الولايات المتّحدة الأمريكية تغادر أفغانستان عقب قتل أكثر من مائة ألف إنسان في - حربها من أجل الخير -


شادي الشماوي
2020 / 3 / 14 - 00:26     

جريدة " الثورة " عدد 638 ، 9 مارس 2020
https://revcom.us/a/638/america-leaves-afghanistan-en.html

في 29 فيفري ، أمضت الولايات المتحدة تسوية مع طالبان أفغانستان – العدوّ الذى ظلّت تحاربه طوال ما يناهز ال19 سنة- تتعهّد بموجبها بسحب كافة القوّات المسلّحة الأمريكيّة خلال الأربع عشر شهرا القادمين .
هذه مساومة كبرى . فقد كانت حرب أفغانستان جريمة إمبرياليّة شنيعة و كارثة كبرى و هزيمة بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية. فإثر خوض أطول حرب في تاريخ أمريكا ، يتراجع الحكّام دون أن يلحقوا الهزيمة بالمنافس او يحقّقوا أهدافهم، و بمقابل ضئيل جدّا من طالبان ليس أكثر من وعد بعدم السماح بإستخدام أفغانستان للقيام بهجمات على الولايات المتحدة و حلفائها .
الدافع وراء التفاوض حول هذا الانسحاب تحرّكه كيفيّة تقييم قسم من الطبقة الحاكمة بقيادة ترامب و سكرتير دولته ، مايك بنبايو ، للتحدّيات التي تواجه الإمبريالية الأمريكية عالميّا و كيف يتمّ الردّ عليها . و خارج نطاق هذا المقال أن نجري تقييما شاملا لهذا الوضع المعقّد ، لكن من المهمّ أن نشير إلى أنّ إنسحابا أمريكيّا عقب ما يربو عن عقدين من الاحتلال في هذا الإطار ، مع أنّ عودة طالبان المرجّحة إلى الحكم قد تكون باعثة لعدم إستقرار كبير – في أفغانستان و جنوب آسيا – مع تبعات كامنة بعيدة المدى و عالميّة و غير متوقّعة . و من المهمّ أيضا أن نشير إلى أنّ هناك إختلافات حادة للغاية داخل الطبقة الحاكمة الأمريكيّة – بما في ذلك داخل الكتلة الموالية لترامب – حول هذه المساومة . و ينعتها البعض بالإستسلام إلى مطالب طالبان و يحذذرون من الإنعكاسات الوخيمة على الولايات المتحدة ، و من حرب اهليّة صريحة في أفغانستان إلى إرساء ممكن لدولة إسلاميّة أثناء الإضطراب الموالى لإنسحاب الولايات المتحدة. (أنظروا الملاحق حول أسس الإتّفاق).
لذا من المهمّ أن نفهم بصورة عامة ما حدث و لماذا حدث و ما هي الدروس المستخلصة من الحرب و نتائجها .
7 أكتوبر 2001 : الولايات المتحدة تنطلق في شنّ حرب أفغانستان
في 11 سبتمبر 2001 ، نظّم أسامة بن لادن و القاعدة ، منظّمة جهادية إسلامية رجعية ، هجمات على مركز التجارة الدولي في نيويورك و على البنتاغون ، تسبّبت في مقتل حوالي ثلاثة آلاف شخص . حينها كان بن لادن و القاعدة قد ركّزا قواعدهما في الأساس بأفغانستان التي كانت آنذاك تحت حكم طالبان الأصوليّة الإسلامية الإضطهادية للغاية . ( أنظروا الملاحق حول " جرائم طالبان " ).
و بعد أسابيع أربعة ، شرعت الولايات المتّحدة في ظلّ جورج بوش الإبن في قصف أفغانستان بالقنابل . ثمّ ن إلى جانب حلفائها بالناتو ، غزت و غحتلّت البلاد ، مطيحة بسرعة بطالبان و محطّمة معظم القواعد العسكريّة للتابعة للقاعدة .
و قد أطلقت الولايات المتحدة على حربها إسم " عملية الحرّية الدائمة " و زعمت أنّها " ردّ مبرّر "على هجمات 11 سبتمبر وهي تستهدف جلب المسؤولين عن ذلك على العدالة ، و إلحاق الهزيمة بطالبان ، و وضع حدّ لآفة " الإرهاب العالمي " و صيانة أمن أمريكا . كما إدّعى بوش بأنّ الولايات المتّحدة كانت تقاتل من أجل التسامح و الحرّية و حقوق النساء و " ديمقراطية جديدة " في أفغانستان .
