إنتصار الرفيق ياسر عرمان علي حملات التشويه الخاسرة


سعد محمد عبدالله
2019 / 11 / 4 - 10:04     

كتب الرفيق ياسر عرمان نائب رئيس الحركة الشعبية مقالات كثيرة ناقش من خلالها عدة قضايا حقوقية ووطنية وموضوعات سياسية وفكرية تشغل الفضاء العام، ومنذ إنطلاقة ثورة ديسمبر المجيدة إتخذ الأستاذ عرمان عنوان جديد لمقالاته "قضايا الثورة والثورة المضادة" وقد قدم أسئلة جوهرية من عمق الواقع السياسي السودني مع كم هائل من أطروحات وحلول موضوعية تربط بين قضايا السلام والديمقراطية والحكم المدني وحق المواطنة المتساوية والحريات العامة والخاصة ووحدة البلاد تمهيدا لبناء إتحاد جديد بين السودان وجنوب السودان متطلعا لإتحاد افريقيا من القاهرة إلي كيب تاون، والمقالات الفكرية والسياسية للرفيق ياسر عرمان فتحت نقاشات واسعة علي المسرح الإعلامي فأصبح فكره حديث مجالس الساسة والمثقفيين، فقد كان يخاطب الرأي العام بقلم عبقري جدا ونظرة ثاقبة وبعيدة المدى تحلل وتحل قضايا الثورة وإعادة بناء الدولة ومعادلات السلام والعدالة والتعايش السلمي والوحدة والعلمانية والإصلاح الإقتصادي ومسألة المؤتمر القومي الدستوري، فلم تحجب غيوم "الشؤم" الملبدة في فضاء السودان تلك الأفكار النيرة المستخلصة تراكميا من تجارب السنوات الطويلة التي قضاها الرفيق ياسر عرمان محاربا صمد في شتى دروب الحياة، فقد تابع القراء تلك الحملات الشعواء التي نظمتها جيوش من الإنفصاليين الإنكفائيين ضد مقالات أستاذ ياسر عرمان خاصة ذلك الذي كتب يوم 27 اكتوبر - 2019م تحت ذات العنوان الراتب "قضايا الثورة والثورة المضادة" وقد ناقش بشكل أساسي مسائل تتعلق بالسلام والعدالة وإشتراط حركة عبدالعزيز الحلو تحقيق السلام بتقرير المصير وإعلان علمانية الدولة السودانية، ورغم أن تقرير المصير حق كفلته المواثيق الدولية والحركة الشعبية تنظيم علماني كامل الدسم إلا أن التعلمن وتقرير المصير قضايا لا يمكن القول بانها تمثل الهم الوطني الحالي وبمعنى آخر أن هموم الجماهير الآن تكمن في سودان جديد ديمقراطي ومدني موحد وبناء نظام يوفر المأكل والمشرب والملبس والمسكن والدواء لكل الناس دون تفرقة وتمييز.

لقد تحدث عمار نجم الدين معتبرا أن المطالبة بتقرير المصير والعلمانية موقف تفاوضي لحركتهم، وكان الأنفع أن يفكر عمار "الف مرة" في الخارطة السياسية والجغرافية المحيطة بتلك المطالب وكذلك المناخات المفاهيمية المتنوعة والصراع الدائر بينها، وكان عليه أن يطلق بصره وحسه الوطني لرؤية وإستشعار عمق الروابط بين شعوب المنطقتين والسودانيين جميعا فهم لهم إمتدادات وتاريخ خارج المكان الذي يحلم بتقرير مصيره وبالتالي فصله إذا لم يتعلمن السودان بفهمه دون أن يراعي لحسهم الوحدوي بل لم يفكر لحظة في مقومات الدويلات الجديدة التي يسعى لخلقها ولم يتعلم البتة من التجربة القاسية لإنقسام السودان لدولتين وبالطبع لم يسأل نفسه عن مصيره والرفاق من خارج المنطقتين حال وقوع إنفصالات إثنية او جهوية، والأدق من ذلك لم يتبادر لذهنه أبدا سؤال حول الفوائد التي جناها شعب السودان من إنفصال الجنوب والثمن الباهظ الذي دفع جراء ذلك، وأن الثورة كانت أمتن "شعرة" للوحدة لا الإنفصال، فالرفيق ياسر عرمان سياسي مخضرم عاصر جيل من القادة العظماء كالقائد جون قرنق والمحارب الصلد يوسف كوه لم يترك الأمور دون حلول تلبي أشواق كافة الجماهير، وكان الطرح المنطقي والسقف المعقول هو الحكم الذاتي بصلاحيات واسعة للمناطق المتأثرة بالحروب بدلا عن تقرير مصير مضر، والحكم المدني الديمقراطي للسودان عامة بدلا عن التشبث بالعلمانية كنص جامد غير قابل للنقاش، فالمدنية إذا كان عمار يفهم معناها تمثل وجه من العلمانية، وكان طرح إتحاد الدولتين المستقلتين حلا عقلانيا جيدا يحتاج لعمل جاد حتى يكتمل، وهو "البلسم" الذي سيعالج جراحات وتشوهات السودان القديم في المستقبل الآتي.

