رأس المال: الفصل الرابع


كارل ماركس
الحوار المتمدن - العدد: 6434 - 2019 / 12 / 10 - 20:12
المحور: الارشيف الماركسي     


ثانياً – تناقضات الصبغة العامة
إن شكل التداول الذي ينبثق فيه النقد رأسمالا يتناقض مع كل القوانين المبحوثة سابقة والتي تتعلق بطبيعة السلع والقيمة والنقد والتداول نفسه. فتداول رأس المال لا يختلف عن التداول البسيط للسلع إلا في التسلسل المقلوب لتتابع عمليتي البيع والشراء المتعارضتين. فكيف يمكن للفرق الشكلي المحض أن يحدث تغييرا في طبيعة هاتين العمليتين كما لو بقدرة ساحر؟
وليس هذا كل شيء. فإن التسلسل المقلوب لا يحدث إلا لطرف واحد من الأصحاب الثلاثة المشاركين في الصفقة. فأنا كرأسمالي اشتري السلع من (آ) وأبيعها ثانية إلى (ب)، في حين أنني بوصفي مالكاً اعتيادياً للسلع، أبيع سلعة إلى (ب) وأشتري سلعة أخرى من (آ). إن الطرفين (آ) و(ب) لا يريان أيما فرق في هذا. إنهما يظهران كمجرد بائع بسيط وشارٍ بسيط للسلع. وأنا، في كلتا الحالتين، أواجههما كمالك بسيط للنقد أو مالك بسيط للسلع، کشارٍ وبائع؛ زد على ذلك أنني في سلسلة هاتين الصفقتين أقف في مواجهة الشخص الأول (آ) بصفتي شارياً فقط، وفي مواجهة الشخص الثاني (ب) بصفتي بائعاً فقط؛ أواجه الأول كنقد فحسب، وأواجه الثاني كسلعة فحسب، ولكني لا أواجه أياً منهما کرأسمال أو كرأسمالي، أو كممثل لشيء أكثر من النقد أو السلعة، لشيء يمكن أن يولد نتيجة تتجاوز ما يمكن للنقد والسلعة أن يولداه. ومن وجهة نظري يؤلّف الشراء من (آ) والبيع إلى (ب) جزءأ من سلسلة. لكن الصلة التي تربط بين الفعلين لا وجود لها إلا بالنسبة لي وحدي. إن (آ) لا يكترث بصفقتي مع (ب)، و(ب) لا يبالي بصفقتي مع (آ). ولو عرضت عليهما أن أشرح المزية الفاضلة لقيامي بقلب تسلسل البيع والشراء، لأثبتا لي أنني مخطىء بصدد التسلسل نفسه، وأن الصفقة برمتها لم تبدأ بالشراء ولم تنته بالبيع، بل على العكس من ذلك، بدأت بالبيع واختتمت بالشراء. والحق أن فعلي الأول، الشراء، كان من وجهة نظر (آ) بيعة، وفعلي الثاني، البيع، كان من وجهة نظر (ب) شراء. ولن يرضى (آ) و(ب) بهذا الأمر، ولسوف يصرحان بأن التسلسل بمجمله أمر لا لزوم له، ولا يعدو عن كونه خدعة، وأن (آ) بعد الآن سيشتري على نحو مباشر من (ب)، وأن (ب) سيبيع مباشرة إلى (آ). وبذا تختزل الصفقة برمتها إلى فعل أحادي الجانب من التداول المعتاد للسلع، فيتقلص إلى مجرد بيع من وجهة نظر (آ)، ومجرد شراء من وجهة نظر (ب). وعليه فإن قلب تسلسل أفعال البيع والشراء لا يفضي بنا إلى الخروج من دائرة التداول السلعي البسيط، لذا يتعين علينا أن نتفحص ما إذا كان التداول البسيط يسمح، من حيث طبيعته، بالإنماء الذاتي للقيمة التي تدخل فيه، ويتيح بالتالي نشوء فائض قيمة.
لنأخذ عملية التداول في شكل تُعرب عن نفسها فيه كتبادل بسيط للسلع. وهو أمر يحدث دوماً حين يشتري مالكان للسلع من أحدهما الآخر، وتلغي ديونهما المتبادلة المتساوية بعضها بعضاً حين يحل يوم الاستحقاق. فالنقد لا يفعل فعله هنا إلا كنقد حسابي حيث يقوم بالتعبير عن قيمة السلع عن طريق تعيين أسعارها، ولكنه لا يكون حاضراً بجسده الشيئي إزاء السلع. وبدهي أن الطرفين يمكن أن يستفيدا لو بقي الأمر مقصوراً على القيمة الاستعمالية. فكلاهما ينفصل عن سلعة لا تخدمه بصفتها قيمة استعمالية، ويتلقي سلعة مغايرة تُسدي له النفع. وقد ينال الاثنان مكسباً آخر أيضا، ذلك أن (آ) الذي يبيع النبيذ ويشتري القمح قد ينتج أكثر مما يستطيع المزارع (ب) أن ينتجه من النبيذ خلال وقت العمل نفسه، وينتج (ب) من جانب آخر قمحاً أكثر مما يستطيع صانع النبيذ (آ) أن ينتجه خلال وقت العمل نفسه. وعلى هذا يمكن ل (آ) و(ب) أن يحصلا، لقاء القيمة التبادلية نفسها، الأول على قمح أكثر والثاني على نبيذ أكثر مما كان سيحصل عليه كل منهما على التوالي لو تعين أن ينتجا القمح والنبيذ كل لنفسه من غير تبادل. إذن لو اقتصر الأمر على القيمة الاستعمالية دون غيرها فثمة أساس معقول للقول إن التبادل هو صفقة يربح فيها الطرفان (1). ولكن الوضع بخلاف ذلك مع القيمة التبادلية.