ما أنزلته الولايات المتحدة بالشعب الأفغاني ... 18 سنة أخرى من الوحشيّة و زهق الأرواح البشريّة
طوال 18 سنة ن نشرت ثلاث إدارات ما يقرب 800 ألف جندي في أفانستان و قد بعث 50 بلدا من الناتو و شركائهم عشرات الآلاف الأخرى .
و كانت حدّة العنف المطلق العنان من قبل الولايات المتحدة مذهلة فبين 2004 و 2018 ، ألقت الإمبريالية الأمريكية أكثرمن 38 ألف قنبلة على أفغانستان ، (1) و مع مارس 2020 ، تكون أنجزت أكثر من 12 ألف ضربة جوّية بطائرات دون طيّار. (2) و قد أرهبت قوّأت الولايات المتّحدة و عملاؤها الأفغانيّون الناس بحملات مداهمة لتفتيش المنازل ليلا . و أوجدت شبكة سجون و مراكز إيقاف حيث كان يقبع في الأسر على الأقلّ 15 ألف أفغاني جرّاء تهم بأدلّة هشّة أو دون أدلّة ، و كانوا يتعرّضون للضرب العنيف و التعذيب و أحيانا للقتل . و خلال هذا السبوع ، صرّحت محكمة الجرائم العالميّة بأنّ لديها إثباتات على أنّ قوّات الولايات المتحدة قد " إقترفت أعمال تعذيب و معاملة وحشيّة و فظاعات في حقّ الكرامة الشخصيّة و إغتصاب و عنف جنسيّ "- جرائم حرب – في أفغانستان . (3)
و مع أوت 2016 ، قُتل حوالي 111 ألف إنسان و جُرح أكثر من 116 ألف آخرون في هذه الحرب و كشفت دراسة أنّ " الحرب على الإرهاب" أدّت بصفة مباشرة أو غير مباشرة إلى وفاة ما يناهز 220 ألف إنسان في أفغانستان مع 2013 . و في قمّة هذه المجزرة ، إضطرّ قرابة خمسة ملايين أفغاني إلى الهجرة بسبب الحرب (4) . بينما لقي 2313 جندي أمريكي و 1145 جندي من الناتو و الفيالق العسكريّة الحليفة حتفهم و جُرح 20 ألف آخرون .
و وعدت الولايات المتحدة بتحسين ظروف حياة الشعب الأفغاني و قد أنفقت المليارات على مشاريع تنمويّة متنوّعة . و مع ذلك ، أوّل ما قامت به هو تنصيب حكومة عميلة متكوّنة من أمراء الحرب و سماسرة السلطة الإثنيّة ، و الأصوليين الإسلاميين و غيرهم من الرجعيين الموالين للولايات المتحدة . و في ظلّ هؤلاء السرقة الرجعيّين ، كان الفساد و كانت الوحشيّة خبزا يوميّا . و كانت " المحاكم الديمقراطيّة " التي أرستها الولايات المتّحدة فاسدة بحيث أنّ عديد الناس كانوا يفضّلون اللجوء على التقاضي أمام طالبان المعتبرين " وحوشا لكن عادلين ".
و اليوم أكثر من نصف ال35 مليون أفغاني مفقّرين و تقريبا نصفهم يشكو من إنعدام الأمن الغذائي. و سوء التغذية المزمن عطّل نموّ الإندهاش الذهني ل 41 بالمائة من أطفال أفغانستان الذين لم يبلغوا سنّ الخمس سنوات . و يعيش نصف السكّان على اقلّ من دولار في اليوم الواحد . (5)
و كانت الحياة كابوسا بالنسبة للنساء في ظلّ حكم طالبان و وعدت الولايات المتحدة بتحرير نسا أفغانستان . و قد أدخلت بضعة إصلاحات ، بالأساس في المناطق المدينيّة ، لكن حوالي ثلثي الفتيات الأفغانيّات لا محرومة من مزاولة التعليم بالمدارس و المعاهد و 87 بالمائة منهنّ أمّيات . و 70 إلى 80 بالمائة منهنّ على ألقلّ مضطرّات إلى الزواج ، و الكثير منهنّ قبل سنّ ال16 . و لأفغانستان نسبة من أعلى نسب وفاة المواليد في العالم . و حوالي 90 بالمائة من نساء أفغانستان ضحايا العنف الأسري .(6) و تعتبر منظّمة العفو الدوليّة أفغانستان من أسوأ الأماكن في العالم بالنسبة للنساء.
