحريفية هي شكل من أشكال الإيديولوجية البرجوازية . إن المحرفين ينكرون الفرق بين الإشتراكية و الرأسمالية و الفرق بين دكتاتورية البروليتاريا و دكتاتورية البرجوازية. و الذى يدعون اليه ليس بالخط الإشتراكي فى الواقع بل هو الخط الرأسمالي ."
( ماو تسي تونغ ، " خطاب فى المؤتمر الوطنى للحزب الشيوعي الصيني حول أعمال الدعاية " ، 12 مارس/أذار 1957 ؛ " مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ " الصفحة21-22)


" إنّ الإستيلاء على السلطة بواسطة القوة المسلّحة ، و حسم الأمر عن طريق الحرب ، هو المهمّة المركزية للثورة و شكلها الأسمى . و هذا المبدأ الماركسي - اللينيني المتعلّق بالثورة صالح بصورة مطلقة ، للصين و لغيرها من الأقطار على حدّ السواء ".

( ماو تسى تونغ ، " قضايا الحرب و الإستراتيجية " نوفمبر- تشرين الثاني 1938؛ المؤلفات المختارة ، المجلّد الثاني )

" فى عالم يتميّز بإنقسامات طبقية ولامساواة إجتماعية عميقين ، الحديث عن " الديمقراطية " دون الحديث عن الطبيعة الطبقية لهذه الديمقراطية ، بلا معنى وأسوأ. طالما أنّ المجتمع منقسم إلى طبقات ، لن توجد " ديمقراطية للجميع " : ستحكم طبقة أو أخرى وستدافع عن وتروّج لهذا النوع من الديمقراطية الذى يخدم مصالحها و أهدافها. المسألة هي : ما هي الطبقة التى ستحكم وإذا ما كان حكمها ونظام ديمقراطيتها، سيخدم تواصل أو فى النهاية القضاء على الإنقسامات الطبقية و علاقات الإستغلال والإضطهاد و اللامساواة المتناسبة معه ."
(بوب أفاكيان ، " الأساسي من خطابات بوب أفاكيان و كتاباته " ، المقولة 22 من الفصل الأوّل ، ترجمة شادي الشماوي ، مكتبة الحوار المتمدّن )
----------------------------
كلّ ما هو حقيقة فعلا جيّد بالنسبة للبروليتاريا ، كلّ الحقائق يمكن أن تساعد على بلوغ الشيوعية.

( " بوب أفاكيان أثناء نقاش مع الرفاق حول الأبستيمولوجيا : حول معرفة العالم و تغييره "، فصل من كتاب " ملاحظات حول الفنّ و الثقافة ، و العلم و الفلسفة " ، 2005)
مقدّمة :
في إطار جهدنا الدؤوب الذى لا يعرف الكلل للقيام بالواجب الشيوعي الثوريّ الذى من أوكد مهامه في الوقت الراهن نقد و تعرية التحريفيّة و الإصلاحيّة بوجه عام و تحريفيّة و اصلاحيّة المتمركسين في القطر و عربيّا بوجه خاص للتحرّر من براثنهما و نشر الشيوعية الجديدة كإطار نظري جديد للمرحلة الجديدة من الثورة البروليتارية العالمية ، تتنزّل هذه القراءة النقديّة الماركسية لوثائق المؤتمر الخامس لحزب العمّال الذى إنعقد في ديسمبر من سنة 2018 ؛ وهي ليست باكورة أعمالنا بهذا المضمار بل هي مواصلة و تتمّة و تتويج لمقالات سابقة صغناها للغرض نفسه و شملت نقدا لكتابين للناطق الرسمي باسم هذا الحزب و لم نتركها حبيسة الرفوف.
و يقوم بناء هذه القراءة النقدية الجديدة على ما نعدّه من أهمّ المسائل في الخطّ الإيديولوجي و السياسي لهذا الحزب ، أي على الأعمدة التالية التي سنتناول بالبحث بالقدر اللازم في هذا المقام ، دون إسهاب أو إطناب :
دحض أسس الهجوم المسعور الرجعي المتواصل على الماويّة :-I
1- هجوم مسعور على الوقائع و الحقائق التاريخيّة الماويّة و على علم الشيوعية
2- الوقائع محلّيا و عالميّا أثبتت و تثبت صواب الأطروحات الماويّة و خطل الترّهات الدغمائيّة التحريفيّة الخوجيّة لحزب العمّال
نقد لجوانب من المنهج الخوجي المثاليّة الميتافيزيقيّة المناهضة للمادية الجدلية و الماديّة التاريخيّة :-II
1- الإطلاقيّة المثاليّة الميتافيزيقيّة
2- لا حتميّة في النظرة الماركسيّة الأرسخ علميّا
3- قراءة غير مادية جدليّة لمسألة ستالين و الإنقلاب التحريفي فى الإتّحاد السوفياتي
الهدف الأسمى هو الشيوعيّة و ليس الإشتراكيّة : -III
1- شيء من اللخبطة الفكريّة لدى حزب العمّال التونسي في علاقة بالشيوعيّة
2- الثورة و دكتاتوريّة البروليتاريا في الخطّ التحريفي و الإصلاحي لحزب العمّال التونسي
3- الشيوعيّة و ليست الإشتراكية هي الهدف الأسمى للحركة الشيوعية العالميّة
مزيدا عن تحريف حزب العمّال للمفهوم الماركسي للدولة :-IV
1- الدولة الجديدة و الجيش و الأمن وفق الفهم التحريفي الخوجي لحزب العمّال
2- مغالطات بصدد دولة الإستعمار الجديد بتونس
3- الدولة و الدكتاتوريّة بين الفهم الماركسيّ و الفهم التحريفي
مرّة أخرى ، ثورة أم إنتفاضة شعبيّة ؟-V
1- نقاش طفيف لشعار " المؤتمر الوطني الخامس " ، " إلى الثورة "
2- دفاع مستميت عن كونها ثورة و إعترافات بنقيض ذلك ، بأنّها ليست ثورة !
3- الثورة و تحريف حزب العمّال للينينيّة
4- الفهم الماركسي الحقيقي للثورة و تداعياته
- لخبطة فكريّة و مغالطات و بثّ للأوهام البرجوازيّة :VI
1- لخبطة فكريّة بشأن طبيعة الثورة في تونس
2- مغالطات بيّنة بشأن القضاء على الإستبداد و بشأن لجان حماية و الجبهة الشعبيّة
3- تهافت تكتيك الحرّيات السياسيّة
حزب العمّال التونسي حزب خوجي تحريفي إصلاحي على حافة الإنهيار :-VII
1- خطاب ليبالي برجوازي
2- مزيدا عن التفسّخ الإيديولوجي لحزب العمّال
3- حزب مفلس و على حافة الإنهيار
--------------------
و هذه النقاط المحوريّة مرفوقة بخاتمة مقتضبة غاية الإقتضاب .
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------
VII- حزب العمّال التونسي حزب خوجي تحريفي إصلاحي على حافة الإنهيار