“إن رجلا يملك وفرة من النبيذ ولا يملك ذرة من القمح يتعامل مع آخر يملك وفرة من القمح ولا يملك قطرة من النبيذ، وتجري مبادلة قمح قيمته 50، بنبيذ له قيمة مماثلة. ولا يولد هذا التبادل زيادة في القيمة التبادلية لا للأول ولا للثاني، لأن كلا منهما كان يمتلك بالأصل، قبل وقوع التبادل، قيمة مساوية لتلك القيمة التي حصل عليها بهذه الوسيلة”(2).
ولا تتغير النتيجة قيد شعرة حين يدخل النقد كوسيلة للتداول بين السلعتين، مفضياً إلى انفصال فعل البيع عن فعل الشراء إنفصالاً محسوساً(3). فقيمة السلعة إنما يجري التعبير عنها بالسعر قبل دخول السلعة في التداول، وعلى هذا فإنها شرط سابق للتداول وليس نتيجة له(4).
لدى تأمّلنا للتبادل السلعي البسيط من زاوية تجريدية، نعني بصرف النظر عن الظروف العرضية التي لا تنجم مباشرة عن القوانين الملازمة للتداول السلعي البسيط، نجد أنه لا يحدث من شيء للسلعة، في مجرى التبادل، إذا استثنينا استبدال قيمة استعمالية بقيمة استعمالية أخرى، سوى استحالة، سوی تبدیل محض في الشكل. فالقيمة التبادلية نفسها، نقصد الكمية نفسها من العمل الاجتماعي المتشییء، تظل أبداً في يد مالك السلعة، أول الأمر في صورة سلعته الخاصة، ثم في صورة النقد الذي بادلها به، وأخيرا في صورة السلعة التي بادلها ثانية بذلك النقد. وهذا التبدل في الشكل لا ينطوي على تغير في مقدار القيمة. ويقتصر التغير الذي تعانيه قيمة السلعة في مجرى هذه العملية على تغير شكلها النقدي. فهذا الشكل يظهر أولا كسعر للسلعة المعروضة للبيع، ثم كمبلغ فعلي من النقد الذي جرى التعبير عنه في السعر من قبل، وأخيرا يظهر کسعر لسلعة مُعادلة.
ولا يمس هذا التغير في الشكل، في ذاته ولذاته، مقدار القيمة أكثر مما يمسها صرف ورقة نقدية من فئة 5 جنيهات إلى جنيهات وأنصاف جنيهات وشلنات. وعليه، بقدر ما يشترط تبادل السلع تبديل شكل القيمة فقط ، فإنه يشترط تبادل المتساويات إذا ما سارت الظاهرة بشكل نقي. لهذا كان الاقتصادي المبتذل، كلما رغب في دراسة ظاهرة التداول بشكلها النقي، على طريقته الخاصة، يفترض دائما، على قلّة معرفته بماهية القيمة، أن العرض والطلب متوازنان، قاصداً بذلك أن تأثيرهما معدوم. إذن، إذا كان المتبادلان يمكن أن يجنيا کسباً حين يتعلق الأمر بالقيمة الاستعمالية، فلن يكون بوسع كليهما أن يربح حين يتعلق الأمر بالقيمة التبادلية. بل ينطبق هنا، بالأحرى، المثل الدارج “حيثما تحضر المساواة يغيب الربح(5). ويمكن للسلع، حقا، أن تُباع بأسعار تختلف عن قيمها، لكن هذا الانحراف يعني انتهاكا لقانون التبادل السلعي (6)، فالقانون في شكله النقي إن هو إلا تبادل للمتساويات، ولهذا يخلو من واسطة لزيادة القيمة (7).
لذا نرى أن وراء كل محاولات البرهنة على أن التداول السلعي هو منبع فائض القيمة، يتوارى. ثمة خلط (Quidproquo) بين القيمة الاستعمالية والقيمة التبادلية والخلط بينهما، أي إحلال الواحدة محل الأخرى، كما هو الحال عند كونديّاك حيث يقول:
“ليس صحيحا القول إننا، في تبادل السلع، نعطي قيمة لقاء قيمة مساوية لها. بل على العكس، فكل طرف من الطرفين المتعاقدين يعطي قيمة أقل لقاء قيمة أكبر دوماً … والواقع لو كنا نبادل قيمة مساوية لها، لما جنى أي من المتعاقدين ربحاً. مع ذلك فإن الاثنين معا يجنيان الربح أو ينبغي أن يجنياه… فما السبب؟ إن قيمة شيء من الأشياء تنحصر بنسبة حاجتنا إليه. فما هو ذو قيمة أكبر بالنسبة لامريء، هو ذو قيمة أقل بالنسبة لآخر، والعكس بالعكس… ولا يمكن للمرء أن يفترض أننا نعمد إلى بيع أشياء لا غنى عنها للاستهلاك… فما نرغب بالافتراق عنه إنما هو شيء عديم النفع بغية أن نحظى بشيء يعوزنا … نرغب في إعطاء القليل لقاء الكثير … ومن الطبيعي أن يظن المرء، في مجری التبادل، أن القيمة قد بودلت لقاء قيمة مساوية، حيثما كان الشيئان اللذان جرى تبادلهما يمتلكان قيمة تساوي الكمية نفسها من الذهب … ولكن ثمة اعتبارا آخر ينبغي أن يدخل في الحساب. فالمسألة هي إن كنا نحن الاثنين نتبادل شيئا فائضاً لقاء شيء ضروري (8).
يتجلى من هذا المقطع كيف أن كونديّاك لا يكتفي بأن يخلط بين القيمة الاستعمالية والقيمة التبادلية، إنما يفترض، بأسلوب طفولي حقاً، أن كل منتج، في مجتمع يبلغ فيه الإنتاج السلعي درجة كبيرة من التطور، إنما ينتج وسائل عيشه الخاصة ولا يطرح في التداول إلا ما يفيض عن حاجاته الشخصية (9). ومع ذلك غالباً ما يعتمد الاقتصاديون المعاصرون حجة كونديّاك، بالأخص حين يبتغون البرهنة على أن تبادل السلع في شكله المتطور أي التجارة، هو منبع تولید فائض القيمة.
وعلى سبيل المثال نجد من يقول: “إن التجارة .. تضيف قيمة جديدة إلى المنتوجات، نظرا لأن قيمة هذه الأخيرة وهي بين يدي المستهلك أكبر من قيمتها وهي بين يدي المنتج، ولهذا يمكن اعتبار التجارة نشاطا إنتاجياً، بالمعنى الدقيق للكلمة (strictly)” (10).
ولكن ثمن السلع لا يدفع مرتين، مرة لحساب قيمتها الاستعمالية، ومرة أخرى لحساب قيمتها. ورغم أن القيمة الاستعمالية للسلعة أكثر نفعا للشاري منها للبائع؛ فإن شكلها النقدي أكثر نفعا للبائع منها للشاري. ولولا ذلك فهل كان سيبيعها؟ يحق لنا القول إذن إن الشاري يقوم بـ “نشاط إنتاجي”، بالمعنى الدقيق للكلمة (strictly) حين يحول جوارب التاجر، مثلا، إلى نقد.
وإذا جرى تبادل سلع، أو تبادل سلع ونقد، لها قيم تبادلية متساوية، وكانت بالتالي متعادلات، فمن الجلي أن ليس ثمة من يستطيع أن يستمد من التداول قيمة أكبر مما يضع فيه. فليس ثمة إذن توليد لفائض قيمة. فعملية تداول السلع، في شكلها النقي، تقتضي تبادل المعادلات. غير أن الأشياء لا تجري بشكل نقي في واقع الحياة. لنفرض إذن أن التبادل يقع بين لا – متعادلات.
في جميع الأحوال، لا يتقابل في السوق غير مالكي سلع، والسلطة التي يمارسها هؤلاء الأفراد بعضهم على بعض إنما هي السلطة التي تتمتع بها سلعهم ليس إلا. فالتباين المادي بين هذه السلع، هو الحافز المادي الذي يحث على فعل التبادل، ويضع الشارين والبائعين في حالة تبعية متبادلة، لأن أيا منهم لا يملك الشيء (Gegenstand)(*) الذي يلبي حاجاته الخاصة، على حين يمسك بين يديه الشيء الذي يحتاجه الآخرون. وعدا عن هذه الفروق المادية بين القيم الاستعمالية، ثمة فارق آخر بين السلع، ألا وهو الفرق بين شكلها الطبيعي، والشكل الذي تتحول إليه، ونعني الفرق بين السلع والنقد. وهكذا لا يتباين مالكو السلع إلا كبائعين بحوزتهم سلع، وكشارين بحوزتهم نقد.