جوبا والثورة المضادة:

تمثل جوبا واحدة من أهم العواصم القريبة لنبض الخرطوم، والرئيس سلفاكير مشكورا علي مساعي توحيد الحركة الشعبية سابقا، فمن رفضوا مبادرات توحيد الحركة الشعبية لن يوحدوا السودان، ونشكر مجددا دولة الجنوب والرئيس سلفاكير علي مبادرة السلام التي كللها بمفاوضات ناجحة من أجل السودان، ولكن عيون الثورة المضادة تحدق وترصد المتناقضات داخل قوى الحرية والتغيير وحركات الكفاح المسلح كي تثير الخلافات وتوسع مداها وتفشل جهود السلام والتحولات الديمقراطية والتنموية والثقافية المرجوه من لدن سودان الثورة، فتربص قوى السودان القديم بالسودان من الأشياء الواضحة في دولة تعاني التراخي وتسير "خطوة للأمام، وأميال للوراء" وهذه الحالة من المؤكد تفاقهما حال تمسك بعض النخب السياسية بخناجرهم المسمومة التي يريدون إستخدامها ضد بعضهم والوطن ككل دون مراعاة لرهق المواطن، فالسلام الذي يجب البحث عنه وتحقيقه لا يجوز خلطه بنزع إنتصارات إيدلوجية بل يجب أن يخاطب أس المشكلة السياسية والإقتصادية والأمنية في السودان المحاط بالأزمات، فاذا تم السلام لا مانع في إجراء الحوار الإيدلوجي في منابر الفكر والرأي، ولكن الآن "الحصة وطن" ولا وطن سيكون إلا بالمكاشفة والمصارحة بين القوى الحية والجماهير، ويبدوا أن صراحة الرفيق ياسر عرمان وضعته علي مرمى نيران مشتعلة من رفاق الأمس وشبكات الثورة المضادة، فيا رفيقي الجسور ياسر عرمان إني لا أخاف من أقلامهم المصوبة عليك، انت أقوى من أن تصاب بنقطة من أحبارهم تلك، ولكن الخوف علي الوطن الذي قد يضيع إن لم يتعقل الخاضعين لنزوات فكرية إنكفائية ورغبات ذاتية ضيقة لا تتسع لتوحيد البلاد، فالإثنيات والجهويات لن توحد السودان أبدا، وكذلك تسابق وصراعات الإيدلوجيات لن تصلح السودان، إنما نحن نبحث عن مشروع وطني جديد لتوحيد السودانيين وبرنامج عملي للترتيبات الأمنية والغوث الإنساني وإصلاح الإقتصاد وهيكلة المؤسسات ووقف مد الثورة المضادة بتصفية الدولة العميقة وإنهاء الفساد وسياسات التمكين، هذه هي معادلات الأولويات الواجبة وأبرز التعقيدات التي تواجه السودان والسودانيين، فالذين يرمونك اليوم بنيرانهم هم دعاة الإنفصالات وهواة الإنقلابات وبناة الكيانات الفاشلة في العهود التاريخية والمعاصرة، وهؤلاء نسخ مكررة من صور كلاسيكية "ابيض واسود" أخذت فكريا من مجموعة "الناصر" التي كنت انت معاصرا لها مع القائد جون قرنق والإنفصاليين شمالا وجنوبا، هم أولئك الذين ما لبست الحركة الشعبية وقتا طويلا بعد ميلاد ثورتها إلا أن طفحوا علي السطح يحاربون السودان الجديد بتصويره كمشروع لتقسيم السودان حتى شقوا السودان فصار "دولتيين" ثم شقوا الحركة الشعبية لتصبح "حركتيين" فكان لا بد من العودة لمنصة التأسيس وتجديد الرؤية والتنظيم للمضي نحو السودان الجديد وإتحاد الدولتيين.