في محطّتنا هذه سنعنى بإبراز جوانب مكمّلة أخرى من الخطّ الإيديولوجي و السياسي لحزب العمّال التونسي المتداعى .
1- خطاب ليبرالي برجوازي :
عمليّا ، يتميّز خطاب حزب العمّال الذى يلبس لبوسا بروليتاريّة ثوريّة للتضليل و المغالطة ، بالليبرالية البرجوازية التي تبثّ سموما و أوهاما برجوازية . و قد فضحنا هذا في مناسبات سالفة و نعد للمسألة اليوم لتأكيد هذه الحقيقة كما تتجلّى في وثائق المؤتمر الخامس لهذا الحزب .
فمنذ إهداء الكتاب المنطوى على وثائق هذا المؤتمر ، تستوقفنا كلمات عامة لا سيما " على شهداء الثورة و التحرّر و الإشتراكية ". فقد يفهم القرّاء ببساطة الثورة على أنّها " الثورة التونسيّة " فيما قد لا يفهمون بالدقّة اللازمة المقصود بالإشتراكية ففي القطر بالذات كثيرون هم من يدّعون الإشتراكية يمينا و يسارا في حين أنّ الهدف الأسمى للشيوعيين و الشيوعيّات كما شرحنا هو الشوعية و ليس الإشتراكية . و من الأكيد أنّ كلمة " التحرّر قد تكون عصيّة نوعا ما عن الفهم فممّا يتمّ التحرّر ؟ هل المقصود التحرّر الوطني أم التحرّر من الإستغلال و الإضطهاد ؟ و من أجل ماذا ؟ و هذا الإستخدام لكلمة تحرّر دون أن يلصق به نعت غريب عن الماركسيّة – اللينينيّة التي يدّعى حزب العمّال تبنّيها ، وهو منتشر في الخطاب مثله مثل كلمة الحرّية .
و مع نهاية الكتاب ، ينشر " بلاغ " ( ص 252) يتعهّد فيه نائبات المؤتمر الخامس و نوّابه ب " مواصلة النضال ... حتّى ... تحقيق التحرّر الوطني لبلادنا و الإنعتاق الاجتماعي و الحرّية و الديمقراطية و المساواة و الكرامة لشعبنا ". و فضلا عن إهدار هذا البلاغ لحزب للبعد العالمي و الأممي إهدارا تاما لا يمكن إنكاره فى حين يزعم الحزب نفسه أنّه فصيلا من فصائل الحركة الشيوعية العالمية ! فضلا عن ذلك الذى نلمح إليه و لا ندخل في نقاشه لأنّ الأمر من مأتاه لا يستغرب ، نوجّه عناية القرّاء إلى ثلاثي الحرّية و الديمقراطية و المساواة ذلك أنّها جوهر هذا الخطاب الليبرالي البرجوازي و عرضها على هذا النحو تعارض تمام التعارض مع الخطاب الماركسي الحقيقي الذى طالما حارب و فضح هذه العبارات الطنّانة و المضلّلة لتي تخفى حقائق مفجعة عن الرأسمالية و البرجوازية .
و عقب تسجيل أهمّ ثلاثة نماذج أخرى معبّرة من تمظهرات هذه الليبراليّة البرجوازية لكي لا يقال لنا أن ذلك كان زلّة قلم لا غير ، سنقدّم لكم فقرات من ردودنا الشيوعيّة الثوريّة على هكذا توجّه برجوازي مناهض للماركسية -اللينينيّة و طبعا للماوية و تطويرها ، الخلاصة الجديدة للشيوعية أو الشيوعية الجديدة . ففي ثنايا الكتاب الذى ننقد نجد الصيغ التالية المؤكّدة لإعتماد حزب العمّال للخطاب الليبرالي و لبثّه الأوهام البرجوازية :
أ- " إنّ الشعب التونسي الذى تمكّن يوم 14 جانفي 2011 من توجيه ضرية موجعة للنظام الديكتاتوري و أسقط رأسه و لإفتكّ حرّيته لم يقدر حتّى هذه اللحظة ، ليس فقط على إفتكاك السلطة و حسم المسألة المركزيّة المركزيّة في ثورته ، و إنّما تحصين منجزه الأبرز ، و نقصد الحرّية و الديمقراطيّة ، من مخاطر الإلتفاف و التصفية و العودة إلى مربّع الإستبداد و القهر ". ( ص 38 )
ب- " ... إرساء مجتمع حرّ و ديمقراطي و عادل " ( ص 241).
أ‌- " ... من اجل إفريقيا الجديدة ، إفريقيا المستقلّة و الحرّة و العادلة ." ( ص 250 )
و قد سخر ماركس و إنجلز و بعدهما لينين من هذه الكلمات كالحرّية و الديمقراطية و العدالة التي تقدّم و كأنّها لاطبقيّة و يكفى بهذا الصدد تذكّر ما قاله لينين في " مصائر مذهب كارل ماركس التاريخيّة " ، في مارس 1913 :
" تكشّفت جميع المذاهب التي تقول بإشتراكيّة لاطبقيّة ، و بسياسة لاطبقيّة ، عن ثرثرة باطلة ." ( الصفحة 82 من " ضد التحريفيّة ، دفاعا عن الماركسيّة " ، دار التقدّم ، موسكو ، باللغة العربيّة ).
و نصل الآن إلى نبذات من مقولات ماركسيّة - لينينيّة كلاسيكيّة ضمّنناها في ردودنا الشيوعية الثوريّة على الخطاب البرجوازي لهؤلاء المتمركسين و أمثالهم؛ و وظّفناها في جدالاتنا و منها كتاب " حزب الوطنيّين الديمقراطيين الموحّد حزب ماركسي مزيّف " و " تعرية تحريفيّة حزب النضال التقدّمي و إصلاحيّته ، إنطلاقا من الشيوعيّة الجديدة ، الخلاصة الجديدة للشيوعيّة " :
+ و غالبا ما يردّد التحريفيّون و الإصلاحيّون باثين الأوهام البرجوازيّة على غرار السواد الأعظم للليبراليين كلمة الحرّية على نحو ليبرالي مناهض للماركسيّة و ينسون او يتناسون أنّ الحرّية من وجهة نظر شيوعية ثوريّة هي وعي الضرورة و تغيير الواقع .
" الحرية كلمة عظيمة ، و لكن تحت لواء حرية الصناعة شنّت أفظع حروب السلب و النهب ، و تحت لواء حرية العمل جرى نهب الشغيلة . "
( لينين :" ما العمل ؟ " ، فصل " الجمود العقائدي و " حرّية الإنتقاد " ) .
و " الآن فقط ، يمكننا أن نقدر كلّ صحة ملاحظات إنجلس عندما سخر دونما رحمة من سخافة الجمع بين كلمتي " الحرّية " و " الدولة " . فما بقيت الدولة ، لا وجود للحرّية ، و عندما تحلّ الحرّية تنعدم الدولة ."
( لينين ، " الدولة و الثورة " ، دار التقدّم ، موسكو ، باللغة العربيّة ، الصفحة 101)
-----------------------
+ و من يسلك مثلما يفعل حزب العمّال التونسي نهج نزع الطبيعة الطبقية للديمقراطية و يغالط المناضلات و المناضلين و الجماهير الشعبية العريضة يحوّر الماركسية تبعا للإنتهازية و بالتأكيد ليس من تلامذة لينين و إنّما من أعدائه فلينين كان ماركسيّا صارما حاسما فى فهمه الطبقي لطبيعة الديمقراطيّة :
" طالما هناك طبقات متمايزة ، - و طالما لم نسخر من الحسّ السليم و التاريخ ، - لا يمكن التحدث عن " الديمقراطية الخالصة" ، بل عن الديمقراطية الطبقية فقط ( و نقول بين هلالين إنّ " الديمقراطية الخالصة" ليست فقط صيغة جاهلة تنم عن عدم فهم لنضال الطبقات و لجوهر الدولة على حدّ سواء ، بل هي أيضا صيغة جوفاء و لا أجوف، لأنّ الديمقراطية، ستضمحلّ ، إذ تتطور فى المجتمع الشيوعي و تتحوّل إلى عادة، و لكنها لن تصبح أبدا ديمقراطية " خالصة".
إنّ " الديمقراطية الخالصة " ليست سوى تعبير كاذب للبيرالي يخدع العمّال . إنّ التاريخ يعرف الديمقراطية البرجوازية التى تحلّ محلّ النظام الإقطاعي ، و الديمقراطية البروليتارية التى تحلّ محلّ الديمقراطية البرجوازية ".

( لينين ، " الثورة البروليتاريّة و المرتدّ كاوتسكى " ، دار التقدّم ، موسكو ، باللغة العربيّة ، الصفحة 18)

و" الديمقراطية هي أيضا دولة و أنّ الديمقراطية تزول هي أيضا ، تبعا لذلك ، عندما تزول الدولة ".

( المصدر السابق ، الصفحة 20)
------------------------------------------------
+ و بصدد المساواة التي تمثّل في صلتها بالشيوعية مسألة قد تستعصى إلى هذه الدرجة أو تلك على فهم البعض في تقديرنا، نجد أنفسها للنفاذ إلى جوهر المسألة ماركسيّا مجبرين على إيراد مقتطف طويل نسبيّا من كتابنا " تعرية تحريفيّة حزب النضال التقدّمي و إصلاحيّته ، إنطلاقا من الشيوعيّة الجديدة ، الخلاصة الجديدة للشيوعيّة " :

" و قد أكّد ماركس فى " نقد برنامج غوتا " على أنّه فى المجتمع الطبقي و حتى فى المجتمع الإشتراكي الطبقي لا يمكن الحديث عن المساواة المطلقة أو كهدف مطلق ، طالما وُجد الحقّ البرجوازي و ظلّت قائمة التناقضات بين العمل اليدوي و العمل الفكري و بين المدينة و الريف و العمّال و الفلاّحين . فحاجيات الأفراد و المجموعات متباينة و شعار الشيوعية نفسها التى تعترف بتباين الحاجيات ليس المساواة و إنّما هو " من كلّ حسب قدراته ، لكلّ حسب حاجياته " حينما يتمّ الوصول إلى مجتمع الوفرة كما وصفه لينين فى " الدولة و الثورة " .

و فى الكتاب عينه ، بيّن لينين الموقف الصائب لماركس من " النمط البرجوازي الصغير بصدد " المساواة " و"العدالة " " بوجه عام " :

" نحن هنا فى الواقع إزاء " الحقّ المتساوي "، و لكنّه ما يزال " حقّا برجوازيّا " يفترض ، ككلّ حقّ ، عدم المساواة. إنّ كلّ حقّ هو تطبيق مقياس واحد على أناس مختلفين ليسوا فى الواقع متشابهين و لا متساوين ، و لهذا فإنّ " الحقّ المتساوي " هو إخلال بالمساواة وهو غبن . و فى الحقيقة ، إنّ كلّ فرد ينال لقاء قسط متساو من العمل الإجتماعي قسطا متساويا من المنتوجات الإجتماعيّة ( بعد طرح المخصّصات المذكورة ).

بيد أنّ الناس ليسوا متساوين : أحدهم قويّ و الآخر ضعيف ، أحدهم متزوّج و الآخر أعزب ، لدى أحدهم عدد أكبر من الأطفال و لدى الآخر عدد أقلّ إلخ ...