لنفترض الآن أنه يتاح للبائع، بفعل امتیاز خفي لا ندري منبعه، أن يبيع سلعته بما يفوق قيمتها، يبيع بـ 110 ما يستحق 100، وهي حالة يرتفع فيها السعر الاسمي بنسبة 10%. عندئذ يضع البائع في جيبه فائض قيمة قدره 10. ولكن بعد أن يُنهي البيع يصبح شارياً. فيأتي إليه مالك سلعة ثالث بمثابة بائع، يتمتع هو الآخر بامتياز بيع سلعته بزيادة 10%. فصاحبنا إذن لم يربح 10 كبائع إلا ليخسرها مجددا کشار(11). والنتيجة في النهاية هي أن جميع مالكي السلع يبيعون السلع لبعضهم البعض بنسبة 10% فوق قيمتها، ولا يختلف هذا بشيء، على وجه الدقة، عما إذا بيعت السلع بموجب القيمة الحقيقية. فمثل هذه الزيادة الاسمية العامة في الأسعار تفضي إلى النتيجة نفسها التي يفضي إليها التعبير عن القيم بالفضة بدلا من أوزان الذهب. حيث إن الأسماء النقدية، للسلع، أي الأسعار، تتضخم، أما العلاقات الفعلية بين قيمها فتظل ثابتة.
دعونا نتصور وقوع الافتراض المعاكس، حيث يتمتع الشاري بامتياز شراء السلعة من دون قيمتها. ليس ضرورياً والحالة هذه أن نذكّر بأن الشاري يصبح بدوره بائعاً. فقد كان بائعاً قبل أن يصبح شارياً. لقد خسر سلفاً 10% حين قام بالبيع، وذلك قبل أن يربح 10% بالشراء (12). فكل شيء باقي كما كان عليه.
إن تكوين فائض القيمة، وبالتالي تحول النقد إلى رأسمال، لا يمكن أن يفسر بافتراض أن الباعة يبيعون السلع بما يفوق القيمة، ولا بافتراض أن الشارين يشترونالسلع دون قيمتها (13).
ولا يمكن تبسيط القضية، البتة، بزج اعتبارات بعيدة على غرار ما يفعل الكولونيل تورنز حيث يقول:
“ينحصر الطلب الفعلي في قدرة المستهلكين ونزوعهم (!) إلى أن يدفعوا لقاء السلع، جزءا كبيرا من.. رأس المال يفوق تكاليف إنتاجها، إما عبر المقايضة المباشرة أو عن طريق وسيط”(14).
ففي نطاق التداول لا يواجه المنتجون والمستهلكون بعضهم بعضا إلا كباعة وشارين.
والادّعاء بأن فائض القيمة الذي يكسبه المنتجون ينجم عن كون المستهلكين يدفعون، لقاء السلع ما يفوق قيمتها، لا يعني سوى تمويه القول البسيط التالي: إن مالك السلعة، بوصفه بائعاً، يتمتع بامتياز البيع بسعر أعلى. وإذا كان البائع قد أنتج السلعة بنفسه، أو أنه يمثل منتجها، فإن الشاري ليس بأقل منه، فإما أن يكون قد أنتج السلعة التي يمثلها النقد الماثل بين يديه أو أنه يمثل منتج هذه السلعة. فها هنا، إذن، منتج يقف بإزاء منتج آخر. وما من فارق بين الاثنين، سوى أن أحدهما يشتري، والآخر يبيع. إن كون مالك السلع، بصفته منتجاً، يبيع سلعه بما يفوق قيمتها، وبصفته مستهلكاً، يدفع لقاءها ثمنا أكبر، لا يقرّبنا من الحل قيد أنملة(15).
وابتغاء أن تنسجم أفكار المدافعين الأشداء عن وهم انبثاق فائض القيمة من الزيادة الاسمية في الأسعار أو من الامتياز الذي يناله البائع في البيع بسعر أغلى، تراهم مرغمين على الافتراض بأن هناك طبقة تشتري ولا تبيع أبدا، أي تستهلك من دون أن تنتج. إن وجود طبقة كهذه أمر يتعذر تفسيره من وجهة نظر التداول البسيط الذي ما يزال حديثنا يدور في إطاره. مع ذلك فلنستبق الأمور. إن النقد الذي تشتري به هذه الطبقة بلا انقطاع، ينبغي أن يتدفق إلى جيوبها من غير تبادل، أي بالمجان، بصورة مستديمة، من جيوب منتجي السلع عينهم، بقوة الشرع أو القسر. وإن بيع السلع بأعلى من قيمتها إلى مثل هذه الطبقة لا يعني سوى أن نسترجع، عن طريق الخداع، جزءا من النقد الذي أعطي لها من دون مقابل (16). لقد كانت مدن آسيا الصغرى تدفع سنوياً الجزية بالنقد لروما القديمة. وكانت روما تشتري بهذا النقد السلع من تلك المدن، وتدفع ثمناً مرتفعاً جداً. فكان أهل تلك البلاد يخدعون الرومان، فيستعيدون عن طريق التجارة قسماً من الجزية التي يسلبهم إياها الغزاة. مع ذلك كان أهل آسيا الصغرى الطرف المخدوع حقا. فقد كانت أثمان سلعهم تدفع لهم بنقودهم شأنها في السابق. وليست هذه بطريقة للإثراء أو خلق فائض قيمة.