و اليوم ، عقب كلّ هذه السنوات ، تغادر الولايات المتّحدة على ما يبدو – و قد هُزمت في الأساس على يد طالبان – بلا شيء تقدّمه من جميع الوعود التي قطعتها ، و بإنفاق أكثر من تريليون دولار ، و إنزالها العنف الوحشيّ على الشعب في أفغانستان .
لماذا حدث كلّ هذا ؟
لماذا غزت الولايات المتحدة أفغانستان في المقام الأوّل ؟
لقد هاجمت الولايات المتحدة أفغانستان و إحتلّتها أوّلا لتبعث برسالة مفادها أنّ حكّام الولايات المتّحدة ، شأنهم في ذلك شأن رؤساء المافية العالميّة ، رأوا أنّها ضلروريّة للحفاظ على هيمنتهم العالميّة : لا أحد سينجو بفعلته إن نظّم هجمات كهجمات 11 سبتمبر ، دون ردّ شامل و بلا رحمة و قاتل .
و إجمالا ، إعتبر حكّام الولايات المتّحدة حرب أفغانستان إشارة إنطلاق " الحرب على الإرهاب " العالميّة الطويلة الأمد قصد " تجفيف مستنقع " تلك القوى الأصوليّة الإسلاميّة التي تعارض الولايات المتحدة و فرصة لإعادة هيكلة الشرق الأوسط الكبير، بهدف الهيمنة على المنطقة وعلى أجزاء من جنوب آسيا (أنظروا " التقدّم بطريقة أخرى " لبوب افاكيان). و قد إرتأى الحكّام الأمريكيّون أن يسيطروا و يفرضوا نموذج تطوّر إمبريالي على بلدان مفاتيح في المنطقة و تحويل بعض الظروف التي كانت تغذّى الأصوليّة الإسلامية و الجهادية . و كان يُنظر إلى كلّ هذاعلى أنّه وسيلة لتعزيز قبضة الولايات المتّحدة الإمبريالية على هذه المناطق المفاتيح ،و محاصرة و سحب الأرضيّة من تحت أقدام المنافسين العالميّين - روسيا و الصين بوجه خاص - وإحكام السيطرة عليها ضمن الهيمنة العالميّة للولايات المتّحدة لعقود قادمة.( و إضطرّ أوباما إلى التراجع عن هذه الطموحات الكبيرة ، إلاّ أنّه واصل و صعّد من الحرب في أفغانستان سعيا للحفاظ على المصداقيّة العالميّة للولايات المتحدة ،و إلحاق الهزيمة بطالبان ، و الحفاظ على السيطرة الإمبرياليّة الأمريكيّة على الشرق الأوسط و آسيا الوسطى .( لأجل المزيد حول دور أوباما في القتل الجماعي على نطاق واسع ، أنظروا " جرائم أوباما في أفغانستان – تذكير بسيط و سريع " على موقع revcom.us)
الولايات المتّحدة كقوّة إحتلال رجعيّة في أفغانستان
بالرغم من عنف الولايات المتّحدة و حلفائها ، لم يتمكّنوا ابدا من إلحاق الهزيمة بطالبان أو من الهيمنة على كامل أفغانستان. و قد عرضت جريدة " واشنطن بوست " حديثا أنّ الولايات المتّحدة كانت تكذب بصورة منهجيّة : مقدّمة صورة ورديّة عن التقدّم في حين أنّ دراستها الخاصة توصّلت إلى أنّ ط القادة العسكريين لم يتمكّنوا من تحقيق وعودهم بالإنتصار " و بعد أكثر من 18 سنة ن لا تزال الحكومة المدعومة من قبل الولايات المتّحدة " تتحكّم و تؤثّر " في أفضل الأحوال على حوالي نصف البلاد فحسب . (7)
كانت الولايات المتحدة و القوى التي دعّمتها تمثّلأ و تفرض عراقيلا إستغلّت الشعب الأفغاني و خنقته و أخضعته : الهيمنة الإمبريالية و البطرياركيّة / النظام الأبوي العبوديّة و التقاليد الدينيّة من عصور الظلمات و التعصّب .(8) و مهما كانت المقادير الماليّة التي أنفقتها الولايات المتحدة على هذا المشروع أو ذاك ، تمّت جميعها في إطار شامل رجعي و إضطهادي.