و يستنتج ماركس :

" ... لقاء العمل المتساوى ، و بالتالى لقاء الإسهام المتساوى فى الصندوق الإجتماعي للإستهلاك يتلقّى أحدهم بالفعل أكثر من الآخر ، ويصبح إذن أغنى من الآخر وإلخ ... و لإجتناب جميع هذه المصاعب لا ينبغى أن يكون الحقّ متساويا، بل ينبغى أن يكون غير متساو ..."

و على ذلك لا يمكن بعد للمرحلة الأولى من الشيوعية أن تعطي العدالة و المساواة : تبقى فروق فى الثروة وهي فروق مجحفة ، و لكن إستثمار الإنسان للإنسان يصبح أمرا مستحيلا ، لأنّه يصبح من غير الممكن للمرء أن يستولي كملكيّة خاصة على وسائل الإنتاج ، على المعامل و الآلات و الأرض و غير ذلك . و إذ دحض ماركس عبارة لاسال الغامضة عن النمط البرجوازي الصغير بصدد " المساواة " و " العدالة " بوجه عام ، قد أظهر مجرى تطوّر المجتمع الشيوعي المضطر فى البدء إلى القضاء فقط على ذلك " الغبن " الذى يتلخّص فى تملك أفراد لوسائل الإنتاج ، و لكنّه عاجز عن أن يقضي دفعة وحدة على الغبن الثاني الذى يتلخّص بتوزيع مواد الإستهلاك " حسب العمل " ( لا حسب الحاجة ) . ( ص 99 ) .

الشيوعيّة على ضوء هذا الكلام تنأى بنفسها عن شعار المساواة البرجوازي الذى يرفعه ..." المتمركسون .
-------------------------------------------------
+ و كان المروّجون للمثل العليا البرجوازية في صراعهم ضد الإقطاعية ، ينادون بالحريّة و الديمقراطية و المساواة و العدالة دون ربطها بالطبقات على أنّها مثل عليا إنسانيّة لسيادة العقل فردّ إنجلز على هكذا أحلام و أوهام سفّهها الواقع قائلا :

" الآن بزغت الشمس للمرّة الأولى وقامت سيادة العقل . فإنّ الأوهام ، و الجور ، و الإمتيازات ، و الإضطهاد ، كل ذلك يجب أن يخلّى المكان من الآن وصاعدا للحقيقة الخالدة ، والعدالة الخالدة ، و المساواة النابعة من الطبيعة نفسها، و حقوق الإنسان الراسخة ."

" إلاّ أنّنا نعرف اليوم أنّ سيادة العقل هذه لم تكن سوى سيادة البرجوازية المصوّرة بصورة المثال الأعلى ، و أنّ العدالة الخالدة تجسّدت فى العدالة البرجوازية ، و أنّ المساواة تلخصت فى المساواة المدنية أمام القانون و أنّ الملكية البرجوازية ... أعلنت أوّل حق من حقوق الإنسان . و أنّ دولة العقل - العقد الإجتماعي الذى وضعه روسو - قد رأت النور بشكل جمهورية ديمقراطية برجوازية ، و لم يكن بالإمكان أن يحدث ذلك على غير هذا الشكل فإنّ كبار مفكّري القرن الثامن عشر ، شأنهم شأن جميع أسلافهم ، لم يكن بوسعهم تخطّى الحدود التى فرضها عليهم عصرهم ."

( إنجلز ، " الإشتراكية الطوباوية و الإشتراكية العلمية " ، مكتبة الإشتراكية العلمية ، دار التقدّم موسكو، باللغة العربية، الصفحة 39 - 40)

2- مزيدا عن التفسّخ الإيدولوجي لحزب العمّال التونسي :
إنّ الخطاب الليبرالي البرجوازي الذى ينفى فيه حزب العمّال بميوعة الحدود بين الفهم المادي الجدلي و المادي التاريخي من جهة و الأوهام البرجوازية من الجهة الخرى لأحد أبرز مظاهر الإيديولوجي لهذا الحزب . و إسقاطا للقناع وراء القناع عن المظاهر الأخرى لهذا التفسّخ الذى أضحى جليّا أكثر للعيان و قد بلغنا ما بلغنا من التحليل و التلخيص و النقد للخطّ الإيديولوجي و السياسي لهذا الحزب الخوجي ، نتوقّف عند أمرين إثنين دلالتهما بالغة للغاية . و فيما يتعلّق الأمر الأوّل بتغيير إسم الحزب ، يتعلّق الثاني بعلاقة هذا الحزب بالدين ( و نبقى إلى مناسبة أخرى الغوص في تفاصيل تعاطي هذا الحزب مع المسألة الدينية من جوانب متباينة ) .
شائع هو المثل العربي القائل بأنّ الشيء من مأتاه لا يستغرب و فعلا لم نستغرب تغيير حزب العمّال الشيوعي التونسي إسمه ، منذ بضعة سنوات الآن ، إلى حزب العمّال التونسي لا غير مسقطا بالتالى نعت الشيوعي و قد كنّا في مقالاتنا الأولى سنة 2011 نضع نعت الشيوعي بين معقّفين في إشارة واضحة منّا إلى أنّه في الأساس غير شيوعي و ها قد أراحنا من وضع المعقّفين بأن رفع نعته بالشيوعي إلى السماء !
و قد برّر قادة ذلك الحزب صنيعهم ذاك بتعلاّت عدّة سعوا من خلالها إلى التغطية على الدوافع الإنتخابيّة البحتة لذلك . و قد تولّينا إستنادا على حجج ماركسية إبراز حقيقة تلك الخطوة الجديدة في مسار مزيد الإنحدار نحو الهاوية الإنتهازية البرجوازية الليبرالية المفضوحة في مقال " حزب العمّال " الشيوعي " التونسي : سقط القناع عن القناع عن القناع " الذى أردفناه بمقال ثاني هو " حزب العمّال " الشيوعي " التونسي : سقط القناع عن القناع عن القناع (2): ردّا على تعليق لعلي البعزاوي على مقال " حزب العمال" الشيوعي" التونسي : سقط القناع عن القناع عن القناع " . ( " لا حركة شيوعية ثوريّة دون ماويّة ! " عدد 18 ، جانفي 2014 ) .