أعزائي القراء، إننا نعتبر الهجوم الذي جرى ضد الأستاذ ياسر عرمان فعل متوقع من قبل جهات كثيرة تعتقد انها إذا تمكنت من هزيمة ياسر عرمان فانها ستنجح في القضاء علي الحركة الشعبية وهذه في إعتقادنا مجرد "هلوسات وأحلام ظلوط" ظلت تراود النظام البائد لسنوات طويلة جدا حتى سقط سقوط "أوراق الشجرة اليابسة" وذهب بكل قادته إلي غياهب التاريخ، وكذلك الإنفصاليين في الضفة الآخرى هرولوا لضرب تنظيم الحركة الشعبية من خلال الهجوم علي الرفيق ياسر عرمان لإشباع ذات الرغبات لكنهم سيسقطون بكل تصوراتهم وآلياتهم الهلامية التي لن تبدل من مواقف وأهداف الحركة الشعبية ولا الرفيق ياسر عرمان إنما هي "طحن في الهواء الطلق"، فالرفيق ياسر عرمان طرح رؤيته جهرا تجاه قضايا السلام والعلمانية وتقرير المصير وغيرها من شواغل الساحة السودانية، ومن قرأ ردود عمار نجم الدين وقمر دلمان والجاك وآخرين سيلمس مدى سطحية وضعف الطرح المضاد لأفكار أستاذ ياسر عرمان الذي تحدث بلسان المعقول والممكن وكان عادلا جدا حتى مع الإسلاميين الراغبيين في التغيير، وقد إستشهد في مطلع أخر مقالاته عن الثورة والثورة المضادة بتاريخ 3 نوفمبر - 2019م بموقف الدكتور جون قرنق عند لقائه بالسيدة سوزان رايز ضمن عدد من المعارضيين السودانيين حيث ورد علي متن الحديث طلب توضيح الموقف من الإسلاميين إذاما سقط نظامهم، فكان رأي القائد قرنق محاسبة المجرميين وتصفية نظامهم وفتح الساحة لمن يرغبون في حياة سياسية جديدة طبقا لشروط السلام والديمقراطية، والرفيق ياسر عرمان سياسي يتمتع بعقل منفتح يستوعب المتغيرات ويحسن التقدير والتصرف ويجيد السير وسط الأشواك دون أن يسقط في شباك الخصوم، وإستطاع أن يتخطى منعرجات الطرقات الوعرة في أشد عهود الدكتاتورية المظلمة متسلحا فقط بحلم السودان الجديد الذي ساهم في حمله مع الأباء الثوار المؤسسيين الأوائل للحركة الشعبية لتحرير السودان، وما نراه اليوم من هجمات تحاول النيل منه ما هي إلا علل وتصورات عقليات المؤامرات والمماحكات، ومهما حدث، فياسر عرمان علامة بارزة في الساحة الوطنية والحركة الشعبية ومدافع شرس عن حقوق وحريات الإنسان ويعتبر واحد من رواد حركة التنوير العلماني في السودان، فلم يكن الذين شنوا تلك الحملات يقصدون الدفاع عن حقوق الشعب بقدر ما هم يسعون لتشويه لوحة السودان الجديد بتدويل مقالات الرفيق ياسر عرمان كمحاولة يائسة لتحويل مجرى ذلك الحديث "من المنطق إلي اللامنطق" باثارة غبار كثيف يحجب العين عن إبصار الحقائق والوقائع خلف دعوات التعلمن وتقرير المصير وهذه تجليات إختلاقهم لذلك التراشق اللفظي فارغ المضمون في وسائل الإعلام ووسائط التواصل الإعلامي، فقد خاضوا معركة في غير معترك لذلك خسرة حملاتهم وإنتصر ياسر عرمان.