و الطريقة التي قاتل بها جيش الولايات المتّحدة تعكس هذا . فكانت قنابل الولايات المتحدة و صواريخها و عمليّاتها تستهدف عادة حياة الأفغانيين العاديّين – في منازلهم و تجمّعاتهم الأسريّة ، و أثناء مسارات حياتهم اليوميّة . و قد قال أحد الجنود النظاميين في القّوات المسلّحة الأمريكيّة للباحثين العسكريّين ، " إنّنا ندوس الأطفال بآلاتنا العسكريّة ". و قد ساهم كلّ هذا في الخسائر الفادحة التي تكبّدها المدنيّون – 39 ألف قتيل .
كالشرطة التي تقوم بدوريّات في الغيتو و الأحياء الأمريكيّة ، كان جيش الولايات المتحدة قوّة إحتلال ترى في الشعب الأفغاني أعداءا ممكنين ، و كان الإزدراء العنصريّ مستشريا في صفوف الأمريكان ضد الأفغانيّين . و قد كشف بحث عن أنّ العاملين بالقوّات الخاصة " يمقتون " الأفغانيين الذين كانوا يدرّبونهم و ينعتونهم ب " شنيع - حثالة الحثالة ". و كانوا يشيرون إلى القرويّين بأنّهم " يتحدّثون الدركة الدركة – ( تعبير عنصري عن اللغة التي يتكلّمها المسلمون ". ( كما لو أنّ كافة المسلمين يتكلّمون اللغة ذاتها ) (10).
عوض كسب ط القلوب و العقول " ، غذّت الحرب الأمريكيّة ( و غيرها من العوامل ) إعادة بعث طالبان و مكّنتها من تعبئة قطاع من الأفغانيين ضد احتلال الولايات المتّحدة و النظام العميل الذى أرسته ز و ينسحب تحليل بوب أفاكيان على هذه الحال :
" ما نراه فى نزاع هنا هو الجهاد من جهة و ماك العالمية / ماك الحرب من جهة أخرى و هو نزاع بين شريحة ولّي عهدها تاريخيا ضمن الإنسانية المستعمَرة و المضطهَدة ضد الشريحة الحاكمة التى ولي عهدها تاريخيا ضمن النظام الإمبريالي . و هذان القطبان الرجعيان يعزّزان بعضهما البعض ، حتى و هما يتعارضان . و إذا وقفت إلى جانب أي منهما ، فإنك ستنتهى إلى تعزيزهما معا ... " (11)
و كذلك لخّص بوب أفاكيان أنّ :
" هؤلاء الإمبرياليين جيّدون في غزو البلدان و إسقاط الأنظمة ، لكن عندما يجدون أنفسهم في موقع إحتلال البلاد و لمّا ينهض السكّان ضدّهم ، يشهد الأمر ديناميكيّة مغايرة ، و يغدو عسيرا جدّا عليهم . و عسير جدّا عليهم الحفاظ على " النظام " و فرض التغييرات التي يرغبون في فرضها خدمة لمصالحهم . من غير اليسير جدّا فرض هذا " من أعلى إلى أسفل "- وهي الطريقة الوحيدة المتاحة للمحتلّين الإمبرياليين أن يفرضوا بها التغييرات "(12).
( انظروا " التقدّم بطريقة أخرى " لبوب أفاكيان لمزيد تحليل التناقضات و الصعوبات التي تواجه الإمبرياليين الأمريكان في " حربهم على الإرهاب " العالمية المركّزة في العراق و أفغانستان ).
ماذا يعنى هذا بالنسبة للإنسانيّة ؟
أوّلا ، تبيّن حرب أفغانستان أنّه مهما صوّر حكّام الولايات المتّحدة الدوافع الأمريكية في هذه الحروب على أنّها عادلة و سليمة ، فإنّ الإمبرياليين يتصرّفون وفق مصالحهم و حاجتهم إلى فرض إمبراطوريّتهم العالميّة من الهيمنة و الإستغلال و الحفاظ عليها .
ثانيا ، بينما طالبان قوّة رجعيّة تماما لا علاقة لها بالنضال من أجل التحرير ، هناك بعدُ شيء هام يستشفّه الذين يقاتلون من أجل ثورة و تحرير حقيقيّين و يتعلّمونه من الحرب في أفغانستان و هذا الشيء هو أنّ الإمبرياليين ليسوا بالقوّة التي لا تقهر و أنّ عدوّا ألهم أقلّ قوّة ناريّة و غيرها من مظاهر القوّة ، بوسعه ، في ظروف مواتية ن أن يلحق الهزيمة بأعتى جيش في العالم .