و فى مقالنا الجداليّ الأوّل إنكببنا على معالجة عدّة نقاط نذكرها تباعا : الشيء من مأتاه لا يستغرب و أهمّية نعت الشيوعي و ما كان حزبا شيوعيّا حقيقيّا بل كان حزبا شيوعيّا مزيّفا و خدعة مرحلة الحرّيات السياسيّة و تبييض وجه الظلاميّين وتبرير براغماتي لا صلة له بالمبادئ الشيوعيّة و البراغماتية و الديمقراطية البرجوازية ؛ و في مقالنا الثاني عالجنا النقاط الآتى ذكرها تباعا : المسألة مسألة صراع إيديولوجي – سياسي و ليست مسألة شخصيّة و الماويّون الحقيقيّون و الماويّون المزيّفون و خطّ حزب العمّال خطّ تحريفي برجوازي و ليس خطّا ثوريّا ماركسيّا -لينينيّا و كفاكم تلاعبا بآراء لينين و الخوجيّة دغمائيّة تحريفيّة و ليست ماركسيّة – لينينيّة و حزب العمّال – العامل التونسي : القطيعة و الإستمرار و الحرّيات السياسية و الوعي و العفويّة ، و الإنتهازية و البراغماتيّة و حزب العمّال و دكتاتوريّة البروليتاريا و الكنفيشيوسيّة و الماويّة و الصراع النظري و ظروفه . و من كلّ هذا نطلعكم هنا على محتوى النقطة السادسة من المقال الأوّل التي نعتقد أنّها الأنسب الآن و هنا للموضوع الذى نحن بصدده :
" تبرير براغماتي ، لا صلة له بالمبادئ الشيوعية :
و لتبرير قرار تغيير إسم الحزب ، وردت الفقرة التالية فى البيان المذكور أعلاه :
" إن اسم الحزب أصبح الآن ، رسميا : "حـزب العمال". وتعود أسباب هذا التغيير إلى كون الأوساط الشعبية ، الكادحة والفقيرة التي ينشط الحزب في صلبها والتي تمثل قاعدته الاجتماعية الطبيعية ، تحمل أفكارا سلبية مسبقة على الشيوعية خصوصا في علاقتها بالدين وبالهوية وهو ما أثار ويثير لديها تحفظات على الحزب ويعيق ارتباطها به رغم ما تبديه من انتصار لبرنامجه ومواقفه الثورية . "
و لعلّ أبسط المطلعين على المبادئ الأساسية للماركسية سيتفطنون إلى أن هذا التبرير غير شيوعي ، غير مبدئي ماركسيا بل هو تبرير براغماتي نفعي على وجه التحديد يستهدف الحصول على مزيد الأصوات فى الإنتخابات المقبلة لا من موقع رفع الوعي الطبقي و السياسي و لكن من موقع التنازل عن المبادئ . إنّه يواصل بيع المبادئ و المشروع الشيوعي مقابل أصوات أناس من صفوف الشعب متخلّفين فى وعيهم الطبقي .
متى كان الوعي المتدنّى للجماهير هو الذى يحدّد إسم حزب الشيوعيين الثوريين ؟ من مهام الشيوعيين الثوريين بالذات مقاومة الدول الرجعية و الإمبريالية السائدة و أفكارها السائدة و تغيير أذهان الجماهير للقيام بالثورة و ليس التذيّل لهذا الوعي المتدنّى للجماهير . فقط من لا يطمح لإنجاز ثورة شيوعية حقّة هو الذى يتذيّل للجماهير أمّا الشيوعيون الحقيقيون فيبذلون قصاري الجهد لتغيير نظرة الجماهير للعالم و لتسليحها بعلم الثورة البروليتارية العالمية كسلاح لتغيير العالم ثوريّا بإتجاه الشيوعية.
هل تخلّى الرفاق الشيوعيون الماويون فى أفغانستان و فى إيران عن نعت " الشيوعي" فى بلدان فيها الجماهير أكثر تديّنا و إرتيابا فى الشيوعية ؟
لا ، لم يحدث ذلك قط . بل بالعكس رفعوا راية الشيوعية عاليا و بدمهم دافعوا و يدافعون عن مشروعهم لتحرير الإنسانية. و الحزب الشيوعي ( الماوي ) الأفغاني و الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي - اللينيني - الماوي ) يناضلان على كافة الجبهات الإيديولوجية منها و السياسية و الإقتصادية و الثقافية ... لرفع وعي الطبقات الشعبية و نشر الشيوعية و تسليح الجماهير بعلم الثورة البروليتارية العالمية إعدادا للإنطلاق فى خوض حرب الشعب الطريق الإستراتيجي لإنجاز الثورة الديمقراطية الجديدة / الوطنية الديمقراطية كجزء من الثورة البروليتارية العالمية .
و هكذا نلمس انّ تبرير تغيير الإسم تبرير براغماتي نفعي لا صلة له بالمبادئ الشيوعية . "
( إنتهى المقتطف )
و إلى ذلك النقاش ، نستدعى القرّاء الذين لم يتعرّفوا بعدُ على موقف لينين بشكل مباشر من تسمية الأحزاب الماركسيّة ، إلى تدبّر ما أعرب عنه في تفاعلاته مع مسألة تغيير إسم الحزب الإشتراكي الديمقراطي الروسي البلشفي الذى كان يقود النضال في البلاد لينسجم مع غاياته الأسمى و مع كنه الماركسية و جوهرها و نترك لكم الحكم على مدى لينينيّة حزب العمّال بهذا المضمار أيضا !
" ينبغي أن نسمّي أنفسنا الحزب الشيوعي ، كما فعل ماركس و إنجلس .
يجب أن نكرّر من جديد أنّنا ماركسيّون و أنّنا نستند إلى " البيان الشيوعي " ، الذى شوهته و خانته الإشتراكيّة – الديمقراطيّة في نقطتين رئيسيّتين : 1- ليس للعمّال وطن : " الدفاع عن الوطن " في الحرب الإمبرياليّة ، يعنى خيانة الإشتراكيّة ؛ 2- الأممية الثانية شوّهت المذهب الماركسي حول الدولة .
إنّ إسم " الإشتراكيّة – الديمقراطية " غير صحيح علميّا ، كما أثبت ذلك ماركس مرارا عديدة، فيما أثبته ، في عام 1875، في " نقد برنامج غوتا " ، و كما كرّره إنجلس ، عام 1894 بصورة أبسط و أسهل للفهم . إنّ الإنسانيّة لا تستطيع الإنتقال مباشرة من الرأسماليّة إلاّ إلى الإشتراكية ، أي إلى الإمتلاك المشترك لوسائل الإنتاج و إلى توزيع المنتجات وفقا لعمل كلّ فرد من الأفراد . أمّا حزبنا ، فإنّه ينظر إلى ابعد من ذلك : فلا بدّ للإشتراكية من أن تتطوّر حتما و بصورة تدريجيّة نحو الشيوعيّة التي كتب على رايتها : " من كلّ حسب كفاءاته و لكلّ حسب حاجياته ".
تلك حجّتى الأولى .
و إليكم حجّة أخرى : إنّ القسم الثاني من إسم حزبنا ( الإشتراكي -الديمقراطي ) ليس صحيحا علميّا أيضا. فالديمقراطية هي أحد أشكال الدولة . و الحال ، نحن الماركسيين ، أخصام كلّ دولة . "
( لينين ، " مهمّات البروليتاريا في ثورتنا " و هو مقال مكتوب في أفريل 1917 أي قبل ثورة أكتوبر 1917 و لهذا دلالة بالغة لعلّكم تفطّنتم لها ؛ الصفحة 400 من المجلّد 6 من " المختارات في 10 مجلّدات " )