ينبغي إذن أن نمكث في حدود التبادل حيث يكون الباعة شارين، والشارون باعة أيضا. فلعل الصعوبة التي تعترضنا ناجمة عن نظرتنا إلى القائمين بفعل التبادل على أنهم مقولات بهيئة أشخاص بدل أن نأخذ في الاعتبار أنهم أفراد.
إن (آ) قد يكون ذكياً بارعاً بما فيه الكفاية لخداع زميليه (ب) و(ج)، من دون أن يكون بوسع هذين أن يثأرا منه. إن (آ) يبيع إلى (ب) خمراً قيمته 40 جنيها مقابل قمحاً قيمته 50 جنيها. لقد حول (آ) جنيهاته الأربعين إلى خمسين جنيها، فجنى من قدر قليل من النقد قدراً أكبر منه، لقد حول سلعته إلى رأسمال. دعونا نتأمل الأمر عن كثب. قبل التبادل كان بين يدي (آ) خمر بقيمة 40 جنيها، وبين يدي (ب) قمح قيمته 50 جنيها، يعني أن ثمة قيمة كلية قدرها 90 جنيها. أما بعد التبادل فما تزال هناك القيمة الكلية ذاتها: 90 جنيها. فالقيمة قيد التداول لم تكبر ذرة واحدة، وكل ما حصل أنها توزعت بین (آ) و(ب) بصورة مختلفة. فما فقده (ب) من قيمة ربحه (آ) كفائض قيمة، ما هو “ناقص” عند الأول أضحى “زائداً”، عند الثاني. لقد كان الشيء عينه سيحدث لو أن (آ) سرق الجنيهات العشرة من (ب) مباشرة دون شكليات التبادل. ومن الجلي أن أي تغير في توزيع القيم المتداولة لا يمكن أن يزيد مقدارها إلا بقدر ما يزيد اليهودي كمية المعادن الثمينة في إحدى البلدان، ببيعه ربع بنس من عملة الملكة آنا لقاء جنيه. إن الطبقة الرأسمالية، في بلد ما، برمّتها ، لا تستطيع خداع نفسها (17).
ومهما درنا وراوغنا فلن يتغير الواقع قيد شعرة. فتبادل المعادلات لا يولد فائض قيمة، وكذلك لا يتولد فائض القيمة عن تبادل لا- معادلات (18). إن التداول، أو تبادل السلع، لا ينجب أي قيمة جديدة (19).
وعلى هذا يغدو بدهياً الآن لماذا ننحّي جانبا، عند تحليلنا لرأس المال بشكله النموذجي، وهو الشكل الذي يتقرر في ظله التنظيم الاقتصادي للمجتمع الحدیث، ننحّي جانبا رأس المال التجاري والربوي، وهما أقدم أشكال رأس المال وأكثرها شيوعا بل هما الشكلان اللذان سبقا الطوفان، إن جاز التعبير.
إن الشكل (ن – س – نَ)، أي الشراء بغية البيع بسعر أعلى، يظهر بأجلى صوره في حركة رأس المال التجاري الأصيل. بيد أن هذه الحركة تقع برمتها في نطاق التداول. ولكن بالنظر إلى أنه يستحيل تفسير تحول النقد إلى رأسمال او نشوء فائض القيمة من خلال التداول نفسه، فإن رأس المال التجاري يغدو أمراً مستحيلا لو كان التبادل يجري بين متعادلات(20)، بمعنى أنه لا يمكن أن ينشأ إلا من الكسب المزدوج الذي يجنيه التاجر من المنتج البائع والمنتج الشاري حيث يدخل بينهما كوسيط طفيلي. وبهذا المعنى يقول فرانکلین “الحرب لصوصية، والتجارة خِداع»(21). وإذا لم يكن بالوسع تفسير نماء قيمة رأسمال التاجر عن طريق آخر غير خداع المنتجين، فذلك لغياب سلسلة من الحلقات الوسيطة، حيث إننا ننطلق في المرحلة الراهنة للبحث من مقدمة واحدة هي التداول السلعي ولحظاته البسيطة.
إن ما قيل بصدد رأس المال التجاري ينطبق بدرجة أكبر على رأسمال المرابي. ففي حالة رأس المال التجاري نجد أن القطبين، ونعني النقد الذي يزج به في السوق، والنقد الجديد الأكثر الذي يعود منه، يجريان بتوسط البيع والشراء؛ نقصد بتوسط حركة التداول. أما بالنسبة لرأس المال الربوي فإن الصيغة (ن – س – نَ) تختزل إلى قطبيها (ن – نَ) من دون وسيط حيث يبادل النقد مباشرة لقاء المزيد من النقد، وهذا شكل يتناقض مع طبيعة النقد، ويظل لهذا عصياً على التفسير من زاوية تداول السلع. وعلى هذا الأساس يقول أرسطو:
“بما أن الكريماتستيكي أي فن جني النقود(*1)، علم مزدوج يتعلق من جهة أولى بالتجارة، ومن جهة ثانية بالاقتصاد، وجانبه الثاني ضروري وجدير بالثناء، في حين أن جانبه الأول الذي يرتكز على التداول، مذموم عن حق (لأنه لا يرتكز على طبيعة الأشياء بل على خداع متبادل)، لذلك فإن المرابي يحظى بالمقت عن حق تام، فالنقد عنده مصدر الكسب، ولأنه لا يستخدم هذا النقد للغايات التي اخترع من أجلها، فالنقد إنما نشأ كوسيط لتبادل السلع، ولكن الفائدة الربوية تجني بواسطة النقد نقداً أكثر. من هنا منشأ اسمها (فائدة ومولّدة). لأن الوليد بشبه ذلك الذي أنجبه. لكن الفائدة الربوية نقد يولد من النقد، وهي أشد أنماط الكسب مجافاة للطبيعة (22).
وسوف نرى، من خلال البحث أن كلا الاثنين، رأس المال التجاري ورأس المال الربوي(*2)، شکلان فرعيان من رأس المال، كما سنرى لاحقاً سبب ظهورهما تاريخياً قبل رأس المال الحديث.
لقد تبين أن فائض القيمة لا يمكن أن ينبثق من التداول، وعليه لا بد لتكوين الفائض من وقوع شيء وراء ظهر هذا التداول، شيء لا نراه في التداول عينه(23). ولكن هل يمكن أن ينشا فائض القيمة في مكان ما خارج نطاق التداول؟ فالتداول هو جماع كل العلاقات المتبادلة (*3) بين مالكي السلع. وليس لمالك السلعة، خارج نطاق هذا التداول، سوی علاقة بسلعته الخاصة، ولا علاقة له إلا بهذه السلعة. وفيما يخص القيمة، فإن العلاقة تقتصر على أمر واحد هو أن السلعة تحتوي على كمية من عمله الخاص، وتقاس هذه الكمية بقوانین اجتماعية محددة. وتعبر كمية هذا العمل عن مقدار قيمة سلعته، ولكن بما أن مقدار القيمة يعبر عنه في النقد الحسابي، فإن كمية هذا العمل يعبر عنها بسعر من الأسعار كأن يكون (10) جنيهات، إلا أن عمل هذا المنتج لا يتمثل بقيمة السلعة مع الفائض الذي يفوق تلك القيمة، نعني أنه لا يتمثل بسعر عشرة جنيهات وكذلك بسعر أحد عشر جنيها أيضا، أي أنه لا يُمثّل بقيمة تفوق نفسها. إن مالك السلع يستطيع، بعمله، أن يخلق قيمة ولكنه لا يخلق قيمة تنمي نفسها ذاتياً. إن بوسعه زيادة قيمة سلعته بأن يضيف إليها عمة جديدة فيسبغ عليها بذلك قيمة جديدة تضاف إلى القيمة الموجودة أصلا، كأن يصنع من الجلد أحذية. إن هذه المادة عينها تحوز الآن قيمة أكبر لأنها تحتوي على كمية من العمل أكبر. وعلى ذلك، فالأحذية تمتلك قيمة أكبر من قيمة الجلد، ولكن قيمة الجلد تظل كما كانت عليه، فهذه القيمة لم تنمي نفسها، ولم تُلحق بنفسها فائض قيمة خلال صنع الأحذية. لذا يستحيل على منتج السلع، خارج نطاق التداول، إنماء القيمة وتحويل النقد أو السلع إلى رأسمال من دون أن يدخل في علاقة مع مالكي السلع الآخرين.
إذن لا يمكن لرأس المال أن ينبع من التداول، كما لا يمكن، بالمثل، أن ينبثق خارج التداول. لذا لا بد لرأس المال من أن ينشا داخل التداول وفي الوقت عينه خارج هذا التداول.
ها نحن أولا إزاء نتيجة مزدوجة.
إن تحول النقد إلى رأسمال ينبغي تفسيره على اساس القوانين المحايثة لتبادل السلع، تفسيراً يتخذ من تبادل السلع المتساوية نقطة الانطلاق (24). إن صاحبنا مالك النقد وهو بعد مجرد نطفة جنين رأسمالي(*4)، مضطر لشراء السلع بقيمتها وبيعها بقيمتها، ولكن عليه مع ذلك أن يستخرج في نهاية العملية قيمة أكبر مما يدخل في التداول أول الأمر. إن تطوره إلى رأسمالي مكتمل النمو (*5)، لا بد أن يحدث داخل نطاق التداول، وفي الوقت عينه خارج هذا النطاق. هذه هي شروط القضية. هنا رودس، فلتقفز هنا (*5) (Hic Rhodus, Hic Salta!).