---------------------------------------------------------------------------------------------------------
الملاحق
(1)
أسس الإتّفاق بين الولايات المتّحدة و طالبان
إليكم العناصر الأساسيّة للإتّفاق الذى وقّعته الولايات المتّحدة مع طالبان التي نشرت إلى العموم إلى حدّ الآن :
1- تتعهّد الولايات المتحدة بالسحب الكلّي ل 12-14 ألف جنديّ – المجموعة الأولى ، في غضون 135 يوما ، ثمّ بسحب البقيّة 8600 جندي جندي في غضون 14 شهرا ، شرط أن تلتزم طالبان بما يفرضه الإتّفاق .
2- كما تتعهّد الولايات المتّحدة برفع عقوبات الأمم المتّحدة و الولايات المتّحدة ضد طالبان و بعدم دوس السيادة الأفغانيّة بالقوّة أو بالتدخّل في شؤون أفغانستان الداخليّة .
3- و تلتزم طالبان بعدم الضلوع في أو السماح لأيّة مجموعات أو قوى أن تنظّم هجمات ضد الولايات المتّحدة أو ضد حلفائها إنطلاقا من أفغانستان ، أو أن تحتمي بأرض أفغانستان ، أو تعبر أراضى أفغانستان .
4- ستشرع طالبان في مفاوضات مع الحكومة الأفغانيّة المدعومة أمريكيّا ( و التي ليست مشاركة في هذا الإتّفاق و لم تتمّ حتّى دعوتها للمشاركة في المفاوضات ) حول المستقبل السياسي لأفغانستان في المستقبل المنظور – شرط أن تعمل الولايات المتّحدة على ضمان إطلاق سراح 5000 سجين من سجناء طالبان في أفغانستان .
5- ستعمل طالبان و الولايات المتحدة على تقليص مستوى العنف .
------------------------------------------
لم تسلّم طالبان سلاحها و لم تتخلّ عن نظرتها لدولة إسلاميّة في أفغانستان ، و لم تلتزم بالقبول بشرعيّة الحكومة الأفغانيّة القائمة و كذلك لم تتعهّد بالدفاع عن الحقوق الأساسيّة للشعب الأفغاني . و لم تندّد بالقاعدة . و لم يمنع الإتّفاق منعا واضحا و رسميّا طالبان من وضع يدها على القسم الكبير أو على كلّ أفغانستان حتّى لحظة معيّنة .
لذا الحصيلة هي أنّ هذا الإتّفاق تمّ وفق وجهة نظر طالبان و يبدو أنّه يؤشّر إلى أنّ حكّام الولايات المتّحدة يحاولون وضع حدّ لخسائرهم و الانسحاب. ( يوم 3 مارس ، تكلّم ترامب مباشرة عبر الهاتف مع زعيم طالبان، و أوّل رئيس يقوم بذلك).
و مع ذلك ، يظلّ الوضع في أفغانستان قابلا للإنفجار . فخلال هذا الأسبوع حدثت هجمات و صدامات عسكريّة و ضربة جوّية من الولايات المتحدة الأمريكيّة و حذّر سكرتير دولة الولايات المتّحدة ، بنبايو ، طالبان و الحكومة الأفغانيّة التقليص من العنف . و هكذا ، كيف و متى بالضبط و ربّما إن كان سيطبّق هذا الإتّفاق أم لا يظلّ أمرا غير واضح .
المصادر :
Sources: “A Secret Accord With the Taliban: When and How the U.S. Would Leave Afghanistan,” New York Times, March 8, 2020 “4 Takeaways From the U.S. Deal With the Taliban,” New York Times, March 1, 2020 “What does the Taliban-US agreement say?” Al Jazeera, February 29, 2020
---------------------------------------------

(2)
الجرائم الفظيعة لطالبان
طالبان منظّمة رجعيّة تمثّل القوى الحاكمة التقليديّة لأفغانستان وهي منظّمة حول الفرض العنيف و الخانق غالبا لقوانين و تقاليد إجتماعيّة صارمة، تستهدف بوجه خاص النساء ، إستنادا إلى تأويل أصولي للإسلام . و تعنى " طالبان " " طلبة " و عديد مؤسّسيها جرى تدريبهم في الجارة الباكستان كجزء من حرب بالوكالة بقيادة الولايات المتّحدة ضد الاحتلال السوفياتي لأفغانستان خلال ثمانينات القرن العشرين . (*) و صارت طالبان ، المرتكزة أساسا في صفوف قوميّة باشتون الأفغانيّة ، قوّة شديدة البأس في تسعينات ذلك القرن و غزت أفغانستان سنة 1996 عقب حرب اهليّة دمويّة و قد لقيت و لا تزال الدعم من الباكستان .