ثمّ ، نمرّ إلى قضيّة أهمّيتها قصوى هذه الأيّام ألا وهي قضيّة الدين و في موضوع الحال ن موقف حزب العمّال منه . فمن الناحية السياسيّة ، يعلم القاصى و الدانى أنّ كتاب حمّه الهمّامي " ضد الظلاميّة... "، المنشور في ثمانينات القرن العشرين، كان يشتمل على توصيف قناعتنا أنّه صحيح أساسا ( دون الدخول في التفاصيل و تقييم نقدي للكتاب برمّته ) لحركة الإخوان المسلمين في تونس التي كانت تحمل وقتها إسم الإتّجاه الإسلامي و لاحقا صار حركة النهضة . كان التوصيف إيّاه يعكس حقيقة أجمع عليها الكثير من فرق اليسار الماركسي آنذاك ( بخلافات في التفاصيل، و ليس الجميع ) وهي أنّها حركة ظلاميّة فاشيّة .
و لكن في سياق تحالف " هيئة 18 أكتوبر للحقوق و الحرّيات " ، في أكتوبر 2005 ، في حركة بهلوانيّة إنقلب موقف حزب العمّال بتعلاّت شتّى إلى نقيضه فأصبح الفاشيّون الظلاميّون ديمقراطيّون من أنصار " الحقوق و الحرّيات " نمعهم تحالف جماعة حمه الهمّامي و أصدروا بيانات مشتكة فبيّضوا وجه الفاشيّين الظلاميّين و أصبغوا عليهم صبغة الديمقراطيّين. و يشهد التاريخ أنّ حركة النهضة إستغلّت ذلك كلّ الإستغلال في الداخل و الخارج لتكافئ لاحقا ، سنة 2011 ، حزب العمّال برجمه بالكفر و الزندقة !
هذا بصدد الدين في المجال السياسي ، أمّا من جهة الدين كمسألة عقائديّة و فكريّة فقد أعلن حمه الهماّمي ن زعيم حزب العمّال التونسي ، لأسباب إنتخابية حاول التموه عليها و تلوينها بألوان أخرى أنّه مسلم . و هكذا حصلنا على مفارقة عجيبة غريبة هي أنّ زعيم حزب يدّعى تبنّى الماركسية – اللينينيّة مسلم . و إن كان هذا من المضحكات المبكيات فإنّ الهمّامي لم يكن فريد عصره في هذا ، في القطر فقد سبقه إلى هذا محمّد حرمل زعيم الحزب الشيوعي التونسي التحريفي في ثمانينات القرن العشرين .
و إسلام حمه الهمّامي هذا مدعاة لإثارة أكثر من سؤال عن مدى إنسجام و تناسق أو مدى تعارض و تناقض المعتقدات الدينيّة الإسلاميّة مع المادية الجدلية و المادية التاريخية و من ذلك أسئلة بديهيّة على غرار ما هو مصدر الحركة ؟ هل هو الإلاه أم المادّة ذاتها ؟ وهو سؤال مفصلي في الفلسفة . ثمّ ، من يصنع التاريخ ؟ الإلاه أم الشعوب ؟ و هكذا دواليك . و إنّنا لندعو بإلحاح حزب العمّال إلى توضيح هذه الإشكاليّات و غيرها ، و لنتحرّق شوقا لقراءة ما قد يخطّه حمه الهمّامي في هذا الباب و عن كيفيّة توفيقه بين الإسلام و الماركسيّة وهو قائد حزب يدّعى تبنّى الماركسيّة – اللينينيّة !
" أن يحدّد المرء سلوكه تبعا لكلّ حالة و وضع ، أن يتكيّف تبعا لأحداث الساعة ، لتغيّرات الأمور السياسيّة الطفيفة ، أن ينسى مصالح البروليتاريا الجذريّة و الميزات الجوهريّة لمجمل النظام الرأسمالي و لكلّ التطوّر الرأسمالي ، أن يضحّي بهذه المصالح الجذريّة من أجل منافع وقتيّة ، فعليّة أو مفترضة : تلك هي السياسة التحريفيّة . و من جوهر هذه السياسة بالذات ، ينجم هذا الأمر الجلي وهو أنّ أشكالها قد تتغيّر إلى ما لا حدّ له ، وأنّ كلّ مسألة " جديدة " نوعا ما، و كلّ تغيّر في الأحداث غير منتظر أو غير متوقّع نوعا ما – و لو أدّى هذا التغير إلى تعديل الخطّ الأساسي للتطوّر ، لدرجة ضئيلة جدّا و لأقصر فترة من الوقت ، - سيولّدان ، حتما و أبدا ،هذه الأنواع أو تلك من النزعة التحريفيّة ." ( لينين ، " ضد التحريفية ، دفاعا عن الماركسية " ، دار التقدّم موسكو ، صفحة 43).
3- حزب مفلس و على حافة الإنهيار :
قد يذهب البعض إلى أنّنا نبالغ بإعلاننا أنّ حزب العمّال مفلس و على حافة الإنهيار الجزئي حاليّا و ليس التام ( و لا نستبعد إمكانية تجاوزه الجزئي لجوانب من أزمته المستفحلة ). و لن نزيد في ردّنا عليهم إظهارا للحقيقة أكثر من إيراد كلمات لقادة هذا الحزب الذين صاغوا وثائق المؤتمر الخامس ففي نهاية الصفحة 25 على سبيل المثال لا الحصر ، تمّ الإقرار بإنتشار الإنتهازية في صفوف الحزب لإنخفاض اليقظة الإيديولوجية و كثرة التسيّب و الإنحلال و سيادة الضبابيّة السياسيّة و قلّة النشاط و كثرة القيل و القال و المماحكات الشخصيّة و تطوّر روح الزعاماتيّة و البحث عن التموقع داخل الحزب . و قد ورد التالى بالصفة 158 : " أن نعتبر أنّ أوضاع الحزب جيّدة فهذا يسفّهه الواقع " . و قد إعتبر المنسحبون و المتكتّلون " الحزب في عداد المندثر " ( الصفحة نفسها ) . و سجّلت الصفحة 160 ب " مظاهر الخلل و الإخلال و الضعف و التأزّم الذى ظلّت تطبع عمل الحزب التنظيمي " ؛ و في إطار تناول الإنغراس صلب الجماهير الكادحة بالبحث ، عدّت وثيقة " حول الهويّة التنظيمية للحزب ..."( ص 162 )، أنّ ذلك " عنوانا بارزا لفشلنا ". و في الصفحة 163 ، ورد ما يمكن أن يعدّ تنبّأ بما قد يحصل و قد حصل فعلا هذه السنة " حين يتأخّر الثوريّون ( في الواقع و كما شرحنا هم إصلاحيّون يتجلببون بجلباب الثوريّين للتضليل و المغالطة ] عن القيام بواجباتهم إزاء الحركة الإجتماعيّة و مطالبها العادلة ، فإنّ قوى أخرى – رجعيّة و فاشيّة – يمكن أن تملأ الفراغ و تقود الحراك إلى الهاوية ، حينها سيكون إستمرارنا و ربّما وجودنا محلّ تساؤل و محلّ شكّ " ( ص 163 ) . و سجّلت وثائق المؤتمر الخامس لهذا الحزب " حالة الترهّل والتراجع التي شملت كلّ مناحي حياة الحزب فكريّا و سياسيّا وعمليّا" ( ص 175 ).
لقد أقام حزب العمّال التونسي تكتيكه المرحلي على خوض المعارك الإنتخابيّة التشريعية و الرئاسيّة و منذ دراستنا لكتاب الجيلاني الهمّامي " منظومة الفشل " المنشور سنة 2017 ، بات جليّا أكثر من أي وقت مضى أنّ غاية غايات الحزب ليست سوى الإطاحة بما أطلق عليه منظومة الفشل أي الرئاسة و البرلمان و الحكومة و بلوغه ( ممثّليه وممثّلي الجبهة الشعبيّة ) هدف الحلول محلّ الأحزاب الأخرى في التحكّم في هذه المؤسّسات الثلاث . و قد أكّد هذا التكتيك الإصلاحي بلاغ المؤتمر الخامس " إلى الشعب التونسي " ، كما وثّقنا أعلاه . و أتت النتيجة ليست مخيّبة للآمال فحسب بل صاعقة فقد خسر حزب العمّال حتّى بعض المقاعد التي كانت لديه في مجلس الشعب / البرلمان و خسرت الجبهة الشعبيّة بشقّيها تقريبا جميع نوابها بإستثناء منجى الرحوى أحد قادة حزب الوطنيّين الديمقراطيّين الموحّد . و لم يحصد حمه الهمّامي ذاته في الانتخابات الرئاسيّة إلاّ عددا أقلّ ما يقال فيه أنّه محتشم جدّا من أصوات الناخبين .
و عليه ، أضحى من البديهي لمن لا يدفن رأسه في الرمضاء أنّ حزب العمّال و تكتيكه منيا بفشل ذريع جعل جماعة حمه الهمامي تلتحق بفاضحى ( و إن إلى حدود بالنسبة له ) ما يزعم أنّه " إنتقال ديمقراطي " إذ شهد هذا الحزب نفسه بتزوير الانتخابات. والجبهة الشعبيّة التي عوّل عليها هذا الحزب كي تكون هيئة أركان قيادة " الطور الجديد من الثورة " أو " الثورة " إلخ إنشقّت قبل الانتخابات التشريعة الرئاسيّة فتبخّرت هيئة الأركان هذه و الحال أنّها بصريح العبارة بالصفحة 104 ، في عنوان فرعي " شرط نجاح الثورة " !
و لم تجلب التنازلات الإيديولوجيّة ( التي عالجنا منها الإسلام و تغيير إسم الحزب و التي نبّه ضدّها ماركس في موقفه الشهير " إيّاكم و التنازل النظري ..." الذى أشاد به لينين في عمله المنارة الشامخة " ما العمل ؟ " ) الثمار المنتظرة منها فلا أصوات بالآلاف المالّفة في الانتخابات تجعل ممثّليه ينجون مقاعد في البرلمان و لا إنغراس شعبي منشود و لا هم يفرحون ، بل زادت تلك التنازلات الطين التحريفي و الإصلاحي بلّة فصارت مجموعة حزب حمه الهمّامي ممّن يحزنون شديد الحزن حيث بلغ الأمر حدوث إنسحابات و تشكّل تكتّلات أطلق على أهمّها نعت التصفويّة ( ص 156 ) و التكتّل المنعوت بالتصفويّة مضى بالمنطق الداخلي للسياسات الليبرالية البرجوازية للحزب إلى منتهاه فرأى أنّ " دوره [ دور حزب العمّال ] التاريخي إنتهى إلى غير رجعة " و طرح حزبا جديدا أو من " طراز جدي " ( دائما ص 156) . و لو تمكّنت هذه الكتلة من الفوز في المعركة قبل المؤتمر أو بكلمات أخرى لو تمكّن خطّ هذه الكتلة من الفوز قبل المؤتمر لكان لها ما أرادت.
بات حزب العمّال إذن نهشا ، بإقرار وثائق مؤتمره الخامس ، لأمراض جمّة منها التصفوية و الشرعويّة و العفويّة و البيروقراطية و الليبرالية في السلوك و غياب الإنتاج النظري ( و هذا الأخير من أهمّ ميزات معظم فرق التحريفيّين ذلك أنّهم ليسوا في حاجة إلى رفع المستوى النظري بل بالعكس إلى النزول به إلى الحضيض ليتمكّنوا من جرّ المناضلات و المناضلين و الجماهير الشعبيّة وراءهم جرّا و عن عمى إلى الهاوية ) و إنخفاض اليقظة الإيديولوجية ، إلى جانب ترهّل أو غياب التكوين و الإنحلال في التنظيم و الإنضباط إلخ . و على الأرجح ، و ليس من المؤكّد ، أنّ الوضع سيزداد سوء الآن عقب الهزائم الإنتخابيّة المتتالية . أنباء التطوّر المستقبلي لهذا الحزب الخوجي وهو على حافة الإنهيارعلى عدّة مستويات ستأتينا بها تساقطات أحداث قادم الأيّام .

