اليوم انتخابات في -القلاع الحمراء- السابقة / هل تكتفي حركة -السردين- الإيطالية بمناهضة الفاشيين الجدد؟


رشيد غويلب
2020 / 1 / 25 - 23:45     

منذ 10 أسابيع نظمت حركة "السردين" المضادة للفاشية الجديدة مئات التظاهرات والتجمعات في جميع انحاء إيطاليا، وفي عدد من بلدان اوروبا والعالم مع قرب الانتخابات المحلية التي ستجري اليوم (26 كانون الثاني) في مناطق من الجنوب الإيطالي، بضمنها كالابريا وكذلك في إميليا رومانيا وعاصمتها بولونيا. لقد كانت هذه المنطقة، طيلة العقود التي تلت الحرب العالمية الثانية "القلب الأحمر" لإيطاليا، لأن الشيوعيين وقوى اليسار كانوا يتصدرون ساحتها السياسية. ويتحدث مراقبون عن "انتخابات مصيرية"، لان فوز اليمين واليمين المتطرف فيها سيكون بمثابة مؤشر لمسار الانتخابات المقبلة في عموم مناطق ومدن إيطاليا. ولهذا سيكون السؤال الأهم هل تستطيع الحركة حديثة العهد ان تؤثر بعمق في قرار الناخب الإيطالي؟.
وفي نهاية الأسبوع الفائت استمرت التظاهرات في بولونيا بمشاركة عشرات الآلاف، لإيقاف تقدم اليمين المتطرف الذي يبدو ظاهريا عصياً على التوقف. ولا تفهم الحركة نفسها كحزب سياسي، او كيان شبيه بالحزب، بل تعد نفسها بمثابة مضاد حيوي لمعالجة الثقافة السياسية والخطابة الوحشيتين اللتين يجسدهما وزير الداخلية الإيطالي السابق، وزعيم حزب "الرابطة" الفاشي الجديد ماتيو سالفيني. ويرى المتابعون ان الحركة بشكل ما يسارية، ويستدلون على ذلك من جعل الحركة لأغنية حركة الانصار التي دحرت فاشية موسوليني "بيلا تشاو"، بمثابة نشيد المشترك لجميع فعاليات وتظاهرات الحركة. وعندما انشد قرابة 10 آلاف متظاهر في ساحة سان جيوفاني في العاصمة الايطالية روما، استجابوا لنداء الحركة، الاغنية انتابت الجميع نوبة ثورية.
وحتى في هذا الحدث الضخم، لم تكن هناك أعلام حزبية، بل الآلاف من لوحات السردين الصغيرة والكبيرة والملونة، كان ذلك أحد الشروط القليلة للمنظمين، الى جانب الابتعاد خطاب الاساءة والكراهية ضد الاخرين.
وبعد ساعات قليلة، وضعت الحركة قائمة مطالبها السياسية الأولى. وتضمنت القائمة، ضمن أمور أخرى إلغاء "المراسيم الأمنية"، التي أصدرها، قبل عام، وزير الداخلية السابق سالفيني، والتي تضيق الخناق، بشكل كبير، على اللاجئين، وتفرض قيودا على الحق في التظاهر. وتطالب الحركة بحظر كل اشكال العنف من الممارسة والخطاب السياسيين. وان على وسائل الإعلام أن تبقى قريبة قدر الإمكان من الحقيقة، وعلى السياسيين المنتخبين طرح وتنفيذ سياسات ملموسة على جميع المستويات بدلاً من تنظيم حملات انتخابية دائمة. ويتحدث في تظاهرات وفعاليات الحركة ممثلو المهاجرين، والعاملون بعقود مؤقتة، والعاطلون عن العمل، والذين يعانون التميز بسبب خياراتهم الحياتية الشخصية. والجميع لا يتحدث باسم الحركة، على الرغم من دعمهم لمطالبها. ولان الحركة ليست حزبا ولا حركة سياسية، بشكل ملموس، تأتي بياناتها بمضامين أخلاقية وهوية تقدمية.
وهذا ينطبق أيضًا على الانتخابات المحلية في إميليا رومانيا. ماتيا سارتوري أحد المتحدثين باسم حركة "السردين "، والبالغ من العمر 32 عاما، وهو مختص بالاقتصاد ويدرس الرياضة للأطفال المعاقين، وقد دعا الى انتخاب مرشح أحزاب اليسار والوسط، ستيفانو بونشيني، وضد مرشحة الفاشيين الجدد لوسيا بورغونزوني. ولكن الحركة تعتبر سالفيني عدوها الأول، ويقول المتحدث:" نحن كسردين لا نخشى فوزا محتملا للسيدة بورغنزوني، بل نركز على مقاومة القومية والشعبوية. ان خسارتها للانتخابات، التي استثمر فيها الكثير من الوقت والمال، ستجعل السردين مثالاً للعديد من المواطنين في أوروبا وأماكن أخرى". وفي الواقع يتواجد نشطاء الحركة دوما في الفعاليات الانتخابية التي يتحدث فيها الفاشي الجديد سالفيني، والتي يظهر في اغلبها منفردا وليس بصحبة مرشحه في المنطقة المعينة. وفي المقابل، لا تستبعد الحركة كليا الحوار مع ستيفانو بونشيني (الحزب الديمقراطي)، الذي حكم إميليا رومانيا بأغلبية يسار الوسط في السنوات الخمس الماضية ووفقاً للمتحدث باسمها ماتيا سارتوري ، فإنها تريد بعد الانتخابات تحديد اتجاهاتها المستقبلية. لان السردين يريد اتخاذ القرار عندما يصبح كبيرا.