و في ظلّ حكم طالبان ، أُجبر النساء على إرتداء البرقع ، و مُنعت من الإلتحاق بالمدارس بعدما تبلغ سنّ الثامنة ، و طُردت من معظم مواقع الشغل ، و لم تستطع حتّى الخروج من المنازل دون مراقبة ذكوريّة . و مُورس الميز العنصريّ الجنسي عبر المجتمع و النساء " المذنبات " لأدنى تجاوز تتعرّض إلى جلد بالسوط في الساحات العامة ، حتّى الموت . لقد سئم الناس عبر العالم الشناعات التي إقترفتها طالبان – من مثل رجم النساء بالحجارة في ملاعب كرة القدم ل " جرائم " كالخيانة الزوجيّة . و إستهدفت طالبان الناس من الديانات الأخرى ، حتّى من فروع أخرى من الإسلام ، و كذلك من القوميّات الأصغر حجما غير الباشتون في البلاد و اللادينيين ، و قد قمعت قمعا شديدا المضطهَدين من جميع القوميّات و الديانات . و خلال حكمها ، نفّذت مجازرا رهيبة تجاه معارضيها في مزار الشريف ( 1998) ، سارالبول ( 1999-2000) ، و راباطاك (2000) و ياكاولانغ (2001) .
إنّ وسائل طالبان في خوض الحرب تعكس برنامجها الوحشيّ . فخلال حرب أفغانستان الأخيرة ، إستهدفت و قتلت وإقترفت مجازرا و عنّفت المدنيّين و قامت على نطاق واسع بإغتصابات و جرائم أخرى ضد الإنسانيّة . و خلال إستيلائها على قندوز سنة 2015 ، جاء في تقرير لمنظّمة العفو الدوليّة ، " القتل الجماعي ، الإغتصاب الجماعي و تفتيش المنازل منزلا منزلا ، من الأعمال التي فعلتها فيالق موت طالبان وهي بعض شهادات المدنيّين المكدّرة " .
------------------------------------------
(*) عقب غزو الإتّحاد السوفياتي و إحتلاله لأفغانستان سنة 1979 ، نظّمت الولايات المتّحدة و درّبت و موّلت المجاهدين الأصوليين الإسلاميين الرجعيين لخوض حرب ضدّها . لقد تمّت هزيمة الإشتراكية السوفياتيّة في خمسينات القرن العشرين ، و صار الإتّحاد السوفياتي رأسماليّا و في سبعينات و ثمانينات غدت القرن الماضي ، غدت قوّة إمبرياليّة متنازع مع الولايات المتّحدة من أجل الهيمنة العالميّة . و قد ساعدت الولايات المتّحدة على تغذية الحرب الوحشيّة لسنوات 1979-1988 بين الإتّحاد السوفياتي كقوّة محتلّة للبلاد ، من جهة ، والأصوليّين الإسلاميّين المدعومين من قبل الولايات المتّحدة . و قد نجم عن هذه المجزرة الدمويّة قتل بين 800 ألف و مليون و نصف المليون من الأفغانيّين ( إلى جانب 15 ألف جندي سوفياتي )، و إضطرّت 5 ملايين أفغاني إلى مغادرة البلاد كلاجئين، و نزح مليونان آخران بين جهات البلاد . و الجهاديّون الرجعيّون و الصوليّون الإسلاميّون الذين سلّحتهم و درّبتهم و نظّمتهم واصلوا بثّ الفوضى في أفغانستان – و عبر المنطقة – طوال عقود مذّاك ، و قد صار بعضم العامود الفقري للقاعدة و لطالبان . و للمزيد أنظروا سلسلة عن الجرائم الأمريكية بموقع revcom.us " الحالة 24 : حرب الولايات المتّحدة بالوكالة ضد الإتّحاد السوفياتي في أفغانستان، 1979-1988".