خاتمة :

و لئن كنّا مقتنعين تمام الإقتناع بانّنا بحثنا بشيء من العمق أمّهات مسائل الخطّ الإيديولوجي و السياسي المطوّرة في وثائق المؤتمر الخامس لحزب العمّال التونسي ، فإنّنا مقتنعون أيضا أنّ هناك قضايا هامة أخرى تستحقّ البحث و النقد الماركسيّين و من الممكن أن نعود إليها و لا نستبعد أن ننكبّ على تفحّصها نقديّا بما يساهم في مزيد الوضوح الإيديلوجي و السياسي و التمايز بين الماركسيّن و المتمركسين محرّفي الماركسيّة و المتقنّعين بها ، و منها قضايا إستيلاء حزب العمّال ذاته على أطروحات ماويّة و" أكله الغلّة و سبّه الملّة " و قضيّة الأزمة العامة للإمبريالية و تلك المتّصلة بطبيعة تدخّل الإمبريالية و إنعكاساتها على قوى الإنتاج و علاقات الإنتاج و تطوّر المجتمع و الطبقات الرجعية و على تكتيكات و إستراتيجيا الثورة في المستعمرات و المستعمرات الجديدة و أشباه المستعمرات .
و يقينا أنّنا بذلنا من الجهد أقصاه للمساهمة قدر المستطاع في مزيد تعرية تحريفية و إصلاحية حزب العمّال كما تبدّت في وثائق مؤتمره الخامس أمّا مدى و درجة بلوغنا مبتغانا هذا فللقرّاء الحكم عليه .
و الأكيد أنّ نضالنا ضد التحريفية و الإصلاحية و الدغمائيّة ليس منفصلا عن سعينا الدؤوب لنشر علم الشيوعية في أرقى درجات تطوّره اليوم ، الشيوعية الجديدة أو الخلاصة الجديدة للشيوعية التي تسلّحنا بها و إنطلقنا منها في أعمالنا . و لحسن الحظّ الآن ، بات بمتناول القرّاء دراسة عددا لا بأس به الوثائق التي صاغها مهندس الشيوعية الجديدة ذاته، بوب أفاكيان ، رئيس الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكيّة ، و ترجمها شادي الشماوي ؛ و من الوثائق المدافعة عن هذه الشيوعية الجديدة و العارضة أو المطبّقة لها وهي من تأليف ناظم الماوي ؛ و جيمع هذه المصادر و المراجع متوفّرة على موقع الحوار المتمدّن و بمكتبته الشيوعية الجديدة أرقى درجة في تطوّر علم الشيوعية اليوم فلندرسها و نستوعبها و نرفع رايتها و نطبّقها و نطوّرها فهي الإطار النظري الجديد للمرحلة أو الموجة الجديدة للثورة البروليتارية العالمية بتيّاريها – الوطنية الديمقراطية / الديمقراطية الجديدة في المستعمرات و أشباه المستعمرات والمستعمرات الجديدة، و الإشتراكية في البلدان الرأسمالية – الإمبريالية – وهي سلاحنا في كفاحنا من أجل الثورة الشيوعية و تحرير الإنسانية من كافة ألوان الإستغلال و الإضطهاد الجندري و الطبقي و القومي .
و قد نشر شادي الشماوي على الحوار المتمدّن كتابا جديدا لبوب أفاكيان يلخّص الإختراقات التي حقّقتها الشيوعية الجديدة في تطوير علم الشيوعية و عنوانه " إختراقات : الإختراق التاريخي لماركس و مزيد الإختراق بفضل الشيوعية الجديدة - خلاصة أساسيّة " وهو جدير لا محالة و لا أجدر منه بالدراسة النقدية العميقة بما هو إجابة عميقة وشاملة على أسئلة الحركة الشيوعية العالمية التي توجد في مفترق طرق . و كمقدّمة لهذه الدراسة الضرورية نقرح عليكم بداية تعريفا مقتضبا بمعنى الخلاصة الجديدة للشيوعية أو الشيوعية الجديدة و تاليا نمدّكم بوثيقة تحمل في طيّاتها تلخيصا مكثّفا لإختراقات الشيوعية الجديدة والتعريف و الوثيقة من وضع بوب أفاكيان ذاته :
1- " تعنى الخلاصة الجديدة إعادة تشكيل و إعادة تركيب الجوانب الإيجابية لتجربة الحركة الشيوعية و المجتمع الإشتراكي إلى الآن، بينما يتمّ التعلّم من الجوانب السلبية لهذه التجربة بابعادها الفلسفية والإيديولوجية وكذلك السياسية، لأجل التوصّل إلى توجه و منهج و مقاربة علميين متجذّرين بصورة أعمق و أصلب فى علاقة ليس فقط بالقيام بالثورة و إفتكاك السلطة لكن ثمّ ، نعم ، تلبية الحاجيات المادية للمجتمع وحاجيات جماهير الشعب ، بطريقة متزايدة الإتساع ، فى المجتمع الإشتراكي – متجاوزة ندب الماضى ومواصلة بعمق التغيير الثوري للمجتمع ، بينما فى نفس الوقت ندعم بنشاط النضال الثوري عبر العالم و نعمل على أساس الإقرار بأن المجال العالمي و النضال العالمي هما الأكثر جوهرية و أهمّية ، بالمعنى العام – معا مع فتح نوعي لمزيد المجال للتعبير عن الحاجيات الفكرية و الثقافية للناس ، مفهوما بصورة واسعة ، و مخوّلين سيرورة أكثر تنوّعا و غنى للإكتشاف و التجريب فى مجالات العلم و الفنّ و الثقافة و الحياة الفكرية بصفة عامة ، مع مدى متزايد لنزاع مختلف الأفكار و المدارس الفكرية و المبادرة و الخلق الفرديين و حماية الحقوق الفردية، بما فى ذلك مجال للأفراد ليتفاعلوا فى " مجتمع مدني " مستقلّ عن الدولة – كلّ هذا ضمن إطار شامل من التعاون و الجماعية و فى نفس الوقت الذى تكون فيه سلطة الدولة ممسوكة و متطوّرة أكثر كسلطة دولة ثورية تخدم مصالح الثورة البروليتارية ، فى بلد معيّن وعالميا و الدولة عنصر محوري ، فى الإقتصاد و فى التوجّه العام للمجتمع ، بينما الدولة ذاتها يتمّ بإستمرار تغييرها إلى شيئ مغاير راديكاليا عن الدول السابقة ، كجزء حيوي من التقدّم نحو القضاء النهائي على الدولة ببلوغ الشيوعية على النطاق العالمي . "
( " القيام بالثورة و تحرير الإنسانية " ، الجزء الأوّل ، جريدة " الثورة " عدد 112 ، 16 ديسمبر 2007 )
-------------------

2- الخلاصة الجديدة للشيوعية : التوّجه و المنهج و المقاربة الجوهريّين و العناصر الأساسيّة – خطوط عريضة
بوب أفاكيان ، رئيس الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكية - صائفة 2015
جريدة " الثورة " عدد 395 ، 13 جويلية 2015
Revolution Newspaper | revcom.us
http://revcom.us/avakian/ba-the-new-synthesis-of-communism-en.html

نقطة توجّه إستهلاليّة . الخلاصة الجديدة بالمعنى الملموس ، " عمل بصدد التطوّر " بما أنّى لا أزال عمليّا منكبّا على القيادة و التعلّم من عديد المصادر و نأمل أن تواصل هذه الخلاصة الجديدة مزيد التطوّر و الإثراء بفضل العمل القائم فى مجال النظريّة فى علاقة جدليّة بمزيد التطوّرات فى العالم و خاصة مزيد تقدّم النضال الثوري وهدفه الأسمى هو العالم الشيوعي. لكن من الصحيح قول إنّه نتيجة العمل الذى قمت به ، طوال عقود عدّة ، ملخّصا تجربة الثورة الشيوعية والدول الإشتراكية و مستفيدا من عدّة مجالات متنوّعة من النشاط و الفكر الإنسانيّين ، هناك بعدُ تطوّر نوعي فى علم الشيوعية المتجسّد فى التوجّه والمنج و المقاربة الجوهريين و فى العناصر الأساسيّة للخلاصة الجديدة . و نظرا لأهمّية ما يمثّله هذا و أهمّية تقديم هذا بشكل مقتضب و مكثّف و كذلك بطريقة مناسبة لتكون قاعدة و مرشدا أساسيين و لتشجّع و تيسّر مزيد الإنخراط فى الخلاصة الجديدة ، صغت هذه الخطوط العريضة وشأنها شأن الخلاصة الجديدة ذاتها ، هذه الخطوط العريضة ليست شيئا نهائيّا و إنّما هي إنعكاس لما قد وقع التوصّل إليه إلى الآن ، و القفزة النوعيّة التى يمثّلها ذلك حتّى و السيرورة مستمرّة ؛ إنّه يوفّر فكرة أساسيّة عن المنهج و المقاربة الجوهريين و مكوّنات هامة أخرى للخلاصة الجديدة. و فيما يلى ، الأبعاد المختلفة حيث وقع مزيد تطوير الشيوعية بفضل هذه الخلاصة الجديدة ، مرفوقة ببعض المصادر المفاتيح أين تمّ الحديث عن ذلك ( أحيانا يتمّ ذكر أعمال أنجزها آخرون بصدد المظاهر الهامة للخلاصة الجديدة لكن حيث لا يذكر الكاتب ، تكون الإحالة على عمل من أعمالى ).


1- المنهج و المقاربة : الشيوعيّة كعلم – مزيد تطوير الماديّة الجدليّة :

- الحرّية و الضرورة – خلاصة أعمق . ( موقفى حول العلاقة بين الضرورة و الصدفة و بين الظروف الماديّة الكامنة و النشاط الإنساني الواعي – ما ذكرته آرديا سكايبراك فى كتاب " الخطوات الأوّلية و القفزات المستقبليّة " و ما نُوقش فى شريط " بوب أفاكيان يتحدّث : الثورة – لا شيء أقلّ من هذا ! " و" آجيث – صورة لبقايا الماضي " لإيشاك بارام و ك.ج.أ فى مجلّة " تمايزات " عدد 4.

- الإبستيمولوجيا : نظريّة علمية للمعرفة . ضد النسبيّة ( " العلم و الثورة : حول أهمّية العلم و تطبيقه على المجتمع ، الخلاصة الجديدة للشيوعيّة و قيادة بوب أفاكيان ، حوار صحفي مع آرديا سكايبراك " ، متوفّر على موقع
revcom.us
و " آجيث- صورة لبقايا الماضي " ).