___________________

(1) – “التبادل صفقة رائعة يربح فيها كلا الطرفين المتعاقدين دائمة (!)”.

(دیستوت دو تراسي، أطروحة في الإرادة ونتائجها، باريس، 1826، ص 68)
(Destutt de Tracy, Traité de la volonté et de ses effets, Paris, 1826, p. 68)
لقد صدر هذا الكتاب لاحقا بعنوان آخر هو: أطروحة في الاقتصاد السياسي.
(2) – مرسیيه دو لاريفيير، المرجع المذكور نفسه، ص 544.
(3) – “سيّان إن كانت إحدى هاتين القيمتين نقداً، أو كانتا سلعتين عاديتين معاً، فليس ثمة أدنی فرق في ذلك”، (مرسييه دو لاريفيير، المرجع السابق ، ص 543).

(4) – “المتعاقدان لا يقرران القيمة، فهي محددة قبل الاتفاق”. (لو ترون، المرجع المذكور نفسه، ص 906).

(5) – «Dove & egualita non e lucro». (غالياني، حول النقد، طبعة كوستودي، القسم الحدیث، الجزء الرابع، ص 244).
(Galiani, Della Moneta, in Custodi, Parte Moderna, T. IV, p. 244).
(6) – “التبادل يصبح مضراً لأحد الطرفين، عندما يأتي سبب خارجي يُنقص السعر أو يزيده. عندئذ تختل المساواة، لكن الاختلال ينتج عن السبب الخارجي وليس عن التبادل”. (لو ترون، المرجع المذكور نفسه، ص 904)
(7) – “التبادل بطبيعته عقد مساواة يقوم بين قيمة وقيمة أخرى مساوية لها. إذن، ليس هو بوسيلة للإثراء، فنحن نعطي قدر ما تأخذ”. (لو ترون، المرجع المذكور نفسه، ص 903-904).
(8) – كونديّاك، التجارة والحكومة (1776)، طبعة دير ومولیناري في مختارات من الاقتصاد السياسي ، باريس، 1847، ص 267 و291.
(Condillac, Le Commerce et la Gouvernement (1776), Édit, Daire et Molinari dans les Mélanges d’Écon. Polit, Paris, 1847, p. 267 & 291).
(9) – لهذا يرد لو ترون على صديقه کونديّاك، عن حق، بالنحو التالي: “في المجتمع المتقدم… ليس ثمة فائض إطلاقا. وفي الوقت نفسه، يشير مازحا: إذا كان المبادلان يتلقيان الكثير بصورة متساوية، ويفترقان عن القليل بصورة متساوية، فإن الاثنين يتلقيان المقدار نفسه”، (لو ترون، المرجع المذكور نفسه، ص 904-907). (ن . ع). ونظرا لأنه لم تكن لدي كونديّاك أدنى فكرة عن طبيعة القيمة التبادلية فقد اختاره البروفيسور فيلهلم روشر كخير معبّر عن عمق أفكاره الصبيانية الخاصة. راجع کتاب روشر، اسس الاقتصاد القومي، الطبعة الثالثة، 1858.
(Roscher’s, Die Grundlagen der Nationalökonomie, Dritte Auflage, 1858).
(10) – ص. ف. نیومان، عناصر الاقتصاد السياسي، منشورات أندوفر ونيويورك، عام 1835، ص 175.
(*) – حرفياً: موضوع، شيء، أو جسم مادي، وهي المعادل الألماني لكلمة object. (ن. ع).

(11) – “زيادة القيمة الاسمية للمنتوج… لا تثري الباعة… نظراً إلى أن ما يكسبونه کباعة، يخسرونه على وجه الدقة بصفتهم شارین. ([ج. غراي]، المباديء الأساسية الثروة الأمم، إلخ، لندن، 1797، ص 66).
(12) – “لو أجبرنا على أن نبيع، لقاء 18 ليرة، كمية من منتوج معين تساوي 24 ليرة، فإننا حين نستخدم هذا النقد للشراء فسنحصل بـ 18 ليرة على ما كنا ندفع لقاء، 24 ليرة”. (لو ترون، المرجع المذكور نفسه ، ص 897)

(13) – “إذن لا يستطيع كل بائع، في العادة، أن يرفع ثمن سلعه إلا بقبوله أن يدفع لقاء سلع غيره من الباعة سعراً أعلى، وللسبب نفسه لا يستطيع كل مستهلك أن يتقبل دفع سعر ادنى لقاء ما يشتريه، عادة، إلا بان يرتضي أيضا إجراء تخفيض مماثل في أسعار الأشياء التي يبيعها”. (مرسييه دو لاريفيير، المرجع المذكور نفسه، ص 555).
(14) – ر. تورنز، بحث في إنتاج الثروة، لندن، 1821، ص 349.
(R. Torrens, An Essay on the Production of Wealth, London, 1821, p. 349)
(15) – “ما من ريب في أن فكرة انبثاق الأرباح مما يدفعه المستهلكون فكرة باطلة. فمن هم المستهلكون يا ترى؟”. (ج. رامزي، بحث في توزيع الثروة، إدنبرة ، 1836، م 183).

(G. Ramsay, An Essay on the Distribution of Wealth, Edinburgh, 1836, p. 183).

(16) – إذا كان الطلب على سلع شخص ما معدومة، فهل يوصيه السيد مالتوس بان يدفع النقد لشخص ما کي يشتريها؟، هكذا يوجه أحد أنصار ریکاردو الساخطين السؤال إلى مالتوس، الذي شأن تلميذه الكاهن تشالمرز، يكيل المدائح الأقتصادية لهذه الطبقة من الذين يشترون أو يستهلكون فقط. (راجع کتاب: بحث في تلك المبادىء المتعلقة بطبيعة الطلب وضرورة الاستهلاك، التي دافع عنها السيد مالتوس مؤخرا، إلخ، لندن، 1821، ص 55).
(An Inquiry into those principles respecting the nature of demand and the necessity of consumption, lately advocated by Mr. Malthus etc., London, 1821, p. 55)
(17) – ورغم أن دیستوت دو تراسي، كان عضوا في المجمع العلمي ، ولربما لهذا السبب عينه، فقد كان يحمل الرأي المعاكس، قائلا: “إن الرأسماليين الصناعيين يجنون الأرباح لأنهم جميعا يبيعون بسعر يفوق كلفة الإنتاج، ولمن يبيعون؟ يبيعون لبعضهم البعض في المقام الأول” (المرجع المذكور نفسه، ص 239). [(*1) المجمع العلمي هو أعلى مؤسسة علمية في فرنسا، وتتألف من عدة أكاديميات. وكان تراسي عضواً في أكاديمية العلوم الأخلاقية والسياسية. ن. برلين[.
(18) – “حين يجري تبادل قيمتين متساويتين فإن كتلة القيم الموجودة في المجتمع لا تزيد ولا تنقص. كما أن تبادل قيمتين غير متساويتين لا يغير مجموع القيم في المجتمع في شيء، لأنه يضيف إلى ثروة الواحد ما يقتطعه من ثروة الآخر”. (ج .ب. ساي، المرجع المذكور نفسه، الجزء الثاني، ص 443-444). إن ساي الذي لا يكترث طبعا بالنتائج التي تترتب على هذه الجملة، إنما يستعيرها، بصورة تكاد تكون حرفية، من الفيزيوقراطيين. والمثال التالي يبين كيف سطا المسيو ساي على مؤلفات الفيزيوقراطيين، التي خلفها غبار النسيان في عهده ليزيد من “قيمته” الخاصة. فاشهر أقواله: “لا تشتري المنتوجات إلا بمنتوجات” (المرجع المذكور نفسه، الجزء الثاني، ص 438) يرد في مؤلفات الفيزيوقراطيين بالأصل على النحو التالي: «لا يدفع ثمن المنتوجات إلا بمنتوجات». (لو ترون، المرجع المذكور نفسه، ص 899).