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------
(3)
الحملة الأمريكية لإنزال الموت من السماء في أفغانستان
لقد قُتل مدنيّون أفغانيّون بسبب قنابل الولايات المتّحدة و ضرباتها الجوّية التي تعدّ أكثر من 12 ألف ، و بعضها دمّر المنازل و حفلات الزفاف و قرى برمّتها . و إليكم هنا بضعة – من عديد – الأمثلة :
- قُتل أكثر من 90 إنسان في مجزرة أوت 2003 ، و منهم 60 طفل و 15 امرأة في قرية عزيزآباد (13).
- بين 26 و 140 مدني أفغاني ، أساسا نساء و أطفال ، " لقوا حتفهم في لمح البصر " في قرى شيوان و غراناي ، غربي أفغانستان حين تدمير منازلهم جرّاء قنابل الولايات المتّحدة في ماي 2009. (14)
- في أكتوبر 2015 ، حطّمت الولايات المتّحدة مستشفى يديره أطبّاء بلا حدود في قندوز ، أفغانستان ، متسبّبة في قتل 19 إنسان و في جرح عشرات المرضى و العاملين بالمستشفى . (15)
-------------------------------------
الهوامش كما وردت باللغة الأنجليزيّة :
1. “The U.S. Never Dropped As Many Bombs On Afghanistan As It Did In 2018,” Forbes, November 13, 2018.
2. Current Statistics “Drone Strikes in Afghanistan,” The Bureau of Investigative Journalism.
3. “Pentagon Seeks to Overhaul Prisons in Afghanistan,” New York Times, July 19, 2009. There have been widespread reports that U.S. forces tortured and abused hundreds of detainees at firebases´-or-other installations, and that the CIA has operated secret detention centers holding “ghost prisoners” (detainees who are not given any legal rights´-or-access to counsel and who are likely not reported´-or-seen by the International Red Cross). “I.C.C. Allows Afghanistan War Crimes Inquiry to Proceed, Angering U.S.” New York Times, March 5, 2020.
4. “Human Cost of the Post-9/11 Wars: Lethality and the Need for Transparency,” Watson Institute for International Studies, Brown University, November 2018 Body Count: Casualty Figures after 10 Years of the “War on Terror”: Iraq Afghanistan Pakistan, International Physicians for the Prevention of Nuclear War (IPPNW), Physicians for Social Responsibility, March 2015, p. 15. The U.S.-led war has had a devastating impact on neighboring Pakistan as well as the war in Afghanistan, U.S. drone strikes, and reactionary jihadism spread across the border (with Al Qaeda joining forces with Pakistani Islamists to wage war on the Pakistani state). Body Count estimates that the U.S. war caused some 80,000 Pakistani deaths between 2004-2013 alone.
5. “Country Profiles: Afghanistan" and “Multidimensional Poverty Index", United Nations Human Development Report, 2018 “Afghanistan", World Food Program “Afghanistan s poverty rate rises as economy suffers,” Reuters, May 7, 2018.
6. “THE WORLD’S WORST PLACES TO BE A WOMAN,” Amnesty International, 2019.
7. “The Afghanistan Papers”: The Lies Exposed — and the Deeper Truths That Need to Come Out,” revcom.us, January 20, 2020.
8. Afghanistan is also divided between different nationalities and ethnic groups including Pashtuns, Tajiks, Uzbeks, and Hazaras.
9. “The Afghanistan Papers.”
10. “The Afghanistan Papers.”
11. Quote posted at “In the Middle East, and in the World, America: The #1 Terrorist—A special resource page on the Middle East,” revcom.us, October 28, 2019.
12. Bob Avakian, “BRINGING FORWARD ANOTHER WAY,” revcom.us, March 18, 2007. See also, Bob Avakian, “Breaking Out of a Deadly Dynamic An Excerpt from: Unresolved Contradictions, Driving Forces for Revolution,” revcom.us, Nov, 2015.
13. “U.S. report denies 90 Afghan civilians were killed,” New York Times, September 2, 2008.
14. Bob Dreyfuss, “Mass-Casualty Attacks in the Afghan War,” The Nation, September 19, 2013 “Afghanistan: The MASSACRE and The LIES,” revcom.us, May 17, 2009.
15. “Massacre at Doctors Without Borders Hospital in Kunduz, Afghanistan-U.S. Bombs Send a Bloody Message to the World,” revcom.us, October 3, 2015.
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++