- الإبستيمولوجيا والأخلاق . ضد " القوّة تحدّد الحقّ " و كيف أنّ النسبيّة و " الحقيقة كرواية " تؤدّيان فى النهاية إلى " القوّة تحدّد الحقّ " ( " الأساسي من خطابات بوب أفاكيان و كتاباته " 4:10 ؛ و كتاب " لنتخلّص من كافة الآلهة ! تحرير العقل و تغيير العالم راديكاليّا " لا سيما الجزء الرابع ؛ " الأساسي ... " 5:11 ؛ " آجيث – صورة لبقايا الماضي" ).

- الأبستيمولوجيا و التحزّب . فى العلاقة بين أن نكون علميّين و أن نكون متحزّبين ، أن نكون بصراحة علميّين هو الرئيسي وهو قاعدة ان نكون بطريقة صحيحة و تامة ، متحزّبين للثورة البروليتاريّة و هدفها الشيوعي . ( " آجيث – صورة لبقايا الماضي " ).

- ضد الشعبويّة والأبستيمولوجيا الشعبويّة . ضد التجسيد – المفهوم الخاطئ القائل بأنّ للمضطهَدين ، إعتبارا لوضعهم كمستغَلّين و موقعهم فى المجتمع ، " شراء خاص على الحقيقة " ، وبوجه خاص قدرة خصوصيّة على فهم ديناميكيّة المجتمع وتغييره . ضد نزعات التقوى / الدينيّة فى الشيوعية . ( " الأساسي ... " 4:11 ؛ " ملاحظات حول الفنّ و الثقافة ، العلم و الفلسفة " ؛ " أزمة فى الفيزياء ، أزمة فى الفلسفة و السياسة " ضمن مجلّة " تمايزات " العدد 1؛ " الشيوعيّة بداية مرحلة جديدة ، بيان للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكيّة " .

- إقتصاد سياسي علمي منسجم ، مقاربة ماديّة جدليّة منسجمة للعلاقة بين القاعدة الإقتصادية و البنية الفوقيّة للسياسة و الإيديولوجيا . ( " حول القوّة المحرّكة للفوضى و ديناميكيّة التغيير " لريموند لوتا فى مجلّة " تمايزات " عدد 3 ؛ " هل بوسع هذا النظام أن يتخلّص أو أن يسير دون إضطهاد النساء ؟ - مسألة جوهريّة ، مقاربة علميّة للمسألة " ضمن مجموعة نصوص " كسر السلاسل جميعها ! بوب أفاكيان حول تحرير النساء و الثورة الشيوعية " ؛ " العصافير ليس بوسعها أن تلد تماسيحا لكن بوسع الإنسانيّة أن تتجاوز الأفق " الجزء 1 ).

- تجاوز الديمقراطيّة و المساواة . مزيد تطوير الرؤية الثاقبة العميقة لماركس بأن التقدّم نحو الشيوعيّة يعنى أنّ المجتمع و الناس الذين يشكّلونه ، يتحرّكون نحو " تجاوز الأفق الضيّق للحقّ البرجوازي " فى ظروفهم الماديّة و فى تفكيرهم ؛ و فهمه النقدي بأنّ الحقّ لا يمكن أبدا أن يكون أعلى من الهيكلة الإقتصاديّة للمجتمع والثقافة المناسبة له.( " الديمقراطيّة: أليس بوسعنا إنجاز أفضل من ذلك ؟ " ؛ " القيام بالثورة و تحرير الإنسانيّة " ، الجزء 1 ).

- اللبّ الصلب مع الكثير من المرونة القائمة على اللبّ الصلب . ( " ملاحظات حول الفنّ و الثقافة ، العلم و الفلسفة " ؛ " العلم و الثورة - حول أهمّية العلم و تطبيق العلم على المجتمع " ؛ " الخلاصة الجديدة للشيوعية و قيادة بوب أفاكيان، حوار صحفي مع أرديا سكايبراك " ).

- " محرّرو الإنسانيّة ". الثورة الشيوعيّة ليست ثأرا أو " الأخير ينبغى أن يصبح الأوّل ، والأوّل ينبغى أن يصبح الأخير" و إنّما تعنى تحرير الإنسانيّة ، وضع نهاية لكلّ الإستغلال و الإضهاد عبر العالم .( " آجيث – صورة لبقايا الماضي " ).

2- الأمميّة :

- الأساس المادي و الأساس الفلسفي ، و المقاربة العامّة للأمميّة الشيوعيّ . ( " الأساسي ... " 2:12 ؛ " التقدّم بالحركة الثوريّة العالميّة : مسائل توجّه إستراتيجي " ؛ " الشيوعية أم القوميّة ؟ " جدال للمنظّمة الشيوعية الثوريّة - المكسيك ، فى مجلّة " تمايزات " عدد 4.

- تلخيص الموجة الأولى من الحركة الشيوعية / الدول الإشتراكيّة . ( " كسب العالم ؟ واجب البروليتاريا العالميّة و إرادتها " ؛ " التناقضات التى لم تحلّ قوّة محرّكة للثورة " الجزء 2 والجزء 3 ؛ " الشيوعيّة : بداية مرحلة أولى ، بيان للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكية " ؛ " لا تعرفون ما تعتقدون أنّكم " تعرفونه " حول الثورة الشيوعية و الطريق الحقيقي للتحرّر : تاريخها و مستقبلنا " ، حوار صحفي مع ريموند لوتا ، جريدة " الثورة " عدد 323 ، 24 نوفمبر 2013 ).


3- المقاربة الإستراتيجيّة للثورة خاصة فى البلدان الإمبريالية مثل الولايات المتّحدة الأمريكيّة – لكن تبعاتها أعمّ :

- إحياء كتاب لينين " ما العمل ؟ " و إثراءه – بمعنى تشديد التأكيد على عرض مشاكل الثورة أمام الجماهير و أيضا كيف يجب للوعي الشيوعي أن " يجلب من خارج " التجربة و الصراع المباشرين للجماهير و أهمّية المجال الإيديولوجي و تغيير تفكير الناس و الحاجة إلى " حثّ " التطوّرات الموضوعيّة و مزيد تطوير العنصر النواة فى " ما العمل ؟ " ، التسريع بينما ننتظر – العمل على تغيير الوضع الموضوعي إلى أقصى درجة ممكنة فى أي زمن معطى بينما نكون مستعدّين لأحداث جديدة و ربّما غير متوقّعة ( أو حتّى لا يمكن توقّعها ) و كيف أنّ القوى الطبقيّة / الإجتماعيّة هي ذاتها " تشتغل " على التناقضات الموضوعيّة من وجهة نظرها الخاصّة و فى إنسجام مع كيف أنّ ممثّليها يرتؤون مصالحها . (الفقرات الستّ الأولى من الجزء 2 من " القيام بالثورة و تحرير الإنسانيّة " ). لقد شدّد ماو تسى تونغ على العلاقة الجدليّة بين المادة والوعي وشدّد على الحاجة إلى التوجّه نحو الإستعداد للتطوّرات غير المتوقّعة لكن على وجه الضبط هذا التوجّه و الفهم و المنهج و المقاربة ، جرى تلخيصه – على نحو أتمّ و أرقى و مكثّف أكثر – فى الخلاصة الجديدة . ( و هذا يتخلّل " بعض مبادئ بناء حركة من أجل الثورة " و بيان الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات التّحدة الأمريكيّة " حول إستراتيجيا الثورة " ).

- فصل الحركة الشيوعية عن الحركة العماليّة . تحليل الحجر الأساسى و القوّة المحرّكة للثورة ، و الجبهة المتّحدة الأوسع فى ظلّ قيادة البروليتاريا .( " العصافير ليس بوسعها أن تلد تماسيحا لكن بوسع الإنسانيّة أن تتجاوز الأفق "، الجزء 2).

- دور المثقّفين كممثّلي سياسيّين أدبيّين لطبقة و التناقضات المتّصلة بهذا فى الثورة البروليتاريّة .( " تأملات و جدالات : حول أهمّية المادية الماركسية و الشيوعية كعلم و العمل الثوري ذو الدلالة وحياة لها مغزى " ).

- الدور المحوريّ للمسألة القوميّة للسود و العلاقة المحوريّة بين التحرّر القومي و الثورة البروليتاريّة ، فى الولايات المتّحدة الأمريكيّة (" الشيوعية و ديمقراطيّة جيفرسون "؛ " إضطهاد السود و النضال الثوري من أجل القضاء على كلّ الإضطهاد"؛ أشرطة " الثورة و الدين : النضال من أجل التحرّر و دور الدين ، حوار بين كورنال واست و بوب أفاكيان " ؛ " الثورة : لماذا هي ضروريّة ، لماذا هي ممكنة و ما الذى تعنيه " ؛ و " بوب أفاكيان يتحدّث : الثورة – لا أقلّ من ذلك !" و" دستور الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة فى شمال أمريكا ( مشروع مقترح ) للحزب الشيوعي الثوري، الولايات المتحدة الأمريكية " ).