(19) – التبادل لا يضيف أية قيمة للمنتوجات على الإطلاق. (ف. وایلاند، عناصر الاقتصاد السياسي، بوسطن، 1843، ص 168).
(F. Wayland, The Elements of Polit. Econ, Boston, 1843, p. 168).
(20) – “التجارة مستحيلة في ظل قانون تبادل المعادلات الثابتة”. (ج. أوبدايك، أطروحة في الاقتصاد السياسي، نيويورك، 1851، ص 66-69).
(G. Opdyke, A Treatise on Polit. Econ, New York, 1851, p. 66-69).
إن الفرق بين القيمة الفعلية والقيمة التبادلية يرتكز على هذه الحقيقة وهي أن قيمة الشيء تختلف عما يسمى ب المُعادِل الذي يُدفع لقاءها في التجارة، وهذا يعني أن المعادل ليس مُعادلاً”، (ف. إنجلز، المرجع المذكور نفسه، ص 95-96).

(21) – بنجامین فرانکلین، المؤلفات، المجلد الثاني، أعدها للنشر سباركس، في دراسة المواقف المتعلقة بالثروة القومية، ص 376.
(Benjamin Franklin, Works. vol. II, Edit. Sparks in Positions to be examined concerning National Wealth, p. 376).
(*1) – Chrematistik أي فن كسب المال أو جني الثروة. (ن. ع).
(22) – ارسطو، المرجع المذكور نفسه، المجلد الأول، الفصل العاشر. [ص 17].
(*2) – حرفياً: رأس المال الحامل للفائدة الربوية (zinstragende Kapital)، ويدرس مارکس ويحلل هذين الشكلين من أشكال راس المال في المجلد الثالث، الجزأين الرابع والخامس. (ن. ع).

(23) – “في الوضع الاعتيادي للسوق لا يتأتى الربح عن طريق التبادل. فإن لم يكن الربح موجوداً قبل إبرام الصفقة، فإنه لا يمكن أن يوجد بعدها”. (رامزي، المرجع المذكور نفسه، ص184).

(*3) – في الطبعتين الثالثة والرابعة: العلاقات السلعية. (ن. برلين).
(24) – يدرك القاريء مما تقدم أن هذا القول لا يعني سوى أن نشوء رأس المال ينبغي أن يكون ممكنا حتى لو كان سعر السلعة متطابقاً مع قيمتها، لأن نشوءه لا يمكن أن يعزى إلى انحراف السعر عن القيمة أو القيمة عن السعر. فإذا انحرفت الأسعار عن القيم فعلاً فإن علينا، في المقام الأول أن نختزل هذه الأخيرة كي تتوافق مع الأولى، يعني أن علينا اعتبار الفرق او الاختلاف بین السعر والقيمة أمراً عرضياً بغية أن ندرس الظاهرة في حالتها الصافية، حتى تكون الدراسة خالية من المؤثرات الجانبية المشوشة التي لا علاقة لها بالعملية قيد البحث. وعلاوة على ذلك فإن هذا الاختزال ليس إجراء علمية محضة، فالتذبذب المتواصل للأسعار، أي استمرار ارتفاعها وانخفاضها، يعوض بعضه بعضأ ويحيل الأسعار جميعها إلى سعر وسطي، وهذا الأخير هو المنظم الخفي. إنه النجم الهادي الذي يسير عليه التاجر والصناعي في كل مشروع يستغرق ردحاً من الزمن. فالتاجر أو الصناعي يعرف أن سلعه لن تباع بسعر أعلى ولا بسعر أدني بل بسعر وسطي، إذا كان البيع يجري على مدى فترة طويلة من الوقت. ولو وجد مرة أن من مصلحته أن يفكر تفكيراً مجرداً عن المصلحة، فإنه سيصوغ قضية نشوء رأس المال على النحو التالي: كيف نستطيع أن نفسّر نشوء رأس المال على فرض أن الأسعار تنتظم وفقا للسعر الوسطي، أي تنتظم في نهاية المطاف، وفقا لقيمة السلع؟ وأقول “في نهاية المطاف” لأن الأسعار الوسطية لا تتطابق مباشرة مع قيم السلع، حسبما كان يعتقد آدم سميث وريكاردو وآخرون.
(*4) – حرفياً: يرقة. (ن.ع).

(*5) حرفياً: فراشة مكتملة. (ن. ع).

(*6) – مقتبسة عن قصة خرافية لإيسوب (Aesop) يزعم فيها أحد الأدعياء أنه قفز في جزيرة رودس قفزة جبارة، فقال له هنا رودس، فلتقفز هنا. (ن. برلین).