- الدور الحيويّ – و الدور المتأكّد أكثر حتّى فى عالم اليوم – للنضال من أجل تحرير النساء فى علاقته بالثورة البروليتاريّة و هدفها تحرير كافة الإنسانيّة من خلال التقدّم نحو عالم شيوعي . ( " الأساسي ..." 3:22 ؛ " التناقضات التى لم تحل قوّة محرّكة للثورة " ، الجزء 3 ؛ " كسر السلاسل كلّها ! – بوب أفاكيان حول تحرير النساء و الثورة الشيوعية " ).

- إفتكاك السلطة . ( " حول إمكانيّة الثورة " للحزب الشيوعي الثوري ؛ " العصافير ليس بوسعها أن تلد تماسيحا لكن بوسع الإنسانيّة أن تتجاوز الأفق " ، الجزء 2 .)

4 - بناء المجتمع الجديد والتقدّم نحو عالم جديد :

- إنجاز التغيير الإشتراكي للمجتمع كجزء من - جوهريّا كجزء مرتبط - الثورة العالميّة ككلّ بإتّجاه الهدف الأسمى للشيوعيّة. (" وجهات نظر حول الإشتراكية و الشيوعية : نوع دولة جديد راديكاليّا، نظرة للحرّية مختلفة راديكاليّا وأعظم بكثير" ).
- " نقطة مظلّة الطيّار ". إنفتاح العلاقات الإجتماعيّة و التعبير عن التناقضات الإجتماعيّة و الطبقيّة مع تعزيز الدولة الإشتراكيّة الجديدة . ( " أسس الشيوعية و أهدافها و مناهجها " ).

- " اللبّ الصلب مع الكثير من المرونة القائمة على اللبّ الصلب " مطبّقة على المجتمع الإشتراكي . الإقرار بالحاجة إلى دكتاتوريّة البروليتاريا وقيادة طليعة شيوعيّة أثناء الإنتقال الإشتراكي إلى الشيوعيّة ، و فى نفس الوقت ، التشديد على أهمّية المعارضة و الصراع سياسيّا و فكريّا وثقافيّا ، على أساس و كجزء مفتاح من ممارسة دكتاتوريّة البروليتاريا وإنجاز الإنتقال نحو الشيوعية ، و مع بلوغ الشيوعيّة ، إلغاء أي نوع من الدكتاتوريّة.( " ملاحظات حول الفنّ و الثقافة، العلم و الفلسفة " ؛ " سياسة التحرير" لآلان باديو : شيوعيّة أسيرة حدود العالم البرجوازي " لريموند لوتا و نايي دونيا و ك.ج.أ ، مجلّة " تمايزات " عدد 1 ) .

- دور الدستور الإشتراكي – حقوق الشعب و حكم القانون مع دكتاتوريّة البروليتاريا ( " العصافير ليس بوسعها أن تلد تماسيحا لكن بوسع الإنسانيّة تجاوزالأفق " الجزء 1 ؛ " الدستور ، القانون و الحقوق – فى المجتمع الرأسمالي و فى المجتمع الإشتراكي المستقبلي – مقتطفات من كتابات بوب أفاكيان و مقتطفات من دستور الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة شمال أمريكا ( مشروع مقترح ) للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكيّة " ).

- العلاقة بين الوفرة والثورة ضمن بلد إشتراكي و عالميّا .( " العصافير ليس بوسعها أن تلد تماسيحا لكن بوسع الإنسانيّة أن تتجاوز الأفق " ).

- كلّ هذا وقع تجسيده و تطبيقه و التوسّع فيه فى " دستور الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة بشمال أمريكا ( مشروع مقترح )".

خاتمة / خلاصة : الأكثر جوهريّة و أساسيّة فى الخلاصة الجديدة هو مزيد تطوير و تلخيص الشيوعيّة كمنهج و مقاربة علميين ، و التطبيق الأكثر إنسجاما لهذا المنهج و هذه المقاربة العلميين على الواقع عامة و خاصة فى النضال الثوري للإطاحة بكافة أنظمة و علاقات الإستغلال و الإضطهاد و إجتثاثهما و التقدّم صوب عالم شيوعي . وهذا المنهج و هذه المقاربة كامنان و يتخلّلان كلّ العناصر الأساسيّة و المكوّنات الجوهريّة لهذه الخلاصة الجديدة . "
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------
تعنى الخلاصة الجديدة إعادة تشكيل و إعادة تركيب الجوانب الإيجابية لتجربة الحركة الشيوعية و المجتمع الإشتراكي إلى الآن ، بينما يتمّ التعلّم من الجوانب السلبية لهذه التجربة بابعادها الفلسفية والإيديولوجية و كذلك السياسية ، لأجل التوصّل إلى توجه و منهج و مقاربة علميين متجذّرين بصورة أعمق و أصلب فى علاقة ليس فقط بالقيام بالثورة و إفتكاك السلطة لكن ثمّ ، نعم ، تلبية الحاجيات المادية للمجتمع و حاجيات جماهير الشعب ، بطريقة متزايدة الإتساع ، فى المجتمع الإشتراكي – متجاوزة ندب الماضى ومواصلة بعمق التغيير الثوري للمجتمع ، بينما فى نفس الوقت ندعم بنشاط النضال الثوري عبر العالم و نعمل على أساس الإقرار بأن المجال العالمي و النضال العالمي هما الأكثر جوهرية و أهمّية ، بالمعنى العام – معا مع فتح نوعي لمزيد المجال للتعبير عن الحاجيات الفكرية و الثقافية للناس ، مفهوما بصورة واسعة ، و مخوّلين سيرورة أكثر تنوّعا و غنى للإكتشاف و التجريب فى مجالات العلم و الفنّ و الثقافة و الحياة الفكرية بصفة عامة ، مع مدى متزايد لنزاع مختلف الأفكار و المدارس الفكرية و المبادرة و الخلق الفرديين و حماية الحقوق الفردية ، بما فى ذلك مجال للأفراد ليتفاعلوا فى " مجتمع مدني " مستقلّ عن الدولة – كلّ هذا ضمن إطار شامل من التعاون و الجماعية و فى نفس الوقت الذى تكون فيه سلطة الدولة ممسوكة و متطوّرة أكثر كسلطة دولة ثورية تخدم مصالح الثورة البروليتارية ، فى بلد معيّن وعالميا و الدولة عنصر محوري ، فى الإقتصاد و فى التوجّه العام للمجتمع ، بينما الدولة ذاتها يتمّ بإستمرار تغييرها إلى شيئ مغاير راديكاليا عن الدول السابقة ، كجزء حيوي من التقدّم نحو القضاء النهائي على الدولة ببلوغ الشيوعية على النطاق العالمي .
القيام بالثورة و تحرير الإنسانية ، الجزء الأوّل
" الثورة " عدد 112 ، 16 ديسمبر 2007

لا ينبغى أن نستهين بقوّة الخلاصة الجديدة كمصدر للأمل و للجرأة على أساس علمي صلب. فى ستّينات القرن العشرين، عندما ظهر حزب الفهود السود على المسرح السياسي ، أدلى ألدريدج كريفر بملاحظة لاذعة بأنّ الحزب الشيوعي التحريفي قد " وضع إيديولوجيّا " الثورة خارج المسرح السياسي ، لكن الفهود السود قد " جعلوها إيديولوجيّا " تعود إلى هذا المسرح. و فى الفترة الراهنة ، فى الولايات المتحدة ، مرّة أخرى " وضعت إيديولوجيا " الثورة خارج المسرح السياسي . و فى العالم ككلّ ، إلى درجة كبيرة جدّا ، الثورة الشيوعية و رؤية عالم شيوعي " وُضعت إيديولوجيّا " خارج المسرح السياسي و معها الطريق الوحيد الذى يمثّل عمليّا إمكانيّة عالم مختلف راديكاليّا و أفضل بكثير ، عالم يرغب الناس حقّا فى العيش فيه و يزدهرون حقّا . و الخلاصة الجديدة موضوعيّا قد " جعلت إيديولوجيّا " الثورة تعود إلى المسرح السياسي مرّة أخرى، على مستوى أرقى و بشكل من المحتمل أن يكون شديد القوّة .
لكن ما الذى سنصنعه بهذا ؟ هل سيصبح قوّة عاتية سياسيّا و إيديولوجيّا ؟ يعود لنا أمر أن نحمل هذا إلى كلّ مكان – بجرأة كبيرة و كبيرة جدّا و مواد جوهريّة ، رابطة ذلك بالرغبة الواسعة الإنتشار و إن كانت بعدُ كامنة على نطاق واسع ، فى طريقة أخرى ، فى عالم آخر - و على الدوام جذب أعداد متزايدة من الناس إلى هذه الخلاصة الجديدة بجدّية و حيويّة و على نحو مفعم بالحياة .
القيام بالثورة و تحرير الإنسانية ، الجزء الأوّل
" الثورة " عدد 112 ، 16 ديسمبر 2007 .
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------

" فلندرك ، بدورنا ، مهمّات العهد الجديد و خصائصه. و لا نقلّدنّ أبدا الماركسيين الأردياء الذين قال عنهم ماركس : " زرعت التنانين و حصدت البراغيث ". "

( لينين ، " المختارات في 10 مجلّدات " ، الصفحة 400 من المجلّد 6 ، دار التقدّم موسكو ، باللغة العربيّة )
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------